أكذوبة خبر وجود خليفة تنظيم داعش فى سرت الليبية - اللواء محمد بلال: سرت مسرح عمليات نموذجى ولا تصلح أن تكون مدينة قيادة مركزية لداعش عندما نشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية الأربعاء 9 ديسمبر خبرا بعنوان "أنباء عن وصول أبو بكر البغدادي إلى مدينة سرت الليبية إثر نجاته من غارة جوية في العراق". يبدو أن وسائل الإعلام الغربية والعربية تناست مصدر الخبر الذي نقلت عنه صحيفة ديلي ميل البريطانية وهو جريدة الشروق الجزائرية، الّتي نشرت عن بعض المصادر الليبية وجود معلومات فى مدينة سرت تؤكد وصول أبو بكر البغدادي، الخميس 3 ديسمبر الحالى إلى المدينة بشكل مفاجئ. الخبر الذى هز وسائل الإعلام العالمية، مصدره بعض الصحف العربية بهدف الإثارة والإشارة، وليس سوى محاولات فاشلة من بعض الصحف لكي يشار إليها وينقل عنها مثلما فعلت ديلي ميل مع صحيفة الشروق الجزائرية. وفى الوقت التى يتوجه تنظيم الدولة لبسط سيطرته على مساحات جغرافية أوسع فى الوسط الليبى، ويحاول الانطلاق من مدينة سرت الساحلية شرقا ليسيطر على منطقة الهلال النفطى، مع تزايد ملحوظ فى تدفق أعداد مقاتلى التنظيم خاصة بعد تعرضه لضغط الضربات الجوية الروسية والفرنسية بسوريا خلال الفترة الحالية. وفى الوقت التى ذكرت وكالة أنباء فوكس نيوز عن بدء تدريب بعض الانتحاريين بالتنظيم على قيادة طائرات صغيرة تستطيع تهديد أهداف حيوية على الشاطئ الأوروبى. أصبح من الضرورى والملح مواجهة داعش فى ليبيا بتحالف دولى ربما قريبا، تتكون نواته من مصر وإيطاليا وفرنسا وربما روسيا أيضاً، ويبقى اختيار الوقت المناسب، فتأخير ظهور هذا التحالف أملاً فى التوصل لحكومة وفاق وطنى ليبى، حتى لا يستغل هذا الانقسام الحالى من قبل تنظيم الدولة، وتكون الضربات الجوية للتحالف مؤثرة وداعمة لتحرك عسكرى للجيش الليبى. أكد مصدر عسكرى ليبى رفيع ل«الأهرام العربى» استبعاد وجود أبوبكر البغدادى فى سرت حسب معلوماته. أضاف أن ما ينشر فى وسائل الإعلام الغربية لا يعنى أنه الحقيقة، لكنه أكد أن التنظيم يشهد تدفقا كبيرا وملحوظا لأعداد من المقاتلين الأجانب، وذلك تمهيدا لشن هجوم على منطقة الهلال النفطى وهى المنطقة الممتدة شرق مدينة سرت حتى غرب مدينة بنغازى، وتشمل رأس لانوف وميناء السدرة والبريقة ومدينة أجدابيا، للسيطرة على النفط الليبى والتمدد شرقا للالتحام بعناصر داعش وأنصار الشريعة التى ما زالت تسيطر على بعض أحياء بمدينة بنغازى، وزيادة أعداد مقاتلى داعش التى تواجه قوات الجيش الليبى ببنغازى، أما الأنباء عن وجود قائد داعش فى سرت فهى غير دقيقة.وأكد المصدر العسكرى على ثلاث حقائق تنسف وصول خليفة تنظيم الدولة أبوبكر البغدادى لمدينة سرت. الطبيعة الجغرافية لمدينة سرت تقع سرت فى منتصف الساحل الليبى، وتبعد عن العاصمة طرابلس 450 كيلو شرقا، حيث تبلغ مساحة المدينة نحو 70 ألف كيلو متر مربع، وذات طبيعة صحراوية منبسطة، أى أن تضاريسها الجغرافية لا تحتوى على جبال أو مناطق غابات كما هو الحال مثلا فى طبيعة مدينة درنة ومدن الجبل الأخضر، فطبيعة سرت لا يمكن أن تشكل مأمنا طبيعيا وحاجزا أمام عمليات الجيوش النظامية وتعتبر مثالية للطلعات الجوية. الطبيعة السكانية ينحدر سكان مدينة سرت من ست قبائل عربية هم: القذاذفة وأولاد سليمان والفرجانى والمحاميد والعمامرة والجماعات. ليشكلوا عدد سكان سرت حسب آخر إحصاء قبل الثورة الليبية فى 2011 نحو 70 ألف نسمة، وهى مسقط رأس معمر القذافى وآخر مدينة حاول الهرب إليها، وتم إلقاء القبض عليه وقتله فى أكتوبر2011 ، مما أوجد حالة نزوح لعدد كبير من عائلات المدينة، خاصة المرتبطة بنظام القذافى للسفر إلى دول الجوار مصر وتونس، وأن أكثر من نصف سكان المدينة ترك سرت وسافر خارج ليبيا، وأهالى سرت تشكل كتلة كبيرة فى عدد المهجرين إلى الخارج بعد ثورة فبراير. مع ظهور تنظيم داعش فى المدينة وتضييقه على المواطنين مما أدى لوجود احتقانات انتهت بقتل وذبح مئات من أبناء قبائل المدينة من قبل التنظيم، وبسط سيطرته الكاملة عليها وإعلانها إمارة إسلامية أضطرت عائلات كثيرة للنزوح خارج المدينة، مما يعنى أن المتبقى من أهالى المدينة لا يشكلون أكثر من 10% من عدد السكان الأصلى أى حوالى 7000 نسمة، وهى كتلة سكانية عددها قليل جدا ولا تشكل مأمنا للاختفاء أو الاحتماء بها، بجانب أن التنظيم لم ينجح فى إقناعها بالانضمام لصفوفه أيدلوجيا وفكريا لكنه يسيطر على المدينة بقوة السلاح. الطبيعة العسكرية برغم وجود تأكيدات وتصريحات عسكرية ودبلوماسية ليبية عن تدفق المقاتلين الأجانب لمدينة سرت، ووصول أعدادهم بالمدينة لأكثر من 5000 مقاتل وربما يزيد هذا الرقم للضعف فإنهم محاصرون غربا بقوات مصراتة التى يبلغ درع الوسطى فقط نحو 35 ألف مقاتل بجانب مجموعة من الكتائب واللواءات العسكرية، وشرقا منطقة الهلال النفطى الذى يسعى التنظيم للسيطرة عليها خلال الفترة المقبلة، برغم تكبده خسائر فادحة فى مدينة بنغازى من قبل قوات الجيش الليبى الذى يسيطر على جميع مدن الشرق باستثناء مدينة درنة التى استطاعت أيضا تكبيد تنظيم داعش خسائر كبيرة وإنهاء إمارته الداعشية على المدينة، ونقل المواجهات لأطراف مدينة درنه، برغم استمرار تعنت المجتع الدولى والدول الغربية فى عدم تمكين الجيش الليبى باستيراد الأسلحة والذخائر، وعدم البدء فى توجيه ضربات جوية لأماكن تمركز داعش داخل ليبيا، مما يعنى أن وجود وتمدد تنظيم داعش مرهون بإستمرار الوضع الحالى فقط واستغلال حالة الفراغ الأمنى والسياسى الليبى فى التمدد. وأضاف المصدر العسكرى، فى حالة أن قرر العالم تقديم دعم عسكرى للجيش الليبى ومساندته بتوجيه ضربات جوية مكثفة ضد مواقع التنظيم، سيتغير الوضع كاملا وستكون مدينة سرت أولى المدن التى سيتكبد فيها تنظيم الدولة خسائر فادحة. ويرى المصدر العسكرى أن تسريب خبر وصول أمير داعش إلى سرت للإعلام، ربما للتغطية على تواجده للعلاج فى تركيا بعد ورود أنباء عن احتمال إصابته فى إحدى غارات التحالف الدولى، فالأقرب أن يختبئ فى أكثر الدول دعما وتعاونا مع التنظيم "تركيا". كما أكد الخبير والمحلل العسكرى اللواء أركان حرب محمد أحمد بلال قائد القوات المصرية المشاركة فى تحرير الكويت "عاصفة الصحراء"، أن سرت مدينة مفتوحة ولا تصلح أن تكون مدينة آمنة لأبى بكر البغدادى. وماذا يفعل وما هو الداعى لوجوده فى سرت أبو بكر البغدادى يعتبر كقائد عام لعناصر داعش سواء الموجودة فى العراق وسوريا وبعض عناصرهم الموجودة فى اليمن وفى ليبيا. فلماذا يذهب لسرت وهو يعلم أنها ليست المكان الذى يستطيع أن يتولى منه القيادة ولن يكون آمنا فى هذه المدينة، وهو يعلم تماما أنها أقرب الجيوش إلى ليبيا وإذا وجد بها ستعمل على تصفيته، أو القبض عليه هو الجيش المصرى فمن المستحيل أن يوجد فى مدينة يمكن أن يطالها الجيش المصرى أقوى الجيوش العربية بالمنطقة. وهو يعلم جيدا أن عناصر داعش لا تستطيع أن تتعامل مع الجيش المصرى بنفس الأسلوب الذى تعاملوا به مع الجيش العراقى والسورى، وما حدث فى سيناء خير دليل ويؤكد كلامى محاولة فرع داعش فى سيناء أو كما يسمون أنفسهم ولاية سيناء فى مواجهة الجيش المصرى بشكل مباشر تكبدت خلالها عناصرهم الإرهابية خسائر فادحة، بجانب طبيعة الأرض المفتوحة بمدينة سرت اتفق مع مصدركم العسكرى الليبى بخصوص الطبيعة السكانية للمدينة فسرت تعتبر عسكريا مدينة غير آهله بالسكان وهى مسرح عمليات نموذجى. فعسكريا سرت لا تصلح نهائيا أن تكون مركز قيادة مركزياً لهذا التنظيم.