هل توافق على "منح الحصانة القضائية للحكام المستبدين مقابل تنحيهم عن السلطة".. أم تقف مع مبدأ المحاسبة والعقاب؟ .. كان هذا السؤال هو محور المناظرة الختامية للبطولة الدولية لمناظرات المدارس باللغة العربية، التي اختتمت أعمالها قبل أيام بمشاركة فرق طلابية من 20 دولة عربية بالإضافة إلى ماليزيا وذلك في العاصمة القطرية الدوحة. المثير للانتباه أن الفريق الفائز، لم يكن من بين الدول التي حملت شعلة الثورات العربية، وهما تونس ومصر. فرغم مشاركة العديد من طلاب دول الربيع العربي، فقد كان الفريقان اللذان اجتازا معايير لجان التحكيم وصولا للجولة النهائية هما الفريق اللبناني والفريق الأردني. ورغم أن المحور الرئيسي لمناظرات هذا العام قد جاء سياسيا بامتياز، وحظى باهتمام إعلامي كبير على مستوى الدول العربية وبعض دول العالم، فإنه ينبغي التذكير– قبل الخوض أكثر في النتائج - بأن هدف تلك البطولة التي ينظمها سنويا مركز مناظرات قطر– عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع- ليس مناقشة القضايا السياسية. فأهداف البطولة تتركز بصفة أساسية في تدعيم الروابط الثقافية بين الشباب وهم قادة المستقبل في مختلف الدول العربية، وتنمية ثقافة الحوار والمناظرات عبر استخدام اللغة العربية الفصحى، باعتبارها اللغة الأم التي.. "تجمعُ بيننا على اختلافِ دولنِا وأعلامنا وثقافاتنا وألواننا وأجناسنا.." في مواجهة زحف العامية واللغاتٍ والرَطَناتٍ أخرى. وتتلخص فكرة المناظرات في وجود فريقين متضادين حول فكرة معينة حيث يقدم كل فريق آراءه وحلوله للفكرة مدعومة بالحجج والأدلة والشواهد المقنعة.. وتقوم لجنة التحكيم باحتساب نقاط لكل فريق حسب القدرة على التناظر واستخدام أساليب الإقناع. هذا وقد أقيمت الجولة الختامية للبطولة بين الأردن ولبنان، حيث تناظر الفريقان حول فكرة: "منح الحصانة القضائية للحكام المستبدين مقابل تنحيهم عن السلطة".. وقد أيد هذه المقولة فريق لبنان وعارضها الفريق الأردني. وشهدت المناظرة مهارة عالية وتقاربا كبيرا في المستوى بين الفريقين، حيث دافع الفريق اللبناني عن موقفه المؤيد للقضية مؤكدا أن البطولة ليست بالدماء وأنما هي بحقن دماء الشعب حتى وإن تم التنازل عن محاكمة الحاكم الظالم فحياة شخص ظالم لا تساوي حياة ألف شخص من الشعب. وأكد فريق لبنان أن إعطاء الحصانة للرئيس يضمن تنحيه عن حكمه وبالتالي إسقاط الديكتاتور، فالحصانة سوف تحقق للشعوب العربية مرادها. أما الفريق الأردني فعارض القضية وبشدة وقال أن من غير المعقول ألا تتم معاقبة الظالم وأن يخرج من الحكم دون أن تمس شعره منه، مؤكدين على أن منحه الحصانة سوف يخلق المزيد من الحكام الظالمين. وقد فاز فريق لبنان بالمركز الأول للبطولة، وجاء في المركز الثاني فريق الاردن، بينما جاء فريق تونس في المركز الثالث. وقد قام وزير التعليم العالي في قطر سعد بن إبراهيم آل محمود والدكتورة حياة عبد الله معرفي المدير التنفيذي لمركز مناظرات قطر بتكريم الفائزين وأفضل المتحدثين في البطولة. وقد جاء في المركز الأول في قائمة أفضل متحدثي البطولة، نوف الحمادي من الإمارات، وجاء في المركز الثاني ريم عصام الدين من السودان، أما المركز الثالث تمارا جمال الدين من لبنان، وجاء في المركز الرابع مصعب أحمد الحمادي من الإمارات، أما المركز الخامس نسيمة القندوسي من المغرب، بينما جاء في المركز السادس ايهاب الجمل من تونس، وحقق المركز السابع معتز غسان عبدالرحمن من ماليزيا، بينما جاء في المركز الثامن أممية الماجري من تونس، وحصل على المركز التاسع يوسف نبيل فخرو من قطر، وحصل على المركز العاشر اسامة أحمد المبيضين من الأردن. وفي كلمتها في حفل الختام قالت الدكتورة حياة عبدالله معرفي المدير التنفيذي لمركز مناظرات قطر: لنتعاهد على أن تكونَ هذه البطولة شُعاعَ النورِ، الذي سيظل مضيئاً مشرقاَ في سماء اللغة والأدب والحوار.. قيل "أصلحوا ألسنَتكُم فإنّ المرءَ تَنوبُه النائبةَ فيستعيرُ الثوبَ والدابَة ولايجدُ من يُعيرُهُ لسانَه، فأصلحوا ألسنتكم". كما قدمت الشكر للطلاب المتناظرين وللوفود والمنسقين والمدربين والحكام من جميع الدول المشاركة "..آملين أن نراكم في بطولاتٍ مقبله وباشتراك ليبيا وسوريا الحرة الأبية.." تأسس مركز مناظرات قطر في 2007 بهدف تطوير مستوى الحوار والمناظرات المفتوحة وتعزيزها لدى طلاب والشباب في المنطقة بما يسهم في إعداد مواطنين عالميين وقادة فكر في المستقبل. وقد قام المركز في إطار سعيه لنشر ثقافة المناظرات في الوطن العربي، باصدار أول كتاب باللغة العربية عن المناظرات ويحمل عنوان "المرشد في فن المناظرة". ويعد هذا الكتاب الذي تم تدشينه العام الماضي الانطلاقة الحقيقة لتدشين المناظرات باللغة العربية بعدما قطع المركز القطري شوطا طويلا في المناظرات باللغة الانجليزية وحقق فيها العديد من النجاحات العالمية.