سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الأحد 20-7-2025    سعر الريال القطرى اليوم الأحد 20 -7-2025.. آخر تحديث    الأونروا ترفض مقترح "المدينة الإنسانية".. وتؤكد: تنتهك القانون الدولى    وثيقة مسربة تُظهر فشل عمليات منع المهاجرين من الوصول إلى بريطانيا رغم الجهود    إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 قبل نهاية يوليو الجارى    إصابة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارة ميكروباص مع تاكسى بالفيوم    جامعة القاهرة تحتضن فعاليات النسخة الرابعة من ملتقى شباب المعرفة    ريهام إبراهيم تقدم حفل افتتاح الدورة ال18 من المهرجان القومي للمسرح المصري    «المالية» تُخصص 5 مليارات جنيه لجهاز تنمية المشروعات    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    مركز المعلومات بمجلس الوزراء : مصر أصبحت سوقًا أكثر جاذبية لتجميع السيارات    ضبط شخصين تعديا بالسب على قائد سيارة بمدينة نصر بسبب أولوية المرور    إجراءات صارمة لضبط حملات الدعاية فى انتخابات الشيوخ    وداعا "للأمير النائم".. 20 عاما من الغيبوبة تنتهي بقصة خالدة في الصبر والإيمان    الإعصار «ويفا» يضرب هونج كونج برياح شديدة وأمطار غزيرة    مصادر: تحليق لطائرات حربية يعتقد أنها إسرائيلية في سماء السويداء    أحمد رفاعي مدافع الزمالك ينضم لغزل المحلة    سانشو يقترب من العودة.. يوفنتوس يحسم اتفاقه مع مانشستر يونايتد    مدرب الزمالك السابق بعد ظهور فتوح مع إمام عاشور: «اتفق معاك على 2 مليون؟»    محمد حمدي يعلق على فترة تواجده بالزمالك واعتزال شيكابالا وانتقال زيزو للأهلي    بسبب طول الموسم الماضي.. الريال قد يجدد طلبه بتأجيل جولته الأولى بالدوري    الجبهة الوطنية يكثف نشاطه وجولاته الإنتخابية لدعم مرشحه بالبحيرة    قيادي بالمؤتمر: بيان الداخلية يكشف الوجه القبيح للإرهاب الإخوانى.. ويقظة الأمن أفشلت مخططتهم لاستهداف الوطن    وزير الدفاع والإنتاج الحربى يلتقى وزير الدفاع الإندونيسى    لا علاج ولا تعليم ولا مساعدات مادية…قوانين ذوى الاحتياجات الخاصة «حبر على ورق» فى زمن الانقلاب    مفتى الديار: الصحفى المتخصص هو خط الدفاع الأول فى معركة الوعى    طريقة عمل الحواوشي في البيت، غداء سريع التحضير وموفر    انطلاق فعاليات حملة «100 يوم صحة» بالإسكندرية    احذر هذه الأخطاء ال 8 عند تناول بذور الشيا.. فوائدها قد تنقلب ضدك    شيحة: لدينا هيئة وطنية مستقلة تشرف على الانتخابات وتحقق نوعا من التوازن    السجن المشدد 6 سنوات لعاطل سرق طفلاً بالإكراه فى سوهاج    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    نيويورك تايمز: روسيا حققت مكاسب كبيرة على الأرض فى أوكرانيا خلال يونيو    قناة "مصر قرآن كريم" تحيى ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا    قبل طرحه.. تفاصيل 10 أغنيات تقدمها آمال ماهر في ألبوم «حاجة غير»    بايرن ميونخ يقترب من حسم صفقة لويس دياز مقابل 75 مليون يورو    «الغندور» يكشف موعد الإعلان عن صفقة الزمالك الجديدة    محافظ سوهاج: توريد أكثر من 183 ألف طن قمح حتى الآن    رحلة الرزق انتهت.. حوض المرح ابتلع الشقيقات سندس وساندي ونورسين بالبحيرة    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    غلق 143 محلًا لمخالفة قرار ترشيد استهلاك الكهرباء    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    شوبير: رحيل وسام أبو علي يقترب.. وبديله في الطريق ل الأهلي    وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني تحصل على الاعتماد الدولي    الثلاثاء.. مناقشة "نقوش على جدار قلب متعب" لمحمد جاد هزاع بنقابة الصحفيين    «الداخلية»: ضبط 293 قضية مخدرات وتنفيذ 72 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    «بين الخصوصية والسلام الداخلي»: 3 أبراج تهرب من العالم الرقمي (هل برجك من بينهم؟)    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    الابن وأمه في جنازة واحدة.. "خليل" يودع الحياة بعد والدته بساعات في بني سويف    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غادة السمان وركن أمي الأخضر
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 12 - 2016


أميرة سيد مكاوي
كنت طفلة صغيرة، ألهو بالكتب التي تملأ مكتبة والدتي، التي طالما حرصت أن تكسوها بأغلفة من الجلد الأحمر القاني ممهورة باسم الكاتب وعنوان الكتاب باللون الذهبي، أقوم بدور المعلمة التي تصحح الأوراق كما كانت تفعل معلمتي في المدرسة، تتركني أمي أعبث وأكتب علامة صح في ذيل الصفحة وأضع إمضائي عليها. أدركت بعد أن خطوت في رحلة العمر خطوات ثقيلة، أنني كنت أعبث بأغلى ما لديها، لكنها تركتني بحكمة حانية ألهو بالكتب كي أصادقها، وانتزعت من طفولتي هذا التابو القابع في عقلية معظم الأطفال، أن الكتب لا يقرأها إلا الكبار، وأنها جواهر تزيّن المكتبة لا يجب على طفلة مثلي أن تقربها، وإلا طالها من العقاب ما لا يتمناه طفل في عمر الخامسة.
أعود إلى بيت أمي وأتفحص مجلّد الشوقيات المشوهة صفحاته بإمضائي الطفل، وأتذكر وأنا أطالع عناوين الكتب على الأرفف أنني كنت أعتقد أن غادة السمان ما هي إلا اسم رواية احتفظت أمي بالعديد من نسخها، عقلي الصغير لم يقبل أن يكون غادة السمان اسما لإنسان، إنها رواية بالتأكيد، وهذا ما اكتشفته بعد أن قراءتها، فكيف يمكن لتلك العاشقة في محبرة ألا تكون رواية جميلة أنتجتها دمشق وأشجار الياسمين؟ حاولت مرارا أن أقرأ الشوقيات التي كانت تحتل مكانا واضحا في مكتبتنا العامرة، ولم يستطع عقلي أن يفهم ما يقوله الكبير أحمد شوقي وأنا بين الثالثة عشرة والرابعة عشرة أترنح، ولكنني أدركت أن ترتيب مجلدات الشعراء في المكتبة له دلالة ما على ما يفضّله كبار المنزل من الشعر، فكانت الشوقيات وأبو نواس والمتنبي وأبو فراس الحمداني يسبقون أعمال نزار الكاملة ودرويش وأدونيس، ويقتربون من فؤاد حداد وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم ونجيب سرور وأمل دنقل. هناك في الزاوية، ركن خاص تتلون فيه المجلدات بلون مخالف، تكتسي باللون الأخضر دلالة على تمييزها ربما أو اختلافها عن رفقائها القابعين بلونهم الأحمر القاني، معلنين تفوقهم وسيادتهم لمكتبتنا الكبيرة. في ذلك الركن الأخضر وجدت غادة السمان وعلوية صبح وفاطمة المرنيسي، ومي زيادة ونازك الملائكة ونعمات أحمد فؤاد ورضوى عاشور ولطيفة الزيات وعائشة عبدالرحمن.
وحينما اشتد عودي بدأت أسمع أن هذا الركن الأخضر في مكتبة أمي، هو ما يطلقون عليه الأدب النسائي، ولا أعلم إلى الآن ما سر هذه التسمية العنصرية التي تعتبر أن انخراط المرأة في مجال ما، يستحق أن يدوّن باسمها وكأنه شذ عن الطبيعي، وما الغريب فيما تقدمه تلك النساء حتى يستحق أن يعنون بأنه خاص بهن، رغم أنه يقدم لقارئ إنسان لا يستوجب ذكورة أو أنوثة في تلقيه! وقعت في أسر العالم الذي قدمته والدتي باللون الأخضر، وفهمت إشارتها الذكية في اختيار اللون بعدما قرأت ما بين طيات الكتب، وعلمت أن ما تكتبه هؤلاء الفراشات السابحات في فضاء الأدب والشعر والبحث، يستحق أن يرمز له بالحياة والبقاء والصفاء ، جميعهن على اختلافهن يكتبن من أرواحهن عن مآسيهن من قضاياهم التي يؤمن بها، يمتلكن اللغة ولا يتبارين في استعراض ذلك، بل يقدمن ما يمليه عليهن الجمال والحس والوضوح.
مدينة أنا لما يطلقون عليه الأدب النسائي، وأحبّذه أنا إنسانيا بلا صبغة لهؤلاء العابرات إلى القلوب والأرواح، الملازمات لأوطانهن والمغتربات عنه قسرا، وهن يحملنه تحت جلودهن، المخترقات متاهات الحياة وعثراتها برقة الفراشات ونعومة الحرير وصلابة الفولاذ ، مدينة أنا إلى كل من كتبت حرفًا استلهمت فيه من روحها ما جعل من ألفاظ عقلها نسائم طيبة في ردهات الأدب و ما زلت الطفلة الصغيرة التي بداخلي تؤمن أن غادة السمان رواية وأنه ليس اسمها أبدًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.