أحمد إسماعيل د. مصطفى كامل: مركزه أصبح أقوى بشرط التخلي عن أحلامه بتعديل الدستور
د.إكرام بدر الدين : الانقلاب فشل والشرعية اهتزت
د: أيمن سلامة: عمليات التطهير العشوائي ضد معارضيه ستفجر الأوضاع في تركيا والمجتمع الدولى لن يصمت على تجاوزاته ضد حقوق الإنسان
رأى الكثير من خبراء السياسة والقانون الدولي، أن الانقلاب الفاشل الذي وقع في تركيا، وسواء كان تمثيلية من تدبير وإخراج أردوغان، أم كان انقلابا حقيقيا ولم ينجح، فإنه يعتبر بداية النهاية لأردوغان، خصوصا أن الشرعية في تركيا بدأت تهتز بشدة بما ينذر بنتائج كارثية. وأكدوا أن قيام أردوغان بكسر هيبة الجيش التركي وإهانة قياداته أمر غير مسبوق، ولن يطول السكوت عنه ولابد للجيش التركي أن يثور لكرامته وهيبته. كما أن عمليات التطهير العشوائي والانتقام الثأري التي ينفذها أردوغان الآن ضد كل معارضيه ، ستفجر الأوضاع في تركيا إن عاجلا أو أجلا .. ومحاولات أردوغان لتعديل الدستور التركي لن تقبلها أحزاب المعارضة، وبالتالي فإنه من المتوقع أن تشهد تركيا مواجهات عنيفة وانقلابات أخري في المستقبل القريب، كما أكد الخبراء أن المجتمع الدولي لن يقبل ولن يسكت علي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والدستور والقضاء التي يرتكبها أردوغان، وبالتالي فإن أيام أردوغان في حكم تركيا أصبحت معدودة، ويكفي ما قاله وزير خارجية فرنسا "إن الانقلاب الفاشل فى تركيا لا يمنح الرئيس رجب طيب أردوغان شيكا على بياض لتجاوز المبادئ الديمقراطية". بداية يؤكد الدكتور مصطفي كامل أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أنه لا شك فى أن مركز أردوغان قد تدعم بعد إخفاق الانقلاب العسكري.. فكل الأحزاب السياسية التركية لم تساند الانقلاب وأعربت عن تمسكها بالنظام الديمقراطي، ولم تخرج مظاهرات حاشدة تأييدا للانقلاب ولكن نجح حزب العدالة والتنمية في تعبئة المواطنين للخروج إلى الشوارع رفضا للانقلاب وتمسكا بالنظام الديموقراطي وبعد فشل الانقلاب قام أردوغان بعزل عدد كبير من العسكريين الذين شاركوا فيه ومنهم قادة الجيشين الثاني والثالث وقام أيضا بعزل 2700 قاض وتعيين غيرهم من الموالين له، ولكن في المستقبل إذا كانت قراءته للموقف السياسي في تركيا صحيحة، فعليه أن يتخلي عن أحلامه بتغيير الدستور التركي لتحويل تركيا من النظام البرلماني إلي النظام الرئاسي الذي سوف يمكنه من تركيز كل السلطات التنفيذية في يديه، ومن الملاحظ أن قادة الأحزاب الذين تحدثوا في جلسة البرلمان قد أكدوا تمسكهم بالنظام البرلماني ومن ثم سيكون التحدي أمام أردوغان هو إما التخلي عن أحلامه بتعديل الدستور، وفي هذه الحالة سيدعم مركزه بشكل كبير . أما إذا أصر علي التعديل فإنه سيدخل في أزمة جديدة مع أحزاب المعارضة وقوي المجتمع المدني ، فمن المعروف أنه غير جانبا كبيرا من سياسته الخارجية قبل الانقلاب بالتصالح مع كل من روسيا وإسرائيل، كما اقترب مما تطالب به الولاياتالمتحدة من اتخاذ موقف تجاه تنظيم داعش والتنظيمات الإسلامية الأخري التي تحارب النظام السوري، والتزم بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق باللاجئين، ولهذا السبب انخفض عدد اللاجئين الذين يذهبون من تركيا إلي أوروبا ، وبالتالي يمكن القول إن مركزه قد تدعم بعد فشل الانقلاب العسكري. ويري د. مصطفي كامل أنه بالنسبة للقوات المسلحة التركية فقد أصبح موقفهم ضعيف الآن، لأن أردوغان يسعي الآن لتصفية العناصر التي شاركت في الانقلاب الفاشل، ومن ثم ليس لدي قيادات الجيش ما تعترض به علي ما يقوم به أردوغان في الوقت الحاضر. ومن ناحية أخري هو يتمتع بتأييد كبير من المواطنين وإن كانت قيادات القوات المسلحة التركية مستاءة من هذا الأسلوب، إلا أنها لا يمكنها أن تعمل الكثير للاعتراض علي ما يقوم به أردوغان. من ناحية أخري أشارت الدكتورة إكرام بدر الدين – رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة – إلي أنه ستكون هناك تداعيات خطيرة نتيجة فشل الانقلاب، فتركيا ستختلف كليا خلال الفترة المقبلة، أولا وهذا بدأ بالفعل سيقوم أردوغان بعملية تطهير في جميع المؤسسات السيادية وليس الجيش فقط بغرض التخلص من كل معارضيه، وستنعكس عملية التطهير تلك علي تركيا، خصوصا الجيش بعد الإهانة الشديدة التي تعرض لها جنوده علي يد الشرطة التركية مما زاد من الفجوة بين الجانبين، خصوصا بعد عزل ومحاكمة القيادات الكبري وحل محلها قيادات أخري مؤيدة للنظام الحاكم، مما سيزيد من الآثار السلبية علي الوضع السياسي الراهن، وليس سياسيا فقط، وإنما اقتصاديا أيضا خصوصا السياحة والتي ستتعرض لهزة شديدة مما سيؤثر علي الاقتصاد التركي، وبالتالي زيادة حجم البطالة، وفي رأيي أنه بالرغم من فشل الانقلاب إلا إنه أكد اهتزاز الشرعية في تركيا وهنا سؤال مهم هل سيحمل المستقبل حركات إنقلابية أخري وهذا وارد مع الأخذ في الاعتبار تفادي العوامل التي أدت إلي فشل الانقلاب؟ أما الدكتور أيمن سلامة – أستاذ القانون الدولي العام –فقد أكد قرب نهاية أردوغان قائلا: بداية يجب أن نعلم أن أردوغان باندفاعه وعدم إدراكه للمستقبل كسر إرادة الجنود والضباط والقادة بالجيش التركي، لدرجة أنه من المستحيل في الآونة القصيرة ولا المتوسطة ولا مستقبلا أن يسترد هذا الجيش الكبير هيبته وقوته، وهو الذي كان يعد من أكبر جيوش العالم، لكن ما حدث من إهانة وإذلال لأفراده سيجعل من الصعب عليه أن يسترد ثقته في نفسه لأن هذه الثقة ليست وليدة لحظة وإنما تأتى بالتراكم.كما أن النهج الإقصائي الانتقامي الثأري الذي ينتهجه أردوغان قبل وأثناء وبعد الانقلاب سيؤدي إلي عواقب وخيمة سيدفع ثمنها الشعب التركي وحده، فحتي التطهير نفسه يجب أن يتم وفق معايير محددة وليس بشكل عشوائي ولا تجوز العقوبات الجماعية إلا وفق قاعدة شرعية فقهية وأيضا وضعية وهي مبدأ المسئولية الفردية. والجدير بالذكر أن القانون الدولي وضع معايير محددة لكيفية التحقيق مع القضاة وحتي أعضاء النيابة العامة، والمجالس العليا للقضاء في جميع دول العالم تحدد الإجراءات الخاصة التي لا تنتهك أو تخرق مبدأ استقلال القضاء ومبدأ الفصل بين السلطات، كل هذه المبادئ تم وضعها كي لا يأتي طاغية مثل أردوغان وينقلب علي الدستور والقانون والعرف واستقلال القضاء، وإذا كنا نتحدث أن ذلك المبدأ مرن ما بين السلطات الثلاث فإن استقلال السلطة القضائية عن سلطة أردوغان التنفيذية هي استقلال مطلق، بمعني أنه لا يستطيع أن يتجاوز أو ينتهك مبادئ راسخة لاستقلال السلطة القضائية.. لذا إذا كانت هناك انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان فالشعب التركي من حقه اللجوء للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في فرنسا، وعندها تستطيع المحكمة أن تقتص لهؤلاء المنكل بهم من جانب السلطة الاستبدادية الديكتاتورية لأردوغان وهو ما يذكرنا بما فعلته الجماعة الإرهابية في مصر من قصف وعصف بالقضاء والدستور، وسنجد أن الإجراءات التي قام بها أردوغان بشأن القضاء هي الإجراءات الإقصائية التميزية ذاتها التي قام بها مرشد الإخوان تجاه المحكمة الدستورية العليا وعلي مدار التاريخ سنجد ثلاثة طغاة مستبدين قاموا بمثل هذه الإجراءات ضد القضاء، وهم أدولف هتلر النازي الذي قام بحصار المحاكم عندما وصل لسدة الحكم حتي يستطيع أن يمرر قراراته الاستبدادية النازية في ألمانيا ثم المعزول محمد مرسي والذي يعد أول رئيس في العالم يتهم بالتخابر والتآمر ضد وطنه والذي اغتصب حق الشعب المصري في 21 نوفمبر 2012 بإصداره إعلانا دستوريا والمفترض أنه رئيس منتخب، وبالتالي ليس من حقه إصدار إعلانات دستورية، والطاغية الثالث كان رجب طيب أردوغان بما قام به ومازال تجاه القضاء والدستور. المجتمع الدولي وتحديدا الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي لن يقبلا هذه الاختراقات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فهناك معايير معينة وهي الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد، والآن أردوغان يتعدي علي كل هذا ويكفي ما قاله وزير خارجية فرنسا لأردوغان "إن الانقلاب الفاشل فى تركيا لا يمنح الرئيس رجب طيب أردوغان شيكا على بياض لتجاوز المبادئ الديمقراطية" وكل هذه مقدمات تؤكد انتهاء أردوغان داخليا وإقليميا ودوليا ولن تقوم له قائمة بعد ذلك.