جيهان محمود وجهه الباسم يشعرك أنك أمام أب حنون، يأسرك بودّه وطيبته وبساطته، رغم مكانته العلمية الرفيعة فى مصر والعالم العربي، فلا يوجد قطر من الأقطار العربية لا يدين للدكتور "محمد صفى الدين أبو العز" بفضله فى اكتساب العلوم الجغرافية التى رسخت فى كيانه وذاكرته، ولا يزال تلاميذه يدينون له بما بثه فى داخلهم لحب علم الجغرافيا، ونمّى بداخلهم حبهم لأوطانهم وقوميتهم العربية، منذ أن كان فى جامعة الكويت (1980) رئيسًا لقسم الجغرافية لأربع سنوات، ثم عميدًا لكلية الآداب بجامعة الإمارات العربية المتحدة (1984) لعامين، ومديرًا لمعهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية (1986)، لما حققه من إنجازات عديدة عند توليه إدارته من قبل عام (1974) لخمس سنوات، طُبِعَت خلالها أهم الإصدارات فى التاريخ والجغرافيا والاقتصاد وغيره، وشهدت قاعات المعهد -بفضله- حضور نخبة من الباحثين والأساتذة والمفكرين العرب الذين ألقوا سلسلة من المحاضرات على طلبة المعهد فى شتى القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية المهمة. خلق رابط بينه وبين تلاميذه فى كل مكان، الذين لا يزالون على اتصال دائم به يرجعون إليه لأخذ مشورته العلمية، يبث فيهم أفكاره وآراءه الملهمة لحب الوطن والقومية العربية. فى مايو الماضى كرّم الديوان الأميرى الكويتى د.صفى الدين أبو العز واستقبله سمو أمير الكويت بحفاوة كبيرة، فور تسلمه شهادة تقدير من رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية د.عبد الله الغنيم، الذى أشاد بدوره العلمى والإنسانى لأبناء الكويت، وأثنى الجميع عليه لما قدمه من خرائط وأصدر كتاب "الكويت وجوداً وحدوداً" باللغات: العربية والإنجليزية والفرنسية، ليثبت فيه حدود أراضيه التى اعتدى عليها الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، فهو مهموم بمشكلات مصر وأمته العربية، والبحث عن حلول لمشكلاتها. ولد د.محمد صفى الدين أبو العز فى 16 يناير/كانون الثانى 1929، وبعد إكمال دراسته الثانوية التحق بقسم الجغرافيا فى كلية الآداب جامعة القاهرة، وفور تخرجه (1948) سافر إلى إنجلترا والتحق بجامعة "درهام" حتى حصل على الدكتوراه فى "الفلسفة فى العلوم البحتة والجغرافيا" (1953)، ثم عاد إلى مصر لينقل ثمار علمه إلى طلاب نفس القسم الذى درس فيه بكلية الآداب جامعة القاهرة، والآن يعمل بها أستاذا غير متفرغ. ولاهتمامه بقضايا الشباب اختاره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وزيرا للشباب (1968) لمدة عامين. له العديد من المؤلفات العلمية منها: "الموارد الاقتصادية"، و"الوطن العربي: خصائصه الطبيعية والبشرية"، و"أشكال الأرض فى مصر "(بالإنجليزية)، و"تقلبات المناخ العالمى وأبعادها الاقتصادية والسياسية"، وجيمورفولوجية قشرة الأرض، و"الموارد المعدنية فى الوطن العربي"، و"الجزر والسواحل العربية"، و"المصطلحات الجغرافية"، كتاب "مورفولوجية الأراضى المصرية"، وحرر وأشرف على كتاب "المياه فى الوطن العربي" الذى أصدرته الجمعية الجغرافية المصرية القاهرة، وكتب أخرى ألفها د.أبو العز بمشاركة عدد من الأساتذة، كما صدر عنه بعنوان "محمد صفى الدين أبو العز . العالم والمفكر والإنسان"، و"الأستاذ الدكتور محمد صفى أبو العز: ملامح من شخصيته ومنهجه العلمي" كتبه عنه د.عبد الله يوسف الغنيم أستاذ الجغرافية بجامعة الكويت ورئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية ونشرته مكتبة الإسكندرية (2007). وقد اختير عضوا فى لجنة الجغرافيا بالمجلس الأعلى للثقافة فى مصر. وشارك فى ندوات ومؤتمرات داخل مصر وخارجها، ونال تكريمات وجوائز عديدة، لعل أبرزها جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية (1990)، ووسام الشرف العالمى (2008)، وهى الجائزة العلمية التى يمنحها الاتحاد الجغرافى العالمى فى مجال الدراسات الجغرافية والبيئية. يشغل حاليًا منصب رئيس الجمعية الجغرافية المصرية. أشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه ليس فى مصر فقط بل فى جميع أنحاء الوطن العربي. واختير د. أبو العز عضوًا فى هيئة تحرير "الموسوعة الفلسطينية" منذ (1974) مع نخبة من العلماء والمفكرين العرب، كما عمل عضوا ومقررا فى لجان الترقيات المركزية العلمية للأساتذة فى الجامعات المصرية فى سنوات عديدة. فهو عاشق لعلم الجغرافيا التى تسرى فى شرايينه، مؤمن بأهمية موقع مصر الجغرافى والإستراتيجى للوطن العربي، وأن العرب قادرون على إنجاز أهدافهم فى الوحدة والتقدم والرفاهية، وضرورة تنمية الحس القومى بين أبناء الأمة، وأن الجغرافيا تسهم فى ذلك إسهاما فعليًا، لا يخلو يوم إلا ويزوره بمكتبه العديد من طلبة الماجستير والدكتوراه ينهلون منه العلم، ويستشيرونه فى كثير من الدراسات والأبحاث التى يقومون بها، ويعتدون بآرائه وخبراته الطويلة والمتعددة، ويحفظون عن ظهر قلب مقولته التى يرددونها دائمًا إن "الجغرافيا الطبيعية هى أنسنة الطبيعة والجغرافيا البشرية هى طبقات الإنسان".