الوصول الي البحر.. هو حلم تنمية الصعيد لان ايجاد منافذ بحرية لعدد من محافظات الصعيد يعني املا جديدا للامتداد العمراني لاسيما ان هناك فكرة مكملة للوصول الي البحر تتمثل في توسيع نطاق الظهير الصحراوي لهذه المحافظات بما يضيف مساحات كبيرة من الاراضي تسمح باقامة المشروعات. لكن كيف الوصول الي البحر.. ما هي تكلفته.. من يقوم بالمهمة.. ما هي عوائده وكيف يسهم هذا الوصول في احداث تنمية حقيقية للصعيد المهمش والفقير؟ هنا استعراض رؤي خبراء الطرق والنقل لفكرة الوصول الي البحر التي طرحها المشير السيسي وفكرة الظهير الصحراوي التي طرحها حمدين صباحي. ركزت حملتا مرشحي الرئاسة للمشير عبدالفتاح السيسي وحمدين صباحي علي تنمية الصعيد وايجاد فرص عمل وذلك من خلال وضع خطوط عريضة بدون الدخول في تفاصيل, وهو ما يدفعنا لتوضيح امكانية عمل تنمية في الصعيد من خلال شق طرق وعمل مدن جديدة وظهير صحراوي وربطها بمواني البحر الأحمر. ويواجه مرشحا الرئاسة أزمة الخروج من نفق الأزمة الاقتصادية الطاحنة, بتقديم حلول قابلة للتطبيق, حال فوز أي منهما بالمنصب الرئاسي. وتعتمد أفكارهما علي الاهتمام بمنطقة الظهير الصحراوي لمحافظات الصعيد لإقامة مشروعات وتنمية حقيقية. وركز برنامج السيسي علي إعادة تقسيم المحافظات ومنح عمق لكل محافظة لزيادة مساحتها بإضافة ما يقرب من50 ألف فدان يتم توزيعها علي المواطنين في كل محافظة لتوفير فرص عمل, وزيادة الظهير الصحراوي للمحافظات وإعادة تخطيط وتقسيم المساحات المتاحة من الأراضي وضم مساحات منها للمحافظات, وإنشاء22 مدينة صناعية جديدة و26 مدينة ومركزا سياحيا و8 مطارات, وإنشاء بنية تحتية وتوفير الخدمات الأساسية لتشجيع المستثمرين وكسب ثقتهم في جدية الدولة المصرية في بناء مناخ استثمار مناسب. في البداية يقول د. محمد علي ابراهيم مدير فرع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وعميد معهد النقل الدولي واللوجستيات إن الاستثمار في البنية الأساسية أمر مهم جدا وهو استثمار طويل الأجل. وأوضح أن مردوده سريع في تقليل معدلات البطالة وسيضيف للطاقة الانتاجية ما يحسن الناتج القومي علي مراحل طبقا لمعدلات تنفيذ المشروع, بالاضافة الي الانتاجية التي ستؤدي الي تخفيض معدلات التضخم الذي يعاني منه المواطنون وأدي الي تآكل الاستفادة من زيادة الدخل النقدي للمواطنين. وقال د. محمد علي إن رؤية الخروج من الوادي الضيق علي ضفاف النيل للخروج الي المحاور الأخري علي الساحل الشمالي وجنوب مصر ومن محور النيل للبحر الأحمر ستخلق مجتمعات عمرانية جديدة تسهم في خلق المزيد من فرص العمل وستؤدي من خلال التفاعل ما بين المضاعف والمعجل وفقا لنظرية اللورد كينز, فهو مخرج طيب. وحول تكلفة تنفيذ هذه المحاور ومن يتحملها في ظل الميزانية المتهالكة للدولة قال د. محمد علي ابراهيم هناك طرق غير تقليدية للتمويل مثل اشراك الناس في مصر لتنمية المشروع مثل العودة للتعاونيات بمفهومها الحقيقي وليست تعاونيات الحكومة. وأيضا اللجوء الي فكرة التمويل الشعبي حيث إن القطاع غير المنظم في الاقتصاد المصري لديه استثمارات تفوق الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر, كما أن الاستثمار الأجنبي يتبني فكرة تمويل20% فقط من استثماراته ويعتمد باقي تمويل مشروعه من باقي الاقتصاد المصري من خلال البنوك المحلية والأسهم والسندات. وأكد انه يمكن تمويل البنية الأساسية لهذه المشروعات بقروض يتم سدادها من خلال تحميل المشروعات المقامة في هذه الأماكن وتنصيبها في البنية الأساسية وبهذا يمكن أن تدور العجلة ويعاد الاستثمار مرة أخري من مشروعات أخري في المنطقة لاستكمال المحاور المقامة علي محور التنمية. وقال لدينا فاقد كبير في الاقتصاد المصري لو استطعنا منع هذا الفاقد أو تقليله نستطيع ايجاد فرص تمويلية غير تقليدية, وهناك الكثير من الدراسات التي ركزت علي وجود فاقد ضخم في الاقتصاد المصري يمكن تعبئته والاستفادة منه في عمليات تنموية, بالاضافة الي أن البنوك التجارية لديها فائض سيولة يمكن استغلاله في تمويل مشروعات تنموية, هذه المشروعات يجب أن تكون مدروسة بشكل جيد حتي نحافظ علي اموال أصحاب المدخرات. وحول العائد والمردود من تنفيذ هذه المشروعات ومتي يلمس المواطن المصري ذلك قال د. محمد علي ابراهيم إنه خلال من3 الي5 سنوات سيشعر الناس والحكومة بالعائد من خلال توافر فرص عمل وزيادة الناتج القومي وتخفيض أو الحد من معدلات التضخم. أما د. أسامة عقيل أستاذ الطرق والكباري بهندسة عين شمس فقال: يوجد بالفعل محاور تربط عددا من محافظات الصعيد بمواني البحر الأحمر. وأشار الي أنه يوجد محور يربط القاهرة الكبري بالعين السخنة, والعياط بمحافظة الجيزة بمحور الكريمات مربوط بميناء الزعفرانة, والشيخ فضل بالمنيا مربوط بميناء رأس غارب, وقفط- القصير بمحافظة قنا مربوط بميناء سفاجا, الي جانب أن قنا أيضا مربوطة بمرسي علم, وكذلك أسوان مربوطة بميناء برنيس, بالاضافة الي أن محافظتي أسيوط وسوهاج مربوطتان بميناء الغردقة. وأكد عقيل ان هذه الطرق موجودة بالفعل وهناك رابط بين محافظات النيل بمحافظة البحر الأحمر مما يسهل ويؤهل موضوع التقسيم الجديد للمحافظات لأخذ شريحة من محافظة البحر الحمر وضمها الي محافظات الصعيد الممتدة بطول البحر الحمر. وأوضح ان جميع محافظات الصعيد بها سياحة وبترول وتعدين بالاضافة الي مواد بناء وهذا كله يتيح عمل تقسيم عرضي باعتبار أن الطرق جاهزة كلها وكافية ويمكن التنمية علي جانبيها. أما عن الظهير الصحراوي لمحافظات الصعيد فهو موجود بالفعل ضمن خطة الدولة وتم تنفيذ جزء كبير منه مثل الظهير الصحراوي بالمنيا وبني سويف, ويمكن عمل ظهير صحراوي اسكاني وصناعي وربطه بالبحر الأحمر عن طريق شبكة الطرق العرضية الموجودة بالفعل. أما عن المواني فقال د. أسامة عقيل هناك مواني موجودة بسفاجا' ميناء الحمراوين' وهو ميناء ينقل من خلاله فوسفات أبو طرطور, وهناك أيضا مراس ومواني بالبحر الأحمر ولكنها تحتاج الي تنمية لعمل مواني متخصصة لاستخدامها. وأكد عدم ضرورة انشاء ميناء لكل محافظة حيث ان المواني يجب أن تكون مركزية وتعمل لمصالح المحافظات. وعن تمويل هذه المشروعات وتنميتها قال د. أسامة عقيل: كل المشروعات ستقام للقطاع الخاص والاستثماري ولا تحتاج الي ميزانية الدولة وبالتالي فهي تساعد في عمل مناطق صناعية يكون فيها تنوع' صناعات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر' وهذا كله كفيل للقضاء علي البطالة في محافظات الصعيد بأكملها, والامكانيات الموجودة علي امتداد الظهير الصحراوي والطرق المؤدية الي البحر الأحمر تمكن من تنفيذ ذلك بمنتهي السهولة والسرعة. وأوضح عقيل أن استخراج مواد البناء وتصنيعها لا يحتاج الي رأسمال كبير بالاضافة الي انه كثيف العمالة ويحقق عوائد كبيرة. وأكد أن ربط هذه المحافظات بالبحرالأحمر يساعد علي تنمية السياحة حيث إن تنمية السياحة من أكبر المجالات التي تساعد علي تشغيل الأيدي العاملة. وقال إن جميع الطرق العرضية تساهم في عملية التنمية, مشيرا الي أن تقاطع وادي قنا يصلح معظمه للزراعة ويفتح مجالا للعمل في الانتاج الزراعي والتصنيع الزراعي. وقال إن التعدين يحتاج الي استثمارات ولكن فرص استثماراته كبيرة, ودائما المستثمرون يتنافسون علي الاستثمار في التعدين في الجبال والصحراء الشرقية الضخمة التي بدورها ستساهم في رفع الدخل القومي المصري, بالاضافة الي أنه اذا تم تصنيع المنتجات بدلا من تصديرها كمواد خام من خلال المواني الموجودة علي البحر الأحمر سيزيد من معدلات التصدير علي الوضع الحالي. وانتهي عقيل بالقول ان كل هذه المشروعات لن تحتاج الي استثمارات ضخمة, كل ما تحتاجه هو تشجيع المستثمرين وفتح مجالات للشباب والعاطلين عن العمل في مشروعات كثيفة العمالة التي سوف تنشأ نتيجة التنمية المتوقعة. وأضاف عقيل إن الربط مع البحر الحمر سوف يساهم في خلق ما تفتقده جميع مدن البحر الأحمر مما يسمي بالظهير السكاني, موضحا ان العاملين يسكنون بالقري السياحية التي يعملون بها لكن بالوضع الجديد يمكن عمل ظهير سكاني يقيمون به بشكل دائم وكامل وتكوين مدن جديدة. أما د. مصطفي رشيد المستشار الاقتصادي وأستاذ النقل واللوجستيات بالأكاديمية العربية فقال إن الهدف من المحاور العرضية لربط محافظات الصعيد بالبحر الأحمر هو خلق وانشاء مواني تعدينية تفتح فرص عمل جديدة للشباب تمكن من عملية التصدير من خلال المواني الحاضرة أو التي سيتم انشاؤها مما يدر علينا عملة أجنبية وعمل مناطق صناعية علي المحاور ومنها يمكن التصدير, وهذه التجربة قامت بها الصين من قبل حيث قامت بعمل اقاليم استثمارية وربط كل اقليم بأقرب ميناء بحري له, وعندنا يمكن عمل ذلك بشرط عمل قانون واحد للاستثمار يجمع تحت مظلته كل الأقاليم في صعيد مصر, بحيث يعطي كل اقليم مزايا مختلفة عن الاقليم الآخر لتشجيع المستثمرين بصفة عامة' مصريين وعرب وأجانب'. وقال ان هذه فرصة لانشاء مشروعات لتشغيل ايد عاملة من خلالها والمنتج يكون صالحا للتصدير لدعم الاقتصاد القومي من خلال توفير عملة صعبة. وحول تمويل هذه المحاور بصعيد مصر قال د. مصطفي رشيد: هناك ثلاثة محاور الأول عمل اكتتاب عام في سوق الأوراق المالية وقد بدأت الحكومة بالفعل في عمل مؤتمر عام افتتحه رئيس مجلس الوزراء مؤخرا لتوضيح والدعوة لتمويل المشروعات الجديدة عن طريق البورصة المصرية. والمحور الثاني: تعديل قانون الاستثمار باعطاء حوافز ضريبية جديدة للاستثمار في اقاليم الصعيد المختلفة مما يشجع المستثمرين بشكل عام أن يحضروا للاستثمار في هذه المناطق. والمحور الثالث: الاستفادة من قانون التأجير التمويلي المصري بواسطة البنوك التجارية لتعطي فرصا تمويلية وتشجيعية للبنوك أن تدخل كممول ومستثمر في هذه المشروعات. وحول العائد الملموس للناس والحكومة من هذه المحاور والمشروعات المصاحبة لها قال د. مصطفي رشيد إن العائد سيظهر خلال مدة من15 الي24 شهرا ليلمس المواطن المصري ثمرة هذه المشروعات. وأوضح أن هناك فترة خاصة بدراسة الجدوي للمشروع وفترة الانشاء والتجهيز والتشغيل التجريبي وهذا يتم خلال ستة أشهر وبعدها يبدأ العائد من خلال وجود الشركات المنشأة والمقاولين والشركات العملاقة وفرص العمل من خلال عملية التنفيذ والمشروعات التي تخدم عملية التنفيذ.