رشا عامر كل التقارير التى صدرت حتى الآن تؤكد أن سد النهضة سيعنى تعطيش مصر وتبوير آلاف من أفدنتها وهذا ما يجعل ملف نهر النيل من أهم الملفات أمام الرئيس القادم بوصفها قضية سياسية وأمنية، بل هى قضية وجود فإما أن نكون أو لا نكون، هذا الموقف وضعتنا فيه إثيوبيا عندما شرعت فى بناء السد بقرار فردي دون التشاور مع دولة المصب، كما ينص قانون المياه للأمم المتحدة لاتفاقية الأممالمتحدة للمياه لعام 1997، فيما يخص الأنهار الدولية غير الملاحية، والتي تنص على ضرورة إقامة الدولة الراغبة في إنشاء سد على نهرا دولي مشترك لجميع الدراسات البيئية والإنشائية، وأن تخطر بها في شفافية تامة الدول التي تليها والتي من المحتمل أن تتضرر من إقامة هذا السد وأن تمهلها ستة أشهر قابلة للتمديد لستة أشهر أخري لدراسة هذا المشروع والتأكد من صحة الدراسات البيئية والإنشائية المقدمة إليها والتحقق منها بوسائلها أو بإقامة دراساتها الخاصه، وإذا ما رفضت الدولة التي يمكن أن تتضرر، فيبنغي تأجيل إقامة السد أو المنشأة لحين التوافق والتراضي حول التداعيات الضارة وتلافيها لهذا السد. وبهذا تكون إثيوبيا قد تجاهلت القانون الدولي من أجل الاستحواذ الكامل على النهر الدولي المشترك والوحيد والذي يمد مصر بالمياه وبدون بديل. يتفق معنا فى هذا د. نادر نور الدين، الذى يرفض ذهاب الرئيس المصري الجديد إلى إثيوبيا قائلا: كفانا هرولة، خصوصا أن إثيوبيا قاطعت مصر منذ ثلاثة سنوات حتى إنها ألغت زيارة الكنيسة الإثيوبية إلى مصر مرتين، ومنعت وفد شباب إثيوبيا من المشاركة في المنتدي السنوي لدول حوض النيل، والذي عقد في القاهرة منذ شهرين، وبالتالي فلابد أن يأتي الجانب الإثيوبي إلى مصر للتباحث حول السد وألا يستغل ما يحدث فى مصر كفرصة للتسويف حتى الإنتهاء من بناء السد. الأمر الآخر أن مصر بحاجة إلى علاقات خاصة ووقفة جادة مع جيبوتي حيث يتم وصول جميع معدات وماكينات وتوربينات السد الإثيوبي عبر موانئ جيبوتي، لأن إثيوبيا دولة حبيسة ليس لها موانئ. ولابد أن تطلب مصر من جيبوتي الوقوف على الحياد في مشكلتنا مع إثيوبيا وألا تساعد إثيوبيا في السماح لها بوصول مواد السد عبر موانئها حتى يتم التوافق على مواصفات السد مع مصر. ثالثا: في شأن الري لابد من الرئيس القادم أن يبتعد عن رجال يوسف والي، والذين نهبوا مخصصات تطوير الري في مصر خلال الفترة من 2007 إلى 2010، ووضعوها في حساباتهم، ويقومون الآن بالالتفاف حول أحد المرشحين بدراسات تطوير الري في مصر، بينما تشهد محافظة كفر الشيخ على فشلهم حيث خرج الفلاحون ودمروا كل مستلزمات تطوير الري التي أقاموها بعد أن تسببت في بوار أراضيهم وتمليحها، حتى إن الحزب الوطني فصلهم جميعا بعد هذه الفضيحة، ولكنهم يعودون الآن بفعل رجل دعاية والي والحزب الوطني وصاحب المحطة الفضائية الشهيرة دون أن يخبروا المرشح بسابق فشلهم ونهبهم لأموال تطوير الري. وهناك حل مقترح لسد النهضة، إذ يتكون سد النهضة من قطعتين مستقلتين أي أنه سد مزدوج، القطعة الأولى هي السد الرئيسي الذي سيولد الكهرباء وسعته 14.5 مليار متر مكعب مهما بلغ إرتفاعه سواء 95 مترا أم ارتفع حاليا إلى 145 مترا .. في الارتفاع الأخير للسد ترتفع المياه خلف السد فتسلك مسافة بين جبلين على يمين السد يخرج منها وتعود إلى النيل الأزرق لذلك قامت إثيوبيا بعمل السد الفرعي ليسد المسافة هذه بين الجبلين بطول 4800 متر وارتفاع 45 مترا لتضيف 60 مليار متر مكعب إلى سعة السد السابقة البالغة 14.5 مليار ليكون المجموع 74 مليارا، والحل أن تستغني إثيوبيا عن السد الفرعي وتكتفي بالسد الرئيسي فقط، فيعود السد إلى 14.5 مليار وتحصل على ما خططت له من الكهرباء بل ونسمح بسد آخر 14 مليارا بعد عدة سنوات، وبذلك تحصل إثيوبيا على الكهرباء ولا تقل حصة مصر من المياه. ويضيف د. نادر أنه على الرئيس القادم أن يفطن إلى أن نهراً صغيراً مثل النيل الأزرق تدفق مياهه السنوية لا يزيد على 48.5 مليار لا يمكن أن يكفي لملء بحيرتين إحداهما في مصر في بحيرة ناصر بسعة 90 ملياراً والثانية في إثيوبيا بسعة 74 مليارا وبالتالي فسوف يكون امتلاء بحيرة إثيوبيا على حساب تفرغة بحيرة ناصر تماما، وبالتالي فإن إثيوبيا سوف تصادر مياه النهر تماما لصالحها على حساب عدم وجود أي مخزون للمياه في مصر وبالتالي ستصدر لمصر السبع سنوات العجاف التي تتكرر كل سبع سنوات، وتستأثر وحدها بمياه الفيضان وبذلك تعاني مصر بشدة من نقص شديد في المياه. إن سد النهضة سوف يعطي لمصر ما يسمح به من المياه على مدار 365 يوما أي سيصبح نهر النيل عبارة عن ترعة وليس نهرا، وما به من مياه تكون مياه مقننة يقدرها الجانب الإثيوبي طبقا لحاجته إلى توليد الكهرباء. كما أن سد النهضة لا يحتوي على فتحات لتصريف المياه إلى مصر إلا عبر فتحات توليد الكهرباء فقط، كما وأن الممر الاحتياطي لمرور المياه أثناء الفيضان وضع في أعلى منسوب بالبحيرة عند أعلى ارتفاع للسد الإثيوبي وبالتالي لا بد أن تمتلئ البحيرة بكامل سعتها بالمياه أولا بحجم 74 مليارا قبل أن تسمح بمرور أي نقطة ماء إلى مصر والسودان وإذا تعطلت التوربينات أو تساقطت خطوط الضغط العالي لنقل الكهرباء بفعل عاصفة أو إعصار فلابد من إيقاف التوربينات عن العمل وبالتالي تتوقف مرور المياه إلى مصر حتى يتم إصلاح العطل سواء بعد زمن طويل أم قصير وهناك سؤال مصري لابد من توجيهه إلى إثيوبيا: في حال السنوات السبع العجاف سوف تحتاج مصر إلى أن تسمح إثيوبيا بمرور المياه لأن الشعب المصري سيمون بدونها في حين ستطلب إثيوبيا توليد الكهرباء أولا قبل السماح بمرور المياه إلى مصر.. فلمن ستكون الأولوية وقتها للمياه حياة الشعب المصري أم لتوليد الكهرباء التي يحتاجها الشعب الإثيوبي، ولمن ستكون الأولوية للمياه أم للكهرباء؟ كيف تبني إثيوبا سدا كفاءة توليد الكهرباء فيه 33% فقط في حين تتجاوز المعدلات العالمية 66% وفي سدود إثيوبيا نفسها 60%؟ وبالتالي إثيوبيا تكذب على العالم وتدعي أنها ستولد 6 آلاف ميجاوات ، في حين أنها لن تولد أكثر من ألفي ميجاوات بسبب كفاءة التوليد المنخفضة - أيضا كفاءة ثبات السد ضعيفة جدا أمام الفيضانات الغزيرة التي تتكرر سبع مرات كل 20 عاما، وأن هذه الفيضانات ستجرف السد في طريقها ووقتها ستعيش مصر والسودان أوقاتا كارثية. بالإضافة إلى معامل الأمان المنخفض للسد تحت كل الظروف. لا توجد دراسات بيئية قام بها الجانب الإثيوبي كما تنص اتفاقية الأممالمتحدة وأخطاره البيئية داهمة على مصر ومنها اختفاء الأسماك من النهر لمدة خمس سنوات، وتفشي الحشائش العمالقة واختفاء أصناف من النباتات والحيوانات بالتربة على حساب أصناف أخري ستختفي نهائيا. الدكتور هانى رسلان، أتفق فى أهمية وجود ملف سد النهضة ضمن الأولويات العاجلة جدا للرئيس القادم، فهذه القضية تخص الدولة ومؤسساتها ككل ولذا فالعمل فيها لا يتوقف، ولكن وجود رئيس منتخب على رأس النظام السياسى سيساعد بلا شك على أن يكون التحرك المصرى فى المجالين الإقليمى والدولى أكثر فاعلية وأكثر قدرة على الإنجاز وأيضاً سيساعد على اتخاذ القرارات الصعبة إذا لزم الأمر. ويجب أن تقوم مصر بتحركات متوازية وليس بالتتالي، ومطلوب تحرك إعلامى وسياسى وقانونى واسع، لإظهار حجم الضرر الواقع على مصر فى حالة اكتمال السد بمواصفاته الحالية، والتركيز على الخداع والكذب الإثيوبي من خلال الدراسات الفنية وهى متوافرة، وكذلك مخالفة إثيوبيا لقواعد القانون الدولى، والتعنت فى المفاوضات لتضييع الوقت .. وذلك فى محاولة لمحاصرة التمويل أو أى دعم فنى للسد ما من جانب الدول الصديقة والشقيقة، وأن يكون الموقف من السد أحد محددات العلاقات المصرية مع أى دولة أخرى. يجب العمل أيضا على التأثير فى الموقف السودانى الحالى الذى يقدم دعما مطلقا لإثيوبيا، وكذلك إرسال رسائل واضحة جداً لإثيوبيا، إن الاستمرار فى رفض الحلول الوسط ستكون له تكلفة عالية، لأن مصر لن تقف موقف المتفرج.