منذ فترة قصيرة انتقلت الي مصر ظاهرة «اوبر» ، وهي خدمة سيارات الاجرة عبر تطبيق خاص علي التليفونات الذكية، وبالرغم من تكبد شركة اوبر لخسائر تجاوزت المليار دولار منذ بداية العام الحالي - مائة مليون دولار في الولايات المتحدة فحسب - الا ان قيمتها السوقية بلغت 70 مليار لتصبح اغلي شركة تناولت مجلة الايكونومست في موضع غلاف لها مؤخرا طموحات اوبر، فمنذ تأسيسها في عام 2009 انتشر استخدام تطبيقها في اكثر من 425 مدينة حول العالم،لكن طموحات الشركة والتوقعات بشأن قيمتها تتجاوز ذلك بكثير،اذ تأمل اوبر في ان تكون الخدمة المقدمة رخيصة وسهلة بحيث تشجع البعض علي الاستغناء عن اقتناء سيارة! والشركة لا تتطلع الي تغيير صناعة «سيارات الاجرة» فحسب والمقدرة بنحو 100 مليار دولار سنويا ,لكنها تخطط للاستحواذ علي النصيب الاكبر من صناعة المواصلات الشخصية والتي تزيد قيمتها على 10 تريليونات دولار سنويا علي مستوي العالم. تلك الكعكة ليست هدفا لاوبر وحدها،فالسباق يحتدم بين شركات السيارات والشركات التكنولوجية هذه الايام لإحداث ثورة جديدة بإطلاق سيارات ذاتية القيادة تغير مستقبل المواصلات مثلما حدث في القرن العشرين عندما تم اختراع السيارة الاولي في العالم. الشركات التكنولوجية مثل ابل وجوجل تستثمر مبالغ طائلة في تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة, وشركات السيارات الكبيرة مثل فورد وفولفو تتسابق حتي تلحق بها. وعلي المدي القريب تبدو اوبر في وضع يؤهلها لقيادة ثورة المواصلات الجديدة بسبب هيمنتها علي جزء من السوق في ظل ما تشهده من نمو غير مسبوق. ففي فترة قصيرة للغاية تمكنت من قيادة التغيير في صناعة خدمة سيارات الاجرة واليوم تمثل حصتها اقل من 4٪ من اجمالي الكيلومترات عالميا مع توقعات بزيادتها الي اكثر من 25٪ بحلول عام 2030 وفقا لتقديرات مورجان ستانلي. امكانيات اوبر لم تقتصر علي مجرد القدرة علي استدعاء سيارة اجرة بواسطة تليفون ذكي فهناك ايضا تطبيق «UberPool» الذي يتيح خدمة مشاركة الانتقال للمتجهين الي نفس الوجهة ما كشف عن رؤية جديدة لآفاق غير محدودة في وسائل النقل العامة والخاصة. اما علي المدي البعيد فإن خطة اوبر لاستخدام سيارات ذاتية القيادة سوف تعزز مكانتها مع توفير وسيلة مواصلات سهلة ورخيصة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. البشائر ظهرت بالفعل حيث اختبرت جوجل سياراة ذاتية القيادة في الشوارع المحيطة بفرع الشركة الرئيسي في ماونتن فيو،كما اطلقت شركة ناشئة في سنغافورة خدمة جديدة لسيارات اجرة ذاتية القيادة . وفي غضون اسابيع قليلة سوف تقدم اوبر في بيتسبرج خدمة سيارات ذاتية القيادة (مع وجود سائق لتولي القيادة في حالة الطوارئ اذا لزم الامر). ويري خبراء ان تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة سوف تزيد الطلب علي خدمات اوبر وانها سوف تشجع كثيرين علي الاستغناء عن شراء سيارة وهو ما اكدته دراسة حديثة اعدتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن انتشار سيارات اجرة ذاتية القيادة سوف يخفض عمليات شراء السيارات بنسبة تتراوح بين 80 و 90٪.حتي الآن لم يتبين بعد اي من الشركات التي ستهيمن علي هذا القطاع الجديد او مدي ربحيتها، وربما لن تكون اوبر هي الفائز الاول في سباق السيارات ذاتية القيادة لكنها سوف تستفيد من تلك التكنولوجيا. وحاليا تسعي الشركة الي استغلال شبكتها الواسعة والكبيرة من العملاء في تقديم خدمات جديدة مثل توصيل الوجبات . ولكن يبقي امام اوبر تحدي صعوبة البقاء في القمة، وهو ما كان حال الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا مثل نوكيا وبلاك بيري في مجال التليفونات الذكية او كوداك في مجال الكاميرات الديجيتال , او «ماي سبيس »في مجال شبكات التواصل الاجتماعي. والامر مع اوبر سوف يعتمد في رأي تقرير الايكونومست علي قدرة الشركة علي التعامل مع الشئون الادارية، فقد اعتادت الشركات التكنولوجية علي اختراع اشياء جديدة ثم محاولة الحصول علي ترخيص بها فيما بعد،ونجاح اوبر يشوبه اوجاع كثيرة من هذا النوع. فالشركة واجهت بعض الأزمات في الفترة الأخيرة تضمنت إلقاء القبض علي اثنين من مديريها في فرنسا لتشغيلهما خدمة «غير قانونية»، بالاضافة الي سداد غرامة بقيمة تزيد على 7 ملايين دولار في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بعد فشلها في تقديم بيانات تفصيلية عن الشركة للجهات التنظيمية، وكان تطبيق «أوبر» الرقمي لتأجير السيارات قد حظر في عدد من المدن والدول حول العالم كاسبانيا وتايلاند إضافة إلى عدد كبير من المدن الهندية. مع انتشار الشركات المنافسة لاوبر وتهافت شركات السيارات علي اللحاق بسباق صناعة سيارات ذاتية القيادة قد تزداد صعوبة التحديات التي تواجهها اوبر، ولكن عن طريق تقديم خدمة مشاركة التوصيلات والعمل كهمزة وصل بين السائقين مالكي سيارات الاجرة والعملاء يمكن ان تحافظ اوبر علي رواجها دون ان تمتلك اسطولا خاصا بها من السيارات. اختتم التقرير حديثه بما قامت به مؤخرا الشركة من بيع نصيبها في السوق الصيني لمنافستها «ديدي» ما اتاح لها تخصيص 9 مليارات دولار في رأي خبراء لتطوير تكنولوجيات جديدة،وقال انه سواء حققت الشركة اهدافها الطموحة او انتهي بها الحال مثل غيرها - مجرد علامة تجارية دون هيمنة حقيقية علي القطاع - سيظل العالم يدور في فلك اوبر .
ناشئة في العالم، والجدير بالذكر ان طموحات الشركة تصل الي تغيير مستقبل المواصلات في العالم.