وفاء فراج احذر هناك جاسوس فى بيتك وجيبك يتبعك كظلك، إن لم تنتبه لمخاطره، هذا الجاسوس هو الإنترنت ووسائل الاتصال الرقمى الحديثة الموجودة فى أجهزة الكمبيوتر فى العمل والمنزل والتليفونات المحمولة الحديثة التى تستخدم تقنية (الثرى جى)، وهذا ما حذر منه الدكتور (محمود علم الدين)، رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة من خلال كتابه الذى تناول فيه الحديث عن الإعلام الرقمى ووسائط الاتصال الحديثة التى لا تعد جاسوسا فقط بل هى ما أدت للفوضى الإعلامية التى يعيشها العالم، وكانت أداة للدول الكبرى وأجهزة المخابرات لقيام الثورات وتفتيت العالم العربى والنامى.. كل هذا وتفسيرات أكثر نعرفها من أستاذ الصحافة فى الحوار التالى: عملت أكثر من كتاب عن الصحافة الإلكترونية منهم السلطة الخامسة وكتاب الإعلام الرقمى الجديد سر اهتمامك بهذا المجال؟ نحن نعيش منذ أكثر من ربع قرن فى تحول درامى فى البيئة التكنولوجيا، والعالم انتقل من أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات إلى عصر الحاسبات الإلكترونى، والصحافة بطبيعة الحال تأثرت كما تأثرت كل مجالات الحياة بهذه الثورة التكنولوجيا، وكذلك الإذاعة والتليفزيون، وانتشرت وسائط جديدة عملت طفرة فى هذا المجال، وهما الإنترنت والتليفونات المحمولة والتى أصبحت تسمى وسائط الاتصال الرقمى، وكل يوم نجد اكتشافا جديدا فى هذا الشأن، من هنا جاءت أهمية الكتابين، الأول عرضت فيه معلومات متكاملة عن الموضوع وجوانبه المختلفة الحالية والمستقبلية وأبعادها على صناعة الإعلام والإنسان بشكل عام، أما الكتاب الثانى السلطة الخامسة رصد فيه التأثيرات التى أحدثتها تلك التكنولوجيا فى المجالات السياسية، وكيف أن الإعلام الرقمى الجديد فى طريقه لتصدر المشهد على المستويين الإعلامى والسياسى. لهذا السبب أطلقت على الإعلام الرقمى مسمى السلطة الخامسة ؟ بالفعل أطلقت على الإعلام الرقمى مسمى السلطة الخامسة، لأن صحافة المواطن التى أصبحت منتشرة جدا من خلال الموبايلات ووسائل النت أصبحت تنافس وبقوة طرق الصحافة التقليدية. لهذا الأمر تنبأت بانتهاء عما قريب مستقبل الصحافة الورقية؟ هناك أساتذة إعلام ومنهم "دانسون" قد وضع جدولا بانتهاء الصحافة الورقية من عام 2017، لكن عند التعامل مع هذا الموضوع يجب أن نأخذ فى الاعتبار أنه لم يحدث أن جاءت وسيلة لتلغى وسيلة أسبق، بل على العكس دائما المجتمع فى حاجة إلى المزيد، فلم تلغ الإذاعة الصحف أو يلغى التليفزيون الإذاعة، لكن فى حقيقة الأمر أن هذا يؤدى لمزيد من التنافس وتطوير النفس وانتهاج وسائل جديدة، وللعلم أن عدد قراء الصحف ملياران ونصف مليار يقرأون صحفا مطبوعة، و600 مليون يقرأون الصحف على الإنترنت، إذن مازالت الصحف المطبوعة هى الأغلب، وتخيلى أن الصحافة ستعيش ولن تنتهى ولكن ما قد يتأثر هو الأخبار التليفزيونية، فالإنترنت مهدد حقيقى له . هل تسبب الإعلام الرقمى الجديد فى خلق فوضى إعلامية ؟ الإنترنت وهو الإعلام الجديد الآن له من النواقص الكثير، لأنه أصبح وسيلة للمعلومة سواء كانت معروفة أم مجهلة، وسواء كانت حقيقية أم ملفقة والكل أصبح يعتمد عليه فى نشر المعلومات حتى الصحف والتليفزيون دون معايير حاكمة، فأصبح بالفعل هو أكثر الأمور التى سببت فوضى إعلامية نعانى منها جميعا، ومعلومات مغلوطة تنتشر كالنار فى الهشيم، ومشكلته تكمن فى أنه إعلام حر بلا قيود وفيه تجاوزات قد تنذر بالخطر على العالم كله. هل هناك ضوابط أو حلول تنقذ العالم من هذه الفوضى؟ حتى الآن لم يجد العالم الغربى وسيلة ضابطة لهذا النوع من الإعلام الحر الذى يكتشف فيه كل يوم جديدا، حيث إن لدينا نوعين من النشر على الإنترنت، الأول نشر احترافى، وهو الذى تنظمه القوانين وتعمله شركات إعلامية محترمة وهى المواقع الإخبارية، والثانى وسائل الإعلام الاجتماعية أو صحافة المواطن أو الإعلام الشعبى، كما أطلق عليها ومنها المدونات وشبكات التواصل الاجتماعى " الفيس بوك " و"توتير " و"اليوتيوب " و"الإنستجرام "، وهنا تكمن الكارثة، لأن المواطن لا تحكمه ضوابط فيكتب كما يحلو له، ومن هنا يجب على الدولة أن تتبع قواعد مهمة وهى الرصد، والمراقبة، والملاحقة، والاحتجاب، والتوعية، وهذا ما طرحته فى كتبى التى تتحدث عن الإعلام الرقمى . للإعلام الرقمى تأثيرات سلبية على الحياة الاجتماعية للمواطن قد رصدتها، وضحها أكثر؟ للأسف برغم أن الإعلام الرقمى له إيجابيات كثيرة، ولكنى أجد أنه مع الاستخدام غير المقنن أصبحت مساوئه أكثر من إيجابياته، وأرى خطايا عشر لهذا النوع من الإعلام صعب السيطرة عليها، ومنها التجسس والاختراق لخصوصية الإنسان، حيث إنه مراقب 24 ساعة من وسائل الإعلام الرقمى من حوله من خلال الموبايل والكمبيوتر الذى يحيط به فى كل مكان، إضافة إلى انتهاء سيادة الدولة على مواطنيها وزيادة عمليات التجسس، كما ظهر من فضيحة سلوجن، وهو برنامج للتجسس أمريكى، كما أن هذا النوع من الإعلام أصبح أداة من أدوات الجماعات الإرهابية للتواصل والاستقطاب والتجنيد، تعليم طرق العمليات الانتحارية وصناعة القنابل، بخلاف أنه أداة لنشر الجرائم الإلكترونية والرقمية التى على سبيل المثال انتحال الهوية، التحرش الإلكترونى، الغواية الإلكترونية والمطاردة، لدرجة أن هذا النوع من الجرائم أصبح يمثل ظاهرة وخطرا حقيقيا فى دول مثل السعودية. لأى مدى أفاد المجتمع الاستخدام السياسى لوسائل الإعلام الرقمى ؟ هى إشكالية ضخمة، لأن الإعلام الرقمى فى استخدامه السياسى فى ظاهره يستخدم من أجل التعبير عن الرأى وتوصيل الأصوات لمتخدى القرار، ولكن فى باطنه تقوم المنظمات المخابراتية وكبرى الدول باستخدامه كوسيلة لتحفيز الشباب والتعبئة والحشد والمعارضة لتغيير الأنظمة الحاكمة والقيام بثورات وتقسيم وتفتيت دول، والخطورة هنا لأن هذا المخطط موجه للعالم العربى والنامى، وقد ثبت أن هناك مبادرات طرحتها أمريكا لتغيير الأنظمة، وكان الإنترنت من أهم وسائلها لهذا الأمر، وقد ثبت بالفعل أن وسائل التواصل الاجتماعى والإنترنت أكبر مصيدة للجواسيس على مستوى العالم، فليس هناك داع لتجنيد جواسيس، فالشباب أصبح يكتب كل ما يخصه ويخص حياته ومجتمعه وما هو ناقم عليه وما هو يحبه وهكذا، كما أنشئت ما سميت اللجان الإلكترونية التى كل همها نشر الشائعات والفوضى فى المجتمع وتدعيم العنف فى الدول، وقد عانينا الأمرين ومازلنا من ميليشيات الإخوان البارعين فى ذلك الأمر. مما أوضحته فى السابق هل يجب أن نستغنى عن استخدام الإنترنت فى الإعلام والتواصل؟ بالطبع لا يمكن، فكما للإنترنت مساوئ هناك إيجابيات مهولة لو أرادت مصر والعالم العربى أن يستفيدا بوسائل الإعلام الرقمى بشكل صحيح يمكن توظيفه لمنافع مقابل أخطاره، ومنها الاستفادة منه فى الوصول السريع للمعلومات الصحيحة، ونظم التعليم، العلاج عن بعد، التوثيق، السياحة، التسلية، الاقتصاد، ولكن للأسف لا نستخدمه فيما يفيد بل، إننا فى الوطن العربى يتم استخدام وسائل الإعلام الرقمى بشكل خاطئ جدا، فهو إما لتغيير عادات اجتماعية أصيلة وتغريب لعقول الشباب، أو لنشر معلومات وشائعات مغلوطة أو للبحث عن كل ما يخص الجنس من مشاهدة ومتابعة أو نشر وفى الأغلب الأخيرة هى التى تأخذ الصدارة فى استخدام وسائل ووسائط الإعلام الرقمى فى مجتمعاتنا العربية، فكل الإحصائيات أكدت أن الوطن العربى أكثر مشاهدة ومتابعة للمواقع الإباحية على مستوى العالم . لذلك لابد من التوازن وعمل ما يلزم من ضوابط لاستخدام وسائل الإنترنت والإعلام الرقمى فيما لا يضر بالمجتمع ولا يسهم فى فوضى وتغيير الوعى, ونحدد الضوابط من خلال قوانين ومواثيق شرف ووضع مبادئ المساءلة والمحاسبة وتفعيلها، ويكون للدولة رقابة قوية على وسائل الإعلام سواء التقليدى أم الرقمى.