يبدو أن أنجيلا ميركل تستعد لأن تصبح آخر مستشار غير مغرد لألمانيا. وبينما ينشغل معظم السياسيين الألمان في زيادة أعداد متابعيهم، أصبحت ميركل آخر زعيم بين قادة دول مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى لا يمتلك حسابا على تويتر. والأمر الذي يعتبره البعض غريبا هو أن ميركل ستكون بسهولة السياسي الألماني الأكثر شعبية على تويتر، كما أظهر استطلاع لموقع "يوجوف" عام 2016 . ورغم ذلك، فإنها تفضل أن يمثلها المتحدث باسمها شتيفن زايبرت@RegSprecher . ويتابع حساب زايبرت عدد متواضع لا يتجاوز 830 ألف متابع، ما يضعه في مرتبة بين رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي (380 ألف) والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (9ر1 مليون). وتضم معظم تغريداته لقطات واقتباسات من المؤتمرات الصحفية وأحيانا رد الفعل الرسمي إزاء أي حدث عالمي كبير. ولكنه في الواقع يظل حسابا لمتحدث صحفي. فخلافا للحسابات الشخصية المعلنة لقادة العالم الآخرين، فإن الحساب يفتقر إلى أي مؤشر إلى أن الكلمات المنشورة قادمة مباشرة من ميركل. ويصف جون بارملي هذا بأنه "فرصة ضائعة". وبارملي هو مؤلف "السياسة وثورة تويتر"، وهي دراسة حول تأثير تويتر الكبير على الانتخابات السياسية حول العالم. يضيف بارملي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) :"القادة أنفسهم يكونون في وضع أفضل على تويتر ... الأبحاث تشير إلى أن التغريدات السياسية يمكن أن تكون مؤثرة على الآراء السياسية للمتابعين تماما كأصدقائهم وأفراد أسرهم". ولهذا السبب، فإن أكثر من 90% من الزعماء الديمقراطيين حول العالم لديهم شكل من أشكال التواجد على تويتر منذ عام 2015، وذلك وفقا لبيانات مؤسسة "ديجيتال دايا" للخدمات الاستشارية. ومع ذلك، فإن ألمانيا هي واحدة من بين ثلاثة فقط من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) وثلاثة فقط من دول مجوعة العشرين لا يمتلك رأس الدولة فيها حسابا على تويتر، وهذا كله في ذروة الموسم الانتخابي. ولكن لماذا تظل ميركل مترددة بهذا الشكل في الانضمام إلى تويتر؟. رغم تأكيدها المتكرر على الحاجة إلى "تقدم رقمي" في ألمانيا، فإن ميركل نفسها تظهر اهتماما شخصيا ضئيلا بالتقنيات الجديدة، حتى أنها أثارت سخرية لوصفها الإنترنت بأنه "مجال جديد" أواخر عام 2013 . وفي المقابل، حرص إيمانويل ماكرون على ظهور ليس هاتف ذكي واحد وإنما هاتفين اثنين في صورته الرئاسية الرسمية في يونيو. واعترفت ميركل مؤخرا بأنها كثيرا ما تفكر في الانضمام إلى تويتر، ولكنها تعتبر أن هذا يتطلب الكثير جدا من العمل. فقد قالت في تصريحات مؤخرا :"يتعين علي أن أتابع باستمرار ما يحدث وأن يكون لدي دائما ما أقوله". وحتى إذا ما كانت ميركل ستعاني من أجل إدارة الحساب، فإنها من الممكن أن تطلب المساعدة من فريقها المختص بوسائل التواصل الاجتماعي، المؤلف من ثمانية أشخاص، والذي يقوم بالفعل بنشر صور واقتباسات لنحو ثلاثة ملايين متابع على فيسبوك وإنستجرام (مقارنة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يتابعه 11 مليونا على التطبيقين". ولكن التعامل مع المزيد من المسئوليات تكون له مخاطره، كما حدث مؤخرا عندما نشر حسابها الرسمي على إنستجرام صورة ليد تبدو رجالية جدا تمسك بكوب مثلجات أمام دار المستشارية. ولكن الوجود على تويتر قد يعني ضررا لميركل أكثر من مجرد الأخطاء العرضية على غيره من وسائل التواصل. وعلى النقيض من الطبيعة السريعة والزائلة لوسائل التواصل الاجتماعي، فإن ميركل معروفة بالحذر والتروي في تصريحاتها. ووجودها على تويتر قد يجعل الحفاظ على صمتها الاستراتيجي لفترات أطول أكثر صعوبة عليها. ويسعى المنافس الرئيسي لميركل في الانتخابات العامة لعام 2017 الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتس بانتظام إلى تسديد اللكمات لها عبر تغريدات، محاولا استفزازها للرد عليه. وكتب شولتس في إحدى تغريداته :"ميركل رفضت تخصيص حصة للسيارات الإلكترونية، ولكن ليس لديها مقترحها الخاص". ورغم أنه ربما يظل متأخرا في استطلاعات الرأي، فإنه في الواقع السياسي الألماني الأكثر شعبية على تويتر. وفي حال أصبح لها وجود أبرز على تويتر فإن هذا على الأرجح سيجعل من الصعب عليها بدرجة أكثر تجنب الرد على تغريدات مباشرة من هذه الشاكلة ومن ثم الانجرار إلى مشاحنات موسم الانتخابات. وربما الأمر الأصعب على ميركل، هو أن امتلاك حساب على تويتر يعني التزاما بالرد على تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فترامب، الذي كثيرا ما يورط السياسيين والمشاهير في معارك على تويتر، لم يتمكن حتى الآن من ذكر ميركل في أي من تشدقاته حول العجز التجاري الألماني أو الهجرة أو حصص ميزانية الناتو. قد يكون تويتر ساحة انتخابية حاسمة في الولاياتالمتحدة، ولكن في ألمانيا لم ينجح حتى الآن في الحيلولة دون حفاظ ميركل على تصدرها المطرد في استطلاعات الرأي. وأيا ما كانت الأسباب لاستمرار ابتعاد ميركل عن هذه المنصة، صرح متحدث باسم الحكومة الألمانية بأنه "لا توجد خطط" لإطلاق حساب لميركل في أي وقت قريب.