"العمال التراحيل".. هم الذين "يعملون في الفاعل" بأجر يومي، وليس لهم دخل ثابت، وغالبيتهم يعمل في "طائفة المعمار"، أو الحفر في مشروعات الصرف الصحي، المنتشرة في ربوع البلاد. وينتشرون في محافظات الوجه البحري والقاهرة، ويكون معظمهم قادما من محافظات الصعيد، أو المحافظات الفقيرة.. الأمر الذي يجعلهم يعيشون تحت خط الفقر؛ لعدم انتظام دخلهم، وارتفاع الحياة المعيشية من حولهم، في الوقت الذي يطالب فيه كل صاحب مهنة أو حرفة، بالكثير من المطالب المادية؛ لمواجهة "غول الأسعار"، الذي يلتهم الأخضر واليابس، على مدى الشهر. وقد ألقى حادث مصرع 6 عمال يعملون باليومية، في مشروع الصرف الصحي، بقرية "صفط تراب"، التابعة لمركز المحلة الكبرى، منهم عاملان لقوا مصرعهم العام الماضي بظلاله على مشكلة هؤلاء العمال الذين لا تعرف مديريات القوى العاملة عنهم شيئًا، حيث لا يتم التأمين عليهم من قبل الشركات أو المقاولين الذين يعملون لديهم، أو حتى من قبل أنفسهم، إما لجهلهم بالأمر، أو لضيق ذات اليد، أو لجشع المقاولين الذين يسعون لتحقيق أكبر هامش ربح على حساب هؤلاء العمال، كما لم يعرف التأمين الصحي طريقهم حتى الآن، مما يجعلهم يعانون "ثالوث: الفقر والجهل والمرض".. وهو يهدد استقرارهم، خاصة في حالات المرض، أو الإصابة، أو الوفاة (لا قدر الله)، كما أنه يهدد أسرهم بالتشريد والضياع، بحيث تكون بيئة خصبة لنمو التطرف والانحراف بها (إلا من رحم ربي). كانت قرية "صفط تراب" بالمحلة الكبرى قد شهدت، أمس الأول (الأربعاء) مصرع 4 عمال، يعملون لدى أحد المقاولين (من الباطن) في مشروع الصرف الصحي، الذي ما زال العمل به مستمرًا منذ نحو 20 عامًا.. وذلك في انهيار بيارة صرف صحي عليهم، في أثناء عملهم، وهم: محمد عبد الفتاح (41 سنة)، من بركة السبع، وعصام عاشور(18 سنة)، من بني مزار بمحافظة المنيا، ومينا عبد الونيس (24 سنة)، من بني مزار أيضًا، وأحمد إبراهيم (20 سنة)، من محافظة المنيا. ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يروح ضحيتها عدد من العمال بمشروع الصرف الصحي بقرية "صفط تراب" بالمحلة، حيث كان قد لقي عاملان مصرعهما، بإحدى البيارات أيضًا العام الماضي، في حين نجا ثالث فإن ملف العمالة اليومية، أو من يسمون "عمال التراحيل" يحتاج من حكومة ما بعد 25 يناير، الاهتمام الكافي بهذه الفئة المهمشة، والتي لا غنى عنها. يقول د. سعيد عبد الله، الأستاذ بكلية التجارة جامعة طنطا: لا شك أن عمال التراحيل جزء مهم من الاقتصاد غير الرسمي الذي يوجد في مصر، حيث إنه لا يوجد لديهم تأمين صحي أو تأمين اجتماعي، كما أنهم لا يحصلون علي أجور ثابتة. بل يحصل العامل علي قوت يومه من فرص عمل قد تأتي أو لا تأتي. ويضيف: يمثل عمال التراحيل نحو 40٪ من العمالة الموجودة في مصر، وهي عمالة غير رسمية، وقد يرتبط هؤلاء بالقطاع الرسمي في الدولة بحيث تجدهم يقومون مثلاً بتدوير القمامة وإعادة تصنيعها وذلك بأجر قليل جداً، ويستفيد من وراءهم كبار التجار. ويشير على أن مواجهة تلك الظاهرة تكون بتحسين أوضاع تلك العمالة، مع ضرورة العمل على مد الخدمات الاجتماعية لهم. باختصار.. إن عمال التراحيل في مصر يحتاجون إلي حماية، وإلي ظهر يؤمِّن لهم سبل العيش، خاصة في مرحلة الكبر، ولعله من المهم أن يضع المجتمع المدني بقوة هذه القضية علي أجندته لحماية هؤلاء العمال.