وزير الشباب والرياضة يتراجع عن وعوده السابقة بتصريحات «النوم فى العسل»!
الدولة ترفع شعار «أنا أكذب.. لكنى أتجمل».. وتناقش الأزمة على طريقة السلحفاة.. وتلخصها فى «الألتراس».. وترفض كل الحلول
متى تعود الجماهير لمدرجات كل الملاعب؟ متى تعود الحياة.. وتطير الغربان من فوق البساط الأخضر بعد أن استوطنته ودمرته وقضت على الأخضر واليابس؟ سؤال بات طرحه سواء من قبل وسائل الإعلام أم من الجماهير ذاتها، أمرا مملا.. والأكثر مللا أن يتكرر ذلك السؤال بعد كل مباراة تقام إجباريا بحضور جماهيرى محدود مثل مباريات الأندية والمنتخبات الوطنية فى البطولات الإفريقية بفرمان من "الكاف" الاتحاد الإفريقى .. والحقيقة الصادمة التى تفجرها وتكشفها "الأهرام العربى"، وهى تعيد فتح هذا الملف الشائك، أن الدولة ذاتها متمثلة فى كل هيئاتها ومؤسساتها ترفض عودة الجماهير؟! نعم إنها الحقيقة العارية، التى تتكشف مع كل أزمة حتى لو كانت صغيرة، وبنظرة سريعة لتناقض تصريحات المسئولين، نجد أنهم يرفعون شعار «أنا أكذب لكنى أتجمل»، على سبيل المثال خرج علينا وزير الشباب والرياضة المهندس خالد عبد العزيز بعد أن تناول الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أحد خطاباته قضية روابط الجماهير المعروفة باسم « الألتراس»، ليؤكد أن تصريحات الرئيس هى ضوء أخضر لعودة الجماهير للمدرجات، مؤكدا قبل 3 أشهر أن بطولة الدورى العام، التى انطلقت بالفعل أخيرا، ستشهد عودة الحياة إلى المدرجات الصامتة منذ سنوات، وعندما حان موعد تنفيذ التصريحات والوعود، خرج علينا وزير الشباب والرياضة، هو هو بشحمه ولحمه، بتصريحات صادمة على طريقة فيلم «النوم فى العسل»، مؤكدا أن الأجواء والظروف التى تمر بها البلاد والأزمات لا تسمح بعودة الجماهير الآن.. برغم أن البلاد كانت تعانى من نفس الأزمات وقت أن خرج علينا بوعود عودة الجماهير. تناقض تصريحات وزير الشباب والرياضة ما هى إلا انعكاس حقيقى لرؤية وتعامل الدولة مع القضية، الدولة ما زالت تتعامل مع الأزمة بالمثل البلدى الدراجة «الباب اللى يجليك منه الريح.. سده واستريح».. واستغلت عددا من الأحداث، منها حادثة اقتحام ألتراس جمهور الأهلى لتدريب فريقها فى مقر النادى الأحمر بمدينة نصر، ذريعة للتراجع عن تنفيذ وعودها.. ولم يكلف أحد نفسه بعمل تجربة حقيقية وبعدها يكون الحكم والجواب نهائيا. السلحفاة .. والمربع صفر وتأكيدا أن الأزمة عادت إلى المربع صفر، نجد أن الدولة لم تناقش ولم تدرس قضية عودة الجماهير إلا بعد إطلاق صافرة انطلاق الدورى!! نعم شر البلية ما يضحك، فى الليلة التى سبقت انطلاق الدورى، استيقظت وزارة الشباب من سباتها العميق، وقامت من أجل تفادى اللوم والعتاب من الأحباب، بإرسال مذكرة إلى وزارتى الداخلية والشباب والرياضة واتحاد الكرة ورؤساء الأندية، بشأن ضرورة عودة الجماهير للملاعب. وحملت المذكرة عددا من المقترحات جميعها تنص على بدء العودة تدريجيا، وأن يقتصر الحضور على أصحاب المباراة واستخراج كارنيهات لجميع مشجعى الأندية، إلى جانب حصولهم على التذكرة، والقضاء على ظاهرة الثالثة يمين والثالثة شمال، وتوزيع الحضور على جميع الأماكن فى الاستاد وتنفيذ اشتراطات النيابة، كل ذلك فى ضوء تفعيل القانون بحزم, وتشديد عقوبة مثيرى الشغب.. تخيلوا يتم إرسال المذكرة قبل أقل من 24 ساعة فقط من انطلاق الدورى، والغريب أن كل المقترحات تم عرضها واستعراضها عشرات المرات من قبل، لكن الجديد هو إلقاء الكرة فى ملعب السلحفاة، ونقصد مجلس النواب. والغريب أن يتوهم البعض تحرك السلحفاة بسرعة، وأن يهتم مجلس النواب بتلك القضية الجماهيرية ويدرسها ويضع لها حلولا فى ساعات أو أيام قليلة، وهو نفس المجلس الذى رفض حتى فكرة مناقشة قانون الرياضة الجديد، ليدخل القانون «الثلاجة» بدرى بدرى، لتغرق الرياضة المصرية مجددا، ولفترة طويلة مقبلة فى دوامة الأزمات والمحاكم بفعل عدم وجود قانون يحكمها. والمضحك، أن نقرأ تصريحات لأحد نواب البرلمان، وهو فوزى فتى، أمين سر لجنة الشباب والرياضة بالبرلمان، بعد أن تفتق ذهنه، ليؤكد أن ضرورة عودة الجمهور للملاعب تحتاج إلى قرار جرئ، ولا بد من التنسيق بين كل من وزارتى الداخلية والشباب ورؤساء الأندية والروابط الرياضية، وكأن سيادة النائب لم يسمع من قبل عن عشرات الجلسات والاجتماعات، التى جمعت بين الجهات التى ذكرها دون الوصول إلى أى حل رسمى . أما زميله النائب سمير البطيخى، عضو لجنة الشباب والرياضة بالبرلمان، فقد خرج علينا مؤكدا أن لجنته الموقرة أوصت بضرورة توفير الاشتراطات التى نصت عليها النيابة، بعد التحقيقات فى حادثة ستاد بورسعيد, المتمثلة فى عمل فواصل بين المدرجات وتركيب كاميرات فى جميع الأماكن وتعلية الأسوار وتركيب بوابات إلكترونية، وذلك لمنع أعمال الشغب وسهولة وإلقاء القبض على مثيرى الشغب.. ولا يعلم سيادة النائب أن كل تلك التوصيات سبقت وأن صدرت رسميا من قبل نفس مجلسه، بل وتم الإعلان عن تنفيذ تلك التوصيات, وأن هناك عددا من الاستادات بات مؤهلا لاستضافة الجماهير بعد تنفيذ كل الاشتراطات الأمنية، وعلى رأسها ستاد القاهرة الذى ظل لسنوات مرتعا للغربان، قبل أن تعود له الحياة على استحياء باستضافة مباراة وادى دجلة والاتحاد، وهو الاستاد العملاق الذى كان يجب أن تعود إليه الحياة فى مناسبة كبيرة تليق بعودته للخدمة !! الشرقيةوالغربية والتنظيم حسب المزاج ونتوقف أمام أغرب تناقض ممكن أن ترصده، وكيف أن الدولة ليست لديها رؤية موحدة، مع انطلاق بطولة الدورى، كاد فريق الشرقية أن يضرب « كرسى فى الكلوب «، بعدما هدد بالانسحاب من البطولة على خلفية رفض مديرية الأمن استضافة مباريات الفريق العائد للدورى الممتاز بعد طول غياب، وكشف نادى الشرقية فى بيان رسمى كذب تصريحات مسئولى الأمن، وقال فى بيانه : « بعد صعود الفريق الأول لكرة القدم للدورى الممتاز، وذلك فى يوم 2016/4/21، الذى أقام هذا الاحتفال اللواء محافظ الشرقية بقاعة الاحتفالات بجامعة الزقازيق، أعلن الأستاذ الدكتور رئيس جامعة الزقازيق, أن فريق الشرقية سيخوض مباريات الدورى الممتاز على ستاد جامعة الزقازيق، وأن ذلك يسعد الجامعة وسيقوم بتجهيز وإعداد الملعب لاستقبال المباريات. وقامت لجنة مديرية أمن الشرقية بمعاينة ستاد جامعة الزقازيق، وذلك فى منتصف شهر أغسطس الماضى.. وتمت الموافقة على إقامة المباريات على ستاد جامعة الزقازيق، وقد أعلنت لجنة المسابقات باتحاد الكرة جدول المباريات، وقد تم تحديد ملعب ستاد جامعة الزقازيق ليستقبل أولى المباريات فى يوم 2016/10/22 مع النادى الإسماعيلي.. فوجئنا بوصول خطاب من مديرية أمن الشرقية خلال سبتمبر الماضى يفيد بأن اللجنة التى تم تشكيلها من مديرية أمن الشرقية لها ملاحظات على الملعب!! وفى الوقت الذى تعنتت فيه مديرية أمن الشرقية مع فريق الشرقية، ورفضت خوضه لمبارياته على أرضه، فوجئنا بالنقيض، حيث وافق مدير أمن الغربية على إقامة مباراة فريق طنطا على ملعبه، وأشرف اللواء حسام خليفة مدير أمن الغربية على تأمين مباراة طنطا وأسوان سواء داخل الملعب أم خارجه. وبرغم أن اتحاد الكرة أخطر الجهات الأمنية بموعد ومكان إقامة كل مباريات الدورى، قبل انطلاق البطولة بوقت كاف، وأنه حصل على جميع الموافقات، فإننا ما زالنا نتابع فى كل أسبوع مأساة الأندية التى تفاجئ قبل ساعات من موعد مباراتها برفض الأمن للملعب الذى تم اختياره والموافقة عليه من جانبه، برغم أن المباريات تقام وسط أجواء صامتة. وننهى التقرير الصادم، بالأزمة الأخيرة التى شهدتها بطولة دورى كرة اليد قبل أيام، وهى الأزمة التى تكشف قمة تناقض المسئولين، وهو التناقض الذى كشفته مباراة الأهلى والجزيرة، حيث حضرت جماهير الأهلى لمقر النادى بالجزيرة لمتابعة المباراة من مدرجات الصالة المغطاة، وبعد أن وقع الفأس فى الرأس، اكتشفنا أن اتحاد كرة اليد أعلن عن إقامة المباريات بحضور جماهيرى دون علم الأندية وعلم الأمن .. هكذا تدار الأمور، وهكذا تتعامل الدولة ومؤسساتها مع قضية عودة الجماهير يا سادة.. وممنوع الاندهاش.