طرح السيد رئيس الجمهورية اربعة مشروعات كبرى فى مجالات الزراعة والاسكان والنقل البحرى والبرى. وهذه المشروعات بالاضافة الى المشروعات بالاضافة الى المشروعات الاخرى الجارى تنفيذها وتلك التي ستقترح بعد ذلك تشكل دفعة قوية للاقتصاد المصرى، مما يتوقع مع ان تحقق تنمية مستدامة سريعة تنقلقها الى قائمة النمور الاقتصادية، وتحتاج هذه المشروعات الى مليارات من الجنيهات، فهل تستطيع مصر توفير التمويل اللازم بدون اللجوء الى الاقتراض الداخلى او الخارجى - نظرا لان حجم المديونية الحالى مرتفع جدا؟ واشتراط عدم الاقتراض هو من اجل تحقيق استدامة المالية العامة لمصر وعدم تعرض اقتصادها لازمات مالية. ولكى نجيب عن هذا السؤال نورد جدولا بأهم المشروعات وتكلفتها الاستثمارية المقدرة بنحو 1800 مليار جنيه. والمشروعات الاخرى الواردة بالجدول تنصب على قطاعات مختلفة مثل الصناعة والتعدين والسياحة والكهرباء ويلزم تنفيذها فى البحر الاحمر، الصعيد، سيناء، الساحل الشمالى وغيرها. وعلى افتراض ان هذه المشروعات سوف تنفذها على مدي ثلاث سنوات فتكون التكلفة الاستثمارية السنوية نحو 600 مليار جنيه مصرى. ولكى تمول هذه المشروعات بدون قروض فإنها سوف تمول من المدخرات السنية، فما هى اوضاع الادخار فى مصر؟ ان انخفاض نسبة الادخار المحلى من الناتج المحلى الاجمالى هي التي تسبب زيادة الاقتراض، كما تسهم فى عجز ميزان المدفوعات وتشعل ارتفاع الاسعار والتضخم بسبب زيادة الطلب والاستهلاك. كما انها تحد من قدرة مصر على الاستثمار، وبالتالى تسهم فى تفاقم مشكلة البطالة التى وصل معدلها حاليا اكثر من 3.4 مليون نسمة. ان القطاعات التى تقوم بالادخار المحلى هى: العائلات وقطاع الاعمال العام والخاص والحكومة وتبلغ نسبة الادخار نحو 15% من الناتج المحلي الاجمالى، وهى منخفضة جدا بالمقارنة لنسبة الادخار فى الدول الآسيوية مثل الصين وماليزيا وغيرها. والكارثة الكبرى المتسببة فى التدنى الفظيع فى نسبة الادخار هى الحكومة حيث إن ادخارها بالتقريب هو رصيد الموازنة العامة للدولة، ونحن نعانى من عجز مزمن فيها يتخطى حاليا نسبة 10% من الناتج المحلي الاجمالى، ومعنى ذلك ان قطاع الاعمال والقطاع العائلي يدخران نسبة 25% من الناتج المحلي فاذا قضت الحكومة على عجز الموازنة العامة للدولة - ويجب ان تحقق ذلك فى اسرع وقت ممكن - وبقيت الاحوال الاخرى على حالها، فإن نسبة الادخار سوف ترتفع الى 25% من الناتج المحلي الاجمالى، الذى يقدر بنحو 2000 مليار جنيه. ومن ثم يكون الادخار المحلى السنوى 500 مليار جنيه. فإذا حفزنا القطاعين العائلى والأعمال على زيادة مدخراتها بحيث تصل الى 30 مليار جنيه، من الناتج المحلى الإجمالى المحلى 600 مليار جنيه. وهو اللازم لتمويل المشروعات الكبرى بدون قروض. وهذا يتطلب تشجيع ثقافة الادخار في المجتمع، وتحسين مناخ الاستثمار فى مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، زيادة الايرادات العامة، وترشيد الانفاق الحكومى بحيث تتوازن الموازنة العامة للدولة. فإذا وردت الى مصر مساعدات خارجية وعربية واجنبية، وتدفق الاستثمار الاجنبى المباشر، فإن هذه التدفقات تكون بمثابة خير اضافى يزيد من الاستثمار ومعدل النمو. وكي تكون الاستفادة الكبيرة من هذه المشروعات الضخمة داخل مصر وينتفع بها المصريون فيجب ان تنفذ بطاقات مصرية اي ان يكون معظم المقاولين مصريين، وان الآلات والمعدات مصنوعة بمصر، والخبراء والاستشاريون مصريون، وهكذا لا ان تقوم بها شركات اجنبية مثل مترو الانفاق او غيره، وهذا يتطلب تشجيع المقاولين المصريين، واعطاء مزايا معقولة للعطاءات المصرية وغيرها من الحوافز وذلك كما يفعل البنك الدولى. ان المشروعات المطروحة تحقق الشروط الضرورية لاعطاء دفعة قوية للاقتصاد المصري، تحدث تنمية سريعة شاملة مع توفير المتطلبات الاخرى والسياسات الملائمة والأيدى العاملة والخبرات العالية والاخلاص في العمل تتواجد ايضا الشروط الكافية. وانى على يقين ان هذا سوف يحل في فترة قصيرة المشاكل الحالية، ويعمل على تحسين الأحوال المعيشية للمصريين ويمتص الاعداد الهائلة من العاطلين وبالجملة سوف ينقل من وضعها الراهن الى مصاف النمور الاقتصادية الحديثة إن شاء الله.