15 يونيو 2025.. البورصة المصرية تقلص الخسائر مع نهاية التعاملات    الرقابة المالية تضاعف نسبة الأموال المخصصة لشركات التأمين إلى 10%    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    نتنياهو: نخوض معركة وجودية مع إيران.. وطهران ستدفع ثمن قصفها لإسرائيل    «اختبار قوي لشخصية المدرب» حازم إمام يعلق على تصرف تريزيجيه أمام إنتر ميامي    محافظ الفيوم يتفقد عددا من لجان الثانوية العامة للاطمئنان على سير الامتحانات    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    مجلس النواب يُحيل 5 قوانين للبحث والتنقيب عن البترول للجان المختصة    الرئيس السيسى يصدّق على إطلاق مبادرة "مصر معاكم" للأبناء القصر للشهداء    العراق: نرفض بشدة اختراق أجوائنا فى الحرب الإيرانية الاسرائيلية ونبذل أقصى درجات ضبط النفس    وكيل الأزهر يشكل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب العلمي من امتحان الفيزياء    إحباط تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    محمد فضل شاكر يشارك شيرين عبد الوهاب حفل ختام مهرجان موازين    وزير الأوقاف: الإمام الليث بن سعد قامة علمية ووطنية ملهمة    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    هذه القافلة خنجر فى قلب القضية الفلسطينية    الرئيس السيسي يؤكد لنظيره القبرصي رفض مصر توسيع دائرة الصراع بالشرق الأوسط    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    تنفيذ 25 قرار إزالة لتعديات على أراض بمنشأة القناطر وكرداسة    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    وزيرة التنمية المحلية تتفقد أعمال تنفيذ المرحلة الأولى من تطوير سوق العتبة بتكلفة 38 مليون جنيه    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    وصول جثمان نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي لمسجد عمر مكرم    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    نظام غذائي متكامل لطلبة الثانوية العامة لتحسين التركيز.. فطار وغدا وعشاء    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    فوز طلاب فنون جميلة حلوان بالمركز الأول في مسابقة دولية مع جامعة ممفيس الأمريكية    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعي بكلياتها أكتوبر المقبل    المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش الحد من تزايد الولادة القيصرية    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    9.5 مليار جنيه ل«مُربى البتلو»    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    فيلم سيكو سيكو يحقق أكثر من ربع مليون جنيه إيرادات ليلة أمس    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. انطلاق فعاليات "منتدى تعزيز السلم" بأبو ظبي
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 12 - 2016

نهيان بن مبارك: عبقرية الدين الحنيف جعلت التنوع مصدر قوة
- ابن بية: دولة الخلافة صيغة حكم غير ملزمة للمسلمين
انطلقت اليوم الأحد فعاليات منتدى تعزيز السلم بأبو ظبى، وذلك برعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، والشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وأصحاب المعالي، الوزراء، الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة الدولة للتسامح، ومحمد عبد الكريم العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي، والدكتور محمد مطر الكعبي، أمين عام منتدى تعزيز السلم، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، وعمار ميرغني حسين وزير الأوقاف السوداني، وأحمد ولد أهل داود، وزير الشؤون الإسلامية الموريتاني، والدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور عبداللطيف هميم، رئيس ديوان الوقف السني في العراق، والدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد، كبير مفتي أوقاف دبي، وجمهرة كبيرة من العلماء والمفكرين والباحثين والإعلامين والمهتمين بتجديد الخطاب الإسلامي على مستوى العالم.

وافتتح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، فعاليات الملتقى الثالث لمنتدى تعزيز السلم صباح أمس (الأحد)، بفندق "جميرا أبراج الاتحاد" في أبوظبي، فرحب بالحضور الكريم، معتبراً أن منتدى تعزيز السلم هو في صمميم نهج دولة الإمارات منذ تأسيسها. وأنه من حسن الطالع، "أنكم اتخذتم، شعاراً طيباً، لهذا الملتقى، هو "دروب السلام، من أبوظبي تبدأ"، فمرحباً بكم جميعاً، في أبوظبي". وقال: "إن الإمارات العربية المتحدة.. هذه الدولة، ذات المكانة المرموقة في مسيرة الأمة والعالم، حريصة كل الحرص، على دعم قدرات المجتمعات المسلمة؛ لمواجهة كل التحديات. إننا ولله الحمد، في الإمارات، إنما نمثل، دولة وطنية ناجحة، بكل المقاييس، هي الآن، في نظر الجميع، النموذج العالمي المرموق، لا نقول فقط، في البناء والاستقرار، بل وأيضاً، في الازدهار والرخاء - نحن بحمد الله، دولة وطنية موحدة: قوية بمؤسساتها، وتشريعاتها، تعتز وتفخر، بنظامها، وقادتها، تهتم كثيراً، بأبنائها وبناتها. إنها الدولة، التي تتسم وبحق، بالتلاحم القوي، بين الشعب والقيادة، بل والحرص الجماعي.. المتماسك والمتين، على أن نكون معاً ودائماً، وطنا للحكمة والسلام. وطناً، يدعم الأشقاء، ويسعى دائماً، إلى استمرارية تقدم وتطور الأمة، في كافة المجالات".

وأضاف الشيخ نهيان بن مبارك: "من نعم الله على هذه الدولة الوطنية الرائدة، أن قيض لها قادة أكفاء، يتسمون بالحكمة، وبعد النظر، بدءاً، من مؤسس الدولة، المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - عليه رحمة الله ورضوانه، وامتداداً، إلى خير خلف لخير سلف، صاحب السمو الوالد، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، واستمراراً، بإخوانه الكرام، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات.. إننا في الإمارات، نعرف طريقنا بوضوح، في أن القيادة الناجحة، هي أهم المتطلبات، لبناء الدولة الوطنية، على أسس ثابتة ومتينة. القيادة الناجحة، متطلب ضروري، لتحقيق مشروعية الدولة الوطنية، وتمكينها في الوقت نفسه، من العمل المثمر والنافع، في سبيل تحقيق النجاح والتقدم، والقدرة على التنافس الناجح، في المضمار العالمي، للأمة كلها.
وختم الشيخ نهيان كلمته بالقول: "إن وجودكم معنا في مجتمع الإمارات، أيها الاخوة والأخوات، هذا المجتمع، الذي يقوم على التسامح والتعايش بين الجميع ، إنما هو أيضاً، تذكرة، بأن الدولة الوطنية القوية، في المجتمع الإسلامي، هي تلك الدولة، القادرة على التعامل الناجح، مع التعدد والتنوع، في الثقافات والحضارات - إننا نعتز غاية الاعتزاز، بأن المجتمعات الإسلامية، على مر العصور، كانت مجتمعات متنوعة، في الأجناس والأعراق، وأن عبقرية الدين الحنيف، قد جعلت من هذا التنوع، مصدر قوة: خلاقة، وإيجابية، بل وكذلك، جعلت منها أيضاً، نبع حضارة: خالدة ومتجددة، قادرة تماماً، على الإسهام الفاعل، في مسيرة البشرية، دون تشدد أو تعصب، ودون تحيز أو إسراف" .
مفهوم الخلافة
من جهته أكد الشيخ عبد الله بن بيه أن دولة الخلافة صيغة حكم غير ملزمة، موضحاً بالتأصيل العلمي أن بعض المفاهيم ولدت في القرن الماضي بغير ضبط علمي، فالمفهوم تارة يؤصله العلماء ويضعونه كمفهوم، لكنه أحياناً يُلقى بالساحة من خلال أناس، ليست لديهم خلفيات علمية منضبطة.
وقال:نحن نعالج اليوم موضوعاً مهماً متفجراً وهو موضوع الدولة الوطنية، وأن بعض المفاهيم ولدت بالقرن الماضي،لكن هذه المفاهيم نشأت بغير ضبط علمي، فالمفهوم يؤصله العلماء أو الفلسفة،ويضعونه كمفهوم، ولكنه يُلقى أحيانا بالساحة من طرف أناس خلفياتهم العلمية ليست منضبطة.

وأضاف: في القرن الماضي الرابع عشر والقرن العشرين ألقيت بالساحة مفاهيم شتى، منها مفهوم "الدولة الإسلامية" ومفهوم "الخلافة" ضمن حمولة خاصة، ومنها مفهوم "الحاكمية" وسيادة الشرع". إنه كلام جميل لكنه كلام حق أريد به باطل، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه. لكن ما هي المضامين الصحيحة لهذه المفاهيم، هل أن كل الدول الإسلامية هي خارج الشرعية والمشروعية؛ لأنها لم تنضم إلى كيان واحد نسميه الخلافة أو الإمامة، أو الامارة أو سمها ما شئت! أو أنها لا تتفق مع رأي بعض الناس في تطبيق بعض الاحكام؟ أو لأنها مقصرة؟ أو لأسباب كثيرة أخرى.

وتابع: لا يجوز نزع الشرعية عن الدول الوطنية، التي نشأت في هذا القرن، فهي موافقة لمقاصد الشريعة في النظام والانتظام وفي العمران البشري وفي المحافظة على الامن والسلام والشعائر، ومع ذلك، ولكن لا نعدام العناوين نريد أن نقول: إن مقاصد الشريعة ( كما نفهمها وسنبرهن على ذلك) لا تهتم بالشكليات، إنما بالمضامين والمصالح البشرية.

وأكد أن الدين الإسلامي يحيل الى مصالح العباد، فهذه الإحالة بين الديني والدنيوي جعلت أكثر الناس يخطئون، فبعضهم يأخذ بظواهر النصوص وبعضهم الاخر يقول يجب ان لا نغادر دار الدين لندخل في مجال اخر.

وأضاف: نريد أن نصل بين الأطراف جميعا وألا نيأس، وأن نقول لأولئك الذين يقتلون أنفسهم من أجل خلافة أو تصور أو تخيل.. لا وجود له أصلا بالتاريخ. أنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانت توجد دولة أخرى على رأسها ملك مسلم، سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم. لم يأمره بالهجرة والمجيء إليه، فالنجاشي أصحمة، أسلم وأرسل بيعته للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم تركه في ملكه هناك، في الحبشة. علماؤنا تجاوزوا هذا ويذكرونه في باب الجنائز. إن الله تعالى أطلع نبيه غيبا على أن النجاشي مات فقام وكبر أربع تكبيرات عليه، النجاشي هذا يحكم دولة غير مسلمة وهو مطيع للنبي صلى الله عليه وسلم، وزكاه ولم يأمره بالهجرة.

وقال: إذاً كانت هناك دولة أخرى يحكمها ملك مسلم في ذلك الوقت ... هذا أمر عجيب!. ومثبت في الكتب الصحيحة. وبعد ذلك، في الممارسات التاريخية بعد القرن الاول، لم يجتمع المسلمون في دولة واحدة. وما عاب أحد ذلك.

وأشار إلى أن العلماء أبقوا على شرط أن يجتمع المسلمون، لكنهم محّصوه حتى أصبح من الشروط الكمالية أو ما سماه إمام الحرمين "الغاية القصوى المثالية"، وهي أن يجتمع الناس على متبوع واحد، لكن إذا تعذر ذلك اتبع كل قطر متبوعه.

وأوضح أن هناك اناسا يقتلون أنفسهم وغيرهم اليوم، ويتجاوزون كل حدود الدين (النفس، العرض، الدين، المال، العقل) ، كل ذلك يتجاوزونه من أجل ذلك الوهم، نريد أن نبين ذلك باجتماعنا هذا في هذا الفضاء المبارك فضاء التسامح والسلام فضاء المحبة والوئام. وأرجو ان نوفق ونصل إلى نتائج إيجابية من منطلقات النقل والعقل والنصوص والمقاصد، والتنزيلات فيما نسميه بتحقيق المناط.

وتابع: لم نستثن أحدا من الدعوة لهذا المؤتمر، وزراء، مفكرون، علماء، فقهاء، فلاسفة، ليقولوا كلمتهم لمعالجة هذه الأمة ولنطلعهم كذلك على النموذج الإماراتي، نموذج الوحدة الاختياري غير القسري الذي أن يروج في هذا الزمان كنموذج وغيره من النماذج التي يجب ان نحتفي بها .. لا مجاملة ولكن اظهارا للخير كما نرجو استمرار تجربة دول الخليج لان هذا يحقق مقاصد الشريعة، الشريعة تحب الوحدة، وقد أظهرت التجارب ان الوحدة القسرية التي جاءت نتيجة الحروب في العالم الإسلامي انها لن تكون ناجحة.
وأشار الشيخ ابن بيه إلى خطورة اعتبار جميع المسلمين إرهابيين، نظراً لأن أغلبهم هم ضحايا للإرهاب، وهم في الوقت عينه يحاربون الإرهابيين. وكذلك لأن هذه التهمة تضعف الجهود المبذولة لمحارب الإرهاب. موضحاً أن الأهداف أو المبررات التي تدفع بعض الأفراد إلى قتل أنفسهم، ليست لها أسس تاريخية أو مبررات شرعية. معتبراً أن مقاصد الشريعة لا تهتم بالشكليات بل بالمضامين والمقاصد.
وقال الشيخ ابن بيه: "بدأنا هنا قبل ثلاث سنوات برعاية من سمو وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد، بدأنا نفكر بالوضع العالمي، فقمنا بمبادرات وتحركات ومحاولات لإنشاء تجانس وسلام وإنشاء تيار سلام، كيف ندعو لذلك؟. مذكراً بجهود المنتدى خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث جرى العمل على تأصيل فقه وقيم وثقافة السلام في المنتدى الأول؛ لأن فقه السلام يستبعد فقه الخصام.. ثقافة السلام تستبعد ثقافة الحروب والصراع. حاولنا تقديم المضادات الحيوية، المضادات الفكرية لمعالجة هذه الأفكار باعتبارها تمثل أمراضاً. وأقول لبعض القيادات السياسية العسكرية، أنتم تعالجون أعراضا ونحن نعالج أمراضاً، كل الحروب تنشأ في القلوب، ولا بُدَّ من بناء حصون السلام في القلوب، فالأمراض بدأت في القلوب، وبدأت من النظريات أوالمفاهيم المغلوطة.
وأضاف: لقد عالجنا مفهوم الجهاد، مفهوم المماطلة، وأخيرا في مؤتمر مراكش مفهوم المواطنة المتساوية لكل سكان هذه البلاد المشرقية، سواء كانوا مسلمين، مسيحيين، أم ينتمون إلى ديانات أخرى، أصَّلنا لذلك من صحيفة المدينة، التي تمثل أساساً لمواطنة، فيها الحقوق والواجبات متبادلة، فاجتمع العلماء وأصَّلوا لهذه المبادئ، قدموا حججاً واضحة مبنية على نصوص الكتاب والسنة والقيم الإسلامية التي لا يمكن أن تنسخ، فالنصوص الجزئية يمكن أن تُنسخ، ولكن القيم لا تنسخ.. قيم السلام والوئام، قيمة العدل، قيمة الأخوة البشرية.. هذه قيم لا يمكن أن تنسخ، فدعوى النسخ لا تتناول القيم وإنما تتناول الجزئيات. ذلك لأن السياقات التاريخية هي التي ينبغي أن ننظر إليها ونحن نؤصل من خلال البحث فيها، من خلال جمع الأحكام، من خلال دراسة متأنية لمقاصد الشريعة ، فالقيم، كقيم الرحمة، وقيم العدل، وقيم المصلحة، هي قيم حاكمة. وإذا ما نسب إلى الإسلام شئ يخالف هذه القيم فانه ليس صحيحاً كما قال ابن القيم.
بدوره قال محمد عبدالكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي إن العالم شهد في السنوات الماضية أحداثاً وتغيّرات مؤلمة، أفرزت مشاهد وتطورات في المواقف والعلاقات بين الدول، وشكلت الأعوام الخمسة الماضية ذروة هذه الأحداث، عربياً وإسلامياً، إذ تضاعفت وتيرة الآلام والمعاناة نتيجة الظروف التي مرت بها بعض الدول العربية. مثمّناً عالياً دور منتدى تعزيز السلم؛ باعتباره يندرج ضمن المبادرات الرائدة للعلاج والأخذ باليد، فما يقدمه من خطوات للإصلاح والتغيير، يمثل رسالة تحتاج إليها الأمة قاطبة، لإخراجها من النفق المظلم الذي دخلته نتيجة الصراعات الفكرية والعقائدية، حيث فتح فضاءً واسعاً للعلماء والمفكرين للمساهمة في إعادة الاعتبار إلى المنهج الصحيح.
وأضاف العيسى أن الدولة الوطنية هي الصيغة الواقعية للكيانات السياسية في العصر الحاضر، وهو ما أدخل العلاقات الدولية في عهد آخر تحكمه العهود والصكوك والمواثيق، والعالم الإسلامي هو جزء من العالم الإنساني، يتأثر بمؤثراته، ويتفاعل مع أحداثه وتطوراته، ولاي يمكن أن ينعزل عنه.
إلى ذلك رفع الدكتور محمد مطر الكعبي، أسمى آيات الشكر والامتنان إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة، وإلى أصحاب السمو حكام الإمارات، وإلى سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، راعي المنتدى على الرعاية الكريمة والدعم الكبير للمنتدى وإنجاح مبادراته الدولية.
وتقدم معاليه بالشكر والتقدير إلى العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس المنتدى، على جهوده وسعيه الدائم إلى نشر ثقافة السلم، منوهاً بالنتائج التي أثمرتها هذه الجهود محلياً وعالمياً من أرض زايد الخير.. أرض الإمارات التي ترحب بالمفكرين والمبدعين.
وأضاف الدكتور محمد مطر الكعبي: "أنتم مدعوون خلال أيام الملتقى لمناقشة موضوع الدولة الوطنية ضمن مجموعة من المحاور، تتنوع بين ما يتحدث عن تجربة الدولة في التاريخ الإسلامي، وعن موقع الدولة في نصوص الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وفي اجتهادات علماء المسلمين الذين تحدثوا عن مفهوم إسلامية الدولة، ومفهوم الدولة الوطنية في السياق المعاصر، وسيادة الدولة في سياق العولمة، وأهمية ضبط هذا المفهوم في تعزيز السلم بالمجتمعات المسلمة، وكذلك الحديث عن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز السلم ونشر ثقافة التسامح وتقديم صورة مثلى للمجتمع المتعدد في مكوناته الدينية والعرقية والثقافية والتي تعيش في وئام وسلام".
وخلال كلمته في الجلسة الافتتاحية، أشاد الدكتور محمد مختار جمعة، بالدور الحيوي الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة لخدمة الدين الإسلامي والإنسانية، مشيراً إلى الجهود المباركة التي يقوم بها منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، مؤهلة للانطلاق بشكل أوسع لتعزيز السلم على مستوى العالم.
وقال: "نحن بحاجة إلى إعادة قراءة لتراثنا الفكري قراءة واعية، يقوم بها أهل العلم والاختصاص لحل إشكاليات الحاضر، وخاصة معضلات المواطنة، وتأصيل فقه العيش الإنساني المشترك، بما يتطلبه من تمكين غير المسلمين من أداء عباداتهم وحماية ممتلكاتهم، فأمن المواطنين لا يحتمل التقسيم أو المماطلة".
من ناحيته، طالب عمار ميرغني حسين، بضرورة إظهار الصورة الحقيقية للإسلام، باعتباره دين السلم والسلام، والأمن والأمان، والمحبة والإخاء، مضيفاً أن المواطنة والإنسانية هما القاسمان اللذان يجمعان البشر على اختلاف مشاربهم وأديانهم.
وأكد أحمد ولد أهل داود أن الدولة الحديثة تقوم على عقد المواطنة، وأن النظر دائماً يكون إلى المقاصد والمسميات، فما يتم تقييمه هو ما تحققه الدولة من إنجازات يطمح إليها المواطنون. أما الدكتور عبداللطيف هميم، فقال إن الخلافة ليست قضية مقدسة، وإنما هي شكل من أشكال الإدارة المنبق من العقد الاجتماعي قبل ظهور نظرية روسو.
الورقة التأطيرية
وفي مستهل الجلسة الأولى التي تلت الافتتاح عرض الشيخ عبدالله بن بيه ورقة تأطيرية تتضمنت المحاور الرئيسية في بحث، موضوع "الدولة الوطنية في المجتمعات المسلمة". متناولاً علاقة الدولة بالدين، والرؤية الغربية لهذه العلاقة، ومن ثم مناقشة إسلامية الدولة من خلال ثلاث قضايا، تعلقت الأولى بالإحالة المتبادلة بين ما هو ديني وما هو دنيوي، وتعلقت الثانية بسؤال هل الخلافة تعبدية أم مصلحية؟، والثالثة في إطار شرعي للقضيتين الأوليين، ولزاوية النظر الى قضية الدولة الوطنية، وهو ما يتحقق بمركزية المصلحة في تدبير الشأن العام.
وقال معاليه: "نجتمع لنؤكد أهمية السلم في هذه الحقبة، التي تتميز بوضع عالمي غير مسبوق يشهده العالم عموماً، والعالم الإسلامي خصوصاً، والعربي بشكل أخص، فالوضع الذي كان قائماً في الملتقى الأول والثاني، لا ينفك يتفاقم، بل اشتد أوار النزاعات، واستفحلت الخصومات، وصار القتل والقتال عملة وسلعة رائجة، فلا تسمع إلا مذبحة هنا، ومجزرة هناك، وانفجاراً في المشرق وآخر في الغرب، تذهب ضحيته الأرواح البريئة التي لم تجن جناية، ولم ترتكب جرماً. وتحقق معنى النبوءة : "لا يدري القاتل فيم قَتَلْ، ولا المقتول فيم قُتِلْ".
وأضاف: "إن الواقع الذي نتعامل معه اليوم في العالم الإسلامي واقع مضطرب ومتجاذب بين ماضٍ في المجد والضد، وحاضر فيه الطموح والقلق، ومستقبل يلفّه الغموض والتوجس، ولا يلوح في أفقه رجاء ولا أمل. إلا أنه "لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون".
وقال: "لقد رأى مجلس الأمناء بسبب الأوضاع التي شهدتها المنطقة أن يكون مؤتمر المنتدى الثالث في مواجهة مفهوم لا يقل خطورة عن سابقيه من المفاهيم التي تعاملنا معها في ملتقياتنا السابقة والتي احتجنا في ما سبق إلى مراجعتها وضبطها على ضوء المتغيرات الواقعة في الزمان والمكان والإنسان، هذا المفهوم هو مفهوم الدولة والدولة الوطنية الذي نعتبره من المفاهيم المفجرة التي يجب تفكيكها وإعادة تركيبها، لأن البعض يتذرع به لتحقيق غايات يضفي عليها الشرعية من خلال نصوص مجتزأة من سياقاتها، ومن خلال إهمال فج لأدنى قواعد منهج الأحكام والمفاهيم التي أصل لها علماء المسلمين عبر الأزمنة المتوالية".
وأردف: "نحتاج اليوم إلى نظر كلي يلاحظ الواقع المستجد لتركيب الدليل مع تفاصيله وترتيب الأحكام على مقتضياتها، إن صنع الأداة التي هي هنا القاعدة أو المفهوم الكلي، هو أهم وسيلة لإنتاج فكر أو حكم في قضايا الواقع وفروع الشرع والقانون وتفاريع الحياة وشعابها، ولهذا فإن بؤرة التجديد ومنبت أرومته إنما تكون في صنع هذه المفاهيم صياغة مستقلة مبتكرة، أو مراجعة المفاهيم المعتمدة في المجالات المستهدفة وما يتولد عنه من الأحكام لتهذيبها وتشذيبها وعرضها من جديد على أصولها من جهة وعلى النتائج من جهة أخرى، مما قد يؤدي إلى تحويرها أو تغييرها أو تطويرها أو تعديلها وتبديلها، إن جل القضايا التي يتعامل معها الفقيه هي نوع من المجملات".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.