يفكر المزارع المصرى ألف مرة قبل أن يقرر زراعة القطن. أسباب ذلك متعددة منها تراجع أسعاره من 1800 إلى 1250 جنيها للقنطار، وتدنى الانتاجية حيث لم تعد تتخطى 7 قناطير للفدان، وعدم التزام الحكومة بشراء المحصول الامر الذى ادى الى انخفاض المساحة المنزرعة الى اقل من 100 ألف فدان مقابل مليون فدان فى السابق. هنا تحقيق يرصد هموم الفلاح مع القطن الذى كان محصول مصر الأول فى يوم من الايام.الملف الخطير.. - أسعار استرشادية بداية يقول الدكتور محمد عبد الحكيم مدير معهد بحوث القطن سابقا ان ما اعلنته الحكومة هى اسعار استرشادية وليست اسعار ضمان فعلية، وان الفلاح اصبح فريسة لكبار التجار وأصحاب المصانع وانه يزرع القطن ولا يعرف لمن يبيعه، مؤكدا ان المساحة المنزرعة بالقطن هذا العام لن تصل الى 100 ألف فدان وان سعر ال 1250 جنيها لقنطار القطن الطويل التيلة خسارة للفلاح لان تكلفته تصل 9 آلاف جنيه للفدان بما فيها الايجار حيث حلقة جنى القطن اصعب الحلقات لارتفاع تكلفة الصبى العامل فى جنى وخدمة القطن التى تصل الى 80 جنيها فى اليوم. ويتساءل د. عبد الحكيم: على اى اساس يتم تحديد السعر الاسترشادى؟ اين حسابات التكلفة الفعلية لمحصول يستغرق ثلثى العام بالارض (9 شهور) وهذا ما يزيد تكلفة زراعته، مطالبا بأن تقوم الحكومة بالاعلان عن اسعار المحاصيل قبل موسم زراعتها بشهرين على الاقل حتى يستطيع الفلاح اخذ قراره بالزراعة من عدمها لانه يبحث كغيره عن هامش ربح يعوض مجهوده. إضافة إلى انه يتعامل مع نشاط يتعرض فى كثير من الاحوال الى تراجع إنتاجيته بسبب ظروف المناخ من ارتفاع الحرارة او انخفاض حاد لها مما يؤثر على المحصول سلبا. وقال: ان الحكومة لو حددت سعر القطن ولو ب 1000جنيه للقنطار على ان يتسلمه بنك التنمية والائتمان الزراعى كما فى القمح فسوف تشجع الفلاح على زراعة القطن وعودته الى مجده السابق حيث كانت مساحته تقترب من 2 مليون فدان لان لدى معهد بحوث القطن اصنافا تصل الى 12 قنطارا مثل جيزة 95 وذلك كمتوسط ولدى فلاحين عاديين دون ارشاد زراعى وهذا ما حققه فلاحون فى محافظة بنى سويف. وقال: العيب فينا وليس فى القطن فلدينا اصناف مثل جيزة 87 يصل فى التصدير الى 2000 جنيه للقنطار. وان المغازل المصرية لم تطور نفسها منذ اكثر من 30 عاما وتريد المكسب من الهواء والعمل تحت «بير السلم» وليست لدينا ارادة لعمل قيمة مضافة على القطن فدولة مثل الامارات تستورد القطن وتصنعه وتبيعه ومصر صاحبة الميزة فى القطن تعمل «ترزية» فقط، وتلك كارثة. من جانبه يعتبر الدكتور محسن البطران مدير مركز الدراسات الاقتصادية بزراعة القاهرة ان المساحة المنزرعة بالقطن ستكون فى حدود ألف فدان هذا العام وتلك مهزلة وان الاقطان الطويلة التيلة لم تعد لها اسواق عالمية تطلبها وأن هذه النوعية تمثل 4% من الحجم العالمى لاستهلاك القطن وذلك بسبب المعاملات التكنولوجية التى تمت على الاصناف القصيرة التيلة جعلتها تعطى نفس مواصفات الطويل التيلة مما زاد الطلب العالمى عليها فى الاستخدام بالمصانع، وفى المقابل تراجع الطلب على الاقطان الطويلة التيلة. كما ان بعض مصانع النسيج المحلية تفضل الاستيراد حيث اسعاره أقل من المحلى لأنها تتراوح بين 700-600 جنيه للقنطار فلماذا يشترى المحلى؟!. إضافة إلى انهيار صناعة النسيج بمصر وعدم تطويرها مما قلل الطلب على القطن المحلى، ايضا تراجع الانتاجية للعديد من الاصناف الى 7 قناطير للفدان مع ارتفاع التكاليف الزراعية مع سعر استرشادى لا يحقق غير خسارة للفلاح مع عدم وجود زبون لشراء القطن. وليس هناك التزام من الدولة وكل عام تحدث مشكلة فى تسويق القطن وليست هناك سياسة واضحة، وهناك فضلة بواقى انتاج من العام الماضى. مشاكل عديدة يواجهها القطن مما افقده عرشه ولم يعد عرسا للفلاح والاقتصاد المحلى والصناعة حيث كانت تسهم صادراته فى الاحتياطى النقدى من العملة لانها كانت تمثل70٪ من حجم الصادرات الزراعية فى السبعينيات . الان اين هو؟! ويطالب الحكومة بأن تحدد طرق التسويق للمحصول ايا كان، مع اعلان سعره الذى يتطلب ان يتم قبل بدء موسم زراعته بشهرين لان هناك محاصيل كالقطن والذرة الصفراء مثلا اذا لم يكن هناك مشتر محدد فماذا يفعل بها الفلاح؟ هى مساحات ضاعت على الدولة لم تستفد بها فى محاصيل اخرى واستثمارات ذهبت ادراج الرياح لابد من سياسة زراعية تسويقية للمحاصيل الزراعية خاصة الاستراتيجية . فيما طالب الحاج ممدوح حمادة رئيس الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى الحكومة بتطبيق المادة 29 من الدستور التى تلزم الدولة بشراء المحاصيل الاستراتيجية الاساسية بالدولة ومنها القطن والقمح بمهامش ربح 20% يحدده الاتحاد التعاونى الزراعى والجمعيات الزراعية لانها الاقرب الى الفلاح والمظلة التى تدافع عن حقوقه وتحل مشاكله وهى الاقدر على حساب التكلفة وتعيش مشاكل الانتاج الزراعى وتكاليفه، موضحا ان مجلس الوزراء لم يستشر احدا فى تحديد هذه الاسعار التى تمثل خسارة للفلاح فى ظل تراجع الانتاجية الى 5 قناطير خاصة المساحات التى تزرع متأخرة فى مايو الجارى، وان السعر المناسب لقنطار القطن الطويل التيلة او القصير التيلة لا يقل عن1800جنيه حتى يكون مجزيا للفلاح، وهذا ما سنطالب به كلجنة تجارة القطن بالداخل فى جلسة مع اعضاء لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب الاسبوع الجارى وهذه اللجنة 50٪ منها فلاحون وال 50٪ الاخرى تجار، متوقعا الاستجابة من الحكومة لعدالة المطلب. كما ان على الدولة ان تهتم بزراعة القطن بدلا من استيراد مصانع النسيج من الخارج فى ظل ندرة توافر الدولار. وان تكون هناك سياسة زراعية واضحة تهدف الى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتى من الغذاء من خلال توفير مستلزمات الانتاج الزراعى للفلاح وتشجيعه بأسعار ضمان معلنة سابقا تكون مجزية. وان تقف بالمرصاد لمافيا الاستيراد من التجار التى تحارب الدولة فى القمح والارز والذرة والقطن ولا تريد للدولة غير مزيد من حجم الاستيراد للغذاء الذى تجاوز ال 50٪ مما نحتاجه فى حين تتوافر الامكانات التى تستطيع تحقيق هذا الهدف شريطة عدم فتح الاستيراد على مصراعيه، وان يكون وفق الفجوة الموجودة فقط مع مراقبة ذلك جيدا حتى لا نهدر استثماراتنا الزراعية وما يقوم به الرئيس من استصلاح ل1.5مليون فدان وغيره من مشروعات قومية عملاقة لدفع الاقتصاد وبناء مصر القوية. - لا عائد اقتصاديا وقال الدكتور جمال صيام استاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة ان القطن المصرى لم يعد يمثل لدى الفلاح قيمة وعائدا اقتصاديا يدفعه لزراعته سواء للتصنيع المحلى أو التصدير لان ما يحدث كل عام من مشاكل فى تسويقه تسبب فى إحجام الفلاح عن زراعته بدليل ان المساحات المنزرعة قطنا فى السنوات الاخيرة تراجعت الى قرابة ال 250 ألف فدان، وربما حاليا اقل كثيرا من ذلك بعدما كانت تقترب من 2مليون فدان سنويا. يضيف ان جودة القطن المصرى ومميزاته دفعت الكثير من الدول التى لديها زراعة اقطان الى محاربة مصر وبأى صورة كانت بخلطه مع اقطان رديئة دون مستواه فى الصفات التى تجعله الافضل عالميا ولا ننسى ان مصر كانت تزرع 03% من الاقطان الطويل التيلة فى العالم. أضافت د. نجلاء عبد المنعم استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات - وكانت رسالتها العلمية فى نيل الدكتوراه حول ادارة مخاطر المحاصيل الزراعية دراسة على القطن - أن تحرير الزراعة فى كل المحاصيل اطلق الحرية للفلاح وكان الخلط يحدث نتيجة ذلك دون رقابة وكان من الافضل ان يستثنى القطن بقرار سيادى لأهميته او تكون هناك وسيلة للمحافظة على نوعية وجودة القطن المصرى حتى يظل فى مقدمة أقطان العالم وهذا ما فطنت إليه الدولة اخيرا واصدرت قانونا بشأنه العام الماضى تحت رقم 4 لسنة 2015. واشارت إلى ان امريكا سبق لها ان اعلنت عن منح وقروض ميسرة طويلة الاجل تسدد حتى 40 عاما لمصانع النسيج التى تستبدل بماكيناتها اخرى تصلح لاستخدام القطن البيما الامريكى، ومن هنا فلا غرابة فى حدوث غش للقطن المصرى بالسوق العالمى سواء بخلطه مع آخر أقل جودة سواء من خلال التقاوى او غيرها. ومن جانبه يرى المهندس احمد عجيبة رئيس الادارة المركزية لفحص واعتماد التقاوى ان اجمالى ما تمت زراعته من قطن اكثار وتجارى يصل 101.982فدان تمثل 43% من المستهدف زراعته وهو 236.134 فدان وان زراعته اصبحت مكلفة للفلاح دون عائد مجز له كما كان فى السابق، مشيرا إلى ان الفلاح يعانى من مافيا التجار والاستيراد فى كل المحاصيل التى يزرعها ولذا فهو عازف عن الزراعة لوجود هذه المافيا التى تعمل ضد محاولات الاكتفاء الذاتى من الغذاء وخفض الفجوة الاستيرادية منها واصبح صوت هؤلاء المافيا وهم اعداد قليلة لا يتجاوزون اصابع اليد الواحدة فى كل محصول اصبح صوتهم عاليا فوق صوت الفلاحين الذين يصل عددهم إلى اكثر من 4 ملايين فلاح، مطالبا بضرورة تطبيق نظام الزراعة التعاقدية بحسم لانه العلاج الامثل لمشاكل الفلاح والزراعة والامن الغذائى المصرى. - أزمة سيولة علم »الاقتصادى« ان وزارة الزراعة ممثلة فى الادارة المركزية لانتاج التقاوى المفوضة فى شراء اقطان الاكثار من الفلاحين توقفت فى منتصف الطريق بسبب عدم وجود سيولة مالية مما اضطرها الى اسناد الشراء الى الشركة القابضة للصناعات الغذائية، ومن هنا قامت الشركة بالشراء لاقطان الاكثار فقط ولم تشر التجارى بالاسعار المعلنة التى كانت 1250 جنيها لاقطان الوجه القبلى ومن 14001600 جنيه لاقطان الوجه البحرى حسب الصنف، مما تسبب فى كارثة الخسارة لدى الفلاحين واحجامهم عن الزراعة هذا العام ولم تصل للمستهدف حتى الان. معلوم طبقا للقانون رقم 4 لسنة 2015 ان شراء اقطان الاكثار مسئولية وزارة الزراعة منعا للخلط مع التجارى وحفاظا على خصائص صنف على حدة.