الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    رضا فرحات: ثورة 23 يوليو تاريخية.. والسيسي امتداد لمسيرة الاستقلال والقوة    مصر تجذب 9.8 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال 9 أشهر    البورصة تخسر 13 مليار جنيه.. تراجع جماعي للمؤشرات باستثناء "إيجي إكس 70"    أخبار السعودية.. المملكة تجدد رفضها لانتهاكات الاحتلال في غزة وتدعو لتحرك دولي عاجل    هل يواجه المستشار الألماني ضغوطا لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل؟    علي معلول يخضع للكشف الطبي في ناديه الجديد    «انتهت رحلتي».. نجم اتحاد طنجة يوجه رسالة إلى جماهيره قبل الانتقال للزمالك    نتيجة الثانوية العامة 2025 عبر أهل مصر.. سجّل رقم جلوسك الآن    عروض زمن الفن الجميل وفلكلور الشرقية وأوبرا عربي في ثاني أسابيع «صيف بلدنا» بالعلمين    هل يُحسن الغذاء الذاكرة؟ العلم يجيب    تير شتيجن يغيب عن جولة برشلونة الآسيوية ويؤجل قرار الجراحة    محافظ شمال سيناء يستقبل عددا من المواطنين لبحث مطالبهم    كامل الوزير: الكويت أكثر من مجرد شريك اقتصادي لمصر بل حليف استراتيجي نعتز به    بالأسماء.. أكاديمية البحث العلمي تعلن الفائزين بجائزة الرواد والمرأة التقديرية    " إتحاد نقابات مصر": ثورة 23 يوليو أنصفت العمال وكانت انطلاقة حقيقية للعدالة الاجتماعية    انطلاق المبادرة الوطنية للتطعيم ضد السعار من الإسماعيلية    الداخلية تواجه سرقة التيار الكهربائي ب4120 قضية في يوم واحد    تطور جديد في إصابة حسين الشحات قبل مباراة الأهلي والبنزرتي    بقيادة مصطفى محمد.. نانت يواجه بطل أوروبا في افتتاح الدوري    محمد ممدوح تايسون ضيف برنامج فضفضت أوى على watch it غدا    قصة حياة عادل إمام.. يوسف معاطي يروي حكايته مع الزعيم وكواليس أشهر أعمالهما    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    «الجواز هيهديك».. طارق يحيى يوجه رسالة ل أحمد فتوح بعد أزمة الساحل    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    صحة المنيا: فحص 165 حالة خلال قافلة بقرية الجزائر بمركز سمالوط    نقابة أطباء قنا تحتفل بمقرها الجديد وتكرم رموزها    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    زيلينسكي يعرض مجددا لقاء بوتين: نريد إنهاء الحرب    فى ضربة قاضية لتعليم الانقلاب …أولياء الأمور برفضون الحاق أبنائهم بنظام البكالوريا    حملات مكثفة على مخابز الوادي الجديد ومتابعة تطبيق مبادرة حقك بالميزان    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    افتتاح نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير بالجامعة الألمانية في برلين (صور)    وسائل إعلام سورية عن مصدر أمني: اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء يجري تطبيقه في معظم المناطق بلا خروقات    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    أحمد عصام عن «كتالوج»: «كنّا أسرة مع بعضينا ووليد الحلفاوي شغل الكاميرا» (فيديو)    ظاهرة ألبومات ال15 أغنية .. مغامرة فنية فى زمن ال «السينجل»    مصر وفرنسا تبحثان سُبل تعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    مصرع دكتور جامعي وإصابة 5 من أسرته في حادث مروع بالمنيا    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    يضم 24 مدرسة، قيادات الأزهر يفتتحون المقر الرسمي لأكاديمية «مواهب وقدرات» للوافدين    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    طقس السعودية اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025.. أجواء شديدة الحرارة    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    ضبط شخص لإدارته كيانا تعليميا دون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل 3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    حقيقة مفاوضات الأهلي مع أحمد حسن كوكا    «أونروا»: سكان غزة يصابون بالإغماء من شدة الجوع    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    «الداخلية» تعلن شروط قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة    فلسطين.. 15 شهيدًا في قصف إسرائيلي استهدف خيام نازحين بمخيم الشاطئ غرب غزة    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يرى أن الكتابة طريقته الوحيدة فى الحياة.. عاطف عبد العزيز: بعض المتسكعين والطفيليين اعتبروا التفاصيل اليومية وصفة مضمونة لإنتاج القصيدة
نشر في الأهرام العربي يوم 14 - 12 - 2014


عزمى عبد الوهاب
لم يستفد شاعر بمجال دراسته مثلما استفاد الشاعر عاطف عبد العزيز، فهل ينكر أحد ما بين الشعر والفنون الجميلة من وشائج، فقد تخرج الشاعر فى كلية الفنون الجميلة، وبات الشعر أحد تجليات هذه الدراسة، من هنا كان تميزه عن مختلف الشعراء، فهناك بناء معمارى محكم لديه، رغم أن العشوائية والفوضى يصلحان لأن ينتجا نصا جميلا.
عاطف عبد العزيز يحتفى بالجمال والإحكام فى كل دواوينه، منذ أن أصدر ديوانه الأول «ذاكرة الظل» عام 1993 إلى الأحدث "ترجمان الروائح" فى العام الماضي، وبينهما: "حيطان بيضاء – كائنات تتهيأ للنوم – مخيال الأمكنة – سياسة النسيان – الفجوة فى شكلها الأخير".
هنا حوار مع الشاعر عاطف عبد العزيز.
مثل كل من ديوانيك"حيطان بيضاء و"مخيال الأمكنة" انعطافة ما فى مسيرتك الشعرية، كيف ترصد عملية الوعى بداخلك تجاه القصيدة وتطورك الشعري؟
هناك قصة تُحكى عن الشاعر الألمانى الأعظم جوته حين جاءه شاعر شاب يعرض عليه قصيدة، تقول الحكاية إن الشاعر الكبير بعد أن استمع لقصيدة الشاب، طلب منه أن يطوى القصيدة ويضعها فى جيبه، ثم أمره أن يذهب من فوره إلى بيته، ويدخل غرفته وحيدًا ثم يطفئ الأنوار، ويسأل نفسه فى الظلمة الحالكة سؤالًا واحدًا: «هل أنا أريد أن أكون شاعرًا فعلًا؟».
لعبت هذه القصة، وهذا السؤال، دورًا أساسيًا فى تجربتى كشاعر، فأنا كنت دومًا منحازًا إلى هذا النوع من التفكير الصفري، أى الميل إلى العودة من آن إلى آخر إلى الأسئلة الأولى، والبحث عن إجابات جديدة، أو على الأقل إعادة اختبار الإجابات السابقة، وأنا بطبعى كائن ملول وضجر، لذلك أعتبر القلق وفقدان الطمأنينة من جهة، والضجر من جهة أخرى، يمثلان معًا ذلك الوقود الذى لا ينفد لصيرورتى الشعرية،
لدى بالطبع قدر من الوعى بالذات والعالم يحكم اختياراتى وخطواتي، لكن يبقى الحدس هو البوصلة الأكثر فاعلية ودقة والتى أهتدى بها فى رحلتى داخل ذلك العالم الغامض المسمى بالشعر.
قصيدة التفاصيل اليومية كانت السمة الأبرز فى مسار قصيدة النثر .. ما الذى يجعلك تقف أمام هذه التفصيلة دون غيرها لتمنحها روحك الشعرية؟
لم أعد مرتاحًا إلى بعض الكليشيهات التى التصقت بقصيدة النثر الجديدة، وأساءت إلى سمعتها من جراء ابتذال تلك المصكوكات، لاسيما بعدما اعتبرها بعض المتسكعين والطفيليين وصفة مضمونة لإنتاج القصيدة، الأمر الذى جعل من النصوص فى غالب الأحوال مقلبًا للقمامات والنفايات اليومية، ومع كل ذلك تظل التفاصيل نبعًا لا ينضب للشعر وفق شروط، أهم هذه الشروط هى الوعى بأن المشهد الشعرى المجلوب من الحياة، لا يدخل الشعر سالمًا كما كان خارج الشعر، بل إن تفكيك هذا المشهد وإعادة تكوينه على نحو يحمل مغزى جديدًا هو دور أصيل للشاعر ولا بديل له، بعبارة أخرى، الشاعر هو المنوط به الكشف عن الطاقة الشعرية الكامنة فى الأشياء، من خلال وضعها داخل تكوينات حرجة تفجر هذه الطاقة، فالأشياء داخل الشعر ليست هى ذاتها خارجه.
هل تعادى قصيدة النثر الأشكال البلاغية القديمة أم أنها تصنع بلاغتها الخاصة؟
الإجابتان صائبتان: فبزوغ أبنية جمالية جديدة تعنى فى جانب أساسى منها إزاحة أبنية قديمة وراسخة، والإزاحة تعد عملًا عدوانيًا سافرًا، خاصة وأن القديم لا يكون مستعدًا للتنازل عن امتيازاته وممتلكاته بشكل سلمى.
على الجانب الآخر، يؤكد لنا تاريخ الآداب والفنون أن تلك الإزاحة لا تعنى نوعًا من الإبادة، ولكنها تكون - على الأغلب - محض إزاحة عن المركز إلى الأطراف، أى أن الأشكال الأدبية قديمها وحديثها تظل قادرة على التجاور والتعايش، بل أن كثيرًا من المفكرين يرى أن بقاء الأشكال بأنواعها، الكلاسيكى منها والطليعى، أمر يكاد يكون لازمًا وضروريًا للحفاظ على عقل أى أمة وثقافتها.
ترتبط جماليات قصيدة التفعيلة بصعود المشروع القومي، فبماذا ترتبط قصيدة النثر؟
هذا النوع من الأسئلة لا يجوز لأحد الإجابة عنه بشكل قطعي، لذلك من الممكن أن تتلقى عنه عشرات الإجابات والاجتهادات، ولكن دعنا فى البداية نحدد عن أى قصيدة نثر نتكلم، فأنا أتصور أن هناك أكثر من تاريخ ميلاد لهذه القصيدة فى الثقافة العربية، فقد كان ميلادها الأشهر مع ظهور مجلة شعر اللبنانية كما هو معروف، وكانت فى تلك الآونة أشبه باقتراح مجلوب من ثقافات أخرى، ونحن بالطبع لا نعتبر السؤال المطروح هنا يخص تلك القصيدة.
أما الميلاد الأخير لقصيدة النثر فكان فى أوائل التسعينيات تقريبًا، وعلى أيدى نفر من الشعراء المصريين أمثال علاء خالد وأسامة الدناصورى ومحمود قرنى وغيرهم، وبالطبع هناك من يرى تواريخ أخرى أسبق لميلاد قصيدة النثر ولا مجال لمناقشة هذا هنا.
فى ظنى أن قصيدة النثر المصرية تزامن ظهورها مع حدثين خطيرين، الأول كان إقليميًا وهو انهيار النظام العربى - الذى استمر من الخمسينيات حتى الثمانينيات - إثر غزو العراق للكويت فى سابقة لم تحدث من قبل ولم تخطر على بال وفى مشهد تراجيدى جاء تتويجًا لمسلسل الانحطاط العربى منذ هزيمة يونيو 1967، مرورًا بالحرب الأهلية اللبنانية، ثم اتفاقية الكامب وانعزال مصر عن محيطها العربي، ثم فى النهاية حصار القوات الإسرائيلية لعاصمة عربية هى بيروت على مسمع ومرأى الجميع.
أما الحدث الآخر، فكان تفكك الاتحاد السوفييتى عام 1989 وانتهاء مرحلة الحرب الباردة بانتصار الغرب الرأسمالي، وما أدى إليه ذلك من نشوء نظام كونى جديد أحادى القطبية، أعتقد أن هذين الحدثين، هما الإشارتان الأكثر وضوحًا إلى أن عالمًا جديدًا آنذاك جاء ليطرح نفسه بأفكاره وتصوراته، بينما عالم آخر كان عليه أن يتهادى حاملًا أفكاره ورؤاه وأشكاله الإبداعية باتجاه النسيان.
قلت فى أحد الحوارات إن قصيدة التفعيلة أصبحت جثة ما الذى أدى بها إلى هذه الحال؟
هى كلمة مجازية تعبر عن التواضع الشديد لمعظم ما يكتب الآن من قصائد تفعيلية، وانخفاض سقف طموحات شعرائها، ولاسيما بعد توقف إنتاج ثلاثة من فرسانها الكبار: محمود درويش ومحمد عفيفى مطر بالموت، وسعدى يوسف بالإقلاع عن كتابتها والاتجاه إلى كتابة نصوص حرة من الوزن، وأعتقد أن هؤلاء الثلاثة تحديدًا - درويش وسعدى ومطر- قد وصلوا بتلك القصيدة إلى نهاية تاريخها، وأحب فى هذا المقام أن أستثنى الشاعر اللبنانى الكبير محمد على شمس الدين الذى مازال قادرًا على إدهاشى، وطبعًا هناك من سيسوؤه كلامى هذا ممن أحبهم وأحترمهم من الشعراء، وسيرى رأيى هذا متعسفًا ومصادرًا للمستقبل، لكن يظل تقديرى الشخصى هو أن قصيدة بلا طموح كبير وأفق مفتوح، هى قصيدة ميتة، من الجائز طبعًا أن تكون هناك قصائد تفعيلية محكمة وجيدة تكتب الآن، لكنها فى غياب الطموح الجامح تبقى أشبه بتماثيل من مرمر؛ جميلة نعم، ولكن غير قادرة على الحركة أو الفعل.
ربط البعض بين ديوانك "ترجمان الروائح" و"ترجمان الأشواق لابن عربى ، إلى أى مدى أصاب هؤلاء أو كان الربط متعسفًا؟
لم أفكر فى ترجمان الأشواق لابن عربى للحظة واحدة وأنا أكتب ديوانى هذا، ولكن يظل حقًا لأى قارئ أو ناقد أن يذهب فى تصوراته إلى أى مدى مادام قادرًا على تقديم هذه التصورات بشكل متماسك ونافع، من ناحية أخرى فمن المؤكد أن المعارف والاطلاعات المختلفة تتفاعل داخلنا على نحو خفي، وربما تأخذ أشكالًا قد لا يدركها الوعي، فما أتصور أننى لا أعنيه قد يكون كامنًا وفاعلًا فى اللاشعور، وعلى هذا تبقى كل التأويلات صحيحة بشكل ما.
يبدو أن آخر أجيال العمل الجماعى ينتمون لحقبة السبعينيات .. لماذا يفشل أبناء جيلك فى العمل الجماعي؟
هناك اختلافات فى الظروف الموضوعية التى أحاطت بالسبعينيين عن مثيلتها التى أحاطت بما جاء بعدهم من أجيال، فمناخ القمع السياسى السافر الذى هيمن على حقبة السبعينيات إبان حكم الرئيس السادات، وانعدام فرص النشر وقتئذ فرضت على الشعراء نوعًا من التكتل أو التساند ضمن جماعات أدبية ضيقة مثل إضاءة وأصوات، على أننا سوف نلحظ كيف أن تغير المناخ العام فيما بعد ونشوء هامش من حرية التعبير أدى إلى تفكك هذه التجمعات على الفور، الأمر الذى يشير إلى أن العمل الجماعى كان حلًا اضطراريًا أمام السبعينيين وقتها، بينما هو فى الواقع أمر بعيد المنال فى الحياة الأدبية، هذا إذا أخذنا فى الاعتبار الذوات المتضخمة لغالبية الشعراء، ونزوعهم الفطرى إلى التحرر من هذا النوع من المسئوليات التى تتطلب قدرًا من إنكار الذات.
هل ترى أن النقد تعامل مع قصيدتك بشكل يرضيك؟
أنا شأنى شأن أى مبدع يسعده التفات النقاد إليه، ولكن هذا الموضوع ليس فى بؤرة اهتمامى ولا يشغل أى مساحة فى تفكيري، ومع ذلك فهناك من النقاد من تعامل مع نصوصى بجدية وروح إبداعية بغض النظر عن اتفاقى أو اختلافى مع ما ذهب إليه من تأويلات، ومنهم من تعامل بخفة وسطحية، وكما قلت فأنا غير مهموم بذلك لسببين: الأول أن عمليات الفرز والتقييم تحتاج إلى وقت قد يتجاوز عمر الشاعر، فما لم يقل عن تجربتى الآن حتمًا سيقال فيما بعد، والسبب الثانى هو أننى لا أكتب للنقاد، أنا أكتب لأن الكتابة طريقتى فى الحياة، ولا أملك طرائق أخرى حتى الآن، بما يعنى إننى مضطر إلى الكتابة رضى النقاد عنى أو لم يرضوا.
رغم أن جيشًا جرارًا يكتب قصيدة النثر إلا أنها لم تتحول إلى متن شعرى .. لماذا؟
دعنى أختلف معك فقصيدة النثر هى المتن الشعرى العربى الآن، فنظرة واحدة على الدواوين المنشورة فى طول العالم العربى وعرضه، وكذلك على النصوص المنشورة فى الدوريات سوف تدحض هذا الكلام، وتثبت أنها القصيدة الأكثر حيوية وتجددًا وطرحًا للأسئلة، أما إذا كنت تقصد ظاهرة حرمان شعرائها من التقدير الذى يتمثل فى الجوائز وما إلى ذلك، فمرد ذلك فى رأيى هو استمرار هيمنة جماعات الضغط المحافظة داخل الأنظمة الحاكمة فى بلادنا، وبخاصة فى مجالى الثقافة والتعليم، وهى اتجاهات ترى حتى الآن أن التغيير هو الجحيم، نحن إذن نعيش حالة من الازدواجية: مجتمع شاب تحكمه نخب شائخة.
كيف ترى تجربة قصيدة النثر المصرية إذا ما وضعت فى سياق مع نظيرتها فى العالم العربي؟
قصيدة النثر المصرية دون أدنى تحيز تقع فى القلب من نظائرها العربية، وقد أثرت تأثيرًا حاسمًا على الأجيال الجديدة من الشعراء فى أمكنة عديدة فى المشرق والمغرب، بل إن هناك موجات من الشعراء العرب أعتقد أنها تفاعلت مع القصيدة المصرية، إن لم تكن قد خرجت من عباءتها.
هل تغير شبكات التواصل الاجتماعى شكل النص الأدبى؟
نعم ستغير حتمًا شكل النص الأدبي، ولكن لا أستطيع توقع هذا الشكل، الوسائط عمومًا تلعب دورًا كبيرًا فى تشكيل الإبداع، ليس بالضرورة أن يكون التغيير إيجابيًا تمامًا، ولكن المؤكد أنه حتمي، هذا النشر الموسع الذى يتيحه الفضاء الإلكتروني، يعنى دخول أعداد أكبر من الشباب إلى مغامرة الكتابة، ويعنى ظهور المزيد من الأنماط الكتابية، ويعنى حدوث سجالات واشتباكات أوسع أفقيًا، وقد يعنى شيئًا من الانحدار فى المستوى الفنى العام، الأمر الذى سوف يحتاج إلى حركة نقدية نشطة لاستنقاذ الأعمال الجميلة من كل هذا الركام المتوقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.