سباق مسلح بين شركات صناعية للهيمنة علي سوق السيارات الخضراء, الصديقة البيئة, تسبب في انتعاش نشاط الابتكار وزيادة براءات الاختراع الي مستويات قياسية لكنه ايضا اثار مخاوف نشوب حرب ملكية فكرية علي غرار تلك التي اجتاحت صناعة الهواتف الذكية. التقرير الذي نشرته الفاينانشال تايمز مؤخرا رصد بوادر تلك الحرب بنشوب معركة بين شركات السيارات العملاقة التقليدية التي تسعي جاهدة للبقاء علي عرش الصناعة وشركات التكنولوجيا وغيرها من الداخلين الجدد وذلك من اجل الهيمنة علي صناعة المحركات, الوقود, نظم الامان والترفيه, في فترة رواج لنشاط البحث والتطوير داخل بيزنس السيارات وعلي نحو غير مسبوق منذ نشأة الصناعة. وحسب احصاءات رسمية فإن طلبات تسجيل براءات الاختراع علي مستوي العالم قد تضاعفت خلال السنوات الخمس الماضية في ظل سباق صناع السيارات لتطبيق القواعد البيئية الصارمة الجديدة, الامر الذي دفع خبراء قانونيين الي التحذير من نشوب حرب ملكية فكرية جديدة. كانت معركة شرسة حول براءات اختراع وملكية فكرية قد اجتاحت صناعة الهواتف الذكية لمدة خمس سنوات علي الاقل في ظل محاولات الشركات الكبيرة مثل' آبل' و'اتش تي سي' و'سامسونج' لعرقلة جهود منافسيها. واذا كان معدل تسجيل براءات اختراع للسيارات الهجين او الكهربائية في الولاياتالمتحدة يقدر ب20 براءة اختراع كل ثلاثة خلال عام2008 فإنه يصل اليوم الي90 براءة اختراع مما يبشر بموجة جديدة من الدعاوي القضائية في مجال الملكية الفكرية قريبا وذلك حسب توقعات خبراء قانونيين. وهكذا تخطو السيارات الهجين والكهربائية خطواتها الاولي بحذر نحو الساحة التي تهيمن عليها شركات عملاقة مثل تويوتا, نيسان, جنرال موتورز. وابتداء من المحركات الخضراء الي السيارات الذاتية القيادة فان التغييرات التي تحدث اضطرابا حقيقيا في الصناعة تأتي معظمها من الداخلين الجدد والابتكار المحموم يشعل الصراع الذي ستحدد نتائجه الفائز والخاسر لمدة قد تصل الي مائة عام مقبلة. الصراع مستمر لابتكار بديل لمحركات الاحتراق الداخلي ولانتاج سيارات ذاتية واكثر امانا وكذلك تزويد السائقين بسبل التسلية ليس هذا فحسب بل والاتصال بشبكة الانترنت وغيرها من خدمات الهواتف المحمولة مما قد يجعل السيارة في نهاية الامر منافسا للهاتف الذكي. ويقول خبراء ألمان ان هناك لاعبين جددا في حلبة صناعة السيارات وهم من خارج الصناعة وجرأتهم قد تغير نظرة الصناعة الي الملكية الفكرية. واستشعارا منهم بالخطر الذي يمثله الداخلون الجدد فان صناع السيارات قد ضاعفوا من عمليات تسجيل براءات الاختراع لاسيما في مجالات مثل انظمة المركبات الكهربائية ونظم الاتصال بشبكة الانترنت, واللاعبون الجدد مخترعون بارعون مثل شركة' تيسلا' الامريكية المصنعة للسيارة الكهربائية او مجموعة' بولور' الفرنسية او مزودي البطاريات التقليديين مثل' باناسونيك' و'ال جي' الذين يمثلون اهمية كبيرة للجيل المقبل من السيارات. شركات التكنولوجيا العملاقة مثل جوجل ومايكروسوفت بدأت ايضا تضع اقدامها علي الساحة حيث اعلنت جوجل عن تصميم وتصنيع سيارة ذاتية القيادة, وقامت نوكيا باطلاق خدمة نظام ملاحة يدمج في لوحة التحكم الخاصة بالسيارة للتحكم بها, كما أن لدي شركة آبل فريق من الباحثين المتخصصين في تكنولوجيا السيارات من اجل استخدام منتجات الشركة داخل السيارات. وتعد تكنولوجيا ربط السيارات بشبكة الانترنت هي ثالث اسرع التكنولوجيات المتنامية بعد الهواتف الذكية والكمبيوترات اللوحية والتطبيقات الالكترونية تمنح السائقين قدرات جديدة هائلة بدءا من تحديد ساحات الانتظار المتاحة وحجز المطاعم وتحديد أماكن محطات الوقود او معرفة الاتجاهات وكلها تظهر امام السائق علي زجاج السيارة الامامي ومن خلال اوامر صوتية يصدرها قائد السيارة. ومع التركيز علي الرقائق اكثر من الآلات فإن سيارات المستقبل ستتم عمليات تجميعها بشكل اكثر سهول وربما باستخدام نسبة اقل من الاجزاء الداخلية المصنعة. ولكن هذا يثير قلق صناع السيارات بانهم اذا لم يواكبوا التطورات التكنولوجية السريعة فقد يضطرون الي قبول الاكتفاء بمجرد تجميع منتجات شركات اخري. ويوضح رئيس بحوث السيارات في نومورا هارالد هندريكس ان وضع صناعة السيارات حاليا مشابه لما حدث في صناعة الهواتف الذكية قبل خمس سنوات تقريبا, عندما فوجئت شركات عالمية كبيرة مثل نوكيا وموتورلا بمنافسة داخلين جدد مثل اتش تي سي وآبل مما آثار وقتها حرب براءات طويلة استمرت الي الآن وكبدت الشركات الكثير. ويقول نيكولاس لانج من مجموعة بوسطن الاستشارية انه علي مدار الثمانين عاما الماضية كانت جميع الاختراعات في صناعة السيارات من قبل شركات من الداخل او من الموردين التقليديين لكن اليوم هناك شركات جديدة اقتحمت الساحة مما يمثل تحديا كبيرا للصناعة. وعلي سبيل المثال فاجأت جوجل الصناعة بسيارة ذاتية القيادة في عام2010 وشركات اتصالات مثلT وAT اتخذت المبادرة بتطوير نظم لربط السيارات بشبكة الانترنت, كما وقعت شركة كونتيننتال مع اي بي ام اتفاقية في شهر سبتمبر من اجل تطوير نظم شبكات السيارات. وتؤكد خبيرة قوانين براءات الاختراع أن ظهور تكنولوجيا تحدث اضطرابات كهذه ولاعبين جدد يهدد هيمنة الشركات الكبيرة وينذر بنشوب حرب مثل حرب الهواتف الذكية. وقد بدأت الدعاوي القضائية في مجال صناعة السيارات تستحوذ علي الاهتمام مثل الدعوي التي فازت فيها' ديملر' الشهر الماضي بخصوص التكنولوجيا الجديدة المستخدمة في سيارات مرسيدس بنز لمراقبة نعاس السائقين. اليوم الخيار امام صناعة السيارات يتراوح بين السماح لمنافسين غير تقليديين بزيادة حصتهم في مكونات السيارات وارباحها وبين المحاكم الباهظة التكاليف. وحروب المستقبل ستدور حول رغبة آبل في ان تكون جزءا من جميع السيارات, ومايكروسوفت كذلك ومعها جوجل وقد تستمر هذه الحروب طويلا ليكون المستفيد الوحيد منها هو المحامون.