"الأجرة 3 ونصف لأى حتة.. واللى مش عاجبه ينزل من دلوقتى" عبارة يسمعها كل من اعتاد الركوب يوميًا من ميدان حلمية الزيتون، أو محطة مترو أنفاق الحلمية، لا يقتصر ذلك على موقف سرفيس "الحلمية"، بل تبقى مواقف السرفيس داخل العاصمة بلا ضابط ولا رابط، فالقوة وجشع السائقين سيدا الموقف، ويصبح المواطن مجبورًا على الخضوع لهذه الفوضى، فى ظل انعدام الرقابة على هذه المواقف. فأصوات السائقين الصاخبة، لا تقتصر على نداء المناطق التى تسير إليها خطوط السرفيس التابعة لهم، بل يؤرقون الركاب بأنهم لن يقبلون محاسبتهم بالمسافات، لكنهم سيأخذون التعريفة كاملة، وهو ما يخالف قواعد التعريفة المحددة من قبل محافظة القاهرة، والتى حددت الزيادة حسب مسافة الركوب قبل وبعد زيادة أسعار المحروقات. هذه الفوضى بموقف ميدان الحلمية، تسبقها "عشوائية" انتظار السرفيس، والذى لا يلتزم بالميدان فقط، بل تصطف المركبات بعرض الشارع، وهو ما أكده "عثمان"، أحد الركاب، ل "بوابة الأهرام"، لافتًا إلى أنهم يعانون يوميًا من هذه الفوضى. أما "أحمد"، أحد الركاب، فأكد أن السائقين يعيقون حركة الخارجين من مترو أنفاق الحلمية، يصطف بعضهم أمام المحطة دون رقيب يمنعهم من ذلك، ويصطف الآخر بالميدان، وفى كلا الحالتين، لا يسلم الركاب من جشعهم، فالتعريفة مضاعفة من الركوب من أمام محطة المترو، بزيادة جنيه، عن الركوب من الميدان، - فمثلاً والكلام ما زال لأحمد، يدفع الراكب 4 جنيهات عندما يركب من أمام محطة المترو، أما من الميدان فتنحصر التعريفة فى 3 جنيهات ونصف- فى حين أن التعريفة المحددة من قبل محافظة القاهرة، تلزم السائقين بمحاسبة الركاب حسب المسافة. "نيللى"، إحدى الطالبات، أوضحت ل "بوابة الأهرام"، أنها تعانى يوميًا من عدم التزام سائقى السرفيس بالتعريفة، فأجرتها من ميدان الحلمية فى الزيتون لميدان المحكمة بمصر الجديدة، هى "جنيه ونصف"، لكنها تدفع مجبرة "3جنيهات ونصف" كمن يكمل الرحلة كلها. "والله بضطر أركب معاهم أحيانًا لما أتوبيس هيئة النقل العام بيتأخر"، هكذا تحدث "توفيق"، أحد الموظفين، واصفًا معاناته اليومية بسبب السرفيس، ب "الشاقة"، موضحًا أنه يستقل السرفيس من موقف "الألف مسكن بجسر السويس، حتى شارع عباس العقاد بمدينة نصر"، ووسط الرحلة التى لا تقل عن ساعة، لا يوجد رقابة من قبل المرور على هؤلاء السائقين، فالسرعة جنونية والمركبة متهالكة وصوت السائق وتحذيره للركاب من عدم دفع التعريفة كاملة هو السائد طوال الرحلة. سألنا "عامر"، أحد الطلاب المنتظرين فى صفوف طويلة بموقف الألف مسكن بجسر السويس، عن سبب هذه الطوابير، "فضحك ورد ساخرًا: "والله طوابير العيش رحمة بتقف فيها بس فى الآخر هتاخد عيش، لكن طوابير موقف الألف مسكن دى فوضى واحنا بنضطر نقف كده علشان اللى جاى الأول يلحق يركب بس الشمس بتاكل راسنا فى الصيف والبرد والمطر بيبهدلنا فى الشتا، فالموقف غير آدمى، لا مظلات تحمينا ولا نظافة نجدها، فمخلفات الباعة الجائلين وعربات المأكولات من مياه راكدة ومأكولات متبقية تبقى تحت أرجلنا تعيق حركتنا وتلوث ملابسنا". سألنا "عامر" أيضًا، عما إذا كانت هناك حملات مرورية أو من حى عين شمس تشن على الموقف، فأجاب قائلاً "أنا طالب فى جامعة الأزهر بمدينة نصر وبركب من الموقف كل يوم، لا عمرى شفت حملة أو حتى أحد أفراد المرور، وده شجع السائقين والباعة الجائلين على الفوضى والعشوائية وجميعها حول الموقف لبؤرة غير آدمية، رغم حيويته، فهو يخدم خطوط "مصر الجديدة ومدينة نصر والتجمع الخامس ومدينة العبور". خالد عبدالحميد، أحد السائقين بموقف "أحمد حلمى"، أكد ل "بوابة الأهرام"، التزامه بالتعريفة المحددة بعد زيادة أسعار المحروقات، ودافع عن السائقين قائلاً: "والله ما حد حاسس بالفئة دى.. والسواق مش غرضه يرفع على الراكب، بس كل الحكاية إن "الفكة" بيبقى صعب تتوفر فعلشان أدى كل راكب ربع أو نصف جنيه هاتبقى صعبة حبتين، وبعدين احنا بتوع المرور مش سايبنا فى حالنا، بيتعاملوا مع السواقين من بره الموقف، وبيجوا علينا احنا اللى بنحمل من جوه الموقف، وبعدين السواق بيخاف يروح يجدد رخصة مركبته لأنه هيلاقى بلاوى هو معملهاش وذلك على حد قوله، فسيبونا فى حالنا وخلونا نأكل عيش، وإن كان على إدارة السرفيس ونقابة السائقين فملهومش لازمة ولا بيقدموا أى خدمات للسواقين". وأضاف "خالد"، أن نقابة السائقين غير مفعلة، وكان دورها منذ 10 سنوات هو قبول اشتراكات سنوية من السائقين، لكن دون خدمات تقدم لهم سواء صحية أو اجتماعية. "تعريفة إيه والتزام إيه.. هى جت علينا"، بجرأة تحدث سائق سرفيس بموقف العاشر للأقاليم، مؤكدًا أن الركاب يستفزون السائقين، بل منهم من يركب ويرغب فى دفع تعريفة "50 قرشًا"، كما أن منهم من يتبجح على السائقين بالشتائم والدعاوى، وأمام هذا من يحمى حقوقنا كسائقين؟. هذه المعاناة التى أردفها الركاب والسلبيات التى رصدها السائقون حاولنا نقلها للواء عمرو جمجوم، مدير مشروع السرفيس بمحافظة القاهرة، لمعرفة رده عليها، وعما إذا كانت إدارة المشروع تحاول حلها، إلا أنه لا يرد على هاتفه الخاص. على النقيض من هذه السلبيات، تسعى أجهزة محافظة القاهرة، لتطوير أسطول النقل العام بها، بدأ التحديث منذ 3 سنوات، حيث تسلمت المحافظة دفعات جديدة من أتوبيسات النقل العام بعضها كان منحة من دولة الإمارات، والآخر من الحكومة. واشتهرت الدفعات الجديدة من الأتوبيسات بلونيها "الأزرق – والأحمر فى أصفر وسعر التذكرة جنيهان"، بالإضافة للأتوبيسات القديمة ذات اللون الأحمر وسعر تذكرة جنيه واحد. دشن هذا التحديث المحافظ السابق للقاهرة الدكتور جلال السعيد، واستمر هذا التحديث فى عهد المحافظ الحالى للقاهرة، المهندس عاطف عبدالحميد، والذى أعلن فى تصريحات صحفية، أنه غير راض عن منظومة عمل السرفيس والميكروباص، مؤكدًا أنه بالتوازى مع تحديث أسطول هيئة النقل العام، سيتم أيضًا تطوير مواقف السرفيس والميكروباص العشوائية وتطوير مواقف الأقاليم داخل العاصمة، وأبرزها "عبود والعاشر". كما أعلن المحافظ، عن قرب افتتاح موقف "السلام - العاشر سابقًا"، للأقاليم، مؤكدًا أنه سيدار بنظم تكنولوجية حديثة تضاهى مواقف العالم. من جانب آخر، أوضح عاطف عبدالحميد، محافظ القاهرة، أن تطوير وسائل النقل العام والداخلى، وصل إلى أن هيئة النقل العام بالقاهرة، ستبدأ أغسطس 2017 تشغيل الخطوط الجديدة للأتوبيسات "المكيفة – بكروت ممغنطة"، والتى تدشنها شركة "مواصلات مصر"، إحدى شركات القطاع الخاص، تحت إشراف هيئة النقل العام بمحافظة القاهرة. وأوضح اللواء رزق على، رئيس هيئة النقل العام بالقاهرة، ل "بوابة الأهرام"، أن التشغيل التجريبى لتلك الأتوبيسات، بدأ يوليو 2017، لخط "دوران شبرا – المطار"، لافتًا إلى أنه سيتم فعليًا تشغيل 3 خطوط إضافية، اعتبا ًرا من أول أغسطس 2017. وأوضح رئيس هيئة النقل العام بالقاهرة، أنه تم وضع شروط مجحفة للشركة المنفذة لضمان مستوى خدمة جيد واستمرارها، حيث شددنا على ضرورة "النظافة والتكييف والالتزام بالدفع الإليكتروني، حيث لن يكون هناك مكان للمحصل"، وسيتم الدفع من خلال كارت مدفوع الخدمة مسبقًا. وأضاف رئيس هيئة النقل العام بالقاهرة، أنه سيتم تعميم الخطوط والتوسع فيها حال إقبال المواطنين عليها خاصة أن سعر التذكرة سيكون 5 جنيهات. ورغم هذا التطوير الذى يشهده أسطول النقل العام بالقاهرة، إلا أن "رزق"، اعترف بأن ميزانيته مازالت منخفضة، حيث إن أسعار التذاكر فى "الأتوبيسات الحمراء والزرقاء"، لم تشهد زيادة رغم زيادة أسعار المحروقات فى نوفمبر 2016، ويونيو 2017، واستقرت الأسعار. فى سياق متصل، أثنى عدد من المواطنين على أتوبيسات "النقل العام" بالقاهرة، وأكدت سواعد على، أحد المواطنات، أنها تستقل الأتوبيس يوميًا من جامع عمرو بمصر القديمة حتى مدينة السلام – حيث مقر المصنع الذى تعمل فيه- بتذكرة لا يزيد ثمنها عن جنيه، لافتة أنها تنتظره وتفضله على السرفيس الذى يقوم بتقطيع المسافة، فضلا عن أخلاق سائقيه السيئة فى التعامل مع المواطنين. منطق سلبيات السرفيس، جزم به "إبراهيم"، أحد المواطنين، مؤكدًا أن مشاكل النقل الداخلى بالعاصمة، سببها الرئيسى السرفيس، فهو يقف بطريقة عشوائية وسط الشوارع ويعرقل حركة المارة والمواطنين دون رادع، كما أن الرقابة على سائقيه معدومة، فيزدادوا جرمًا وجشعًا فى التعامل مع الركاب، ويقطعون المسافات ولا يلتزمون بقوانين المرور طوال الرحلة ولا القواعد الأخلاقية فى قيادة المركبة واحترام الركاب والحفاظ على أرواحهم المهددة كل ثانية بالخطر بسبب السرعة المفرطة.