دينا ريان المكان.. نفق الشهيد أحمد حمدى.. الوسيلة الوحيدة المهمة التى تربط سيناء بينا! الحدث.. توقف حركة مرور النفق من شرم إلى القاهرة، ومن القاهرة إلى شرم الشيخ ساعات وساعات قد تصل إلى يوم كامل! المصيبة.. تأمين النفق عبارة عن ضابط واثنين مجندين برشاشات، ومعهم على ما أظن ضابط مباحث يشير بيده وعدى وخلصنا.. وشباب يهبط من الأتوبيسات والميكروباصات يحمل حقائبه ويعد النفق سيراً على الأقدام!! الحكاية: بدأت بقصد شريف. أى والله كان قصدنا شريف بعد أن شنفت آذاننا قنواتنا الإعلامية الافتكاسية بضرورة وأهمية تنشيط السياحة الداخلية. وكالعادة فتحنا صدرنا وحملنا شعار تنشيط السياحة، وسافرنا إلى شرم الشيخ ومنها إلى دهب ونشط السياحة نشط! فى الحقيقة نحن نعرف شرم الشيخ مدينة السلام من زمان، لكنها أصبحت أكثر سلاماً بعد أن «أصبحت فاضية بتنش»، ما علينا قلنا ننشط السياحة أكثر وأكثر وأكثر ونسافر إلى دهب أكبر بقعة بها طاقة إيجابية فى العالم كله، كنت ورفيقات الرحلة نحتاجها فى حياتنا، ويا ريت هيئة تنشيط السياحة ووزارة السياحة تسيح وتسيحَّ وتنشط السياحة من منطلق وجود الطاقة الإيجابية لكثير من البشر، الذين يبحثون عن نظام الطاقة والتأمل والطب البديل وغيره وغيره.. سرنا فى الأسواق فى شرم وفى دهب والأمل لم ينقطع من أصحابها ولا منا، وحتى ننشط أنفسنا أكتر وأكتر والأماكن التى نتوقف بها وذهبنا بالعربة الطائشة! الطرق فعلا الله ينور ومحطات الاستراحة على طول الطريق نظيفة بأهلها واهتمامهم بها لتنشيط السياحة أيضا! والرزق يحب النظافة مثلما يحب الخفية، رحنا فى 6 ساعات واستمتعنا بالطريق وبالأيام هنا وهناك، برغم عدد الكمائن الرهيب من ضباط يمارسون عملهم على أكمل وجه من تفتيش وتفحيص وتمحيص، لكن أليس هذا هو المطلوب؟ نعم ذهبنا فى 6 ساعات، لكن مش عارف ليه والله أعلم عدنا فى 12 ساعة متورمى الخدود من كثرة اللطم عليها والولولة «أنا اللى جبت ده كله لنفسى». 6 ساعات طريق و6 أخرى واقفين فى انتظار الفرج أمام نفق الشهيد أحمد حمدى! أسأل الضابط الوحيد الواقف عن سبب هذا الانتظار الرهيب يبتسم ويكاد يربت على كتفى من شدة الأدب والأسف ويقول: إن شاء الله حتمشى! لكن اختبار الصبر طال مثلما طال طابور العربات والناقلات والمقطورات فى منظر مهيب مخيف فى غاية الخطورة. انتفخت أوداج إحدى صديقاتى، وكالعادة اخترقت طوابير الرجال نتقدم الصفوف وأنت تعلم قدرة المرأة المصرية على صنع الأحداث والمعجزات وقدرتها على الصبر والصمت! عادت صديقتى وصواميل ومفاتيح قدرتها على التحمل قد طارت. وقالت: ذهبت حتى الكارثة؟! ولم أجد مسئولا يجيب أو حتى لا يجيب! لكننى رأيت شبابا يهبط حاملا حقائبه يعبر النفق سيرا على الأقدام! وهذا بالطبع شىء يحمل فى ظاهره الرحمة وفى باطنه الله ينور برضه الواحد يحرص وما يخونش، مش كده ولا إيه؟ فى حركة لا إرادية عصيبة، وأنا أنظر لسيدة أخرى فى عربة مجاورة يبدو أنها مريضة، وقد بدأت تغيب عن الوعى، ضغطت «كلاكس العربية»، وفى فمتو من الثانية وجدت هيستيريا مجنونة من ورائى يضغطون مثلى، بغضب وسخط يهز كيان هذا النفق العظيم، وبأسلوب ساخر من أحد الأفراد الذى يركب عربة فى مخرج الطوارئ! وهو ينتظر مثلنا، قال: لما ييجى عليكو الدور تدخلوا النفق حتعرفوا السبب بأنفسكم فزورة اتحلت بعد أربع ساعات أمام الكارثة، إن النفق تحت الصيانة والشركة المسئولة عن تلك الصيانة تضع ما بين ثلاثة إلى أربعة أفراد و«صوت يا صاين»! وهكذا، قسموا النفق قسمين، قسم تحت الصيانة! وقسم يحمل المركبات رايح جاى، يقف أحد الجانبين ساعات حتى يسمح بالجانب الآخر بعد ساعات. والنتيجة أكوام وأكوام من المقطورات والأتوبيسات والعربات أمام نفق مهم يعمل بنصف طاقاته، ليربط بين شطرى الدولة! سيبنا من تنشيط السياحة، وخلينا فى الناحية الأمنية والإستراتيجية، هل هذا يجوز؟ لا أدرى إلى أن أخبرت أحد زملائى عند العودة إلى العمل فقال بمنتهى الثقة: إن الأمن يقصد هذا حتى يطبق على زمام الأمور، ولولا أن هذا الزميل صديق لكنت أطبقت على عنقه مثلما يطبق الأمن على زمام أمور النفق! وبرغم كل ما قيل لى حتى يطمئنوا فزعى، فإننى أطلقها صرخة.. يا سيدى الرئيس نفق الشهيد يستغيث!