شيخ الأزهر يستقبل رئيس هيئة الأركان البريَّة الباكستانيَّة لبحث تعزيز التعاون المشترك    حكم نهائي.. استبعاد هيثم الحريري من انتخابات مجلس النواب بسبب موقفه التجنيدي    25 فرقة مصرية وأجنبية تشارك في اليوبيل الفضي لمهرجان الإسماعيلية    محافظ الإسكندرية يتفقد اصطفاف معدات مجابهة الأزمات استعدادًا لموسم الشتاء    الحكومة تدرس إعفاء حملة وثائق صناديق الاستثمار بأنواعها من الضرائب على الأرباح    الرقابة المالية تلزم الشركات والجهات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بتعزيز بنيتها التكنولوجية والأمن السيبراني لديها    «إكسترا نيوز»: ما يدخل غزة لا يزال نقطة في محيط الاحتياج الإنساني| فيديو    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الزمالك وديكيداها الصومالي    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    تحويلات مرورية جديدة شرق الإسكندرية من غد الجمعة ولمدة 15 يوما    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    «في الحركة حياة» ندوة وورشة عمل بمكتبة الإسكندرية    «أنتم جزء من الحكاية»| يسرا تحتفل بنصف قرن من الفن والإبداع    نائب وزير الصحة يوجّه بإنشاء عيادات جديدة لخدمة أهالي وسط سيناء    تمارين مثبتة علميا تساعد على زيادة طول الأطفال وتحفيز نموهم    معجنات الجبن والخضار.. وصفة مثالية لوجبة خفيفة تجمع بين الطعم وسهولة التحضير    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    نائب ترامب: الرئيس سيعارض ضم إسرائيل للضفة.. وذلك لن يحدث    محافظ سوهاج يتفقد فعاليات وأنشطة مبادرة " أنت الحياة " بقرية نيدة بأخميم    محافظ كفر الشيخ: تسهيلات غير مسبوقة للجادين وإزالة معوقات التقنين لتسهيل الإجراءات    العاصمة الإيطالية روما تستقبل معرض "كنوز الفراعنة"    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    التشكيل الرسمي لمنتخب مصر للسيدات أمام غانا في تصفيات أمم إفريقيا    محافظ بني سويف يتفقد مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال المرحلة الثانية من تطوير نادي سيتي كلوب    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    باعتراف صحيفة صهيونية..جيش الاحتلال فشل فى تحرير الأسرى بالقوة العسكرية    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 238 ألفا و600 شهيد وجريح    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    أسعار النفط تسجل 65.94 دولار لخام برنت و61.95 دولار للخام الأمريكى    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    رفع 3209 حالة اشغال متنوعة وغلق وتشميع 8 مقاهي مخالفة بالمريوطية    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    الجيش الثالث الميداني يفتتح مزار النقطة الحصينة بعيون موسى بعد انتهاء أعمال تطويره    بسعر 27 جنيهًا| التموين تعلن إضافة عبوة زيت جديدة "اعرف حصتك"    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    مستشار رئيس الجمهورية ومحافظ أسوان يشيدان بمستوى التجهيزات التعليمية والخدمات المقدمة للطلاب    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    تموين قنا يضبط محطة وقود تصرفت فى 11 ألف لتر بنزين للبيع فى السوق السوداء    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    محمد بن سلمان يعزى ولى عهد الكويت فى وفاة الشيخ على الأحمد الجابر الصباح    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منافسة شرسة بين شركات التكنولوجيا لاختراق بيزنس الرعاية الصحية لاقتناص جزء من7 تريليونات دولار

اقتحام التكنولوجيا وشركاتها العملاقة لكثير من النواحى الاقتصادية لفت الانتباه إلى التغييرات التى ستعيد هيكلة قطاعات عديدة، من أبرزها الرعاية الصحية، وما بين تفاؤل البعض بمستقبل واعد لما يطلق عليه «الصحة الرقمية» وشكوك المنتقدين حول جدواها يتطلع الجميع إلى حياة أفضل.

الصحة الرقمية.. تطبيقات وأجهزة إلكترونية أبرزها الترمومتر الذكى وساعة آبل وتطبيق «بلو ستار»

فى مؤشر على اهتمام شركات التكنولوجيا بدخول مجال الرعاية الصحية شراكة ثلاث من أكبر الشركات الأمريكية-أمازون وجى بى مورجان تشيس وبيركشاير هاثاواى- لتأسيس كيان طبى»غير ربحى» مؤخرا بهدف تقديم خدمة أفضل وأرخص لموظفيها مما تقدمة شركات التأمين الصحى التقليدية.

لكن اقتحام شركات التكنولوجيا العملاقة هذا المجال سيغير الصناعة بما يتجاوز التوقعات، وذلك اعتمادا على توافر البيانات الصحية بشكل غير مسبوق،

وحاليا هناك ما لا يقل عن 150 شركة كبرى فى العالم تجرى أبحاثا على العلاجات الرقمية، فكيف ستغير التكنولوجيا صناعة الرعاية الصحية؟

ومثلما يستخدم الناس تليفوناتهم الذكية لدفع فواتير وتيسير شئونهم المالية، سوف يتسع نطاق استخدام تلك الأجهزة ليشمل أمورا أكثر حيوية تتعلق بالصحة، فساعة آبل الذكية، على سبيل المثال، ستحمل أجهزة استشعار لرصد العديد من المتغيرات وسيكون بمقدورها مراقبة تغير ضغط الدم ونسبة السكر.

ومن بين نماذج الأجهزة الطبية الرقمية أيضا ما توصل إليه فريق من الباحثين بجامعة ايوا الأمريكية مؤخرا من «ترمومتر ذكى» متصل بتليفون المحمول، وهو نهج بحثى جديد لاستخدام التكنولوجيا الرقمية فى قياس معدلات انتشار الإنفلونزا بالنسبة لأشخاص بعينهم أو فى منطقة معينة بغرض مكافحتها والتصدى لها.

ويأمل كثيرون فى أن تتحول التكنولوجيات الحديثة فى تطوير الخدمات الطبية بشكل كبير، بما يتيح تحول التليفون الذكى إلى طبيب إنقاذ ينقذ المرضى من الأمراض الخطرة كالجلطات والسكتات القلبية والدماغية، من خلال التواصل المباشر مع الطبيب، واستدعاء الإسعاف بصورة عاجلة على سبيل المثال.

فمستشفيات المستقبل ستربط الطبيب مع المريض عبر تكنولوجيات التواصل الحديثة على مدار الساعة، ليتمكن الطبيب من اتخاذ الإجراء المناسب مع المريض فورا من على بعد بهدف تعزيز فرص الاستشفاء بشكل أكبر.

وحاليا هناك تطبيقات للتليفونات الذكية قادرة على قياس مستوى ضغط الدم، ونسبة السكر فى الدم، وتحديد مستوى ضربات القلب.

وبحسب تقرير لمجلة الإيكونومست فإن شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى فى العالم (فيسبوك، جوجل، آبل، أمازون، مايكروسوفت) لديها مشاريع سرية فى مجال الرعاية الصحية، وتستعين بأطباء وباحثين لهذا الغرض. ولا تعبأ بالاتهامات الموجهة إليها بأن أجهزتها ضارة بالصحة العقلية، فلا تكتفى بمجرد أنه لم يعد لأحد غنى عنها وإنما تأمل فى أن تطيل العمر أيضا.

أمضت شركة آبل ثلاث سنوات فى تطوير أجهزة وبرامج تتعامل مع البيانات الصحية، ووفرت منتجات جديدة للباحثين والأطباء. ويوم 24 يناير أعلنت أن التحديث الجديد للآى فون سوف يشمل خاصية التقارير الطبية، التى ستسمح للمستخدم بالاطلاع على تقاريره الطبية.

تلعب شركات التكنولوجيا على «وتر» مشاركة البيانات، فتزعم أنه للمرة الأولى فى التاريخ سيستطيع الناس أن يكون لهم نفاذ وسيطرة –رقمية- على بياناتهم الصحية.

الأرباح الهائلة التى يحققها القطاع، تشعل السباق بين شركات التكنولوجيا العملاقة لدخول مجال الرعاية الصحية وتقديم خدمات طبية وهى سوق تمثل فى المتوسط 20% من الناتج المحلى الإجمالى لأى دولة بما قيمته 7 تريليونات دولار عالميا بحسب إحصاءات مجموعة ديليويت الاستشارية،

بل إن اثنتين من أكبر الشركات الأمريكية من حيث الإيرادات شركات تأمين صحى وهما «يونايتد هيلث جروب» و»سى فى اس هيلث»، بإيرادات 185 مليار دولار و178 مليار دولار على التوالى فى عام 2016، وهو ما يزيد على أرباح أى شركة تكنولوجيا –باستثناء آبل-.

يذكر أنه خلال العام الماضى قد منحت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية تراخيص لعشرات الأجهزة المعنية بمراقبة صحة المرضى، والجديد فى تلك الأجهزة أنها تعطى تقريرا بالحالة وترسله إلى الطبيب المعالج عن طريق التليفون المحمول.

كما وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية أيضا على «بلو ستار» وهو ليس دواء وإنما تطبيق على التليفون الذكى يقول عنها البعض إنها معجزة الطب الحديث لعلاج مرض السكرى «بلو ستار» من بين تطبيقات أخرى وافقت عليها الهيئة كعلاج أمراض مثل السكرى وإدمان المخدرات والتدخين.

بل إنه فى نوفمبر 2017 وافقت الهيئة على أول دواء رقمى، وهو عبارة عن جهاز استشعار يتناوله المريض لمعرفة إذا ما كان قد تناول أدويته بانتظام أم لا، ويرسل تقريرا بذلك للطبيب، وهكذا يمكن أن يتلقى مكالمة من الطبيب لتذكيره بأخذ دوائه أو تغييره إذا لزم الأمر.

على مدار العام الماضى عكفت شركة التسويق الإلكترونى أمازون على اكتشاف آفاق بيع الأدوية أون لاين –عبر شبكة الإنترنت-، كما أطلقت ألفابت -الشركة الأم لجوجل- مؤخرا شركة رعاية صحية «سيتى بلوك هيلث». وتزعم ألفابت قدرتها على استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى للتنبؤ بوفاة حالات مرضية فى المستشفى قبل يومين من تقديرات الأجهزة التقليدية ما يتيح للأطباء فرصة التدخل وإنقاذ حياة.

وتعمل كل من فيسبوك ومايكروسوفت على إضافة خدمات الرعاية الصحية إلى نشاطها الرئيسى الخاص بالشبكات الاجتماعية والبرمجة.

رجح تقرير الإيكونومست أن يكون لآبل وألفابت التأثير الأكبر فى صناعة الرعاية الصحية على المدى القريب، فشركة الرعاية الصحية التى أسستها أمازون سوف تغطى مليون موظف فى المرحلة الأولى فى حين أن تأثير آبل والفابت يصل مئات الملايين من مستخدمى شبكة الإنترنت وحاملى الآى فون.

هناك مساران لتدخل التكنولوجيا فى عالم الرعاية الصحية، الأول هو التعاون مع المستشفيات وشركات التأمين الصحى فى إطار النظام الحالى. وعلى سبيل المثال، توفر ألفابت برامج حاسوبية للمستشفيات، كما تبيع آبل تليفونات ذكية وحواسب لوحية وأجهزة يرتديها الأطباء والعاملون فى الخدمات الصحية.

أما المسار الثانى لشركات التكنولوجيا فيكون باستخدام قنوات جديدة تقدم من خلالها خدمة طبية، تلك القنوات تشمل ساعات ذكاء اصطناعى لمراقبة صحة المريض وكذلك تطبيقات توفر رقابة صحية للذين يعانون من حالات حرجة.

وتأمل فيسبوك من الاستفادة من نشاط شائع على منصتها وهو «جروبات» المرضى الذين يتبادلون خبراتهم، ومن بين ما تسعى إليه شبكة التواصل الاجتماعى أن تنجح فى أن تكون الوسيط بين هؤلاء المرضى وبين شركات الدواء للاستفادة منهم فى تجاربها العالمية وذلك فى مقابل مادى بالطبع.

فى تقدير المحللين فإن سوق «العلاجات الرقمية» لن يزيد على 9 مليارات دولار بحلول 2025 لكنها تتمتع بمستقبل واعد، ومما يبشر بذلك لجوء بعض الأطباء إلى استخدام ألعاب الفيديو فى علاج قصور الانتباه وفرط الحركة لدى الأطفال والذى ينفق الأمريكيون على علاجاته التقليدية 14 مليار دولار سنويا.

حتى الآن لم تقدم شركات التكنولوجيا العملاقة لصناعة الرعاية الصحية سوى بعض الأجهزة التى يرتديها الفرد من أجل متابعة حالته الصحية، لكنها فى

الواقع تستهدف تقديم خدمة طبية حقيقية تؤثر فى علاج المرضى.

ويقول خبراء إن العلاجات الرقمية قد تفيد بالتوازى مع الأدوية التقليدية وليس وحدها، بما يفتح آفاق التعاون بين شركات التكنولوجيا وشركات الأدوية.

جامعة هارفارد أبرز المشككين:

يقول مؤيدو الابتكار فى قطاع الرعاية الصحية: إن التكنولوجيا ستقود تغييرات مهمة فى الخدمات الصحية، وإن الابتكار فى هذا القطاع الحيوى والمهم سيعمل على تقديم علاجات أفضل وسيخفض التكلفة ويتيح توصيل خدمات صحية للمناطق النائية.

لكن من ناحية أخرى، هناك من يشكك فى قدرة التكنولوجيا على تقديم علاجات جديدة حيث اعتبرت دراسة لجامعة هارفارد أن الأجهزةww الطبية الرقمية اختراق لخصوصية المرضى، وتساءلت عمن سيكون له حق الاطلاع على البيانات الصحية التى ستتعامل معها تلك الأجهزة، وأبدت مخاوف من مخاطر القرصنة والأسوأ فى رأيها التحكم فيها عن بعد.

حتى الآن أفادت تقارير عدة بفائدة التطبيقات والأجهزة الطبية الرقمية فى تحديد مشكلات لم يقدم الأطباء على تشخيصها، لكن لا يوجد دليل كاف على أن تلك التطبيقات والأجهزة يمكن أن تنقذ حياة إنسان أو تخفض تكلفة الرعاية الصحية بشكل عام، فبعض منها يصل ثمنه إلى عشرات آلاف الدولارات.

وأضافت دراسة هارفارد أنه بالرغم من إمكانياتها فى مساعدة الناس على الحفاظ على صحتهم فإنه تظل مخاوف بخصوص الاعتماد على أجهزة وأدوية رقمية، واحتمالات فشل إرسال البيانات أو الأعباء الإضافية للتعامل مع تلك البيانات.

من ناحية أخرى، كانت لدى الدراسة تساؤلات تتعلق بالنواحى الأخلاقية وموقف شركات التأمين الصحى إذا كانت ستضيف شروطا جديدة على عملائها مثل تناول الدواء الرقمى للتأكد من اتباع تعليمات الطبيب بتناول الأدوية فى ميعادها.

فى مؤشر على اهتمام شركات التكنولوجيا بدخول مجال الرعاية الصحية شراكة ثلاث من أكبر الشركات الأمريكية-أمازون وجى بى مورجان تشيس وبيركشاير هاثاواى- لتأسيس كيان طبى»غير ربحى» مؤخرا بهدف تقديم خدمة أفضل وأرخص لموظفيها مما تقدمة شركات التأمين الصحى التقليدية.

لكن اقتحام شركات التكنولوجيا العملاقة هذا المجال سيغير الصناعة بما يتجاوز التوقعات، وذلك اعتمادا على توافر البيانات الصحية بشكل غير مسبوق، وحاليا هناك ما لا يقل عن 150 شركة كبرى فى العالم تجرى أبحاثا على العلاجات الرقمية، فكيف ستغير التكنولوجيا صناعة الرعاية الصحية؟

ومثلما يستخدم الناس تليفوناتهم الذكية لدفع فواتير وتيسير شئونهم المالية، سوف يتسع نطاق استخدام تلك الأجهزة ليشمل أمورا أكثر حيوية تتعلق بالصحة، فساعة آبل الذكية، على سبيل المثال، ستحمل أجهزة استشعار لرصد العديد من المتغيرات وسيكون بمقدورها مراقبة تغير ضغط الدم ونسبة السكر.

ومن بين نماذج الأجهزة الطبية الرقمية أيضا ما توصل إليه فريق من الباحثين بجامعة ايوا الأمريكية مؤخرا من «ترمومتر ذكى» متصل بتليفون المحمول، وهو نهج بحثى جديد لاستخدام التكنولوجيا الرقمية فى قياس معدلات انتشار الإنفلونزا بالنسبة لأشخاص بعينهم أو فى منطقة معينة بغرض مكافحتها والتصدى لها.

ويأمل كثيرون فى أن تتحول التكنولوجيات الحديثة فى تطوير الخدمات الطبية بشكل كبير، بما يتيح تحول التليفون الذكى إلى طبيب إنقاذ ينقذ المرضى من الأمراض الخطرة كالجلطات والسكتات القلبية والدماغية، من خلال التواصل المباشر مع الطبيب، واستدعاء الإسعاف بصورة عاجلة على سبيل المثال.

فمستشفيات المستقبل ستربط الطبيب مع المريض عبر تكنولوجيات التواصل الحديثة على مدار الساعة، ليتمكن الطبيب من اتخاذ الإجراء المناسب مع المريض فورا من على بعد بهدف تعزيز فرص الاستشفاء بشكل أكبر.

وحاليا هناك تطبيقات للتليفونات الذكية قادرة على قياس مستوى ضغط الدم، ونسبة السكر فى الدم، وتحديد مستوى ضربات القلب.

وبحسب تقرير لمجلة الإيكونومست فإن شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى فى العالم (فيسبوك، جوجل، آبل، أمازون، مايكروسوفت) لديها مشاريع سرية فى مجال الرعاية الصحية، وتستعين بأطباء وباحثين لهذا الغرض. ولا تعبأ بالاتهامات الموجهة إليها بأن أجهزتها ضارة بالصحة العقلية، فلا تكتفى بمجرد أنه لم يعد لأحد غنى عنها وإنما تأمل فى أن تطيل العمر أيضا.

أمضت شركة آبل ثلاث سنوات فى تطوير أجهزة وبرامج تتعامل مع البيانات الصحية، ووفرت منتجات جديدة للباحثين والأطباء. ويوم 24 يناير أعلنت أن التحديث الجديد للآى فون سوف يشمل خاصية التقارير الطبية، التى ستسمح للمستخدم بالاطلاع على تقاريره الطبية.

تلعب شركات التكنولوجيا على «وتر» مشاركة البيانات، فتزعم أنه للمرة الأولى فى التاريخ سيستطيع الناس أن يكون لهم نفاذ وسيطرة –رقمية- على بياناتهم الصحية.

الأرباح الهائلة التى يحققها القطاع، تشعل السباق بين شركات التكنولوجيا العملاقة لدخول مجال الرعاية الصحية وتقديم خدمات طبية وهى سوق تمثل فى المتوسط 20% من الناتج المحلى الإجمالى لأى دولة بما قيمته 7 تريليونات دولار عالميا بحسب إحصاءات مجموعة ديليويت الاستشارية،

بل إن اثنتين من أكبر الشركات الأمريكية من حيث الإيرادات شركات تأمين صحى وهما «يونايتد هيلث جروب» و»سى فى اس هيلث»، بإيرادات 185 مليار دولار و178 مليار دولار على التوالى فى عام 2016، وهو ما يزيد على أرباح أى شركة تكنولوجيا –باستثناء آبل-.

يذكر أنه خلال العام الماضى قد منحت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية تراخيص لعشرات الأجهزة المعنية بمراقبة صحة المرضى، والجديد فى تلك الأجهزة أنها تعطى تقريرا بالحالة وترسله إلى الطبيب المعالج عن طريق التليفون المحمول.

كما وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية أيضا على «بلو ستار» وهو ليس دواء وإنما تطبيق على التليفون الذكى يقول عنها البعض إنها معجزة الطب الحديث لعلاج مرض السكرى «بلو ستار» من بين تطبيقات أخرى وافقت عليها الهيئة كعلاج أمراض مثل السكرى وإدمان المخدرات والتدخين.

بل إنه فى نوفمبر 2017 وافقت الهيئة على أول دواء رقمى، وهو عبارة عن جهاز استشعار يتناوله المريض لمعرفة إذا ما كان قد تناول أدويته بانتظام أم لا، ويرسل تقريرا بذلك للطبيب، وهكذا يمكن أن يتلقى مكالمة من الطبيب لتذكيره بأخذ دوائه أو تغييره إذا لزم الأمر.

على مدار العام الماضى عكفت شركة التسويق الإلكترونى أمازون على اكتشاف آفاق بيع الأدوية أون لاين –عبر شبكة الإنترنت-، كما أطلقت ألفابت -الشركة الأم لجوجل- مؤخرا شركة رعاية صحية «سيتى بلوك هيلث». وتزعم ألفابت قدرتها على استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى للتنبؤ بوفاة حالات مرضية فى المستشفى قبل يومين من تقديرات الأجهزة التقليدية ما يتيح للأطباء فرصة التدخل وإنقاذ حياة.

وتعمل كل من فيسبوك ومايكروسوفت على إضافة خدمات الرعاية الصحية إلى نشاطها الرئيسى الخاص بالشبكات الاجتماعية والبرمجة.

رجح تقرير الإيكونومست أن يكون لآبل وألفابت التأثير الأكبر فى صناعة الرعاية الصحية على المدى القريب، فشركة الرعاية الصحية التى أسستها أمازون سوف تغطى مليون موظف فى المرحلة الأولى فى حين أن تأثير آبل والفابت يصل مئات الملايين من مستخدمى شبكة الإنترنت وحاملى الآى فون.

هناك مساران لتدخل التكنولوجيا فى عالم الرعاية الصحية، الأول هو التعاون مع المستشفيات وشركات التأمين الصحى فى إطار النظام الحالى. وعلى سبيل المثال، توفر ألفابت برامج حاسوبية للمستشفيات، كما تبيع آبل تليفونات ذكية وحواسب لوحية وأجهزة يرتديها الأطباء والعاملون فى الخدمات الصحية.

أما المسار الثانى لشركات التكنولوجيا فيكون باستخدام قنوات جديدة تقدم من خلالها خدمة طبية، تلك القنوات تشمل ساعات ذكاء اصطناعى لمراقبة صحة المريض وكذلك تطبيقات توفر رقابة صحية للذين يعانون من حالات حرجة.

وتأمل فيسبوك من الاستفادة من نشاط شائع على منصتها وهو «جروبات» المرضى الذين يتبادلون خبراتهم، ومن بين ما تسعى إليه شبكة التواصل الاجتماعى أن تنجح فى أن تكون الوسيط بين هؤلاء المرضى وبين شركات الدواء للاستفادة منهم فى تجاربها العالمية وذلك فى مقابل مادى بالطبع.

فى تقدير المحللين فإن سوق «العلاجات الرقمية» لن يزيد على 9 مليارات دولار بحلول 2025 لكنها تتمتع بمستقبل واعد، ومما يبشر بذلك لجوء بعض الأطباء إلى استخدام ألعاب الفيديو فى علاج قصور الانتباه وفرط الحركة لدى الأطفال والذى ينفق الأمريكيون على علاجاته التقليدية 14 مليار دولار سنويا.

حتى الآن لم تقدم شركات التكنولوجيا العملاقة لصناعة الرعاية الصحية سوى بعض الأجهزة التى يرتديها الفرد من أجل متابعة حالته الصحية، لكنها فى الواقع تستهدف تقديم خدمة طبية حقيقية تؤثر فى علاج المرضى.

ويقول خبراء إن العلاجات الرقمية قد تفيد بالتوازى مع الأدوية التقليدية وليس وحدها، بما يفتح آفاق التعاون بين شركات التكنولوجيا وشركات الأدوية.

جامعة هارفارد أبرز المشككين:

يقول مؤيدو الابتكار فى قطاع الرعاية الصحية: إن التكنولوجيا ستقود تغييرات مهمة فى الخدمات الصحية، وإن الابتكار فى هذا القطاع الحيوى والمهم سيعمل على تقديم علاجات أفضل وسيخفض التكلفة ويتيح توصيل خدمات صحية للمناطق النائية.

لكن من ناحية أخرى، هناك من يشكك فى قدرة التكنولوجيا على تقديم علاجات جديدة حيث اعتبرت دراسة لجامعة هارفارد أن الأجهزةww الطبية الرقمية اختراق لخصوصية المرضى، وتساءلت عمن سيكون له حق الاطلاع على البيانات الصحية التى ستتعامل معها تلك الأجهزة، وأبدت مخاوف من مخاطر القرصنة والأسوأ فى رأيها التحكم فيها عن بعد.

حتى الآن أفادت تقارير عدة بفائدة التطبيقات والأجهزة الطبية الرقمية فى تحديد مشكلات لم يقدم الأطباء على تشخيصها، لكن لا يوجد دليل كاف على أن تلك التطبيقات والأجهزة يمكن أن تنقذ حياة إنسان أو تخفض تكلفة الرعاية الصحية بشكل عام، فبعض منها يصل ثمنه إلى عشرات آلاف الدولارات.

وأضافت دراسة هارفارد أنه بالرغم من إمكانياتها فى مساعدة الناس على الحفاظ على صحتهم فإنه تظل مخاوف بخصوص الاعتماد على أجهزة وأدوية رقمية، واحتمالات فشل إرسال البيانات أو الأعباء الإضافية للتعامل مع تلك البيانات.

من ناحية أخرى، كانت لدى الدراسة تساؤلات تتعلق بالنواحى الأخلاقية وموقف شركات التأمين الصحى إذا كانت ستضيف شروطا جديدة على عملائها مثل تناول الدواء الرقمى للتأكد من اتباع تعليمات الطبيب بتناول الأدوية فى ميعادها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.