من المتوقع أن تزيد تداعيات الصدمات الاقتصادية في الصين على الأسواق العالمية في الأعوام القادمة مع تنامي النفوذ المالي الصيني، والتوسع في استخدام اليوان كعملة تمويل بحسب خبراء صندوق النقد الدولي. ففي تقريره الأخير عن الاستقرار المالي العالمي قال الصندوق إن التطورات في الأسواق الناشئة أصبحت تشكل ما بين الثلث و40 ٪ من الاختلاف بين عائدات أسواق الأسهم وتقلبات سعر الصرف في أنحاء العالم. وامتد تأثير تباطؤ النمو الاقتصادي والإنتاج الصناعي في الصين إلى الأسواق المالية العالمية العام الماضي، مما دفع أسعار الأسهم والسلع الأولية إلى الهبوط في الاقتصادات الناشئة والمتقدمة. ويهدد التباطؤ النسبي للنمو الاقتصادي في الصين مع انخفاض أسعار السلع في العالم وتشديد السياسات النقدية في العديد من الدول بتزايد حدة تباطؤ التعافي العالمي. وقال صندوق النقد إن الأسواق أصبحت أشد تأثرا بالإشارات الاقتصادية القادمة من الصين، وإن على صناع السياسات هناك أن يتجنبوا توجيه رسائل متباينة. وقال الصندوق في جزء من التقرير إنه مع تنامي دور الصين في النظام المالي العالمي فإن الوضوح واختيار الوقت المناسب لقراراتها الاقتصادية والشفافية المتعلقة بأهداف سياستها وتنفيذ استراتيجياتها ستكون مهمة بشكل متزايد لتفادي حدوث تقلبات في السوق تكون لها أصداء واسعة. وستتأثر الأسواق بشكل متزايد بحجم اقتصاد الصين وزيادة الروابط المالية مثل إدراج الشركات الصينية في أسواق الأسهم العالمية، وتزايد استخدام اليوان في المعاملات الدولية. ومن جانبها حذرت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد من أن الاقتصاد العالمي يفقد زخمه، وحثت الحكومات على اتخاذ إجراءات للحفاظ على الانتعاش. وقالت كريستين إن الانتعاش لا يزال بطيئا جدا وهشا للغاية. وأعربت كريستين عن اقتناعها بأن الاقتصاد العالمي ليس فى أزمة، لكنها مع ذلك حثت الحكومات على تبنى إصلاحات اقتصادية وزيادة الإنفاق على البنية التحتية، لافتة إلى أن النمو المتواضع الذي لا ينعكس على المواطن العادي له عواقب على النسيج الاجتماعي والسياسي فى العديد من البلدان. واعتبرت لاجارد أسعار الفائدة السلبية التي أقرتها أوروبا واليابان أمرا إيجابيا للاقتصاد العالمي، وقالت إن المزاج العام الاقتصادي أصبح أكثر إيجابية تأثرا بالسياسات التحفيزية الجديدة للبنك المركزي الأوروبي و”التحول الواضح” من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي نحو وتيرة أبطأ لرفع سعر الفائدة، لكنها حذرت في الوقت نفسه من الآثار الجانبية للسياسات غير التقليدية للبنوك المركزية. من ناحية أخري أوضح تقرير الصندوق أن شبكة الأمان المالي التي تقيمها البنوك المركزية والمصدرون وصندوق النقد نمت في الأعوام الأخيرة، لكنها لم تنجح في حماية كثير من دول الأسواق الناشئة من الصدمات الاقتصادية العالمية. وقال إن تراكم احتياطيات النقد الأجنبي زاد منذ الأزمة المالية العالمية في 2007 و2009 وإن هناك المزيد من اتفاقات المبادلة الثنائية بين البنوك المركزية، لكن ذلك أفاد بشكل رئيسي الاقتصادات المتقدمة، وقال صندوق النقد إن بعض الاقتصادات الناشئة قد تظل تعاني فجوات تمويلية في أوقات الأزمات. كانت لاجارد دعت في شهر فبراير الماضي إلى توسيع نطاق أدوات التمويل الاحترازي لمساعدة الأسواق الناشئة على مواجهة الصدمات. وإبان الأزمة المالية قامت البنوك المركزية في الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي واليابان وبريطانيا وسويسرا بتفعيل اتفاقات مبادلة ساعدت الاقتصادات المتقدمة على احتواء المخاطر الشاملة. لكن الأسواق الناشئة لم تكن طرفا في خطوط المبادلة هذه، واضطرت وفقا لورقة صندوق النقد إلى مراكمة احتياطيات من النقد الأجنبي بتكلفة مرتفعة. ومن بين الخيارات القليلة المتاحة اللجوء إلى احتياطي إقراض الطوارئ لصندوق النقد الدولي البالغ تريليون دولار، لكن ذلك يحمل وصمة عار سوقية وسياسية وربما تكون الموافقة بطيئة للغاية خلال الأزمات المالية. وهناك اقتراح بإطلاق عملية تأهيل لتقليل الحرج من اللجوء إلى احتياطي الإقراض من أجل الحصول على سيولة أثناء الصدمات الاقتصادية.