من المسلمات أن صناعة القرار السياسي مرآة عاكسة لنقطة نهاية المسموح وبداية الممنوع التي عندها يعيد القرار السياسي للجسد الاجتماعي توازنه بعد الاستجابة للاختلالات التي أفقدته قوامه لذا فان القرار السياسي يمثل عزم السلطة علي اختيار الاسلوب الامثل للتخلص من حالات التوتر التي تصيب المجتمع بجميع طوائفه نتيجة لعدة عوامل من بينها العامل الاقتصادي الذي قد ينشأ نتيجة لسيطرة بعض جماعات من رجال المال والاعمال ذوي المصالح الخاصة التي تضع في الاعتبار مصالحها في صنع القرار السياسي خاصة عند تشكيل الحكومات واختيار وزراء من أهل الثقة دون أهل الخبرة وهو أحد اسباب قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير سنة2011 التي أطاحت بفساد سابق تاهت علي وزارة التموين بين القوانين ذلك علي النحو التالي: ----------------- من المعلوم أن وزارة التموين هي المسئولة عن انتظام حركة التجارة الداخلية التي تصب فيها كل الواردات وتخرج منها جميع الصادرات لذا فهي صنو لاستتباب الأمن الداخلي للبلاد الأمر الذي يستوجب بالقائمين علي ادارة تلك الوزارة الفهم الصحيح للتعديلات التي طرأت علي تشريعات صدرت عقب ثورة يوليو سنة1952 حيث كان الفكر السائد وقتئذ أن القطاع الخاص غير مهيأ للقيام باعباء التنمية الاقتصادية باعتبار أن هدفه الوحيد ينحصر في تحديد الربح, وقد روجت لهذا الفكر بعض المؤسسات الاجنبية.. ذلك ما حدا بالدولة للأخذ بنظام اقتصادي يقوم علي التخطيط المركزي والسيطرة الفعلية علي حركة التجارة الداخلية.. وفي ظل تلك الظروف صدر القرار الجمهوري بالقانون100 لسنة1957 محددا للمحلات التجارية أسبوعين علي الاكثر عند رغبتها بيع بضائعها باسعار أقل من اسعارها الحقيقية وذلك خلال مرتين الاولي في شهر فبراير والثانية في شهر أغسطس من كل عام وهذا ما يطلق عليه بالتصفية الموسمية أي الاوكازيون وبعد انهيار الاشتراكية بدأت مصر في عملية الاصلاح الاقتصادي والتحول من نظام يسيطر عليه القطاع العام لنظام يلعب فيه القطاع الخاص دورا اساسيا في حركة التجارة الداخلية ولمواكبة تلك المستجدات صدر قانون التجارة17 لسنة1999 ملغيا لكل نص يتعارض مع نصوصه من أحكام.. ثم تناول التصفية الموسمية بالمواد109,108 ملغيا بالترك والاهمال للفترتين السابق تحديدهما بالقانون100 لسنة1957 حيث كانت الاولي في فبراير والثانية في اغسطس من كل عام, ومؤدي ذلك تنشيط حركة تجارة السلع والخدمات بالاسواق فضلا عن مواجهة الانفلات السعري للمنتجات.. الا أن وزارة التموين أوقفت تنفيذ قانون التجارة17 لسنة1999 وأخذت بتنفيذ القانون100 لسنة1957 فيما يتعلق بالتصفية الموسمية تمثل ذلك في الآتي: أولا: لاتزال القرارات الصادرة عن وزارة التموين بشأن التصفية الموسمية تصدر عن فترتين الاولي في فبراير والثانية في اغسطس من كل عام وفقا للقانون100 سنة1957 الملغي بقانون التجارة17 لسنة1999 فيما يتعلق بتحديد فترتين للتصفية الموسمية الاولي في فبراير والثانية في اغسطس من كل عام والدليل تمثل في القرار الوزاري120 لسنة2012 الذي حدد فترة التصفية الموسمية الثانية لعام2012 لمدة شهر اعتبارا من2012/8/6 وهذا قرار صدر فارغا عن محتواه القانوني مخالفا لاحكام القانون غير قابل للتنفيذ والتطبيق. ثانيا: صدر قرار وزير التموين62 لسنة2011 بتفويض رئيس قطاع التجارة الداخلية في مباشرة اختصاصات الوزير لتنفيذ الفقرة/ ه للمادة/33 من القانون100 لسنة1957 التي تتعارض مع القانون17 لسنة1999 في تحديد فترتين للتصفية الموسمية. ثالثا: صدر قرار وزير التموين331 لسنة2012 بسحب القرار62 لسنة2011 وكل من القرارين قد اصابهما البطلان الذي يرقي لمستوي الانعدام.. وهنا تجدر الاشارة الي أن ثورة الخامس والعشرين من يناير سنة2011 حينما اطاحت بفساد نظام سابق أخذت علي عاتقها الالتزام بمبدأ الشرعية واحترام الدستور والقانون وهو القسم الذي يقطعه علي نفسه حاكم البلاد المختار بالانتخابات ورئيس مجلس الوزراء ووزير التموين مما يدعو الامر الي التذكرة النافعة في أن اتفاق تنفيذ القانون شأنه شأن ايقاف تنفيذ الاحكام القضائية فهي جريمة تعاقب عليها المادة123 من قانون العقوبات التي لاتزال شاهد عيان ودليل اثبات علي أي فساد أو استبداد* ** رئيس مصلحة التسجيل التجاري وعضومجلس ادارة جهاز المنافسة ومنع الاحتكار الأسبق