لابد أن نهنئ حكومة الدكتور شريف إسماعيل على الطبعة الوزارية الجديدة والتغييرات التى جرت على أشخاص السادة الوزراء ونوابهم، والتى تعبر عن استمرارية للكيان العام للوزارة، وهناك عدة ملاحظات على ما يجرى حاليا: أولا من حيث الأشخاص: بقى كل من رئيس الوزراء، ووزراء المجموعة السيادية، الدفاع والداخلية والخارجية، إضافة إلى وزير الكهرباء، وتعد قلة التغيير فى تلك المجموعة دلالة على أن هناك مؤسسات ووزارات قادرة على أن تفرخ من داخلها أجيالا متعاقبة من القيادات. أتت التغييرات بكفاءات مشهود لها كالدكتور على مصليحى والدكتورة هالة السعيد، ولهما كل الإعزاز والتقدير، ومع ذلك فقد كان المأمول أن يخرج من الوزارتين ومن القطاعات الأخرى مثل الزراعة والصناعة والاستثمار وقطاع الأعمال والإعلام عناصر مما تزخر به تلك المؤسسات من أجيال وكفاءات خافية عن الأعين. فلا شك فى وجود صف ثان متميز فى وزارة التخطيط ومن أبنائها شهدنا وزيرا بكفاءة ووزن الدكتور أشرف العربى أنجزوا خطط التنمية ورؤية 2020/2030 . ومع ذلك لم يتقدموا الصفوف كوزراء، ونفس الشىء فى وزارة الاستثمار وهيئة الاستثمار، وفيهما كفاءات شابة قادرة على القيادة، برزت عندما جرت عملية توأمة ودعم قدرات هيئة الاستثمار مع نظيرتها فى ألمانيا وشهد لهم الجانب الألمانى. ثانيا من حيث المناخ: يبدو أن التغيير الأخير قابلته صعوبات الاعتذارات عن المناصب الوزارية، غالبا لعدم الاستقرار، فعندما يجد المعروض عليه المنصب أن كلا من وزارتى التجارة والصناعة، والتعاون الدولى وربما غيرهما تعاقب عليهما سبعة وزراء فى خمس سنوات، فهذا مؤشر على أن الوزير القادم سيضحى بمركزه الحالى مقابل ستة أو سبعة أشهر على مقعد الوزير، وبعدها لن يجد له مقعدا. وفى الوزارة، ما معايير التقييم؟ فالسياسة هى فن تحقيق الممكن بين الاختيارات المتاحة، مع إمكانية الاجتهاد بقدر الطموح، لكن القرار السليم ليس بالضرورة هو القرار الذى يكتسب الشعبية. وخذ برنامج الإصلاح الاقتصادى المالى والنقدى الحالى كمثال لا يرضى عنه قطاع واسع من الناس بينما تعترف الأغلبية بأنه الخيار الأعقل، رغم أنه الأشد مرارة، فهل يدفع الوزير ثمن اجتهاده واختياره الأصعب؟؟ ثالثا من حيث السياسات: هل ترتبط اختياراتنا للوزراء بانتماءاتهم الفكرية، فمازال البعض يتحدث عن نظريات إحلال الواردات، وليست زيادة كفاءة الإنتاج والتصدير، فالصين تصدر سجادة الصلاة دون أن تستخدمها، وتنتج الدول أفضل ما تفلح فيه لسوقها الداخلى، أو للتصدير، دون ربط بينهما، وتستغل مواردها وإمكانياتها الاستغلال الأمثل. فهل نحن متأكدون من وضع الوزير من السياسات المتبعة، أم أننا نسير وراء التجربة والخطأ؟ وبصراحة هل لدينا مسئولون على دراية بالتزامات مصر الدولية والإقليمية فى التجارة والاستثمار النقد. وما زالت فى الأذهان تجربة وزير ما قبل الثورة كان محل الإعجاب، ولم يكن بالدراية الكافية، وطلب أن يصحبه الوزير السابق عليه فى أول مهمة دولية، ويعلم الله أن أيهما لم يكن بأفضل من الآخر. نحتاج إلى مسئولين لمواجهة الإعلام والرأى العام لشرح السياسات المتبعة مؤخرا؟؟ وتوضيح دقائق انخفاض سعر الجنيه، ودور الحكومة لتوفير السلع بأسعار مقبولة. ولكبح جماح التضخم، وزيادة الإنتاج والتصدير وجذب السياحة والاستثمار، وسبل تحقيق مؤشرات الإصلاحات الهيكلية وتحسين وتنويع الاقتصاد الكلى، وتطوير المؤسسات، وتوليد فرص عمل للشباب. وهل وزراؤنا الجدد متفقون حول سياسة تحكم مشاركة القطاعين العام والخاص، فى إطار قانونى، وبنية مؤسسية؟ رابعا من حيث التنظيم: وصار الأمر بحاجة إلى حكومة (مستقرة) لديها الوقت للخروج بتنظيم لكيان مؤسسات الحكومة، ونلاحظ : 1 -كم مرة تمتعت وزارة الهجرة بالاستقلال، وبأى منطق؟ فقد بدأت مستقلة ثم ألحقت بوزارة الخارجية لتستعين بالسفارات فى الاتصال بالمصريين فى الخارج. وضمت لكيان وزارة القوى العاملة لتستعين بالمكاتب العمالية، وليس واضحا مع انفصال الوزارة الحالى ، ما قنوات اتصالها بالمصريين. 2 - ليس واضحا المصلحة أو المنطق أو التنظيم فى أن تنفصل أى وزارة أو تدمج أو تلغى، مثل وزارة قطاع الأعمال ووزارة الاستثمار وهيئة الاستثمار التى بدأت فى أحضان وزارة الاقتصاد التى ألغيت تم انتقلت بين عدة وزارات، ولدينا وزارة إعلام ملغاة واتحاد للإذاعة وهيئة للاستعلامات اتبعت للرئاسة، فما علاقة كل هذه الأجهزة ببعضها البعض؟ ندعو الله لحكومتنا بالتوفيق والسداد فهو فى النهاية لصالحنا جميعا.