هل ستطبق غرامات على عدم التصويت في الانتخابات؟ الهيئة الوطنية تجيب    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    الوطنية للانتخابات: لجان رصد الدعاية هدفها نزاهة العملية الانتخابية وتكافؤ الفرص    العقارات يتصدر قطاعات الأسهم المقيدة الرئيسية بقيم التداول بتعاملات منتصف الأسبوع    أخبار الاقتصاد اليوم.. قفزة فى أسعار زيت عباد الشمس وتباين الذرة.. ارتفاع معدل التضخم السنوي في إسرائيل إلى 3.3% خلال يونيو    اللقطات الأخيرة باستعراض الرجل الطائر قبل وف*اته بالغردقة    وكيل زراعة سوهاج: انطلاق الحملة الاستكشافية لمكافحة دودة الحشد بزراعات الذرة الشامية    أكسيوس: أمريكا وحلفاؤها تعهدوا بفرض عقوبات صارمة على إيران حال عدم التوصل لاتفاق نووي نهاية أغسطس    الدنمارك وهولندا تبديان استعدادهما للمشاركة في خطة ترامب لتسليح أوكرانيا    70 شهيدا فلسطينيا منذ الفجر بنيران وغارات الاحتلال الإسرائيلي على غزة    بلحاج: تجربة الزمالك كانت صعبة لسببين.. وتساءلت كيف فرط الأهلي في قندوسي    بعد أنباء تأجيله.. مصدر من الاتحاد العربي ل في الجول: فيفا والاتحاد القطري المسؤولان عن تنظيم البطولة    البنك الأهلى يهزم نجمة سيناء بسداسية وديا فى فترة الإعداد    الحنفى يكشف سبب اعتزاله التحكيم ووجهته المقبلة    الزمالك يرد على إمكانية التقدم بعرض لضم أحمد عبد القادر من الأهلي    في الدورة 77 للجائزة.. قائمة المسلسلات الأكثر حصولا على ترشيحات "الإيمي" 2025 (إنفوجراف)    حالة الطقس اليوم الأربعاء، ارتفاع جديد في درجات الحرارة وشبورة كثيفة    ماتوا على طريقة "فتيات العنب"، جنازة مهيبة ل 3 شباب ضحايا لقمة العيش بالشرقية (صور)    أحمد مكي مفاجاة فيلم "الشاطر" وحدث مثير في نهاية العمل يفتح الباب لجزء ثان    تلازم العمارة والحلي، ندوة على هامش معرض الكتاب بمكتبة الإسكندرية    مسرحيات وأنشطة تفاعلية للأطفال في جناح الأزهر بمعرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة خالد خليفة للرواية في دورتها الأولى    طريقة عمل السينابون زي الجاهز لتحلية مسائية مميزة    لعدم مطابقة المواصفات،هيئة الدواء تسحب تشغيلات ل "سانسوايميون شراب" من الصيدليات    الزمالك يتدرب على فترتين غدًا في معسكر العاصمة الإدارية    رابع الصفقات.. الأهلي يضم ميرسي أتوبرا لتدعيم هجوم فريق السيدات    الرئيس الإماراتي يبدأ اليوم زيارة لتركيا لبحث التعاون الثنائي والقضايا محل الاهتمام المشترك    السفير مهند العكلوك: "مؤسسة غزة الإنسانية" أداة حرب وإبادة جماعية وليست جهة إغاثة    السفير مهند العكلوك: نثق بأن مصر قيادة وشعبًا بمثابة حائط صد ضد تهجير سكان غزة    مقتل شاب على يد والد زوجته وأشقائها بشبرا الخيمة    أسيوط: مصرع وإصابة 24 شخصا في حادث مروع بموكب زفاف على طريق محور ديروط    ميرنا كرم تحتفل بتخرجها بامتياز بمشروع عن روحانية القداس المسيحي    "مياه بني سويف" تنفذ 300 وصلة ضمن المرحلة الأولى لبروتوكول التعاون مع اليونيسف    ورشة عمل بدمياط لمراجعة منظومات المياه والصرف لتحقيق الاستدامة    العكلوك: إسرائيل قتلت 60 ألف فلسطيني وتبحث عن انتصار سياسي    قصور الثقافة تواصل برنامج "مصر جميلة" بورش تراثية وفنية بشمال سيناء    الأمم المتحدة: سوء التغذية تضاعف في غزة    سام مرسي يقترب من الانتقال إلى نادي الكويت    وزير العمل يستقبل وفدًا من الشركة الروسية العاملة في مشروع الضبعة    دموع حزبية على صندوق الانتخابات    للبيع بالمزاد العلني.. طرح أراضٍ سكنية غرب طريق الأوتوستراد -تفاصيل    بعد موافقة برلمان العصابة …مراكز حقوقية تحذر السيسي من التصديق على تعديلات قانون الإيجار القديم    وزير الري الأسبق: التعنت الإثيوبي بعد إنشاء سد النهضة جاء نتيجة التمويل الأمريكي    المركز القومي للسينما يعلن بدء التسجيل في ورشة التراث في السينما المصرية الروائية    الشيخ خالد الجندي: وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. أمين الفتوى يفجر مفاجأة    هل يصل ثواب ختم القرآن كاملًا للمتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    لا نزول بعد الغروب.. إخلاء الشواطئ يوميا الساعة 7 مساء لحماية أرواح المصطافين بالإسكندرية    سماع دوي انفجار داخل محطة وقود برمسيس.. ومصدر يكشف التفاصيل    هل القيء الصباحي علامة على جرثومة المعدة؟    بيت الزكاة والصدقات يقدم الدعم ل 5000 طفل بقرى محافظة الشرقية    «السرد والتراث الشعبي» في ندوة بمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    مستشفى سوهاج العام تحصل على المركز الثانى فى إجراء جراحات العظام    نتيجة الامتحان الإلكتروني لمسابقة معلم مساعد دراسات اجتماعية.. الرابط الرسمي    برج السرطان.. حظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو: احذر    اليوم نظر محاكمة عامل متهم بقتل زوجته فى الطالبية    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى مولده.. محمد نبي الرحمة
نشر في الأهرام العربي يوم 11 - 12 - 2016


عبد الرحيم رجب
عزيزي القارئ الكريم نحتفل اليوم بذكرى مولد النبي صلوات الله وسلامه عليه، المبعوث هدًى ورحمةً للعالمين، فإنّ الله تعالى أرسله ليُغيِّر مجرى التاريخ، ليُعِيد البشريَّة إلى رُشدِها، بعد أن غرقت في جاهليةٍ مُقحِلةٍ ظالمة، فمَنَّ الله تعالى على البشر بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى الصراط المستقيم، قال عز وجل: "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" التوبة: 33، فما كان مبعثه صلوات الله وسلامه عليه إلا رحمةً للناس وسببًا لإنقاذهم من الهلاك والاندثار كالأمم السابقة الغابرة مَن اهتموا بحضارتهم المادية ونسوا الجانب الرُّوحِي فآل بهم الحال إلى الهلاك والاندثار، فجاء رسولنا الكريم ففتح لنا سُبُلَ السعادة في الدنيا والآخرة؛ حين دعى الناس إلى الحياة الحقيقية تحت مظلة العبودية لله الواحد الأحد، فأكمل لنا الجانب الرًّوحِي؛ فكانت دعوته سببًا لرحمة البشرية جميعًا، قال عز وجل: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" الأنبياء: 107.
ولقد بذل النبي صلى الله عليه وسلم كل غالٍ وثمين في سبيل هداية الناس وذلك من شدة حرصه وخوفه عليهم فهو الرءوف الرحيم، قال تعالى: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" التوبة: 128، حتى أنه من شدة رحمته بالناس كاد يموت أسفًا وحزنًا على أعدائه من الكفار لعدم إيمانهم بهذه الرسالة، حتى خاطبه عز وجل قائلًا: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا" الكهف: 6.
ولقد كان صلوات الله وسلامه عليه كل همِّه دعوة النَّاس إلى مكارم الأخلاق، فكان يدعو لكلِّ خُلُقٍ صالحٍ حميد، ناهيًا عن كل خصلةٍ فاسدةٍ وخُلُقٍ ذميم، فقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن السبب الحقيقي لبعثته قائلًا: "إنما بُعثتُ لأتمم صالح الأخلاق"، ولقد كان صلوات الله وسلامه عليه خير قُدوَةٍ في جميع أقواله وأفعاله فبلغ درجةً من الكمال الخُلُقي لم يبلغها إنسان قبله ولن يبلغها إنسان بعده، حتى زكَّاهُ ربُّ العالمين، فقال: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ" القلم: 4.
وتذكر لنا كتب السيرة النبوية العديد من المواقف التي تُثبِت عُلوَّ أخلاقه ورفعتها، وشدة رحمته ورأفته بالناس، فمن ذلك أنّ أعرابيًّا جاء إليه وكان على النبي صلى الله عليه وسلم بُردٌ غليظ الحاشية، فجذبه الأعرابي بردائه جَبذًا شديدًا، حتى أثَّر حاشية البُرد في صَفحَة عُنُقِه، ثم قال: يا محمَّد، احملني على بعيرٍ من مال الله الذي بيدك؛ فإنّك لا تحملني من مالكَ ولا من مال أبيكَ!. فسكت النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقال: "المال مالُ الله، وأنا عبده"، ثم قال له: "لم فعلتَ بي ما فعلتَ؟!"، قال: لأنك لا تكافئ بالسَّيئة السَّيئةَ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر أن يُحمَل له على بعيرٍ شعيرٌ وعلى آخَر تمرٌ"، فبرغم إساءة الأعرابي له إلا أنّه أجزل له العطاء ولم يعاقبه على سوء قوله وفعله معه صلوات الله وسلامه عليه، وعندما قال له آخر: اعدِل يا محمد؛ فإنَّ هذه قسمةٌ ما أُريد بها وجهُ الله!. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ويلُكَ، إن لم أعدل أنا فمن يعدل؟ أيأمنني الله على خزائنه ولا تأمنوني؟!".
وبالرغم من إساءة قومه له إلَّا أنَّه كان رحيمًا بهم رءوفٌ عليهم صابرًا على سوء أفعالهم وأخلاقهم معه صلوات الله وسلامه عليه فها هو نبيُّنا الكريم تُكسَر رباعيَّته يوم أُحُدٍ ويشُجَّ وجهه؛ فيشقّ ذلك على أصحابه؛ فيقولون له: لو دَعوتُ الله عليهم! فيقول: "إني لم أُبعَث لعانًا، وإنَّما بُعثتُ رحمةً"، ثم يقول: "اللَّهم اهدِ قومي؛ فإنَّهم لا يعلمون!!"، فنرى هنا شِدَّة رحمته وحلمه بقومه برغم إيذائهم الشديد له إلّا أنّه لم يرد أن يدعو عليهم ثأرًا لنفسه منهم، بل يدعو لهم بالهداية.
ويصف لنا بعض أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه شدَّة حلمه ورحمته بالناس، فيقول: "ما رأيتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم منتصرًا من مظلمةٍ ظُلِمَها قطُّ، ما لم يكن حُرمَةً من محارم الله تَعالى، ولا ضرب بيده شيئًا قطُّ إلاَّ أن يُجاهِد في سبيل الله، وما ضرب خادمًا ولا امرأةً"، فقد كان صلى الله عليه وسلم أحلم النَّاس عند المقدرة وأصبرهم على الإيذاء.
وبرغم منزلته الرفيعة وعلوِّ مقامه عند ربِّه وعند الناس جميعًا، فانّه كان شديد التواضع بعيدًا كل البُعد عن الكِبر، وحسبُنَا من كل ما يُقال أنّ الله خيَّره أن يكون نبيًّا مَلِكًا أو نبيًّا عبدًا؛ فاختار أن يكون نبيًّا عبدًا!، ولقد نهى رسولنا الكريم أصحابه عن إطرائه، فقال: "لا تُطروني كما أَطرَتِ النَّصارى ابنَ مريم، إنَّما أنا عبدٌ؛ فقولوا: عبدُ الله ورسولُه"، وفي موقف آخر يرويه لنا أبو أُمامَة حينما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكِّئًا على عصا، فيقومون له؛ فيقول: "لا تقوموا كما تقوم الأعاجم، يعظِّمُ بعضُهم بعضًا"، وقال: "إنَّما أنا عبدٌ آكلُ كما يأكلُ العبدُ، وأجلِس كما يجلسُ العبدُ".
فكان صلوات الله وسلامه عليه في بيتِهِ في مهنةِ أهلِه؛ يَرقعُ ثَوبَهُ، ويَحلِبُ شاتَه، ويَخصِفُ نعله، ويَخدِمُ نفسَه، كما كان يركب الحِمَار، ويَعودُ المساكين، ويُجالس الفقراء، ويجيب دعوةَ العبيد، ويجلس بين أصحابه مختلطًا بهم لا فرق بينه وبينهم، هذا كلُّه وقد أتته الدنيا كلها إلَّا أنَّه كان متواضعًا زاهدًا فيها تاركًا لها طالبًا للآخرة.
ومن أجل ذلك كله جعل الله التأسِّي به صلى الله عليه وسلم عبادة يُتقرَّب بها إلى الله تعالى، وسبيلًا للجنَّة وطريقًا للنَّجَاة يوم القيامة، قال عز وجل: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" الأحزاب: 21، بل ولم يقف الأمر عند هذا الحدِّ وفقط بل جعل الله اتِّباع محمد صلى الله عليه وسلم علامة على حبِّ الله تعالى، وسببًا لمحبة الله للعباد ومغفرتِهِ لذنوبهم، قال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" آل عمران: 31.
فكانت دَعوتُه صلوات الله وسلامه عليه هي سرُّ حياةِ القُلُوبِ والأبدَان، والسَّببُ المُوصِّل إلى سعادة الدنيا والآخرة، فنسألك اللهم حُسنَ اتِّباعِه في القول والعمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.