عاشت دول مجلس التعاون الخليجي الليلة الماضية حالة من الترقب، بسبب ما يمكن أن يقرأ على أنه بداية تكريس لفكرة عدم التوافق بين الأشقاء الخليجيين، خصوصا بعد القمة العربية الخليجية التي حضرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي بالرياض، على خلفية تصريحات أمير قطر تميم حمد بشأن إيران وحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين التي فهم من خلالها أن الدوحة خالفت ما تم الاتفاق عليه بالقمة العربية الخليجية بالرياض في حضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. كانت تصريحات منسوبة لأمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني بثتها وكالة الأنباء القطرية أثارت موجة من الجدل على وسائل الإعلام الخليجية والعالمية، قبل أن تختفي تلك التصريحات من على الوكالة بحجة أنها نتيجة عمل اختراقي للوكالة، ولا يعبر بأية حال من الأحوال عن الموقف الرسمي للدولة الخليجية. ورغم نفي الوكالة الرسمية القطرية لهذه التصريحات إلا أن وسائل الإعلام في الإمارات والسعودية والبحرين لم تلق لها بالًا وتعاملت مع الموضوع على أنه حقيقي وليس مزيفا برغم اختفاء رد الفعل الرسمي من أي دولة خليجية، وهو ما يعطي انطباعا أن قادة الخليج لا يستبعدون هذا التصرف من النظام القطري، خصوصًا أن مواقفها بشأن جماعة الإخوان وحركة حماس وعلاقتها مع إيران وموقفها من اليمن، عليه علامات استفهام عديدة وكان مثار خلافًا بين الدوحة والعواصم الخليجية والعربية. السؤال المطروح هنا .. هل تم اختراق وكالة الأنباء القطرية كما قالت هي من خلال خبر بثته اليوم؟ أم أن الدوحة راجعت موقفها بعد ردود الفعل العربية خصوصا من السعودية والإمارات وبعض الدول العربية؟.. وكيف ستكون مواقف واشنطن من الدوحة لاسيما أن هدف تطويق النفوذ الإيراني ومراجعة البرنامج النووي هو أهم أهداف واشنطن من التحالف مع منطقة الشرق الأوسط، كما أن تصريحات أمير قطر تطرقت إلى قاعدة العديد الأمريكية الموجودة بالمنطقة، حيث ألمح تميم إلى أن قاعدة العديد الأمريكية هي نواة أمريكية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط؟ الدكتور فهد الشليمي رئيس منتدي الخليج للأمن بالكويت اعتبر أن اختفاء التصريحات الرسمية من الأطراف الخليجية دليلا على أن هناك مساحة لتراجع دولة قطر مواقفها، مشيرًا إلى أن الزعماء العرب ليس أمامهم خيار إلا تصديق فكرة اختراق حساب وكالة الأنباء القطرية وأنه تم تزييف التصريحات لصالح جهة ما، مؤكدا أن هذا الأمر لو ثبت صحته فسيكون له آثاره السلبية على الدوحة في ما يخص مصداقيتها، حيث لم تعترض قطر على البيان الختامي للقمة العربية الأمريكية بخصوص إيران أو حماس أو جماعة الإخوان ، فكيف لها أن تخالف هذا التوافق؟ وتوقع الشليمي أن تكون هناك زيارة يتم الإعلان عنها في الأيام المقبلة بين الدولتين السعودية والقطرية لتوضيح المواقف وإزالة آي لبس بين الأطراف، داعيًا الإعلام إلى ضرورة توخي الحذر والحكمة في التعامل مع مثل هذه القضايا التي تخص العلاقات بين الدول، مشيرًا إلى أن القاعدة الآن التي تحكم العلاقات الخليجية هي "من لم يكن معنا فهو علينا"، هذه القاعدة تفرض مجموعة من الالتزامات على الدول لابد من احترامها. معروف أن الموقف القطري من اليمن هو موقف غير واضح في بعض مراحله، حيث أُتهمت قطر كثيرا بتسهيل بعض المهمات للحوثيين وتقديم الدعم على خلفية علاقتها من إيران وتلاقي وجهات النظر بين الدولتين في بعض القضايا مثل سوريا وفلسطين، كما أن موقف الدوحة من حركة حماس معروف، وهي من أكثر الدول الداعمة للحركة، وتلعب الدوحة دورا مهما في المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية ، وتتهم في كثير من الأحيان من أطراف فلسطينية بأنها السبب في تأخير الإعلان عن المصالحة؟ ويبدو أن تأثير تلك التصريحات على قطر لن يكتف فقط بمحيطها العربي والخليجي، ولكنه حسب مراقبين سيكون له أبعاد إقليمية، خصوصا مع تلك الدول التي ترتبط بشكل أو بأخر بمنظومة العمل الدولي والإقليمي الخاصة بإيران، ومنها الولاياتالمتحدةالأمريكية ، حيث إن العلاقات الأمريكيةالقطرية اختلفت في عهد ترامب عن تلك التي كانت في عهد سلفه باراك أوباما. "أشرف سنجر" أستاذ العلاقات الدولية والزائر بجامعة كاليفورنيا ، أكد أن الدوحة ربما تكون في ورطة كبيرة ، بسبب اختلاف السياسة الأمريكية الجديدة واعتبارها الملف الإيراني أهم أولوياتها ، وكانت إدارة أوباما أعطت لقطر مساحة من التعامل مع أطراف متعارضة، وأوكلت لها مهمة جمع تلك الأطياف للجلوس على مائدة المفاوضات، وهو ما يفسر استقبال الدوحة للعديد من التيارات المعارضة، ومنها فتح مكتب لحركة طالبان في الدوحة بالإضافة إلى استيعابها لحركة حماس ، وحفاظها على علاقات مع إيران وحزب الله. على أية حال فإن الأمور في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا العلاقات الخليجية- الخليجية ، والخليجية- العربية ، سوف تتعرض الفترة القادمة لإعادة صياغات بناء على معطيات أفرزتها زيارة ترامب للمنطقة، وستؤدي بلا شك إلى تغير التحالفات، وهو ما سينعكس على ملفات مهمة منها القضية الفلسطينية والليبية والسورية . جدير بالذكر أن التصريحات المنسوبة لأمير قطر لاتحمل جديدا في ما يخص سياستها الإقليمية ، معروف أن قطر من أكبر الداعمين لحركة حماس ، وتلعب دور مهم في تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية ، كما أن موقف قطر من الأزمة اليمنية كان نقطة جدال مهمة بين الكثير من المتابعين والمراقبين ، ووصل إلى الدوائر الرسمية في بعض الأحيان، على خلفية توافق الرؤى بين طهرانوالدوحة في بعض الملفات ، هذا بالإضافة إلى احتوائها لجماعة الإخوان واستضافتها لقيادات التيار الإسلامي