مع انتهاء الثلث الأول من شهر رمضان، أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تقريره الأول بشأن تجاوزات الأعمال الدرامية في رمضان، قائلا إنه أصبح من الممكن التمييز بين بعض الأعمال القليلة الهادفة والتي التزمت بقواعد الآداب العامة نسبياً، وبين الكثير من الأعمال التي اعتمدت أساساً على الابتذال اللفظي والمشاهد الجرئية والإسقاطات السياسية دون الاهتمام بالمضمون ولا بالرسالة الحقيقية التي تريد تقديمها. وفى هذا السياق تم رصد العديد من التجاوزات التي احتوتها مسلسلات وبرامج الخريطة الرمضانية هذا العام : ففي المسلسلات: تم رصد كم هائل من التجاوزات اللفظية والشتائم والسباب الذي وصل إلى درجات غير مسبوقة من الفجاجة والوقاحة والخوض حتى في أعراض الأمهات، فيما اعتمدت بعض المسلسلات على الإيحاءات الجنسية الفجة في الحوار بين أبطال العمل، لدرجة أنه لا يكاد يخلو مشهد واحد منها من إيحاء جنسي واضح. وتعمد عرض الكثير من المشاهد المنافية للآداب مثل مشاهد غرف النوم الفجة، ومشاهد التحرش الجنسي أو مشاهد لنساء تراود الرجال عن نفسها، وكذلك ارتداء ملابس مكشوفة، كما عرضت بعض المسلسلات لمشاهد تحوي دروسًا مجانية في كيفية تناول المخدرات، وكيفية اختطاف حافلة مدرسية، وفي لجوء الفتيات الساقطات لطرق الغش الطبي للعودة إلى بكارتهن مرة أخرى، وطرق التشاجر بالأسلحة واستخدام العنف لحل أي خلاف، وطريقة سرقة الملفات والصور الخاصة من الهواتف المحمولة التي يتم بيعها لابتزاز أصحابها، وكيفية الانضمام لداعش وشرح طرق التجارة بالبشر وبالأعضاء وكيفية التحرش بالصغار. وأخيراً وجود العديد من الإسقاطات السياسية في بعض الأعمال والتي تم عرضها بطريقة مسيئة إلى حد كبير، والإساءة لبعض المهن مثل ضابط الشرطة ورجال الأعمال والصحفيين ونواب البرلمان والمحامين والمضيفات الجوية. وقد ذكر التقرير أسماء المسلسلات التي تحتوي على هذه التجاوزات، ولم يذكر لنا مسلسلا واحدًا من الأعمال القليلة الهادفة والتي التزمت بقواعد الآداب العامة نسبياً، وكأن الدراما المصرية قد اتخذت على عاتقها نشر كل الموبقات بين الشباب، وخطورة الأمر أن كثيرًا من الشباب وربما الكبار أيضًا يستقي معلوماته وثقافته أساسًا من الدراما، إذا وضعنا فى اعتبارنا نسبة الأمية المرتفعة، ونسبة القراءة المتدنية في المجتمع المصري. ولعل موافقة المجلس الأعلى للإعلام، على مشروع قرار بتطبيق غرامة 200 ألف جنيه على كل قناة فضائية و100 ألف جنيه على الإذاعات، على كل لفظ مسيء يتم نشره عبر إحدى هذه الوسائل، على أن يتم سحب ترخيص الوسيلة الإعلامية التي تتكرر من خلالها الإساءات ولم تلتزم بالعقوبة خلال 6 شهور، وتعاد إجراءات الترخيص من جديد، يكون بداية الحل لهذه المشكلة، وذلك لأننا لم نصل بعد إلى تلك المجتمعات المتقدمة، التي يستطيع فيها المشاهدون الضغط على الوسيلة الإعلامية بمقاطعة برامجها وتهديد المعلنين بها بعدم شراء منتجاتهم لو لم يسحبوا إعلاناتهم منها، ربما الاعتراض الوحيد هو توزيع 10% من الغرامات على الوسائل الإعلامية، على المواطن الذي يقدم دليلا على وجود أي إساءة، فالإساءات لا تجري في السر، بل هي موجودة ومعلنة، أما تخصيص باقي الغرامة لدعم الأعمال الإبداعية للإعلاميين فهي فكرة جيدة، وفي انتظار التطبيق، ربما نصل لمرحلة "تنظيف الدراما المصرية من الاسفاف".