متابعة تنظيمية وأمنية مكثفة لسير العملية الانتخابية بالدقهلية    القليوبية الأزهرية تحصد المركز العاشر بملتقى ضمان جودة التعليم    أحمد موسى يشيد بافتتاح منفذ التموين بمدينة الإنتاج الإعلامي: الأسعار أرخص من السوق    الأوقاف: سعر الإيجار الجديد لأراضي الوزارة أقل من السوق 10-15%    إيران ترفض شروط واشنطن وتتهمها بمحاولة إضعاف البلاد    كأس ملك إسبانيا، ريال مدريد يتقدم على تالافيرا بثنائية في الشوط الأول    إيكيتيكي: لم أصل لأفضل مستوياتي مع ليفربول    شيكو بانزا كلمة السر في إيقاف قيد الزمالك الجديد    باريس سان جيرمان يتوج بطلا لكأس إنتركونتيننتال    السجن 7 سنوات للمتهمين بالاتجار في المواد المخدرة بقنا    جار الفنانة نيفين مندور يروى اللحظات الأخيرة في حياتها (فيديو)    أخبار الفن اليوم: وفاة الفنانة نيفين مندور.. انفصال الفنان مصطفى أبو سريع وياسر جلال يتدخل لحل الأزمة.. وعودة تامر حسني للمسرح بعد أزمته الصحية.. ومحمد رمضان يحتفل بالحكم عليه بسنتين    مفتي الجمهورية يودع الوفود المشاركة في الندوة العالمية الثانية للإفتاء    نظام غذائي صحى ومتوازن ينقص وزنك 7 كيلو فى الشهر    متحدث الصحة عن دليل الاشتراطات الصحية للمنشآت التعليمية: ليس الأول.. وهناك متابعة دورية    جامعة الإسكندرية تستقبل رئيس قسم الهندسة الحيوية بجامعة لويفل الأمريكية    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    اندلاع حريق في حظيرة ماشية بالوادي الجديد    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    نتنياهو يعلن رسميًا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر بمبلغ فلكي    31 ديسمبر النطق بالحكم فى الاستئناف على براءة المتهمين بقضية مسن السويس    وكيل تعليم القاهرة في جولة ميدانية بمدرسة الشهيد طيار محمد جمال الدين    إطلاق حملة لدعم الأشقاء فى غزة خلال الشتاء ضمن جهود التحالف الوطنى    عرض حفلات الأوسكار على يوتيوب بدءا من عام 2029    رسالة مفاجئة من ياسر جلال لمصطفى أبو سريع بعد انفصاله عن زوجته    نجوم الفن فى عزاء إيمان إمام شقيقة الزعيم أرملة مصطفى متولى    رئيس إذاعه القرآن الكريم السابق: القرآن بأصوات المصريين هبة باقية ليوم الدين    السلاح يضيف 7 ميداليات جديدة لمصر في دورة الألعاب الإفريقية للشباب    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    رسميًا.. إنتر ميامى يجدد عقد لويس سواريز حتى نهاية موسم 2026    وزير الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتميز للفائزين بمدينة بني سويف الجديدة    بين الحرب والسرد.. تحولات الشرق الأوسط في 2025    حين تغرق الأحلام..!    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجامبي سبل تعزيز العلاقات الثنائية    إسرائيل تفرج عن 12 أسيرا من سكان قطاع غزة    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح الدورة العاشرة لملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    اليونيفيل: التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    ضبط 8 متهمين في مشاجرة دندرة بقنا    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    المحمدي: تعرضت للظلم في الزمالك.. وهذا هدفنا الموسم الحالي    الدخان أخطر من النار.. تحذيرات لتفادى حرائق المنازل بعد مصرع نيفين مندور    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديات أمام الجامعة العربية.. أوجاع العرب فى عهدة أبو الغيط

نبيل فهمى: ضرورة الاعتماد على القدرات الذاتية وطرح مبادرات عربية وعدم استدعاء الخارج لحل مشكلاتنا

- أحمد بن حلى: أهمية الإسراع بإصلاح ذات البين في العلاقات العربية وتنقية أجوائها وتفعيل الأمن الجماعى

فى الأول من يوليو المقبل، يتولى أحمد أبو الغيط مهام منصبه الجديد، أمينا عاما للجامعة العربية بعد اختياره بالتوافق – عدا تسجيل قطر لتحفظ على شخصه – فى اجتماع غير عادى لوزراء الخارجية العرب، فى العاشر من مارس الجارى على هامش الدورة العادية ال 145 لمجلس الجامعة العربية، ومن البديهى أنه يقوم حاليا بالاستعداد لهذه المرحلة الجديدة فى حياته المهنية، التى تنقله من الدائرة الوطنية إلى الدائرة القومية الأوسع، وبالتالى سيتطلب ذلك إعادة النظر فى طروحاته السياسية والفكرية، على نحو يتسق مع هذه المرحلة بكل ما تقتضيه، من امتلاك القدرة، على التفاعل مع متطلبات النظام الإقليمى العربى، الذى تجسده الجامعة العربية منذ أكثر من سبعين عاما، بصورة تنطوى على ابتكار فى الرؤي والأساليب والآليات، ليستعيد هذا النظام فاعلية وقدرته على التأثير،فى ظل ما تعرض له من ترهل وتراجع بل تدهور، يتمثل فى هذه الحالة غير المسبوقة من الاضطرابات والحروب والنزاعات الداخلية والصراعات، فيما بين مفرداته، مما نتج عنه أثران خطيران أولهما يتمثل فى - وفقا لمنظور المفكر المصرى الدكتور أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة – الإضعاف البين، الذى أصاب عددا غير قليل من البلدان العربية كسورية والعراق وليبيا واليمن، بدرجة أقل مصر ولبنان، وثانيهما مشهد التجزئة المخيف الذى بات يهدد النظام العربى، ويؤكد التحول الذى طرأ على واحد من أهم أهدافه، وهو تحقيق التكامل والاندماج بين وحداته إلى محاولة الحفاظ على تماسك كل وحدة على حدة وسلامتها الإقليمية، الأمر الذى يمكن أن يقود إلى إدخال المنطقة فى أتون التفكك للدولة الوطنية، مثلما يبدو عليه المشهد الراهن فى العراق وسوريا وليبيا ومن قبل السودن والصومال، وثمة خشية من غياب الدولة الوطنية فى دول الأزمات الراهنة، أو على أقل تقدير،تحولها إلى دول فاشلة.

حركة محفوفة بالمخاطر لكن
فى ضوء ذلك ستبدو حركة أبو الغيط محفوفة بالمخاطر، إن لم يتحسب لخطواته، ويسعى إلى تغيير البيئة الحاضنة للجامعة العربية، والقيام بعملية تفعيل حقيقية لآليات ومؤسسات العمل العربى المشترك، مستفيدا من حالة التوافق التى أحاطت بعملية اختياره، التى لا يقلل منها تسجيل قطر لتحفظها على شخصه، وبالطبع لن يكون بمقدوره وحده القيام بذلك، فالأمر يستوجب تغييرا فى تفاعل الدولة الوطنية مع صيغ العمل العربى الجماعى، وفى مقدمتها الجامعة العربية، ومؤسساتها المختلفة وسياقاتها القانونية والتعاهدية، وأطرها المختلفة التى تكابد بالفعل حالة من الترهل وغياب الفعالية،خصوصا أنه لم تتوافربعد لدى الفاعلين، أى الدول الأعضاء بالجامعة، والإرادة السياسية لتفعيل حركية الجامعة، وتنشيط قدرتها على إحداث التغيير الذى يسكن أشواق الشعوب، أو بالأحرى الشعب العربى طبقا للتعبير الذى يفضل أحمد بن محمد الجروان، رئيس البرلمان العربى استخدامه.
على أى حال التحديات أو بالأحرى المخاطر التى تواجه النظام الإقليمى العربى، ما زالت مستفحلة ومداها يتسع يوما بعد يوم، الأمر الذى يستوجب من الأمين العام الجديد للجامعة العربية،أن يتهيأ للتعاطى معها من منظور وضمن سياقات مختلفة، لم أجد فى محاولتى لتحديد طبيعة هذه التحديات من يمكن أن يتحدث عنها باستفاضة وشمول، فضلا عن سبل تجاوزها، سوى رؤيتين مهمتين الأولى، لنبيل فهمى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق والثانية للسفير أحمد بن حلى نائب الأمين العام الحالى، ففيهما الكثير الذى يشفى غليل المتطلع إلى حالة عربية جديدة، بمنأى عن الأجندات الخاصة والرغبة فى بناء نظام عربى يشكل رقما مهما، فى المعادلة الإقليمية والدولية السائدة، التى لا تعترف إلا بالأقوياء سياسيا واقتصاديا وعسكريا وفكريا وثقافيا.

مرحلة حافة الهاوية
ورؤية فهمى جاءت ضمن ندوة نظمتها مؤسسة ياسر عرفات، على هامش الاجتماع التاسع لمجلس أمنائها أخيرا بالقاهرة الذى يرأسه عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، وكانت تحت عنوان "التحديات الراهنة فى الواقع العربى"، والميزة النسبية فيها أنها جاءت محملة بتحليل واقعى لهذه التحديات بشفافية، ومن دون حسابات إلا مصلحة الأمة، والحرص على استعادة عافيتها، واستهلها بالقول: إن العالم العربى يواجه فى المرحلة الراهنة خطرا شديدا وعلى حافة الهاوية، فهو اليوم أقل استقرارا ويشهد اهتزازا فى قراراته، ولايمتلك القدرة على اتخاذ مواقف تؤثر بشكل فاعل لضمان مصالح الأمة، ولا يكتفى فهمى بالتشخيص، وإنما يحدد الأسباب التى أدت إلى هذه الوضعية، وفى مقدمتها أن المنطقة العربية من أكثر المناطق فى العالم التى تشهد تغييرا فى قياداتها بصورة مفاجئة، فى حين أنها الأضعف على صعيد انتقال السلطة بصورة طبيعية، مثلما يحدث فى المناطق الأخرى، يلى ذلك أنها من أكثر المناطق تعرضا لانتشار الآراء والمواقف المتطرفة، التى انتقلت فى الأعوام الأخيرة إلى ساحات دموية، مما جعلها الأكثر جاذبية للإرهاب وللإرهابييين، ثم يضيف سببا ثالثا فى هذا السياق يتمثل فى أنه "على الرغم من أننا نحمل غيرنا مسئولية المعضلات التى نواجهها، فإننا من أكثر المناطق استدعاء لغيرنا للتعامل مع هذه المعضلات وإيجاد حلول لها، خصوصا مع تفاقمها على نحو غير متوقع " بيد أن ذلك - كما يضيف – "لا يجب أن يدفعنا هذا إلى أن نعيش فى حالة عزلة عن العالم"، ويمضى قائلا: لدينا مقومات عديدة فى العالم العربى التى من شأنها أن تبنى تكتلا اقتصاديا قويا له حضوره القوى، متمثلة بصورة أساسية فى توافر مصادر الطاقة والغذاء والموادر البشرية، وأمور أخرى عديدة، غير أن المشكلة تكمن فى أننا نفضل التعامل مع غيرنا والذى على الرغم من أهميته وضرورته فإنه يتعين أن نعطى الأولولة للتعاون البينى وتعظيم قيمة التكامل العربى، فهو أكثر إلحاحا فى المرحلة الراهنة من أى فترة مضت، فعلى سبيل المثال فإن نسبة الاستثمارات البينية العربية أقل بكثير من الاستثمارات الأجنبية، والأمر نفسه، بالنسبة للتجارة البينية وإن قلت هذه النسبة، إذا خرجنا عن الإطار دون الإقليمى، أى مجلس التعاون الخليجى الذى شهد درجة متقدمة من التكامل الاقتصادى وغيره من المجالات.

مكابدات الشباب
ويتطرق فهمى إلى مكابدات جيل الشباب، الذى تتجاوز نسبته ال 50، من إجمالى عدد سكان الوطن العربى، فهو يرغب فى إحداث تغيير سريع فى مختلف مناحى الحياة، ولديه قلق يبدو تجاه مشروعات المستقبل، ويسعى إلى تحديد الفرص المتاحة واستغلالها على الوجه الأمثل ومواجهة التحديات، لكنه يقابل بالكبح وهو ما يستوجب السعى إلى فتح النوافذ أمام حركته مع ضبطها ضمن الثوابت المعروفة.

أسلوب التغيير
وبعد أن ينتهى فهمى من تشخيص الواقع والأسباب التى أفرزت التحديات التى يواجهها العالم العربى، يسارع برسم سبل تجاوزها، ويؤكد فى هذا الشأن أنه على الرغم مما يبدو من صعوبات ومعضلات وتحديات، فإن المستقبل بأيدى العرب وإن كان ليس بصورة مطلقة، فذلك مرهون بأسلوب إدارة التغيير فى الواقع العربى، ومدى قدرته على توظيف الإمكانات مع القضايا الوطنية والإقليمية والدولية، وأول خطوة مطلوبة على هذا الصعيد تتجلى فى ضرورة تحقيق درجة أعلى من الاعتماد على الذات فيما بين الدول العربية، ثم التفكير بعد ذلك فى التعامل مع الآخر بمعنى آخر - كما يقول – أن نكثف جهودنا وحركتنا لأن نستدعى بعضنا البعض، قبل استدعاء غيرنا بحيث نبادر نحن كعرب لحل خلافاتنا ونزاعاتنا وصراعاتنا، قبل أن نلجأ إلى الآخرين لطرح أفكار أو مبادرات لحلها، فقد بات – طبقا لطرحه – من الصعوبة بمكان استمرار هذه الوضعية السائدة فى واقعنا العربى، التى أضحت فيها الغلبة للعامل الخارجى- سواء دولا أم منظمات - فى إدارة النزاعات التى تشهدها المنطقة وتخصنا نحن بالدرجة الأولى، وبالتالى يتعين علينا أن نعمل بقوة على تغييرها.
أما المخرج الثانى الذى يطرحه فهمى لتجاوز التحديات الراهنة فى الواقع العربى، فيكمن فى ضرورة تبنى مبدأ المصارحة مع الشعوب العربية، بواقع الأمور داخليا وخارجيا، حتى يمكن التعامل معها من قبل الحكومات وصناع القرار بواقعية وفعالية وإيجابية، على نحو يسهم فى تفعيل العمل العربى المشترك فى المرحلة الراهنة والمقبلة، بينما يطرح – كمخرج ثالث- ضرورة الحفاظ على الهوية العربية القومية،والتصدى للفكر المتطرف ما يرتبط به من عنف وإرهاب، تمارسه تنظيمات وجماعات باتت تتمتع بقوة فى مناطق عربية عدة،خصوصا تنظيم داعش،مع ما يصحب ذلك من اللحاق بأساليب التقدم والتحضر ليكون العرب شركاء إيجابيين فى المرحلة الحضارية الراهنة.

مبادرات عربية أولا
ورابع هذه المخارج، حسب رؤية فهمى، يتمثل فى أهمية طرح مبادرات عربية لبلورة حلول للمشكلات الإقليمية، قبل الاعتماد على أطراف غير عربية، وفى منظوره فإن نجاح هذه المخارج مرهون ببناء دولة وطنية عربية عصرية تنهض على أسس المواطنة والتعددية وقبول الآخر والديمقراطية، واحترام القانون داخليا والتمسك بالقانون الدولى على الصعيد الخارجى، فضلا عن طرح مبادرات تتعلق بكيفية استغلال ثرواتنا الوطنية والتمسك بسيادة أراضينا، والتأكيد على استعدادنا لاتخاذ مواقف دون تأخير للدفاع وحماية قضايانا المصيرية، إلى جانب تفعيل الأمن الإقليمى الجماعى، خصوصا أن التوازنات الراهنة سواء إقليميا أو دوليا ليست فى صالح دولنا العربية، ثم العمل على إرساء علاقات اجتماعية جديدة لأن ما مضى ليس كافيا للمستقبل، مع التركيز على إعلاء القيمة الوطنية والالتزام الوطنى وتكثيف الاهتمام بالمجالات التنموية والاقتصادية والعلمية، اعتمادا على القدرات الذاتية بصورة أساسية والتركيز على بناء طبقة،وسطى واسعة الانتشار مستقرة فى العالم العربى، بحسبانها المؤشر الحقيقى على بناء التوازن فى أى مجتمع والأساس على نجاح الدولة الوطنية.

حل الدولتين
ويلفت نبيل فهمى الانتباه إلى أن ثمة قضية أصبحت منسية فى واقعنا العربى، هى القضية الفلسطينية، التى لم تعد تحظى بالأولوية مثلما كانت عليه على مدار السنوات السابقة، بعد تفاعل الأزمات العربية الراهنة وهو أمر مؤسف وغير مقبول، ويطرح بشأنها بعض ملاحظاته، فى صدارتها، أنه فى وجود بنيامين نيتنياهو رئيس الوزراء الصهيونى الحالى فإنه لاتتوافر فرصة حقيقية وجادة للتفاوض حول حل الدولتين، ومن ثم يتعين التفكير فى الخيار الآخر الذى يراه متمثلا فى ضرورة العمل على تقنين أسس هذا الحل – أى حل الدولتين – حتى لايتم إسقاط بعضها بمرور الزمن، وليس ثمة ما يمنع من اللجوء إلى المنظمات المختلفة مثل الأمم المتحدة ومجلس أمنها أو الإطر القانونية الأخرى، وفى هذا السياق فإنه يتعين – كما يضيف – التركيز على إبراز المخالفات التى ترتكبها إسرائيل - دولة الاحتلال – تجاه التزاماتها الدولية على مستوى القانون السياسى والقانون الإنسانى، وفى المقابل فإن الجهات الفلسطينية المعنية مطالبة ببذل المزيد من الجهد، لضمان أكبر قدر ممكن من الاعتراف الدولى بدولة فلسطين،بصرف النظر عن وجود المسار التفاوضى من عدمه.

قوة اليقين
أما السفير أحمد بن حلى نائب الأمين العام للجامعة العربية، والمتمرس فى قضايا العمل العربى المشترك إلى حد أن الدكتور نبيل العربى الأمين العام الحالى للجامعة العربية يصفه بأنه ضمير الجامعة العربية، فهو يرى أن الواقع العربى يواجه ظروفا ومعطيات بالغة الصعوبة، ويمر بمرحلة اهتزت فيها الرؤيا نحو المستقبل، وتكتنف الغيوم مسالك طريق السلامة أمام الأمة، لا سيما فى ظل تفاقم الحالة التي آلت إليها الأوضاع العربية، وما يجرى في الوطن العربي من أحداثٍ مؤلمة، واستعصاء لحل أزماته، وما يتخللها من تدخلات وتجاذبات إقليمية وتدخلات خارجية في شئونها، لكنه مع ذلك يؤكد أن غلالة التشاؤم لايبنغى أن تفقد الأمة قوة اليقين في قدراتها، لاتخاذ الخطوات الجسورة لتخطى هذا الواقع بكل تضاريسه وتعاريجه الوعرة.
ويرى أن التحديات الراهنة فى الواقع العربى، برغم كونها جسيمة ومشحونة بعوامل الضغط والإلحاح، فإنها لا تحتمل الغوص في تحليل أسبابها بقدر طرح أساليب لمعالجتها ،ويشرح ذلك وفقا للنقاط التالية:
أولا: إصلاح ذات البين في العلاقات العربية البينية، باعتبارها المنطلق الأساسي لما سيأتي بعد ذلك، وتنقية أجواء العلاقات العربية وإزالة الغيوم التي تسود أفقها فيما بين بعض الدول العربية، والعمل على استعادة المبادرة والفعل للموقف العربي الواحد، وهو ما يتطلب التحرك الميداني من قياداتنا، وأنتم جزء من هذه القيادات بحكم مواقعكم، وكما كان يفعل آباؤنا في السابق عندما توجد أزمة يتحرك العقلاء لحلها، وتكثيف الزيارات الميدانية، واستعمال الدبلوماسية العامة عبر شخصياتٍ عربية مرموقة أو مجموعة حكماء لإجراء الاتصالات واستكشاف الحلول لمعالجة أزمات عربية معينة ما بين هذه الدولة أو تلك، وكذلك التشاور حول المسائل التي نريد كعرب وكدول وكمجموعة طرحها جماعيا، بعيدا عن إرباك الموقف العربي بطرح مبادرات غير مدروسة أو مواقف غير ناضجة وليس بشكل تلقائي وبدون تحضير، والعمل على إرساء أساليب وأطر توائم ما بين المصالح الوطنية لكل دولة والمصالح الجماعية المشتركة، وإزالة الشكوك وهى إحدى النقاط السوداء وعدم الثقة التي تطرأ في السماء العربية من حينٍ لآخر، وعدم السماح للاختلاف في الرأي أن يتحول إلى خلافات تسئ للعلاقات العربية وتنعكس سلباً على المواطن العربي.

الرسالة الإعلامية
ثانيا: ويتأثر هذا المحور بمضمون الرسالة الإعلامية العربية، خصوصا بعد أن أصبح المشهد الإعلامي العربي مزدحما بالعديد من الفضائيات والإذاعات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وتحول الإعلام إلى مشارك أساسي في تشكيل الرأي العام العربي وفي صناعة القرار، ومن هنا تأتى أهمية عملية ترشيد الخطاب الإعلامي العربي ليلتزم بحرفية المهنة وصدق الكلمة وبقواعد السلوك الأخلاقي والإعلامي وبالحس الوطني والقومي في تناوله للعلاقات العربية – العربية.
ثالثاً: إبقاء القضية الفلسطينية مهما كانت المشاكل والأزمات، لأن بقاء القضية الفلسطينية على رأس الأولويات العربية، وفى دائرة الاهتمام الدولي، خصوصا بعد أن فشلت جميع المساعي والمبادرات بما فيها المبادرة العربية لإيجاد حل سلمى للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ودخلت القضية حالة الجمود بسبب اختلال المعادلة مع قوة الاحتلال الإسرائيلي المحصنة ضد أي محاسبة أو عقاب من المجتمع الدولي، وأيضاً بسبب الوضع الفلسطيني والعربي. وهذا الواقع يتطلب أفكار خلاقة ومقاربات جديدة لكسر هذه المعادلة المختلة، وبدون شك تمثل البرلمانات العربية روافد هامة للدبلوماسية العربية في تحريك هذا الواقع لنصرة القضية الفلسطينية، وتوفير سبل الدعم الكافي لصمود الشعب الفلسطيني.
استعادة زمام المبادرة
رابعاً: استعادة زمام المبادرة في معالجة الأزمات الحادة التي تعانى منها عدد من الدول العربية مثل ما هو جار في كلٍ من سوريا واليمن وليبيا والصومال، هذه الدول المهددة بوحدتها وكياناتها، والعمل على وقف النزيف في الجروح المفتوحة في الجسم العربي من خلال وضع هذه الأزمات على طريق الحل في الإطار العربي أساسا، مع الاستفادة من الدعم الدولي، كعامل مساعد للجهود العربية، والكف عنها، وأقولها بكل صراحة وأمانة،عن تصدير أزماتنا العربية إلى المجتمع الدولي والمراهنة على الحلول الدولية، خصوصا ونحن ندرك الأجندات والمصالح التي تحرك القوى الدولية في مثل هذه الحالات، وهى تستفيد وتستغل ذلك، ومدى استغلالها لهذه الأزمات.
أقول أيضا إن جيلنا الحاضر مسئول على الحفاظ على مقومات الدولة الوطنية، التي ضحى من أجلها آباؤنا الذين أتوا بالاستقلال والحرية، وهذه المسئولية تتطلب الاستجابة لمطالب الشعوب العربية في عملية الإصلاح والتغيير، لإرساء دعائم الدولة الحديثة بطاقات شبابها ومكونات شعبها لا بد أن يتصدر الشباب العربي بطموحاته اللا محدودة.
خامساً: إعادة النظر وبشكلٍ سريع في مفهوم الأمن القومي بأبعاده المختلفة العسكرية، الإنمائية، الغذائية.. إلخ، وتشكيل مظلة أمنية عربية جماعية، والاستغناء عن المظلات الخارجية في التسلح وفي الدفاع، وفى التحكم في مفاتيح القرارات المصيرية المتعلقة بالحرب والسلم والأخذ بناصية العلم والتكنولوجيا في المجالات الصناعية الحيوية بما فيها الصناعات العسكرية وعلوم الفضاء الخارجي الذي نحن بعيدين وغائبين عنه، والطاقة النووية لاستخداماتها السلمية، وفي الردع النووي عند الحاجة الماسة لتحقيق التوازن والأمن الإقليمي.. لماذا نحن متأخرون في هذا المجال؟ وأين نحن من ذلك؟ من علوم الفضاء، الطاقة؟
لقد تأخر الركب العربي عن القافلة العلمية الدولية، ليس فقط مقارنةً بالدول المتقدمة، وإنما مقارنة بأقراننا من الدول النامية أو الصاعدة، ولذلك لا بد من الهرولة للالتحاق بقافلة العلم.
ويؤلمني أن أقول إن هناك مؤشرات تلمح إلى أن الجامعات العلمية في الدول العربية مهددة بتعرضها لصعوبة الاعتراف بالشهادات التي تصدرها إذا ما تواصل المستوى المتردي على هذا المنوال.. فهل نحن مدركون لخطورة هذا التحدي؟!

دحر الفكر المتطرف
سادساً: مواجهة تنامي موجات الإرهاب المتتالية، ودحر الفكر المنحرف والمتطرف، وأهل الردة، وإنقاذ الشباب العربي من مصادرة ربيع أحلامهم ومستقبل أوطانهم من قبل هؤلاء بائعي الأوهام وسماسرة السماء وتجار الدين، وتجفيف المستنقعات التي تفرخ الإرهاب، ووأد النعرات الطائفية والانغلاق التي تتغذى على ما يفرزه الإرهاب من آفات على حساب التعايش السلمي بين مكونات الشعوب واستقرارها.
سابعا: متى نعلن أن هناك مشروع عربي يتمثل في تحول الدول العربية إلى قطبٍ فاعل في عالمنا على غرار الأقطاب الجديدة التي تتشكل حاليا من حولنا، الاتحاد الأوروبي، الآسيان، أمريكا الشمالية، البريكس.. إلخ. وهذا الهدف يتطلب الإسراع في بناء تكتل اقتصادي قوى عربي، وتنفيذ المشاريع العربية الكبرى وفي مقدمتها الانتهاء من تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى هذا العام 2016 للشروع في مرحلة الاتحاد الجمركي وصولاً إلى السوق العربية المشتركة عام 2020. وإنجاز المشاريع التكاملية الأخرى الخاصة بالربط بين الدول العربية كالربط الكهربائي والربط البرى بالسكك الحديدية والربط البحري بين الموانئ العربية ومشروع ربط شبكات الإنترنت العربية Internet ومشروع مبادرة الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت بشأن توفير الموارد اللازمة لدعم وتمويل مشاريع القطاع الخاص للصناعات الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي، الذي استفاد منه حتى الآن 12 بلدا عربي بمبلغ يقارب من مليار دولار. هذه المشاريع الكبرى تعانى حالياً من التأخر في الإنجاز، لذلك لا يجب تركها في يد الخبراء وحدهم ولا بد من هزة سياسية للانتهاء منها (مثل مشروع الربط العربي الذي لا يزال في طور الدراسة منذ أكثر من 3 سنوات) خصوصا ونحن كمجموعة عربية منخرطون وملتزمون حالياً في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2016-2030 التي حددتها الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، ولعبت المجموعة العربية دوراً بارزاً لإدخال الأولويات العربية ضمن الأهداف ال17 والغايات المحددة ب169 غاية.
آليات العمل المشترك
ثامناً:دعم النهوض بآليات العمل العربي المشترك وفي مقدمتها جامعة الدول العربية من خلال تأكيد القرار السياسي، لتحديث ميثاق الجامعة والالتزام بتنفيذ قراراتها، وتمكينها من المقومات الضرورية للاستجابة للمتطلبات العربية ومواكبة قريناتها من المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى.
تاسعا: بلورة موقف استراتيجي عربي لضبط العلاقات مع دول الجوار الجغرافي للوطن العربي، من خلال حوار صريح وجدّي لنزع فتيل الاحتقان والتوتر في المنطقة، وطرح جميع المشاكل العالقة على طاولة البحث بغاية تحقيق التوازن الإقليمي، ومصالح كل طرف بعيداً عن أسلوب الهيمنة وبسط النفوذ على حساب المصالح العربية العليا والاستقرار في المنطقة.
عاشرا: بحث طبيعة العلاقات العربية مع القوى الكبرى في العالم، أخذا في الاعتبار المتغيرات التي طرأت على العلاقات الدولية منذ خمس سنوات، واندلاع موجة الصراعات في المنطقة العربية وفى أوكرانيا التي أدت إلى عودة العالم لنوعٍ جديد من الحرب الباردة بين القوات الكبرى، وأصبحت المنطقة العربية أحد ساحاتها الساخنة، وخطورة هذا التطور أنه لا توجد خطوط حمراء لا ينبغي تجاوزها كما كان الحال خلال الحرب الباردة قبل عام 1990 من القرن الماضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.