شهدت الانتخابات الايطالية رفضا مزدوجا للاحزاب التقليدية اليمينية واليسارية في شمال وجنوب البلاد، ولو ان الدوافع تباينت بحسب خبراء. فقد اكتسح حزب "الرابطة" اليميني المتطرف الشمال المتوجس من تزايد الهجرة، فيما فاز حزب "حركة النجوم الخمس" الشعبوي والمعادي لهيئات الحكم في جنوب البلاد حيث تسود الهواجس الاقتصادية. ويقول روبرتو داليمونتي استاذ العلوم السياسية في جامعة لويس في روما "في الجنوب جسد التصويت لصالح حركة النجوم الخمس اعتراض قسم من البلاد على الشعور بالاهمال لا سيما وان الانتعاش الاقتصادي اقتصر على المناطق الشمالية". ويضيف داليمونتي "من غير المفاجئ ان المناطق الجنوبية، حيث ترتفع معدلات البطالة في صفوف الشباب وفشلت الاحزاب التقليدية في ايجاد حل للمشكلة، صوتت بشكل كبير لصالح حركة تعبر عن الاستياء والغضب". وكانت خيبة الامل ظهرت في استفتاء على الدستور اجري في 2016 صوت فيه جنوب البلاد بشكل كبير ضد اقتراح لمراجعة الدستور وضد حكومة وسط اليسار برئاسة ماتيو رينزي. بدوره يقول المحلل السياسي جيوفاني اورسينا ان الانتخابات تشكل "انتقالا" من النظام السياسي القديم الى نظام سياسي جديد، وتوصل "رسالة واضحة". ويضيف اورسينا "من الواضح ان الحلقتين الضعيفتين في هذه المرحلة هما "الحزب الديموقراطي (وسط-يسار)" و"فورزا ايطاليا" (وسط-يمين) بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلوسكوني والذي حكم على مدى عقود". وتصدر التحالف اليميني المؤلف من حزب "الرابطة" بزعامة ماتيو سالفيني وحزب "فورزا إيطاليا" وحزب "فراتيلي ديتاليا" (أشقاء إيطاليا) نتائج الانتخابات بحصوله على 37 بالمائة من الاصوات، الا ان حزب برلوسكوني حل ثانيا في التحالف بعد حزب الرابطة. ويفتخر سالفيني بانه شعبوي ويقول إن "ايطاليا تعج بالاشتراكيين الارستقراطيين". وبحصوله على 17 بالمائة من الاصوات حقق الحزب نتائج جديدة في مناطق غنية نسبيا في شمال ايطاليا حيث تزداد هواجس الامن والهجرة ويسود التشكيك باوروبا. ويقول سيباستيان مايار رئيس معهد جاك ديلور ان الايطاليين تقليديا يحبون اوروبا. الا ان استطلاعات الراي اظهرت "انهم اصيبوا بخيبة كبيرة لانهم كانوا يتوقعون اكثر بكثير من اوروبا وخصوصا سياسة هجرة متشددة". ويضيف "هناك شعور قوي بالخذل، بان اوروبا تركتهم لمصيرهم في موضوع الهجرة". وبالنسبة للعديد من المعلقين المطلعين على السياسة الايطالية فان نتيجة الانتخابات تشكل صورة مصغرة لبلد يسيطر عليه الخوف من الهجرة والهواجس الاقتصادية. واقترحت حركة النجوم الخمس دخلا اساسيا وتخفيضا للضرائب فيما يسعى حزب الرابطة الى مساعدة الشركات الايطالية وترحيل مئات الآلاف من طالبي الهجرة. وفي مقابلة مع صحيفة دي فليلتفوكي السويسرية رحب المستشار السابق للبيت الابيض ستيف بانون بما وصفه ب"زلزال" سياسي في ايطاليا. وقال بانون "هناك بالتأكيد اختلافات في السياسية بين حركة النجوم الخمس والرابطة كما وحركات شعبوية اخرى في اليمين". لكنه اضاف ان مكاسبهم تشكل "مؤشرا قويا للطبقة السياسية في اوروبا بان الشعب وبخاصة الشعب الايطالي يريد التغيير ويريدونه الآن".