عيار 21 الآن بالسودان وسعر الذهب اليوم الاحد 19 مايو 2024    «إزاي تختار بطيخة حلوة؟».. نقيب الفلاحين يكشف طريقة اختيار البطيخ الجيد (فيديو)    استشهاد 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    وتر أكيليس.. «المصري اليوم» تكشف تفاصيل إصابة معلول ومدة غيابه عن الملاعب    تشكيل الزمالك المتوقع ضد نهضة بركان في إياب نهائي الكونفيدرالية.. جوميز بالقوة الضاربة    إيطاليا تصادر سيارات فيات مغربية الصنع، والسبب ملصق    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    حزب الله يستهدف عدة مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.. ماذا حدث؟    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    حماية المنافسة: تحديد التجار لأسعار ثابتة يرفع السلعة بنسبة تصل 50%    اسكواش - وأخيرا خضع اللقب.. نوران جوهر تتوج ببطولة العالم للسيدات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    محمود أبو الدهب: الأهلي حقق نتيجة جيدة أمام الترجي    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأرصاد الجوية تحذر من أعلى درجات حرارة تتعرض لها مصر (فيديو)    حقيقة تعريض حياة المواطنين للخطر في موكب زفاف بالإسماعيلية    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري (صور)    حظك اليوم برج العذراء الأحد 19-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أصل الحكاية.. «مدينة تانيس» مركز الحكم والديانة في مصر القديمة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    رئيس الموساد السابق: نتنياهو يتعمد منع إعادة المحتجزين فى غزة    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    ماجد منير: موقف مصر واضح من القضية الفلسطينية وأهداف نتنياهو لن تتحقق    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    رغم تعمق الانقسام فى إسرائيل.. لماذا لم تسقط حكومة نتنياهو حتى الآن؟    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    تزامناً مع الموجة الحارة.. نصائح من الصحة للمواطنين لمواجهة ارتفاع الحرارة    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    مصرع شخص في انقلاب سيارته داخل مصرف بالمنوفية    مسلم يطرح أحدث أغاني ألبومه الجديد «اتقابلنا» (تعرف على كلماتها)    «فايزة» سيدة صناعة «الأكياب» تكشف أسرار المهنة: «المغزل» أهم أداة فى العمل    إعادة محاكمة المتهمين في قضية "أحداث مجلس الوزراء" اليوم    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر "التطرف في العالم العربي.. قراءة فى فقه المواجهة": ترابط عضوى بين الإرهاب في سيناء والتطورات في غزة
نشر في الأهرام العربي يوم 09 - 01 - 2016


ماجدة سليمان
- حماس تسعي لبناء قوة عسكرية بأهداف بعيدة

- المنظومة التعليمية في الدول العربية لا يمكنها مواجهة التطرف، بل على العكس تساعد على خلقه

عقدت مكتبة الإسكندرية مؤتمرها الدولي صناعة التطرف «قراءة في تدابير المواجهة» والذي شاركت فيه 18 دولة عربية وبعض الدول الأوروبية، علي مدار ثلاثة أيام طرحت خلاله عدة محاور وأبحاث قيمة، حيث بلغت الأبحاث 22 بحثا عربيا وأجنبيا، وافتتح المؤتمر كل من الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور أسامة نبيل، رئيس المرصد الإسلامي ممثلاً عن شيخ الأزهر الشريف، والدكتور أحمد العبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، والدكتورة أم العز الفارسي، الأكاديمية والسياسية الليبية، ونبيل يعقوب الحمر، مستشار ملك مملكة البحرين لشئون الإعلام.

وتداول المؤتمر الأبحاث عبر عشرة محاور كان أهمها «الثابت و المتغير في بنية حركات التطرف، ومقاربة العلوم الاجتماعية للتطرف في العالم العربي ونقد خطابات التطرف، والإعلام ومواجهة التطرف، والأمن القومي والتعليم والتطرف. ومبادرات الشركاء العرب في الدول العربية لمواجهة التطرف. بالإضافة إلي جلسة مهمة تداولوا خلالها شهادات عن المرأة و الشباب في مواجهة التطرف.
وجاءت الجلسة الأولى بعنوان «الثابت والمتغير في بنية حركات التطرف»، أدارها السياسي المصري الدكتور مصطفى الفقي، وتحدث فيها كل من الكاتب والمفكر الدكتور عمرو الشوبكي من مصر، والدكتور طاهر سعود أستاذ علم الاجتماع من دولة الجزائر، والدكتور محمود حداد، أستاذ التاريخ العربي والإسلامي الحديث والمعاصر من لبنان.
بدأ الدكتور مصطفى الفقي حديثه بالترحيب بالسادة الحضور والمتحدثين، وشكر مكتبة الإسكندرية على تنظيمها السنوي لهذا المؤتمر الفكري المهم، والذي يعد خطوة، وأداة من أدوات مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب التي تعصف بالعديد من دول المنطقة والعالم.
وقال في مجمل حديثه إن عام 2015 يعتبر عام داعش، هذا التنظيم الإرهابي الذي يعيث في الأرض فساداً وخراباً، وإن الدين الإسلامي براء من هذه الأفعال الإجرامية والتي تتخذ من الدين غطاءً لها، وأن هذا التنظيم ما هو إلا عبارة عن غطاء ديني للمأزومين من الشباب في العالم العربي والإسلامي.
وقال الدكتور عمرو الشوبكي، متحدثا عن محور «تحولات العنف والإرهاب – حدود المواجهة الفكرية الأولية»، التي طرحها من خلال ثلاث مراحل رئيسية: المرحلة الأولى وهي مرحلة التنظيمات الجهادية الكبرى، وهي المرحلة التي عرفتها مصر منذ السبعينيات وطوال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وكذلك كل الدول العربية، والتي قامت على فكرة مشروع ديني عقائدي يُبرر كُل أعمال العنف التي ارتكبت، وقامت بتكفير الجميع، وكان هدفها الأول إسقاط نظم الحكم القائمة في تلك الفترة. وان نتيجة المواجهات بين هذه التنظيمات والنظم هو الفشل في تحقيق أهدافها.
أما المرحلة الثانية: فهي مرحلة الخلايا الصغرى، التي قامت بالعديد من التفجيرات في مصر «الأزهر- طابا - عبد المنعم رياض»، أما المرحلة الثالثة فبدأت بعودة عصر التنظيمات التكفيرية الكبرى «القاعدة، داعش» التي تقوم فلسفتها على أساس أنها تنظيمات وظهرت في دول تعاني من ضعف في شرعية النظام الحاكم فى العراق، وسوريا.
وأكد أننا أمام تطرف سياسي اجتماعي تمت صبغته بصبغة دينية من أجل الحصول على الدعم. نحن أمام ممارسة للإرهاب دافعها الأساسي هو الإحباط السياسي والشعور بالتهميش والظلم، وهناك دائماً تبرير ديني من أجل تبرير للجرائم التي يتم ارتكابها.
وقال إن علاج الإرهاب من جانب الولايات المتحدة الأمريكية هو الذي صنع الإرهاب، ويكمن الحل الأساسي لمواجهة هذه الجماعات هو الحل الفكري إلى جانب الحل الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وتحدث الدكتور طاهر سعود عن «تدابير المصالحة الوطنية في الجزائر: قراءة في مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية»، التي شرح خلالها مراحل قيام المصالحة الوطنية في الجزائر، التي قامت على محور أمني، ومحور قانوني، ومحور ثقافي.
وقد أشار الدكتور طاهر أن المصالحة جاءت كحل لما عرف بالأزمة الجزائية، التي بدأت كأزمة انتخابية تحولت إلى أزمة سياسية ثم إلى صراع وأزمة أمنية. وأنه من أجل حل الأزمة تم اقتراح قانون الرحمة، لكنه تعامل مع أعراض المرض وليس المرض نفسه.
وقد تطور قانون الرحمة إلى قانون الوئام المدني الذي تطور إلى المصالحة الوطنية عبر ميثاق تم عرضه على الشعب الجزائري من أجل الاستفتاء عليه، وتم في النهاية الوصول إلى الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية، التي أنهت فترة من أكثر الفترات دموية في التاريخ الجزائري.
وحول محور الإرهاب والأمن القومي، ترأسها الخبير الإستراتيجي اللواء محمد مجاهد الزيات، وتحدث فيها اللواء مختار بن ناصر اللواء المتعاقد والمتحدث السابق باسم الجيش التونسي، واللواء محمد إبراهيم مسئول الملف الفلسطيني الإسرائيلي السابق بالمخابرات العامة المصرية، والدكتور أنور عشقي مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الدولية والقانونية. وارتكزت الجلسة حول تداعيات صعود الحركات الإرهابية في العالم العربي على الأمن القومي للدول العربية.
وفي بداية الجلسة، أشار اللواء الزيات أن العالم العربي يحفل بتطورات خطيرة على أمنه القومي، حيث أصبح العديد من الدول الوطنية على شفير التقسيم، كما هى الحال في سوريا والعراق وليبيا في إطار تصارع النظام الإقليمي. وأضاف أن الحركات الإرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية تلعب دورًا حيويا في عملية التقسيم هذه، موضحًا أن هذا التنظيم لا يختلف في جوهر أفكاره عن التنظيم الأم القاعدة، في غير درجة التوحش والإسراع إلى إعلان الخلافة، متنبأً بأننا في الفترة المقبلة سنتحدث عن العائدين من سوريا والعراق كعناصر خطيرة على أمن الدول، وهو ما يعززه فشل التحالف الدولي في القضاء على التنظيم، وهو ما يعني أن ظاهرته ستستمر في السنوات المقبلة على الأرجح.
وفي مداخلته، أكد اللواء مختار بن ناصر أن هناك العديد من الشباب التونسي، الذي التحق بالتنظيم في سوريا ويقدر عددهم ب 2000- 3000 فرد بينهم من تم احتجازه من قبل الأمن التونسي قبيل مغادرته إلى سوريا للجهاد. كما أن تونس تعاني من وجود بعض الجماعات المسلحة داخل تونس التي اختارت أن ترفع السلاح في مواجهة الدولة. على أن الدولة التونسية تحاول جاهدة التعامل مع هذه المخاطر وتعتمد على بناء إستراتيجية مواجهة شاملة تتخطى الأبعاد الأمنية وبناء نماذج مغايرة لتلك التي يتم الترويج لها لدى الجهاديين والمتابعة النفسية والاجتماعية لهذه المجموعات.
ثم انتقل بن ناصر لتناول مفهوم الأمن القومي، حيث أكد بعد استعراض لأدبياته بأنه يشير إلى مجمل الإجراءات التي تضمن الاستقرار الداخلي وضمان المصالح الخارجية مع إيجاد التنمية المستدامة للمجتمع، وبالتالي هو مفهوم متعدد الأبعاد، لا يتعلق فقط بفكرة الحلول الأمنية والعسكرية. وأضاف بن ناصر أن هناك تركيزا في العالم العربي على قضايا الأمن الوطني لكل دولة على حدة، على حساب الأمن القومي العربي ككل والذي يشمل عملية حدود العربية وإيجاد صيغة للتعاون المشترك بين مختلف الدول العربية. ومن ناحيته عقب الدكتور مجاهد الزيات على أن الحديث عن الأمن القومي العربي في هذه المرحلة التاريخية هو بمثابة حديث مثالي خصوصا أن الدول العربية أصبحت متنازعة فيما بينها ومختلفة على تعريف العدو الذي تتعداه كما هو في تعامل هذه الدول مع إيران وإسرائيل.
من ناحية أخرى، أوضح اللواء إبراهيم أن هناك ترابطًا عضويًّا بين الإرهاب في سيناء والتطورات الحادثة في قطاع غزة، فقد بدأت حركة حماس في بناء قوة عسكرية لها بأهداف بعيدة المدى، كما أن غزة بعد مرحلة الانسحاب الإسرائيلي من القطاع قد شهدت صعود جماعات ذات توجهات جهادية غير حماس التي بدأت في أعقاب استيلائه على القطاع حفر أنفاق بين القطاع وسيناء، وهي الأنفاق التي مثلت شريان الإرهاب الرئيس في سيناء حيث شهدت عبور الأفراد والمدربين الجهاديين والأسلحة الثقيلة والخفيفة التي تم تهريبها إلى داخل العمق المصري واستخدمت فيما بعد وقد أسهمت كل هذه العوامل في دعم التوجهات الجهادية في سيناء ومدها بالموارد. وأنهى إبراهيم بتوصيات ضرورية للدولة المصرية للقضاء على هذه الظاهرة.
وفي نفس الإطار، عُقدت جلسة «نقد الخطاب الديني»، التي أدارها الدكتور صباح ياسين؛ أستاذ الإعلام بجامعة البتراء بالعراق، وتحدث فيها كل من الدكتور رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع، والشيخ أحمد تركي، مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف، والدكتورة سمية فيطاني، الباحثة بمركز الملك فيصل في السعودية، والدكتور عبد السلام الطويل، الأستاذ الزائر بجامعة الملك محمد الخامس في المغرب.
وأكد الدكتور رفعت السعيد في بداية حديثه رفضه لاستخدام مصطلح «التطرف الديني» واستخدام مصطلح «التطرف المتأسلم» بدلاً منه، لأن التطرف هو الوصول بالشيء إلى منتهاه. فالتطرف الديني هو الوصول إلى مرحلة الإيمان الشديد، ولذا فإنه يجب استخدام مصطلح «التطرف المتأسلم».
وأضاف الدكتور أن عدم إعمال العقل هو بداية الطريق إلى التطرف، ففي النص القرآني معجزة ربانية، وهي ضرورة إعمال العقل في بعض آياته مثل (ألم- كهعيص) وكذلك آية «نخرج الحي من الميت» التي عند تأويلها تعني أن يتحول الكافر إلى مسلم موحد. وقد اتخذ البعض من الآيات القرآنية مبررًا وقام بتفسيرها تفسيرًا بعيدًا عن صحيح الدين، مثلما فعل الإرهابيون الجزائريون مع النص القرآني في سورة نوح، وما فعله حسن البنا بالخارجين عن الجماعة. فالمشكلة الحقيقية تبدأ وتنتهي بالتفسير النصي، واعتبار هذا التفسير هو المعيار الوحيد للإيمان، ومن يخالفه فهو كافر. وأشار أنه لا يمكن التعامل مع أي فكرة دون إعمال للعقل، فالتأويل عمل من إعمال العقل.
من جانبه، قال الشيخ أحمد تركي في بداية حديثه أن هناك تطورا في المداخل الفكرية لهذه الجماعات تختلف عن مداخل الجماعات الإرهابية قديما، وأنها أصبحت تعتمد على توظيف القرآن والسنة عن طريق الاستدلال الانتقائي، من أجل تبرير الأعمال الإجرامية التي تقوم بها، كذلك تعمل على اجتذاب الشباب عن طريق مغازلتهم بأحلام إقامة دولة الخلافة، ولكن الشيخ أوضح أن الخلافة ما هي إلا نظام ظهر في مرحلة معينة ليواكب ظروفها وأوضاعها، وأشار أن الرسول- صلى الله عليه وسلم - لم ينشئ الخلافة الراشدة، لكنه أنشأ المجتمع الراشد.
وأنهى الشيخ حديثه بأنه لا توجد في التاريخ الإسلامي ما يسمى بعقيدة الولاء والبراء، وأن الإسلام لا يوجد به إلا عقيدة التوحيد فقط، وأنه على مر التاريخ الإسلامي كان هناك العديد من المدارس العلمية والمذهبية المختلفة، لكن على الرغم من ذلك فإنه لم يوجد إرهاب أو تطرف.
وتحدث في الختام الدكتور عبد السلام الطويل الذي قال في مستهل كلمته إن ظاهرة التطرف وما يتصل بها من ظاهرة الإرهاب لا يمكن اشتقاقها مباشرة من النص الديني، بل في ظل محددات أخرى سياسية، وتاريخية، واقتصادية، وسيكولوجية، واجتماعية، وخارجية، لكن هذا لا يمنع من أن الصراع الحالي، هو صراع تأويل النص الديني. وقال إن هناك خلط بين منطق العقيدة الثابت ومنطق السياسة المتغير، ففكرة الحاكمية فكرة قائمة على التشريع، الذي أصبح في الدولة الحديثة وظيفة البرلمانات، لذا فإن إعمال العقل، أصبح هو الأصل والتوقيف هو الاستثناء. وأضاف أن المنظومة التعليمية في الدول العربية لا يمكنها مواجهة التطرف، بل على العكس فإنها تساعد على خلقه بسبب المركزية الشديدة التي تكرس نظام الطائفية، إلى جانب أنها منظومة تلقينية تلغي إعمال العقل. وأنهى الطويل حديثه بالتأكيد على وجوب تحقيق الحرية والعدل من أجل تحقيق جوهر الدين الصحيح.
وفي جلسة الإعلام ومواجهة التطرف التي ترأستها وفاء صنداي من المغرب، وتحدث فيها كل من الدكتور محمد إسحاق من موريتانيا، الأستاذ سمير عمر، مدير مكتب قناة سكاي نيوز عربية بالقاهرة، والكاتب الصحفي السعودي خالد بن حمد المالك. وأدارت الجلسة الكاتبة المغربية وفاء الصندي.
وتحدث خالد بن حمد المالك عن قيام بعض الكيانات بتغذية الإرهاب ورعايته، مبينًا أن الإعلام والتعليم والخطاب الديني كلها عوامل لها دور في العمليات الإرهابية، لكن بنسب متفاوتة، وتظل المسئولية الكبرى واقعة على الدول الراعية للإرهاب.
وتناول الدكتور محمد إسحاق تجربة موريتانيا في محاربة التطرف والإرهاب. وقال إنه في عام 2008، وضعت السلطة مواجهة الإرهاب ضمن أبرز أولوياتها، وفي نفس الوقت أدرك المسئولون أهمية تعزيز الحريات العامة لا القضاء عليها، فتم تحرير المجال الصحفي، كما دعمت الدولة الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والنقابات.
ولفت النظر إلى أن موريتانيا تتمتع بحرية إعلامية كاملة، فقد تم إلغاء المادة التي تنص على الحبس في قضايا النشر من الدستور، كما وضعت تقارير «مراسلون بلا حدود» موريتانيا على رأس الدول الداعمة للصحافة في الوطن العربي لعامين على التوالي.
وتحدث الأستاذ سمير عمر عن سبع حقائق في مجال الإعلام والتطرف. أولها أن تعريف الإرهاب يرتبط بالجهة التي تطلق هذا التعريف أو المصطلح. أما الحقيقة الثانية فهي أن الإرهابيين أنفسهم يدركون أهمية الإعلام، فكل المنظمات الإرهابية تؤمن بأهمية العمل الإعلامي في تصدير صورة ذهنية عن نفسها للمتلقي.
وأضاف أن علاقة الجماعات الإرهابية بالإعلام تعتمد على فكرة تصدير المصطلحات الخاصة بهم، كما أن الجهد الإعلامي ليس مقصورًا على إمكانات الجهات الإرهابية وإنما هناك قوى كبرى وأجهزة مخابرات ترعى هذه التنظيمات. وقال إن الحقيقة الخامسة هي أن هناك بعض وسائل الإعلام التي تعتبر نفسها نظريًا أداة تواجه الإرهاب فإنها في بعض الأحيان تقدم خدمات جليلة لتلك التنظيمات. وأشار إلى وجود إخفاق كبير من جانب بعض وسائل الإعلام في مجابهة الإرهاب، كما أنه في بعض الأحيان تكون المصلحة بين الإعلام والإرهاب مشتركة.
يقول الباحث و الإعلامي الشيخ غسان علي بو دياب مؤسس المنتدي العالمي للأديان والإنسانية فى لبنان هناك محور خطير وهو الخطاب الديني في وسائل الإعلام مؤكدا أن طبيعة العلاقة بين الأديان والإعلام هي دراسة لم يتم إشباعها بعد، وأضاف في تحليله لهذه العلاقة أن هناك أزمة ثقة تحكم العلاقة بين الإعلام والخطاب الديني في المناطق ذات الغالبية الإسلامية، فالخطاب الديني في وسائل الإعلام الفتنة علينا ، لكنهم يهنئون القائمين عليها سرا إما تنظيريا أو تحريضيا بعيدا عن الإقناع ومحورية النقاط المشتركة أو المساحة المشتركة باعتبار خلفية قهر الآخر والانتصار عليه في حلقة تليفزيونية هو جزء من المساهمة في الانتصار في المعركة الكونية ويضيف غسان أن المعنيين بالخطاب الديني يعارضون قنوات الفتنة علنا لكنهم يهنئون القائمين عليها سرا.
وينوه غسان إلي أن الخطاب الديني استفاد من وسائل الإعلام.. لكنه لم يطور الآليات المناسبة وحتي منظومة الحوار المناسبة له، كما أن بعض الفضائيات يتم من خلالها مهاجمة الحضارة الحديثة وتصويرها من مفردات كل محدث بدعة وكل بدعة في النار بالمقابل هناك قصور المضمون الثقافي واللغوي للقنوات الملتزمة عن اللحاق بركب القنوات العامة، وبالتالي إفساح المجال أمام أموال الأجندات علي طريقة الساحة الخالية والتخلي والقصور عن طرح شخصيات دينية من قامة العلماء المجتهدين و المجددين ومضامين فكرهم الإنساني.
وحول محور «الإرهاب الداخلي في أوروبا». أدار الجلسة الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني الأستاذ عبد الوهاب بدرخان، وتحدث فيها كل من الدكتور سعيد شحاته، المتخصص في شئون الحركات الإسلامية والأستاذ الزائر بعدد من الجامعات البريطانية، والدكتور إفتخار مالك، الأستاذ بجامعة باث بإنجلترا والباحث بالمعهد الملكي بالتاريخ وعضو بكلية ويلسون بجامعة أكسفورد، والدكتورة فرانشيسكا بيانكانا، أستاذة التاريخ من إيطاليا.
تحدث الدكتور سعيد شحاتة عن مواجهة التطرف الديني في أوروبا، وقام بالتركيز على بريطانيا، وقال إن هناك تشابهات كبيرة بين بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى، وذكر أن هناك تعدداً في مصادر التطرف الديني في أوروبا ومنها بريطانيا، وأهم تلك المصادر بعض المساجد التي تنشر فكر وفتاوى التطرف، وبعض المدارس الإسلامية التي تحاول بناء نظام قيمي يختلف عن قيم المجتمعات الأوروبية، وبعض المنظمات الإسلامية الخيرية، وبعض القنوات التليفزيونية التي تنشر الكراهية للدول الأوروبية، ووسائل التواصل الاجتماعي، ولاسيما الفيس بوك والتويتر وغيرها في تجنيد الجهاديين والجهاديات، والسياسات الخارجية لبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية تجاه العالم الإسلامي.
وذكر أن هناك عدداً من العقبات التي تعرقل مساعي بريطانيا في مواجهة التطرف والإرهاب ومنها الأئمة المتطرفون الذين يزورون المتهمين بالإرهاب ويغذون فيهم فكر التطرف، كذلك المحاكم الشرعية الإسلامية التي تميز ضد المرأة، والمواءمات السياسية للسياسيين ويطلق عليها Political correctness، والخوف وكراهية الإسلام Islamophobia التي تكمم أفواه من ينتقدون العمليات الإرهابية، والقيادات المسلمة وعدم قدرتها علي التعاون مع الحكومة، حيث يتم اعتبارهم جواسيس للحكومة من قبل الجالية المسلمة في بعض الأحيان، والنصوص الخاصة بالجهاد، ومعضلة اندماج المسلمين في أوروبا.
وفي الختام أكد ضرورة تقديم فكر ديني معتدل يدحض أسس فكر الجماعات المتطرفة، وتسليط الضوء على وجود المجتمعات المسلمة في البرلمانات الأوروبية والنجاحات التي يحققونها في مجالات مختلفة وأنه لا يتم التمييز ضدهم.
ودعا الأزهر أن يقوم كما قال ممثل شيخ الأزهر بالدور المنوط به لدحض كل الأسس التي تقوم عليها الجماعات التكفيرية مثل داعش والقاعدة، وضرورة استخدام وسائل التواصل والاتصال بصورة أكثر فاعلية، وتسليط الضوء من خلال الإعلام على المبادرات الناجحة في مجال مواجهة الفكر المتطرف.
من جانبه، تحدث الدكتور إفتخار مالك عن الإسلام في أوروبا، وأوضح أن الإسلام يعتبر أحد الموضوعات المهمة التي يتناولها الإعلام البريطاني والأوروبي، حيث إنه كل 7 دقائق هناك موضوع يُنشر أو يتحدث فيه عن الإسلام.
وأكد مالك أن المسلمين ليسوا كما يعتقد البعض وافدين جدد على أوروبا، بل إنه يوجد الكثير من المسلمين في العديد من الدول الأوروبية منذ مئات القرون، وأن هناك ارتباطا واتصالا موجودين دائما بين الإسلام والدول الإسلامية وأوروبا منذ زمن طويل. ورد الدكتور على المغالاة في نسبة المسلمين في أوروبا، وقال إن أحدث إحصائية عن نسبة المسلمين في أوروبا وصلت إلى 6% من المهاجرين أو المغتربين وأنها ستزيد إلى 7% خلال السنوات المقبلة نتيجة لحركة الهجرة من الدول الإسلامية والعربية إلى الدول الأوروبية في الفترة الحالية، لكنها لم تصل إلى 40% كما يدعي البعض.
ومن جانبها حملت الدكتورة فرانشيسكا بيانكانا الإعلام الإيطالي والمثقفين مسئولية دعم وصناعة التطرف ضد الإسلام، وأشارت أن هناك العديد من المثقفين الذين يسهمون في تشكيل الرأي العام تم منعهم، مما أدى إلى شعور الآلاف من الأشخاص بالتهميش والتمييز ضدهم بسبب تحميلهم مسئولية العنف الذي يحدث، على الرغم من احترام هؤلاء للقيم والثقافة المدنية والإيطالية، وذلك بسبب الاعتقاد الخاطئ والسائد بوجود منطقة رمادية بين المسلمين في أوروبا وداعش، الأمر الذي أدى إلى اليمين الأوروبي الجاليات المسلمة بإعلان صريح عن دعمهم للمؤسسات القومية والثقافة المدنية ورفضهم لداعش وأعمالها.
وأكدت في كلمتها على انتشار التطرف بين الشباب المسلم وغير المسلم في إيطاليا، وذلك لأسباب اقتصادية واجتماعية، وأن الإعلام يعمل بشكل كبير على تضخيم من فكرة هم ونحن، لكن يعتبر الإعلام أيضاَ أحد الحلول المهمة لمثل هذه القضايا.
وأقيمت جلسة أخرى بعنوان «التعليم والتطرف» أدارها الدكتور إلياس حلبى، الأستاذ الجامعي بجامعة البلمند من لبنان، وتحدث فيها كل من الدكتور حميد شهاب، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بغداد من العراق، والدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومي للبحوث من مصر، والدكتورة سلوى الدغيلي؛ أستاذة القانون الدستوري بجامعة بني غازي من ليبيا.
وفي كلمته أكد الدكتور حميد شهاب من العراق أن التخلف والجهل يؤديان إلى العصبية بمختلف أشكالها، سواء كانت عرقية أم دينية أو طائفية. والعصبية تؤدي بدورها إلى التطرف الذي في الأغلب يرفض الرأي أو الطرف الآخر، وأن التجارب أثبتت ودلت على أن التخلف والجهل والعصبية التي تتصف بها أي نخبة حاكمة هي أسوء بكثير من الديكتاتورية، من حيث الانعكاسات أو المردودات السلبية على المجتمع.
وأشار «شهاب» أن أهم الآليات للقضاء على الأمية والتخلف والجهل المؤدية إلى التطرف عن طريق العصبية هي التعليم، والتعليم الصحيح البعيد عن العصبية، وشدد شهاب على أهمية أن تتضمن مناهجنا التعليمية الأفكار والقيم الإنسانية، وإبراز هذه القيم من خلال القيم المشتركة لجميع الأديان السماوية والدنيوية. كما أن تتضمن هذه المناهج قبول بعضنا للبعض الآخر بغض النظر عن الانتماء الديني أو الطائفي أو العرقي.
ومن جانبه أكد الدكتور كمال مغيث من مصر أن الخطاب الديني بدأ يتسرب للمناهج، ووضع النصوص الدينية في المناهج، وبعض المدارس بدأت في رفض تحية العلم، وهيمنة الأفكار الإسلامية على التعليم، وأصبحت المدارس ذات طابع ديني، وهو ما سمح بخروج عدد من الشخصيات ذات الأفكار الإسلامية تتلقفها الجماعات الإسلامية بالخارج، ليصبح هناك مواطنون ضد الحداثة والأقباط، يرفضون الآخر، متمسكين بالأفكار الجهادية.
وأضاف أن مناهج اللغة العربية تحولت بصورة مباشرة إلى دروس في الدين الإسلامي المقررة على المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وأن مركزية الدين في مناهج اللغة العربية أصبحت واضحة للدرجة التي يصبح فيها الطالب لا يدرك الفرق بين مناهج الدين الإسلامي ومناهج اللغة العربية، كما يوجد ارتباط بين تلك المناهج وبين العنف، فالكثير من النصوص وشروحها لا تعطي أولوية للتسامح، ومن ثم فإنها تضرب الانتماء والتماسك الوطني في مقتل.
وأشار «مغيث» أنه لا توجد إرادة سياسية من الدولة لمواجهة هيمنة التيارات الجهادية والأمور تسير بشكل روتيني، وحتى محاولات المجلس القومي لحقوق الإنسان والمنظمات المدنية لم تؤت بثمارها، والمشكلة تتلخص في الإرادة أيضًا، خصوصا أن التعليم مؤسسة سيادية وسياسية، لكن لا توجد إرادة للتغيير لمواجهة سلبيات المرحلة السابقة، وما دام تعامل الدولة مع أفكار المواطنة في التعليم بشكل سلبي لن يحدث التغيير.
وبدورها أكدت الدكتورة سلوى الدغيلي من ليبيا أنه على الرغم من أن الحملات الأمنية ضرورية لمكافحة خطر الإرهاب المتزايد في مصر، فإن التعليم والتنمية يمثلان أداتان لتنشئة جيل سليم قادر على محاربة الأفكار المتطرفة السائدة في الدولة العربية الأكثر اكتظاظًا بالسكان، وأن التطرف يأتي في الغالب نتاجا للتعليم غير الصحيح، جنبًا إلى جنب مع عدم وجود قنوات مناسبة للشباب لتفريغ طاقاتهم والمشاركة بشكل إيجابي في مجتمعاتهم، سواء من خلال الأنشطة السياسية أم الثقافية أم غيرها
وأشارت «الدغيلي» أن التعليم هو المفتاح الحقيقي الذي يشكل عقول الأطفال، فالشباب من سن 18 حتى 25 عامًا هم الأكثر عرضة للأفكار المتطرفة بسبب حساسية سنهم، وخبرتهم، وافتقارهم للمسئوليات الاجتماعية، وانعزالهم عن الواقع، وأحلامهم المثالية».
وفي نهاية حديثها شددت «الدغيلي» على ألا تكون كتابة المناهج التعليمية أو نصوصها حكراً على طائفة أو مكون معين، مهما بلغت هذه الطائفة أو المكون من قوة في الدولة أو المجتمع، وإنما يجب أن تشكل لجنة أو هيئة من الخبراء المختصين من مختلف مكونات المجتمع، بمعنى أن يكون لأي أقلية دينية أو عرقية مهما صغر حجمها ممثل في هذه اللجنة أو الهيئة.
وشهد المؤتمر عقد جلسة نقاشية حول «المرأة والإرهاب» أدارتها الناشطة والحقوقية اللبنانية دانيال الحويك. استهلت الحويك الجلسة بتناول المحاور العامة التي دائمًا ما تثار عند نقاش علاقة المرأة بالجماعات المتطرفة والإرهابية، حيث أشارت أن هناك من يرى أن المرأة مشاركة في صناعة التطرف، وهناك من يرى أن النساء مشاركات أساسيات في مواجهة الإرهاب، كذلك دائمًا ما تطرح عوامل تهميش المرأة السائدة في العالم العربي كسبب مفسر لانخراط النساء في مثل هذه الحركات. لذا يتطلب النقاش الجاد لهذه القضية محاولة وضع إستراتيجيات فاعلة لمواجهة هذه الظاهرة وضرورة تعزيز الوضع الاجتماعي للمرأة.
من ناحية أخرى، تناول المتحاورون الموضوع من زوايا مختلفة خصوصا من زوايا الجماعات الجهادية، حيث استعرضوا شهادات من عدة دول عربية عن تعامل هذه الجماعات مع النساء. وذكر أحد المشاركين أن السبب الرئيسى وراء التحاق بعض النساء بالجماعات الإرهابية هو اجتماعي وليس دينيا، فيما ذكرت متداخلة أخرى أنه بعد الثورات العربية لم يتحسن وضع المرأة كثيرًا، ففي ليبيا، تم رفع الحظر المفروض على تعدد الزوجات على نحو سبب خيبة الأمل للدوائر النسائية مضيفة أن هناك من يجبرن على الالتحاق بجماعات مثل داعش بفعل الإجبار الذي يتعرضن له من أزواجهن أو أبنائهن أو إخوتهن، في المقابل فإن الثقافة الذكورية السائدة في العالم العربي تحط من شأن المرأة وتتعامل معها على أنها شيء.
وشهدت الجلسة شهادات حية عن الكيفية التي تستقطب بها جماعات مثل تنظيم الدولة الفتيات الصغيرات خصوصا في أوروبا عن طريقة بناء صورة مثالية، وذكر آخرون أن ممارسات داعش بحق النساء سبق أن مرت بها بلدان مثل الجزائر التي رأت في صراعها مع الجهاديين حالات اضطهاد وقتل واغتصاب جماعي للنساء. وتطرق بعض المشاركين إلى بعض الإستراتيجيات التي يمكن اتباعها لتفعيل دور المرأة في مكافحة التطرف.
وقالت بدرة قعلول الباحثة التونسية بالمركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية في بحثها عن «انخراط المرأة في التنظيمات الإرهابية» إن هذه الظاهرة بدأت من إفريقيا ثم تسربت للشرق الأوسط و تم استقطاب النساء عن طريق إستراتيجية بناء مستقبلي للمجتمع الإرهابي وكذلك لتنفيذ العمليات الإرهابية فالتكوين النفسي والاجتماعي والعقلي للمرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية يجعلها تتأثر عاطفيا ووجدانيا بالظروف التي تحيط بها، بالإضافة أن طبيعة التربية التي تتلقاها المرأة بتوجيه ومرجعية ذكورية متسلطة وطبيعة البيئة التي تعيش في محيطها والنظرة الدونية للمرأة أسهمت في خلق إحساس خاص تجاه المشاركة في مثل هذه العمليات بجميع أشكالها بحيث اعتبرتها الصورة التي تعيد إليها ثقتها وتجعلها تشعر بأنها تستطيع التاثير في مجريات الأحداث، وقد استغل فكر هذه التيارات المتطرفة هذه النظرة للمرأة وسهلت عليهم مهمتها في استدراجها وجعلها أداة من أدواتهم.
وفي كثير من الأحيان تم استخدامها للترويج للفكر الإرهابي في محيطها وبين أقاربها وأيضا تم توظيفها في عملية جمع الأموال واستغلال سذاجة بعض النساء وحبهن لأعمال الخير خصوصا إذا كانت هذه الأموال ستقدم إلي يتيم أو أرملة.
وجدير بالذكر أن أغلب المجندات ينتمين إلي بيئة سلفية تكفيرية و تم توظيفهن تحت التهديد وغسيل الدماغ والكثير منهن زوجات لعناصر في التنظيم بتشجيع من الأب أو الأخ أو الزوج المتعاطف مع الفكر التكفيري.
وعن دوافع انضمام المرأة إلي التنظيمات الإرهابية تقول الباحثة: إن أغلبهن لديهن رغبة الهروب من واقعهن والبحث عن الذات، بالإضافة إلي شعف الشخصية والميل إلي ممارسة السلطة، بالإضافة إلي وجود نزعة العنف والتعذيب والانتقام وأيضا ضعف التحصيل العلمي والمعرفي، وصغر سنهن وسهولة التأثير علي بعضهن، بالإضافة إلي العنوسة.
أما عن دوافع التنظيمات الإرهابية لتجنيد المرأة فتري الباحثة أنها تكمن في أن الوصول للمرأة ووسائل تجنيدها أقل كلفة من تجنيد الرجل وأن تجنيد المرأة أكثر فداحة من تجنيد الرجل، بالإضافة أن تجنيد المرأة أصبح يعني لهم تجنيد نصف المجتمع خصوصا في ظل خصوية المرأة وسهولة تحركها وتخفيها بسب ثقافة وعادات مجتمعاتنا.
وعن أدوار المرأة داخل التنظيمات الإرهابية تري الباحثة في أنها تتلخص في ستة أدوار وهي الأمومة والتسويق خصوصا مع التقدم التكنولوجي وتطور وسائل الإعلام وكذلك حفظ الأمن فعندما يغادر الرجال إلي الغزوات فإن هناك من النساء من تتولى حفظ الأمن، والسهر علي النظام في الأحياء ومنهن الشرطة النسائية.. أيضا للمرأة وظيفة تقليدية وهي التمريض والتطبيب.. وأيضا التدريس فالمرأة لا يدرس لها إلا المرأة.
وتناول المؤتمر أيضا «شهادات الشباب» تحدث خلالها مجموعة من الشباب ممثلين عن دول مصر، وليبيا، ولبنان، وموريتانيا، ناقشوا خلالها الأسباب التي تدفع الشباب إلى التطرف في كل من الدول الأربعة، والسياسات التي اتبعتها كل دولة من هذه الدول لمواجهة والقضاء على التطرف، والحل من وجهة نظرهم. وتم التوصل إلى أن الأسباب التي تدفع إلى التطرف هي انسداد الأفق السياسي وغلق المجال العام أمام الشباب للتعبير، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتضاؤل دور الأسرة في عملية التربية والتنشئة، وجمود ومركزية العملية التعليمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.