كان القرار الذى اتخذه وزير التجارة والصناعة بخفض سعر الغاز بمقدار 5.4 دولار للمليون وحدة حرارية مقابل 7 دولارات بمثابة فتح الباب الموصد على قضية من اعنف القضايا حيث ارتبطت بملفات عبرت عن التزاوج الاخطر فى تاريخ مصر بين رجال الاعمال والسلطة التشريعية والتنفيذية. الحكومة من جانبها بررت موقفها بأن هذا التخفيض جاء استجابة لطلبات سوق الحديد الذى يعانى ازمات متعددة لمساعدته على العودة الى الانتاج والتنافسية بعد الانخفاض الهائل فى معدلات التشغيل لضمان التشغيل الاقتصادى لمصانع الصلب المتكاملة بعد ان اصبحت تعمل بحوالى 20% من طاقتها بعد ان حققت خسائر كبيرة خلال السنتين الماضيتين وصلت الى حوالى 3 مليارات جنيه وهددت استثمارات هذه الصناعة التى تصل قيمتها الى 50 مليار جنيه. كان القرار الذى اتخذه وزير التجارة والصناعة بخفض سعر الغاز بمقدار 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية مقابل 7 دولارات بمثابة فتح الباب الموصد على قضية من اعنف القضايا حيث ارتبطت بملفات عبرت عن التزاوج الاخطر فى تاريخ مصر بين رجال الاعمال والسلطة التشريعية والتنفيذية. الحكومة من جانبها بررت موقفها بأن هذا التخفيض جاء استجابة لطلبات سوق الحديد الذى يعانى ازمات متعددة لمساعدته على العودة الى الانتاج والتنافسية بعد الانخفاض الهائل فى معدلات التشغيل لضمان التشغيل الاقتصادى لمصانع الصلب المتكاملة بعد ان اصبحت تعمل بحوالى 20% من طاقتها بعد ان حققت خسائر كبيرة خلال السنتين الماضيتين وصلت الى حوالى 3 مليارات جنيه وهددت استثمارات هذه الصناعة التى تصل قيمتها الى 50 مليار جنيه. ورأت الدولة ان فى اتخاذها هذا القرار توفير 1.2 مليار دولار تمثل الفرق بين استيراد خام الحديد والبليت لانتاج 7.5 مليون طن حديد تسليح، كما ان عوائد الدولة الضريبية سوف ترتفع بحوالى 170 مليون دولار عند تشغيل هذه المصانع بكامل طاقتها. وعلى الطرف الاخر فان المنتقدين للقرار يرون ان هذا القرار من شأنه اهدار 227 مليون دولار فرق السعر الذى تنازلت عنه الدولة لمصانع الحديد علاوة على توقعات اكيدة لسلسلة مطالبات اخرى للتعامل بالمثل لصناعات اخرى لم تحظ بهذه المعاملة المؤثرة فى الصناعة وهو ما قد يكبد الدولة ارقاما تفوق هذا الرقم بعشرات المرات وهو حق لا يمكن المزايدة عليه لتلك الصناعات التى تعانى الازمة نفسها التى تعانيها اسواق الحديد .. علاوة على ان التوقيت الذى صدر فيه ذلك القرار لا يتناسب مع ما تعانيه من ازمات اقتصادية وعلى رأسها ازمة العملة وانخفاض الجنيه التى اصبحت مثار حديث رجال الاقتصاد فى الوقت الراهن. ما بين هذا وذاك نناقش هذه القضية بأبعادها وتفاصيلها خلال السطور التالية: يقول محمد سيد حنفى مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات ان تخفيض اسعار الغاز للمصانع سوف يكون له آثار إيجابية على الطاقة الانتاجية.. لكنه لن يمس القيمة السعرية النهائية للمنتج لان هناك عناصر مختلفة تسهم فى تقدير السعر النهائى منها أسعار »البليت« خام الحديد عالميا وكذا اسعار الدولار بعد تخفيض قيمة الجنيه 14٪. ويضيف ان الطلب على الحديد سوف يشهد انتعاشا خلال المرحلة القادمة بسبب البدء فى مشروع العاصمة الإدارية ومشروع بناء 1.5مليون وحدة عقارية.. لذا فهو يتوقع صعود اسعار الحديد بنسب لا يمكن التنبؤ بها الان الا بعد تطبيق الاسعار الجديدة للدولار وبيان مدى تعاون البنوك مع المصانع لتدبير الدولار لاستيراد الخامات من الخارج خاصة ان الطاقة الانتاجية وصلت الى 11 مليون طن سنويا تنتجها المصانع البالغ عددها اكثر من 30 مصنعا حال وصولها الى الطاقة القصوى لها، بينما حجم الاستهلاك المحلى يصل إلى 8 ملايين طن، مشيرا إلى ان صادرات الحديد توقفت منذ عام 2006 وكان معظمها يتم تصديره الى دول الخليج. يستبعد حنفى حدوث احتكار فى تصنيع هذه السلعة وتسويقها لانها تتعرض للتلف بسرعة علاوة على انها تستنزف مبالغ مالية كبيرة لعملية التصنيع ويصعب حجبها إضافة الى ان معظم المصانع تعمل بتحويلات بنكية تفرض عليها فائدة بحد اقصى ويوضح ان المصانع المحلية لا تخشى المنافسة مع المستورد لكن المستوردين يجب ان يراعوا المصالح الوطنية وان إغراق الاسواق بالحديد المستورد الذى تدعمه حكومات الدول الاجنبية الموردة لتشغيل العمالة داخل هذه البلاد خطأ كبير لانه يترتب عليه تعطيل المصانع وتسريح العمالة إضافة إلى ان ازمة الدولار ستلقى بظلال سلبية بعد تخفيض قيمة الجنيه المصرى. - مزيد من الإنتاج يضيف المهندس حسن عبد العزيز رئيس اتحاد مقاولى اعمال البناء والتشييد ان دعم الغاز للمصانع يدفعها لمزيد من الانتاجية، لكن رفع اسعار الدولار فى السوق الموازية فى الوقت الذى لا توفره البنوك فى المصانع سوف يكون عبئا اخر على الصناعة سيؤدى الى رفع الاسعار لكن بنسب ضئيلة وبالطبع يقوم مستثمرو العقارات بإضافة هذه الزيادات ويحملونها على التكلفة النهائية لسعر الوحدة العقارية. ينفى وجود احتكار بين المصانع المنتجة للحديد مشيرا الى ان حدة المنافسة على اشدها بين المصنعين وان التحالفات كانت واضحة فى عهد نظام مبارك، مشيرا إلى ان الزيادة فى الاسعار ترتبط باسعار الدولار عالميا ومحليا وسعر خام »البليت«. - لا دعم لأثرياء الحديد لكن احمد الزينى رئيس شعبة تجار ومستوردى الحديد يصف الدعم الذى قدمته الحكومة لصناع الحديد بالكارثة لان الدول يجب الا تدعم الاثرياء .. فالمعروف ان الدعم يذهب للفقراء اما عبارة على ان يشترط على المصانع ان تعمل بكامل طاقتها فهى فجوة لن تستطيع السيطرة عليها خاصة ان ارتفاع اسعار الدولار الاخيرة تمنحهم العذر كاملا للتباطؤ وتراجع الانتاجية. يقول ان الزيادة الجديدة نتيجة تراجع قيمة الجنيه ستصل بقيمة الحديد الى 4700 أو 5 آلاف جنيه بزيادة تتراوح بين 400- 500 جنيه والمشكلة ليست فى هذه لكن فى العقبات والتعقيدات التى تضعها وزارة التجارة الخارجية فى اعطاء التصاريح للمستوردين حيث وضعت الموافقة على الاستيراد من الوزير على الطلبات المقدمة من المستوردين إضافة إلى رسم الاغراق الذى وصل إلي 408 جنيهات للطن الواحد ورغم ذلك يباع الطن فى الخارج ب360 دولارا للطن الواحد مقابل 5200 جنيه للطن المحلى قبل زيادة قيمة الدولار امام الجنيه. يختتم قائلا: ان الدولة ستدعم مصانع الحديد سنويا ب 1.2مليار دولار ولن يعود ذلك بأى نتائج ملموسة على المواطن بل ان المصانع لن تلتزم بتشغيل المصانع بكامل طاقتها بحجة ندرة الدولار فى السوق الموازية. من جانبه أكد خالد الفقى رئيس النقابة العامة للصناعات المعدنية والهندسية أهمية هذا القرار فى هذا التوقيت الذى تعانى فيه مصانع الحديد والصلب من الخسائر، وأحد هذه الأسباب ارتفاع أسعار الطاقة، مشيرا إلى أنهم طالبوا بتطبيق هذا القرار على شركات: مصر للألومنيوم، النحاس المصرية، النصر للمواسير، ميتالكو، وبقية الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، كما طالبوا برفع الأعباء الإضافية على فواتير الكهرباء مثل: الاشتراك الثابت/ الحد الأقصى/ أوقات الذروة، حيث تتسبب تلك البنود فى تكبد شركات القابضة للصناعات المعدنية المزيد من الخسائر. وأضاف أنه طبقا لتصريح وزير الصناعة د. طارق قابيل فإن تطبيق هذا القرار سيضيف 1.4 مليار دولار، بالإضافة إلى حصيلة الضرائب، من خلال زيادة التصدير إلى الخارج. كما أن هذا القرار سيؤدى إلى تشغيل مصنع الحديد والصلب بكامل طاقته الإنتاجية. ويوضح أحمد فاوى الضبع المتحدث الإعلامى لشركة الحديد والصلب أن هذا القرار سيوفر لشركة الحديد والصلب 163مليون جنيه سنويا، وأن النقابة الهندسية طالبت بهذا الخفض منذ العام الماضى، رافضا الأصوات التى تروج لأن هذا القرار اتخذ من أجل مصلحة القطاع الخاص، مشيرا إلى أن هذا القرار لابد أن يستفيد منه كل من القطاعين الخاص والعام، حتى لا نعطى فرصة للمزايدة من قبل بعض الأفراد فى اتحاد الصناعات بأن الدولة تفرق فى المعاملة، لافتا إلى أن هناك مصانع للحديد أوقفت بعض العنابر وكانت على وشك تشريد العمال مثل بشاى للصلب والسويس للصلب، سيمنحها هذا القرار قبلة الحياة . مضيفا أن هناك طرقا كثيرة يمكن للدولة أن تدعم من خلالها القطاع العام مثل ضخ الاستثمارات وتحديث المعدات. وحول رؤية خبراء الاقتصاد للقرار ترى د. يمن الحماقى استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس انه من المهم فهم ماذا حدث للاجابة عن أى أسئلة، موضحة أنها تتفق مع القرار لان المصانع الكبيرة فى صناعة الحديد تستورد »المكورات« التى تصنع منها الخامة المستخدمة فى الحديد وتستوردها من تركيا أو غيرها بأسعار أقل لان الدول الموردة تبيع الغاز لمصانعها بأسعار أقل من 4.5 دولار وفى حالة عدم موافقة وزير الصناعة والتجارة على مطلب أصحاب المصانع الكبرى بخفض أسعار بيع الغاز لهم فهذا يعنى أنه لا يريد لهذه المصانع التشغيل والانتاج والبطالة للعمالة بل هؤلاء قالوا لن ننتج لارتفاع التكلفة وعدم المنافسة والتصدير للحديد كما كان فى الماضى عندما كانت أسعار التكلفة منافسة. كما أن عدم التشغيل وتوفير الحديد للاحتياجات المطلوبة سيضطر الدولة للاستيراد وهذا يضغط على الدولار الذى يواجه نقصا كبيرا فى الفترة الحالية ومن هنا فان الخفض فى السعر والقول بأنه يكلف الدولة 300 مليون دولار سنويا مقابل استمرار التشغيل وتوفير الاحتياجات المحلية والتصدير لان السعر أصبح منافسا للحديد التركى وغيره وليست هناك حجة لأصحاب المصانع. أما الاثر السلبى لذلك فيتمثل فى احداث مراكز غير متكافئة فى الصناعة حيث هناك حلقة فى صناعة الحديد بمصر تعتمد على الحديد الخردة وهؤلاء لم يحصلوا على ميزة مثل غيرهم وحتى يؤتى القرار ثماره المرجوة منه. كما ان الأمر الاهم والمطلوب ان يكون هناك مؤشر ضبط الانتاج حتى يمكن المحاسبة لمن يرفع الاسعار اكثر من التكلفة وهامش الربح المناسب وهذا ما يتم بالبلدان المتقدمة ومنها أمريكا لان هذا المؤشر يضبط الاسواق لأنه يتطلب وجود متخصصين فى كل مرحلة لدراسة ومعرفة التكاليف ليتسنى فى النهاية اتخاذ القرارات المطلوبة المدروسة والمناسبة، لأن هناك العديد من السلع التى تباع للمستهلك بأسعار مرتفعة جدا لا تتناسب مع تكاليفها المنخفضة وهذا استغلال للمصريين يجب الضرب بيد من حديد على هؤلاء حتى ينضبط السوق، لافتة النظر إلى ان هناك زيادة فى أسعار المياه والكهرباء بشكل مرتفع مما يزيد التكلفة النهائية للسلعة وتلك قضية فى غاية الخطورة يجب النظر إليها للظروف الاقتصادية التى يعيشها المصريون حاليا. - أسئلة حائرة ويطرح الدكتور محمد عبد الحليم الاستاذ بتجارة الازهر تساؤلا مفاده ما الدوافع وراء هذا القرار فى ذلك التوقيت وأن هذه المصانع لم تخفض أسعارها حتى تراوح طن الحديد بين 5000-6000 جنيه منذ فترة ليست قصيرة، بل أصحاب مصانع الحديد الكبار الذين صدر لهم القرار لا يزيد عددهم على خمسة منتجين للحديد يحتكرونه فى السوق المصرى .وتساءل أيضا لماذا تتحمل الدولة عجز ال 300مليون دولار فى السنة الناتجة عن خفض السعر من 7 دولارات إلى 4.5 دولار؟ وهل هناك انخفاض فى السعر العالمى للغاز ليؤخذ هذا القرار؟ ولماذا الخفض لتلك الصناعة فقط؟ اسئلة حائرة تبحث عن اجابات. ويضيف: الحديد ليس صناعة تصديرية ليأتى بالدولارات لسد العجز الموجود فى الاحتياطى النقدى من العملة ويسهم فيه؟ هناك صناعات عديدة تحتاج الى مثل هذا القرار فلماذا لم يصدر بشأنها قرار؟ هل الهدف من القرار توفير الحديد بالكميات المطلوبة وأسعار منخفضة لاقدام الدولة على مشروعات عملاقة فى البناء والتعمير مثل العاصمة الادارية الجديدة، مشروعات اسكان الشباب، وغيرها، وفى النهاية اذا أوضح المسئول الاسباب حينها يمكن تحليل الاثار السلبية والايجابية لهذا القرار ولغيره لأنه اذا عرف السبب امكن الرأى والتحليل. إجراءات لمصلحة من؟ ويرى الدكتور ابراهيم المصرى استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية أن خفض أحد عناصر تكلفة الانتاج فى الحديد أمر جيد شريطة ان يترجم ذلك بخفض فى السعر النهائى للمستهلك الذى يعانى ارتفاعات فى مختلف اسعار السلع ولكن السؤال الذى يطرح نفسه وبشدة: لماذا صدر الان هذا القرار؟هل هناك اتفاق مع أصحاب المصانع المسيطرة على صناعة الحديد وهم معروفون وعددهم لا يزيد قليلا على خمسة منتجين؟ هل هذا القرار تمت دراسته من مختلف الجوانب وآثاره السلبية والايجابية على الدفع بالصناعة والمنافسة والتصدير للخارج وقدرة الدولة على تحمل الفارق المقدر ب 300 مليون دولار فى ظل ظروفها الاقتصادية الصعبة خاصة فى نقص توافر العملة الصعبة لديها والمشكلة الاخطر أنه اذا لم يكن القرار مدروسا بجدية فإن ذلك يعتبر »كادوه« أو عطايا لاناس معينة على حساب الاقتصاد والمواطن؟وما الميزة التى سيحصل عليها المستهلك من خفض سعر الحديد بالاسواق مثلا؟ ولماذا كان الحساب فى الفترة السابقة على 7 دولارات للمليون وحدة ولحساب من؟ وكم تمثل نسبة استخدام الغاز فى التكلفة الاجمالية للحديد؟ ولماذا تراجعت الدولة عن المحاسبة ب7 دولارات؟ هناك علامات استفهام كثيرة أمام صدور هذا القرار تحتاج الايضاح وإزالة الغموص عنها. خاصة ان الصورة العامة للاقتصاد المصرى أنه حر وعلى أرض الواقع غير ذلك. هل سياسة مصر الاقتصادية محسوبة ومدروسة قبل اتخاذ القرارات؟ من خلال ما يجرى على الساحة حاليا من اجراءات أراها صعبة أخذتها الحكومة وستتخذ غيرها أظن أنها تهدف من وراء كل ذلك ان تعبر بر الامان عندما تقدم برنامجها أمام البرمان وان يجيز هذا البرلمان تلك الاجراءات وهذه الحكومة لتستمر. ومن وجهة نظر الدكتور عادل المهدى استاذ الاقتصاد بتجارة حلوان أن هذا القرار خاطئ بنسبة 100٪ لأنه صدر دون مبررات ودواع خاصة ان مصر تعانى عجزا كبيرا فى الموازنة العامة وان اكبر دعم يقدم فى هذه الموازنة للطاقة وان العجز يتراكم ويزداد عاما بعد اخر مما يتطلب اتخاذ قرارات تساعد على خفض العجز وليس زيادته، مضيفا وفق تصوره ان مصانع الحديد والاسمنت احتكارية والطلب فيها غير مرن فمن يحتاج الحديد سيشتريه ايا كان سعره وعموما الطلب فى مستلزمات البناء والتشييد غير مرن ومن الواضح ان الحكومة تتخذ قرارات غير مدروسة مشابهة للقرارات التى اتخذت فى السياسة النقدية خلال الفترة السابقة والحالية، وهل يعنى انخفاض أسعاره فى تركيا مقياسا للحكومة المصرية لاتخاذ مثل هذا القرار؟ ربما تركيا لديها فائض واقتصادها أقوى فمن حقها ان تدعم الصناعات التى تراها؟ كما ان مصر فى ظروف اقتصادية صعبة ليس فى مصلحتها صدور مثل هذه القرارات حيث ارى من وجهة نظرى انه قرار خاطئ لان هناك صناعات اخرى عديدة تعانى ستطالب بهذا الخفض؟ ولماذا التمييز لصناعة دون بقية الصناعات الاخرى. غير صحيح ان سعر الغاز عالميا أقل منه محليا ومصر تئن من عجز الموازنة العامة وليس من المصلحة اتخاذ قرارات خاظئة لان الفاتورة ستكون صعبة والاثار سلبية. - 4 تحديات تواجه «الحديد» عالميا - التباطؤ الاقتصادى وأسعار الخام والإغراق وفائض الصين تواجه صناعة الحديد والصلب عالميا أربعة تحديات أساسية تتمثل فى التباطؤ الاقتصادى للصين وتراجع الاقتصاد العالمي، وانخفاض أسعار خام الحديد، وإغراق أسواق العالم بالمنتجات الصينية من الصلب ذات الاسعار التنافسية، تضافرت هذه العوامل جميعا لتصنع ازمة متمثلة فى زيادة العرض على الطلب حيث لا يوجد سبيل لتعديل طرفى المعادلة ليتلائم ويتناسب كل طرف مع الآخر. ويشير تقرير لرابطة الصلب العالمية الذى تم نشره فى فبراير الماضى إلى ان إجمالى الانتاج العالمى من الصلب الخام لقائمة مكونة من 92 دولة قد سجل 1623 مليون طن للعام الماضي، بانخفاض قدره 8.2% مقارنة بانتاج عام 2014 الذى سجل 1670 مليون طن سنويا، تسهم فيه الصين وحدها بنحو 49.5٪، كما انخفض الاجمالى السنوى بعد استبعاد الصين بنحو 3.4% بالمقارنة كذلك مع عام 2014. كما أظهرت جميع المناطق انخفاضا فى الانتاج فى عام 2015. وقد سجل نمو إجمالى الناتج المحلى للصين 6.9% لعام 2015، وهو المعدل الأكثر انخفاضا فى ال 25 عاما الأخيرة، وهو أقل من المعدل الذى سجلته فى عام 4102 الذى بلغ 7.3٪. كما تحول الاقتصاد الصينى من الاستثمار فى البنية التحتية إلى الاستهلاك والخدمات، فضعف الطلب على الصلب، خاصة أن الصين تنتج وتستهلك ما يقرب من نصف احتياجات العالم. ولكن وعلى الرغم من تناقص الطلب من الصين، فإن مصانع الصلب العملاقة والمملوكة للدولة قد بدأت آلتها الرهيبة فى الدوران ولا يمكن أن تتوقف أو أن يتم تسريح عمالتها اتقاء لإرهاصات شعبية وعمالية رافضة لسياسات الحزب الشيوعى المسيطر على مقاليد الحكم فى البلاد، كما أن هذه المصانع قد ارتبطت بتعاقدات وعقود أجلة لاستيراد خام الحديد من مناجم وشركات انتاج كبرى مثل فال، بى إتش بى بيلتون المحدودة، ريو تنتو ولا يمكنها التراجع عنها الآن. وعلى الرغم من بعض التراجع فيما تنتجه الصين من الصلب بنحو 2% ليصل الانتاج إلى 8.308 مليون طن مترى فى عام 2015، فإن الانتاج قد فاق احتياجات الصين لا سيما مع وجود دلائل تشير إلى انخفاض وتيرة انشاءات البنية التحتية، المؤشر الأول على زيادة الطلب على الصلب بينما لا تعد مبيعات العقارات الحقيقية سببا لزيادة الطلب، حيث تشير توقعات التقارير الرسمية الصينية إلى نمو لإجمالى قطاع الانشاءات بنحو 3.9% سنويا من عام 2014 إلى 2020، متضمنة نموا بنحو 2.5% سنويا لقطاع الاسكان فقط خلال نفس الفترة. وبناء على ذلك كان لزاما على مصانع الصلب أن تجد سبيلها إلى أسواق خارجية فاتجهت إلى التصدير إلى آسيا أساسا والمكسيك ولكن ما لبث أن تسرب انتاجها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، ناهيك عن إغراق أسواق دول أوروبا وشمال إفريقيا، وقد ساهم قيامها بتخفيض قيمة عملتها الوطنية اليوان فى الإقبال على منتجاتها، مما أدى إلى زيادة صادرات الصين من الصلب بنحو 20٪، لتسجل 112.4 مليون طن فى عام 2015، وهو العام الأول الذى جاوزت فيه صادرات الصلب سقف 100 مليون طن، حيث استطاعت الصين تصدير 7.01 مليون طن فى شهر ديسمبر فقط فى العام الماضى وهى زيادة تقدر بنحو 11% مقارنة بشهر نوفمبر. والوضع لا يختلف كثيرا فى سائر الدول الآسيوية المنتجة للصلب مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية التى ركزت على التصدير وبأسعار شديدة التنافسية مما انعكس سلبا على تدهور أسعار الصناعات المحلية وتسجيلها لأدنى المعدلات بالمقارنة بالأسعار فى الحقبة الماضية. - الهند والوضع المختلف ومن الجدير بالذكر أن الهند التى تبوأت المركز الثالث كأكبر منتج للصلب على مستوى العالم فى عام 2015 بسبب نمو الطلب على الصلب فى الفترة من شهر إبريل إلى شهر نوفمبر إلى 5.3٪، وكذلك زاد الإنتاج ليسجل 2.4% نفس الفترة، قد عانت أيضا من تدهور أسعار الحديد والصلب وتخمة الأسواق بالمعروض، بالإضافة إلى تحمل القطاع لمديونيات بمليارات الدولارات من البنوك الكبرى بغرض إجراء توسعات وزيادة القدرات الإنتاجية للمصانع، ناهيك عن حالات لشركات عديدة تعثرت فى السداد جراء تحميل المنتج من أسياخ الحديد والصلب وغيرها من المنتجات بأعباء ومصاريف تصل إلى 100 دولار للطن بالمقارنة بمصانع الصين العملاقة التى أهلتها ضخامة انتاجها لتفادى مصاريف إدارية ولوجستية واعباء بنية تحتية تعانى منها الصناعة الهندية، مما ادى فى نهاية الأمر إلى تآكل هامش الربح لبعض الشركات الهندية وتضخم محفظة القروض الرديئة ببنوك القطاع العام الهندية وإنهاك هياكلها التمويلية. وتتجه توقعات الخبراء إلى استمرار الأوضاع على نفس المنوال حتى نهاية عامى 2016 و2017 فى الأسواق العالمية، حيث تغرق منتجات الحديد والصلب الرخيصة من الصين أسواق العالم ومنها الهند مع خصوصية الهند كدولة قد تسجل فيها بعض مصانع الصلب قدرا من الأرباح بسبب نمو الاقتصاد المحلى. - أمريكا تفرض رسوم إغراق أما فى الولاياتالمتحدةالأمريكية فتظهر المؤشرات تضاؤل رأس المال السوقى وتسجل كثير من الشركات الأمريكية أدنى المستويات ووصولها إلى معدلات غير مسبوقة منذ سنوات مثل شركة ستيل داينمكس الأمريكية وشركة أيه كيه المحدودة للصلب وشركة الولاياتالمتحدة للصلب وذلك فقط فى عام 5102. كما عانى كثير من الشركات المحلية من تسرب الصلب من الصين إلى الأسواق الأمريكية، الأمر الذى أدى إلى انخفاض أوامر وطلبات الشراء، وإغلاق بعص منتجى الصلب الموجودين فى بيتسبرج لعدد من مصانعهم، وقد صرح ماريو لونجى المدير التنفيذى لشركة الصلب فى احد المؤتمرات أن غلق المزيد من المصانع قد يكون ضروريا فى ظل المنافسة غير العادلة التى تعانى منها الأسواق. وقد أظهرت نتائج شركة أيه كيه للصلب صافى خسائر تقدر بنحو 7.015 مليون دولار للسنة المالية المنتهية فى عام 5102 بسبب انخفاض تجاوز 11٪ فى متوسط أسعار الصلب المبيع مقارنة بأسعار عام 2014، كما أغلقت شركة أيه كيه مصانع لها فى كل من أش لاند و كنتاكى وقامت بتسريح ما يتراوح بين 006 إلى 700عامل، مما حدا بالولاياتالمتحدةالأمريكية إلى تشكيل لجنة تقصى حقائق حول تسرب صادرات الصين من الصلب، كما فرضت الولاياتالمتحدةالأمريكية رسوم إغراق على واردات الصين من منتجات الصلب المقاوم للصدأ بغرض تعزيز صناعة الصلب الأمريكية. أما فى المملكة المتحدة وكما تشير جريدة الفاينانشيال تايمز فقد انخفض أيضا عدد العمال العاملين فى صناعة الصلب بنحو 6000 عامل فى العام الماضى وذلك من إجمالى قوة عمالة لهذا القطاع وصلت إلى 30 ألف عامل حتى بداية عام 2015. وقد أرجع كارل كويلر الرئيس التنفيذى لشركة تاتا الأوروبية للصلب إجراءات تقليص العمالة فى القطاع إلى تدفق واردات الصلب التى تباع بأسعار غير عادلة. - فضيحة فولكس لن تؤثر على الطلب وفيما يتعلق بالنظرة المستقبلية لصناعة الصلب فى أوروبا، يشير تقرير لوكالة موديز لخدمات الاستثمار إلى أن قطاع الصلب فى أوروبا سوف يتمتع بنوع من الاستقرار النسبى خلال عام 2016، باستدامة الطلب على الصلب خاصة من صناعة السيارات وصناعة السلع الاستهلاكية المعمرة والانشاءات، كما يسود التفاؤل بنمو اقتصادى متوقع لمنطقة دول غرب أوروبا يمكنه ان يواجه واردات الصين الرخيصة وزيادة المعروض من الصلب فى إيطاليا. وعلى الجانب الآخر قد تعانى صناعة الصلب فى روسيا من بعض الضعف وذلك بسبب الركود الاقتصادى وانخفاض اجمالى الناتج المحلي، ولكنها فى نهاية الأمر تتمتع بنوع من الاستدامة، حيث يتسبب انخفاض سعر صرف عملتها الوطنية - الروبل - فى إعطاء ميزة تنافسية لمنتجاتها من الصلب خاصة أن روسيا تتميز بأسعار اكثر انخفاضا لمدخلات صناعة الصلب مما يزيد من هامش ربح مصانعها. - الربيع العربى يفتح السوق للصين أما فيما يتعلق بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فلا تزال موازناتها تظهر تركيز الحكومات على مشروعات البنية التحتية ومشاريع الإسكان الاجتماعى خاصة بعد ثورات الربيع العربي، وما زالت دول الخليج كذلك تهتم بضخ الاستثمارات فى مزيد من مشروعات البنية التحتية مما يؤكد احتياج هذه الدول الشديد إلى الصلب لمواجهة الطلب المتزايد، كذلك فإن تمتع الدول المنتجة للنفط بأسعار أكثر انخفاضا للطاقة، وكذلك الدول التى أمنت احتياجاتها من الطاقة بعقود طويلة الأجل، أو تلك التى تدعم فيها الدولة أسعار الطاقة ستجد فيها صناعة الحديد والصلب ميزة نسبية ترفع من هامش الربح لشركات هذه الصناعة الهامة.