وزير الكهرباء يشهد تحريك وعاء ضغط المفاعل الأول لمحطة الضبعة النووية من روسيا إلى مصر    السيسي يصدر 7 قرارات جمهورية، تفاصيل إنشاء جامعة شرق العاصمة بالهايكستب    التضامن تنفذ برنامجًا تدريبيًا حول دعم الأطفال والأسر في حالة وجود نزاعات قانونية    وزير التعليم العالي يبحث مع نظيره السوداني تعزيز سبل التعاون المشترك (تفاصيل)    محافظ الفيوم يكرم 3 طالبات أزهريات بمسابقات القراءة والإبداع    وزير الكهرباء يغادر إلى روسيا للمشاركة في «الأسبوع الذري العالمي»    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025 فى البنوك الرئيسية    الطماطم ب15 جنيها والبطاطس 7.5 جنيه.. قائمة أسعار الخضراوات بالأقصر اليوم    "البيئة" توجه بسرعة التنسيق لبحث الحلول لمشكلات أهالى وادى مجيرح بمدينة دهب    إضافة المواليد وتحديث بطاقات التموين.. خطوات أساسية لاستمرار صرف الدعم    نسأل الحكومة السؤال الأهم:    الخطيب: تعزيز تنافسية الاقتصاد المصري يساعد في جذب المزيد من الاستثمارات    تفاصيل اجتماع ترامب مع قادة دول عربية وإسلامية فى نيويورك.. فيديو    روبيو يؤكد التزام إدارة ترامب بإنهاء حرب أوكرانيا ويحذر من نفاد صبر واشنطن تجاه موسكو    كوريا الجنوبية: نعتزم الاعتراف بفلسطين عندما يساعد ذلك فى تحقيق حل الدولتين    وزير الخارجية يبحث مع نظيره القبرصي تعزيز التعاون بمجالات التعليم والاتصالات    فرق ميناء القاهرة الجوي تحصد ميداليتين ببطولة الجمهورية للشركات    الزمالك ضد الجونة.. فيريرا يعالج أخطاء الفريق قبل القمة    دي يونج يمدد إقامته في كامب نو حتى 2029 براتب مخفّض    هشام حنفي: القمة فرصة ذهبية لعودة الأهلي.. والزمالك مطالب بتحسين الأداء    أسماء مصابى حادث تصادم سيارتين مينى باص وجامبو على الطريق الإقليمى بالقليوبية    الداخلية تضبط 29 طن دقيق فى حملات على المخابز    الداخلية تنفذ 85 ألف حكم وتضبط تشكيلات وبلطجية ومخدرات    إصابة 9 أشخاص إثر حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالقليوبية    «الداخلية»: القبض على سيدة أجنبية تدير شقتها للأعمال المنافية للآداب في المعادي    قرار عاجل من النيابة بشأن مدير مدرسة متهم بالتعرض لطالبة داخل مصلى بالقليوبية    عمرو الليثي: "أصعب ضربة لما تجيلك من القريب"    تعرف على حبيب كلوديا كاردينالى بعد رحليها    بيحبوا الجو الدافي.. 3 أبراج تفضل الخريف بطبعها    الصحة تطلق الحملة القومية للتبرع بالدم تحت شعار «تبرعك حياة» لدعم مرضى أورام الدم    فحص دم يتنبأ بالنوبات القلبية قبل سنوات: ليس الكوليسترول بل بروتين CRP    كيف قضت اللقاحات على أمراض مميتة عبر العصور؟    8 نصائح فعالة لزيادة التركيز (تعرف عليها)    "الصحة" تطلق ورشة تدريبية لتطوير مهارات موظفى المجالس الطبية    ضبط ورشة لغش بطاريات سيارات بالإسكندرية تستخدم علامات شهيره    أسعار الماكولات البحرية اليوم الاربعاء 24-9-2025 في الدقهلية    محمود ياسين جونيور: لا افكر في الإخراج حاليا| خاص    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 24-9-2025 في محافظة قنا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. تنظيم 217 ندوة بمساجد شمال سيناء    الإعصار راجاسا يضرب هونج كونج وجنوب الصين بأمطار غزيرة ورياح مدمرة    وزيرا العمل والتضامن يبحثان أزمة "نايل لينين" للنسيج بالإسكندرية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    وفد السنغال يلتقي وكيل الأزهر لمناقشة تدريب الأئمة والوعاظ في مصر    محادثات أوروبية إيرانية في نيويورك لتفادي العقوبات النووية    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24 سبتمبر والقنوات الناقلة    حسين فهمي: القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في مهرجان القاهرة    ماكرون يلتقي رئيس إيران لبحث استئناف عقوبات الأمم المتحدة.. اليوم    هاني رمزي: الموهبة وحدها لا تكفي وحدها.. والانضباط يصنع نجمًا عالميًا    «أوقاف أسوان» تكرم 114 من حفظة القرآن فى ختام الأنشطة الصيفية    نقابة المهن التمثيلية تنعي مرفت زعزع: فقدنا أيقونة استعراضات مسرحية    «احمديات»: لماذا ! يريدون تدميرها    الرئيس اللبناني يبحث التطورات مع قادة قبرص وإسبانيا وهولندا    قرارات جديدة من وزارة التربية والتعليم بشأن الصف الأول الثانوي 2025-2026 في أول أسبوع دراسة    مسلم يفجر أسرار عائلته: «من 15 سنة سبت البيت والجيران كانوا بيسمعوا عياطي»    «وريهم العين الحمرا.. واللي مش عاجبه يمشي».. رسالة خاصة من إبراهيم سعيد ل وليد صلاح الدين    بدون صلاح.. إيزاك يقود ليفربول للتأهل في كأس الرابطة الإنجليزية    4 نساء أبراج «مسيطرة في العلاقات العاطفية».. يتعاملن مع الحب كمعركة ويعشقن المغامرات    أمين الفتوى يوضح كيفية الصلاة على متن الطائرة ووسائل المواصلات.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غادة السمان وركن أمي الأخضر
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 12 - 2016


أميرة سيد مكاوي
كنت طفلة صغيرة، ألهو بالكتب التي تملأ مكتبة والدتي، التي طالما حرصت أن تكسوها بأغلفة من الجلد الأحمر القاني ممهورة باسم الكاتب وعنوان الكتاب باللون الذهبي، أقوم بدور المعلمة التي تصحح الأوراق كما كانت تفعل معلمتي في المدرسة، تتركني أمي أعبث وأكتب علامة صح في ذيل الصفحة وأضع إمضائي عليها. أدركت بعد أن خطوت في رحلة العمر خطوات ثقيلة، أنني كنت أعبث بأغلى ما لديها، لكنها تركتني بحكمة حانية ألهو بالكتب كي أصادقها، وانتزعت من طفولتي هذا التابو القابع في عقلية معظم الأطفال، أن الكتب لا يقرأها إلا الكبار، وأنها جواهر تزيّن المكتبة لا يجب على طفلة مثلي أن تقربها، وإلا طالها من العقاب ما لا يتمناه طفل في عمر الخامسة.
أعود إلى بيت أمي وأتفحص مجلّد الشوقيات المشوهة صفحاته بإمضائي الطفل، وأتذكر وأنا أطالع عناوين الكتب على الأرفف أنني كنت أعتقد أن غادة السمان ما هي إلا اسم رواية احتفظت أمي بالعديد من نسخها، عقلي الصغير لم يقبل أن يكون غادة السمان اسما لإنسان، إنها رواية بالتأكيد، وهذا ما اكتشفته بعد أن قراءتها، فكيف يمكن لتلك العاشقة في محبرة ألا تكون رواية جميلة أنتجتها دمشق وأشجار الياسمين؟ حاولت مرارا أن أقرأ الشوقيات التي كانت تحتل مكانا واضحا في مكتبتنا العامرة، ولم يستطع عقلي أن يفهم ما يقوله الكبير أحمد شوقي وأنا بين الثالثة عشرة والرابعة عشرة أترنح، ولكنني أدركت أن ترتيب مجلدات الشعراء في المكتبة له دلالة ما على ما يفضّله كبار المنزل من الشعر، فكانت الشوقيات وأبو نواس والمتنبي وأبو فراس الحمداني يسبقون أعمال نزار الكاملة ودرويش وأدونيس، ويقتربون من فؤاد حداد وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم ونجيب سرور وأمل دنقل. هناك في الزاوية، ركن خاص تتلون فيه المجلدات بلون مخالف، تكتسي باللون الأخضر دلالة على تمييزها ربما أو اختلافها عن رفقائها القابعين بلونهم الأحمر القاني، معلنين تفوقهم وسيادتهم لمكتبتنا الكبيرة. في ذلك الركن الأخضر وجدت غادة السمان وعلوية صبح وفاطمة المرنيسي، ومي زيادة ونازك الملائكة ونعمات أحمد فؤاد ورضوى عاشور ولطيفة الزيات وعائشة عبدالرحمن.
وحينما اشتد عودي بدأت أسمع أن هذا الركن الأخضر في مكتبة أمي، هو ما يطلقون عليه الأدب النسائي، ولا أعلم إلى الآن ما سر هذه التسمية العنصرية التي تعتبر أن انخراط المرأة في مجال ما، يستحق أن يدوّن باسمها وكأنه شذ عن الطبيعي، وما الغريب فيما تقدمه تلك النساء حتى يستحق أن يعنون بأنه خاص بهن، رغم أنه يقدم لقارئ إنسان لا يستوجب ذكورة أو أنوثة في تلقيه! وقعت في أسر العالم الذي قدمته والدتي باللون الأخضر، وفهمت إشارتها الذكية في اختيار اللون بعدما قرأت ما بين طيات الكتب، وعلمت أن ما تكتبه هؤلاء الفراشات السابحات في فضاء الأدب والشعر والبحث، يستحق أن يرمز له بالحياة والبقاء والصفاء ، جميعهن على اختلافهن يكتبن من أرواحهن عن مآسيهن من قضاياهم التي يؤمن بها، يمتلكن اللغة ولا يتبارين في استعراض ذلك، بل يقدمن ما يمليه عليهن الجمال والحس والوضوح.
مدينة أنا لما يطلقون عليه الأدب النسائي، وأحبّذه أنا إنسانيا بلا صبغة لهؤلاء العابرات إلى القلوب والأرواح، الملازمات لأوطانهن والمغتربات عنه قسرا، وهن يحملنه تحت جلودهن، المخترقات متاهات الحياة وعثراتها برقة الفراشات ونعومة الحرير وصلابة الفولاذ ، مدينة أنا إلى كل من كتبت حرفًا استلهمت فيه من روحها ما جعل من ألفاظ عقلها نسائم طيبة في ردهات الأدب و ما زلت الطفلة الصغيرة التي بداخلي تؤمن أن غادة السمان رواية وأنه ليس اسمها أبدًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.