طرحت تراجعات أسعار النفط العديد من التساؤلات حول مدى جدوى استمرار الاعتماد عليه كسلعة وحيدة ومصدر للدخل القومى للعديد من الدول العربية، وطالب خبراء بضرورة مراجعة السياسات العربية، والمضى فى إنجاز آليات ومؤسسات التعاون المشترك، فيما رأى البعض أن انخفاض الأسعار ربما شكل فرصة، ودعوا الى تنويع مصادر الدخل القومى، ومراجعة سياسات التصدير للمواد الخام والاعتماد على التصنيع وابتكار مصادر أخرى بديلة للطاقة. جاء ذلك خلال حوار ومناقشات شارك بها نخبة من الخبراء والمسئولين السابقين من الدول العربية خلال مؤتمر نظمته المنظمة العربية للتنمية الادارية. الدكتور ناصر القحطانى قال فى مستهل اجتماعات المؤتمر إن الآراء تباينت وتعددت الاجتهادات فى تحليل انخفاض أسعار النفط، ويستمر التراشق بالاتهامات والنتيجة واحدة حتى وقتنا هذا، فهناك ما يعزى السبب إلى وفرة الإنتاج وضخ كميات تفوق حاجة الأسواق وبخاصة بعد الازدياد المطرد فى إنتاج النفط الصخرى الأمريكى والنفط الرملى الكندى ومن ثم إلغاء الولاياتالمتحدة لقيود تصدير النفط الأمريكى أو زيادة معدلات الإنتاج من قبل العديد من الدول سواء كانت ضمن منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك) وبخاصة بعد استمرار العمل بسياستها التى اعتمدتها فى (ديسمبر - عام 2014 ) والتى تستهدف المحافظة على حصتها من الأسواق العالمية مقابل زيادة المعروض من النفوط عالية الكلف كالنفط الصخرى والنفوط المنتجة من الحقول الهامشية بالمقارنة مع نفوط دول الأوبك المعروفة بانخفاض كلف إنتاجها . ولفت وزير البترول طارق الملا فى كلمته التى ألقاها نيابة عنه المهندس محمد طاهر، وكيل أول الوزارة الى أن لانخفاض أسعار النفط مردودا ايجابيا وآخر سلبيا على مصر، حيث يتمثل الايجابى فى تخفيض عبء الدعم على الطاقة والسلبى فى إساءة الشركات المنتجة لاستغلال هذا الأمر للتلاعب بالإنتاج والاستكشافات. وأوضح أن المنطقة العربية تنتج نحو 24.2 مليون برميل يوميا وما يقرب من 32% من الإنتاج العالمى فى النفط، وتضم ثلثى الاحتياطى النفطى الموجود فى العالم الذى يوجد بضخامة فى دول الخليج العربى. وأضاف أن نسبة انخفاض السعر تجاوزت نسبة 06% نتيجة ارتفاع المعروض من النفط وانخفاض الطلب فى ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة للدول، فضلا عن الأسباب الجيوسياسية فى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وبدء تصدير النفط الصخرى من أمريكا. وتوقع الوزير استمرار اضطراب السوق العالمية للبترول خلال الفترة القادمة لتأثرها بعوامل من الصعب توقعها منها ما يتصل بالصراعات الدولية والمشاكل الداخلية فى بعض الدول المنتجة للبترول، مشيرًا إلى أن تحسن الأسعار مرهون بالتحكم بمعدلات الإنتاج وتوازنها مع الطلب المنخفض وربط زيادة الإنتاج بتعافى الاقتصاد العالمى ، محذرًا من أن انخفاض الأسعار أدى لتباطؤ الاستثمارات البترولية العالمية وإلغاء وتأجيل العديد من المشروعات ما يؤدى إلى حدوث عجز فى العرض فى حالة تعافى الاقتصاد العالمى . وأشار إلى أن هناك حالة من التوازن فى تأثر مصر بانخفاض الأسعار العالمية للبترول تتمثل فى احتمالات تباطؤ تدفقات الاستثمارات الأجنبية فى مجال البحث والإنتاج، موضحًا أنه على الرغم من ذلك فقد تم خلال الشهور القليلة الماضية توقيع عدد من الاتفاقيات لتنمية بعض حقول الغاز من أهمها حقل ظهر وآتول وشمال الإسكندرية باستثمارات تصل لأكثر من 25 مليار دولار ، متوقع إنفاقها خلال السنوات الأربع القادمة، كما تتمثل التأثيرات الإيجابية أيضًا فى انخفاض قيمة واردات مصر من البترول والغاز الطبيعى المسال وبالتالى انخفاض قيمة الدعم الذى تتحمله الدولة، وأوضح مدى تأثر عدد من الدول بانخفاض أسعار النفط، كان منها الكويت والسعودية التى تأثرت معدلات النمو فى كل منها، ما دفع المملكة السعودية إلى ضخ ما يقرب من 180 مليار دولار من الاحتياطى النقدى للحفاظ على معدلات النمو.