حوار – إيهاب عطا فى ظل عزوف نسبة لا يستهان بها من شباب مصر عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وبعد تولى الرئيس «السيسي» رسميا سلطة الحكم، أصبح من الضرورى إعادة تقييم علاقة الدولة مع الشباب وكيفية التعامل معهم، وقد أسهمت مختلف مؤسسات المجتمع فى تهميشهم واتساع الفجوة بينهم وبين الدولة، ومنها الأحزاب، والتى يتهمها الشباب بأنها غير قادرة على استيعاب طاقتهم وتوجيهها للوجهة الصحيحة، التقينا رئيس الحزب الاشتراكى المصرى أحمد بهاء الدين شعبان، والذى حاول توصيف وضع الشباب وطرح حلول للاستفادة من طاقتهم فى النظام الجديد، موجها نصائحه للرئيس الجديد. كيف ترى وضع الشباب فى المشهد السياسى؟ وكيف يجب على الرئيس السيسى أن يتعامل معهم؟ لا أستطيع أن أتحدث نيابة عن الرئيس الجديد لكن لكل رئيس أولوياته، وأستطيع أن أتخيل لو كنت مكانه، وأتصور أنه يحكم مصر فى لحظة فارقة ولا تحتاج فقط إلى إجراء بعض التعديلات والتحسينات، بل تحتاج إلى أن تسود رؤية العدل والقانون، والشعوب لا تبنى إلا بسواعد أبنائها وشبابها على وجه الخصوص وشبابنا هم الذين أخرجوا مصر مما كانت فيه عندما وصلنا لحالة الجمود فى عهد مبارك وأوصلتنا إلى ثورة يناير، ثم مواجهتها لنظام الإخوان وأسقطته فى 30 يونيو، ومن ثم فهم أصحاب فضل علينا وعلى مصر، فيجب التعامل معهم بشكل مختلف عما هو سائد. بعد 30 يونيو كنا نتوقع أن يتم التعامل مع الشباب بشكل مختلف وأن يصلوا إلى مناصب قياديه تمكنهم من المشاركة الحقيقة، لكن لم يحدث؟ ما حدث كان أسوأ أشكال التعامل مع الشباب، كان أقرب ما يكون للرشوة، أن تعطيه ما يسكته ويلهيه عن المكاسب المستحقة لهم، وتحولهم إلى مرتزقة، خصوصا بعدما فعلوه وضحوا به من شهداء، المسألة من وجهة نظرى أعمق من هذا، لأنى نشأت فى أحضان منظمة الشباب الاشتراكى التى أنشأها جمال عبد الناصر، ورغم كل خطايا عبد الناصر فإنه عمل على خلق جيل من الشباب ساعد فى تثقيفه وتوعيته وتربيته سياسيا. لا أحد ينكر أنه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة كان هناك عزوف من الشباب عن المشاركة، لماذا حدث هذا من وجهة نظرك؟ بالطبع حدث، وهذا يرجع فى المقام الأول بسبب تجريف الوعى لشبابنا والذى حدث طوال فترة حكم مبارك، وتهميشه، إضافة إلى أن الأحزاب السياسية تتحمل جزءا من المسئولية لأنها لم تستطع احتواءهم وإشراكهم فى عملية سياسية ناضجة، كل هذا لا ينتقص من شأن الشباب وحماستهم وكونهم المفجر لثورة يناير، لكن حدث نوع من التخبط والاضطراب وتشويش فى أفكارهم، جعلهم غير قادرين على التعامل بدقة مع المتغيرات من حولهم، لأنهم شباب «فرط» غير منظم وغير مندرج فى أى تنظيم سياسى حزبى أو نقابى أو حتى اتحاد طلابى أو فلاحى، ومن زاوية أخرى يجب ألا نغفل عن تهميش الشباب مرتين خلال 4 سنوات من عمر الثورة الأولى عقب ثور يناير عندما أقصاهم وهمشهم المجلس العسكرى من خلال الصفقة التى عقدها المجلس العسكرى السابق مع الإخوان، والثانية بعد 30 يونيو وهى الأزمة التى نعانى منها الآن وهى أن يشعر الشباب أنه للمرة الثانية يتم تهميشه عن قصد، وكان ملحوظا جدا خلال حفل اليمين الدستورى للرئيس عبد الفتاح السيسى أن معظم الحضور رؤسهم تشتعل شيبا، ليس بينهم أى مدعو من الشباب. ولماذا الشباب لا يستطيع أن يفرض نفسه على الساحة ويأخذ دوره دون انتظار من أحد أن يمنحه هذا الدور؟ الشباب الآن منقسم على نفسه، ما بين عازف عن المشاركة تماما وعاد إلى الترقب والمتابعة عبر الإنترنت، كما كان قبل ثورة يناير، وهناك فئة أخرى شطحت فى تفكيرها وموقفها وارتمت فى حضن الآخر المعارض «الإخوان» سبب كفرهم بالوضع السائد منذ 30 يونيو وخوفهم من عودة نظام مبارك خاصة فى ظل ظهور بعض الوجوه القديمة واستفزاز الشباب ببعض التصريحات أو المطالب كان يقال إن 30 يونيو كانت بمثابة انتقام عدالة السماء من ثورة يناير بسبب فساد الإخوان، وتصوير ثورة يناير على أنها مؤامرة أمريكية، مما يبرر عودة نظام مبارك لأنه كان ضحية وكان الأفضل، وهو ما طالب به بعض الإعلاميين مثل رولا خرسا، وقمت بالرد عليها عبر حسابى على الفيس بوك بأنه من المستحيل عودة نظام مبارك لأن الثورة مازالت قائمة والميادين مفتوحة، وكل هذا يستفز الشباب ويقلقهم ويدفعهم لأخذ مواقف معادية وتتحالف مع الإخوان مثل شباب 6 إبريل جناح أحمد ماهر والاشتراكيين الثوريين وغيرهم. ألا يحمل كل هذا الرئيس الجديد حملا ثقيلا، ويفرض عليه ضرورة تغيير صور التعاطى مع الشباب؟ بلا شك أن الرئيس الجديد عليه مهمة صعبة للغاية وإستراتيجية فى نفس الوقت، وهى أن يعيد لثور يناير مكانتها ويدافع عنها، ويجب التعامل مع الشباب على أن دورهم ومكانتهم مقدرة وأن التضحيات التى بذلها الشباب سيكون لها ثمن، ويتم تغيير الصورة المحفورة والسائدة فى العقول من أن يتم اختصار الشباب فى مجموعة بعينها من الأسماء والشخصيات الشبابية، ويكونون هم محط الأنظار والاهتمام، فيجب ألا يتم تقديم هؤلاء على أنهم صوت الشباب والممثلين عنهم، هؤلاء ليسوا المقصودين لأنهم مجموعة متكسبة من الثورة، يجب التفاوض مع ممثلين حقيقيين للشباب، وهو ما سمعته من الشباب أنفسهم الذين يشعرون بالغضب. ومن المسئول عن هذا الغضب؟ لا أحمل شخصاً أو اتجاهاً أو تياراً معيناً المسئولية، المجتمع كله مسئول عن عودة الشباب لتلك الروح السلبية، ومسئول عن الغضب السائد بينهم الآن، فلك أن تتخيل أن الروح التى تسود الآن هى التصيد للأخطاء، وهذا من أخطر ما يكون، وقد سبق أن هاجمونى بسبب تصريحى أن الرئيس السيسى وقت أن كان مشيرا، إنه هو مرشح الضرورة من وجهة نظر الشعب، فهاجمونى وقالوا إنى خائن، وهذا يشير إلى دخول الشباب إلى مرحلة العدمية السياسية.