جلال الشافعي ما بين رؤى متباينة واتهامات مسبقة ومخاوف مشروعة يظل "قانون الرياضة" حائرًا بين الوزارة واللجنة الأوليمبية المصرية واتحادات اللعبات المختلفة، وتستمر الأزمات والخلافات جزءًا لا يتجزأ من مراحل إصدار القانون المتتالية، ويبقى دائمًا بند ال8 سنوات بطلًا رئيسيًا لتلك الأزمات التي كانت أحد أسباب الإطاحة بوزير الرياضة السابق طاهر أبوزيد. وبرغم قرار الدكتور خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة بعرض "القانون" للحوار المجتمعي قبل إرساله إلى اللجنة الأوليمبية الدولية في 24 مايو الجاري، فما زالت الخلافات تلاحق القانون ولا يعلم أحد على وجه اليقين مصير بنوده - وعلى رأسها ال8 سنوات - خلال الأيام المقبلة.. ونحن بدورنا نتساءل "قانون الرياضة، إلى أين؟". ما زال بند ال8 سنوات هو العقبة الأكبر والخلاف الرئيسي الذي يحول دون التوافق على قانون الرياضة الجديد، برغم أن اللجنة الأوليمبية المصرية برئاسة المستشار خالد زين ستناقش مسودة القانون هذا الأسبوع بالتزامن مع الحوار المجتمعي حوله والذي دعا له الدكتور خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة، على أن يتم الانتهاء من القانون وإرساله إلى اللجنة الأوليمبية الدولية في 24 مايو الجاري. كان بند ال 8 سنوات بطلًا رئيسيًا في الخلاف بين طاهر أبوزيد وزير الرياضة السابق من جهة، وعدد من الأندية والاتحادات الرياضية تساندها اللجنة الأوليمبية المصرية من جهة أخرى، وهو الخلاف الذي كان أحد أسباب الإطاحة بالوزير السابق، حيث شكل أبوزيد لجنة لإعداد القانون من خبراء الرياضة والقانون والإعلام الرياضي برئاسة اللواء الدهشوري حرب، وكان من أبرز أعضائها أسامة خليل نجم مصر والإسماعيلي السابق، والمستشار محمد الجندي وزير العدل الأسبق رئيسًا للجنة الصياغة. وتسبب تجاهل أبوزيد للجنة الأوليمبية المصرية خلال إعداد القانون في أزمة كبيرة، ووجه خالد زين اتهامات لأبوزيد بمخالفة الدستور المصري الجديد، والسعي لتحطيم الرياضة المصرية في الفترة المقبلة. وهناك تفاصيل كثيرة سيتم وضعها فى اللائحة الجديدة التى بدأ عبد العزيز فى الإعداد لها من الآن لتصدر بعد القانون مباشرة، وربما يكون من بينها تحديد سن السبعين كآخر مدة زمنية تسمح للمرشح بخوضه أى انتخابات رياضية، وفق ما هو معمول به فى اللجنة الأوليمبية الدولية. وبرغم خروج أبوزيد في التشكيل الوزاري لحكومة المهندس إبراهيم محلب، ودمج وزارتى الشباب والرياضة، فإن المهندس خالد عبد العزيز الوزير الجديد رفض المساس بالقانون وأكد في كثير من المناسبات تمسكه ببند ال8 سنوات، وكان عبدالعزيز حريصًا على إرضاء ومشاركة جميع الأطراف، فشكل لجنة جديدة لتعديل القانون، كانت اللجنة الأوليمبية المصرية "الغاضبة" أبرز المشاركين فيها، وكان لافتًا للنظر التغير التام في موقف خالد زين، ولا سيما فيما يتعلق ببند ال8 سنوات فى قانون الرياضة الجديد، حيث أكد أنه على المستوى الشخصي يدعم تطبيق ال8 سنوات لمنح الفرص للجميع، خصوصا الشباب فى ممارسة حقه فى الترشح لمجالس إدارات الأندية والاتحادات، بشرط استثناء الأعضاء الذين يتقلدون مناصب فى الاتحادات القارية من هذا البند كي لا تفقد مكانتها فى الاتحادات القارية والدولية، كما أضاف أنه يجب ألا يسرى على مجلس إدارة الاتحاد الذى يحقق ميدالية فى دورة الألعاب الأوليمبية. وعلى العكس جاء موقف عددًا من الاتحادات الرياضية التي تسعى للبقاء في مناصبها أطول فترة ممكنة، حيث قرر على السرجاني رئيس مجلس إدارة اتحاد الكرة الطائرة حذف بند ال 8 سنوات من لائحة النظام الداخلى للاتحاد، وتم إرسالها إلى الأندية تمهيدًا لاعتمادها خلال اجتماع الجمعية العمومية المقبل والمقرر له يوم 17 مايو الجاري بمقر مبنى الاتحادات بمدينة نصر. كما أعلن مجلس إدارة اتحاد كرة السلة برئاسة الدكتور مجدى أبوفريخة، عدم إدراج بند ال 8 سنوات في اللائحة التي ستعرض على أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد في سبتمبر المقبل. وهو نفس ما فعله اتحاد التايكوندو بقيادة فرج العمري القائم بالأعمال، حيث قرر إلغاء بند ال8 سنوات من اللائحة الجديدة المقرر عرضها على الجمعية العمومية سبتمبر المقبل. موقف اتحادات الطائرة والسلة والتايكوندو أثار حالة كبيرة من الغضب في الوسط الرياضي، حيث أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، وباتت فكرة التوافق حلمًا بعيد المنال في ظل إصرار كل طرف على موقفه، وهو ما أكده اللواء جاسر رياض عضو مجلس إدارة اللجنة الأوليمبية واتحاد كرة السلة الذي قال: إن قانون الرياضة المنتظر يحتوى على بند ال 8 سنوات كأحد شروط الترشح، ومن غير المنطقى أن تقوم الاتحادات بمخالفة القانون وحذف البند من لائحة النظام الداخلى لها. وأضاف أن جميع الاتحادات ملزمة بوضع بند ال 8 سنوات في اللوائح الداخلية، وأن الاتحادات التي ستخالف ذلك سترفض اللجنة الأوليمبية اعتماد لائحتها. وأشار إلى أن مثل تلك التصرفات من الاتحادات ستتسبب في حالة من الفوضى، وستؤدى إلى نشوب حالة من عدم الانضباط وستؤثر سلبًا على مستقبل الرياضة في مصر. وكشف أسامة خليل نجم منتخب مصر والإسماعيلي السابق، ومقرر لجنة قانون الرياضة التي شكلها طاهر أبوزيد، عن تخوفه الشديد من أن يطيح التعديل الجديد لقانون الرياضة بكل المواد والبنود التي تم وضعها من أجل مواكبة التطور التاريخي في مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو. وأكد تمسكه ببعض المواد الذي يري أن تعديلها سيكون عودة لفساد الأنظمة السابقة من جديد، ومن أهمها بند ال8 سنوات الذي يحقق مبدأ تداول السلطة، ويقطع الطريق على أصحاب المصالح والنفوذ، كما يسهم في تصعيد كوادر إدارية من الشباب تصلح ما أفسده استمرار مسئولين في أندية واتحادات لأكثر من15 عامًا، وأشار إلى أن تطبيق هذا البند لا يعني التخلص من الكفاءات كما يدعي البعض لأن هناك مادة في القانون مكملة لهذه المادة وهي المادة 110 والتي تدعو لاستخدام أصحاب الكفاءات التي مر عليها 8 سنوات في مجالس الإدارة، ولا يحق لها الترشح كمستشارين لهذه المجالس، وهو ما يعطي فرصة كبيرة للقيادات الجديدة لتطوير العمل الرياضي والاستفادة من خبرات السابقين. كما شدد خليل على تمسكه بالمادة 35 وعدم المساس بها، وهي الخاصة بإقرار الذمة المالية عند دخول مجالس الإدارة والخروج منها حتي لا تقع الاتحادات الرياضة والأندية فريسة لعصابات النهب من جديد كما حدث في السابق. وبغضب شديد تساءل اللواء الدهشوري حرب رئيس اتحاد الكرة الأسبق ورئيس لجنة أبوزيد لإعداد قانون الرياضة لمصلحة من يتم تعديل قانون الرياضة بعد عمل شاق لعدة أشهر، لكي يخرج بهذا الشكل الرائع - بحسب وصفه - ولماذا قام وزير الرياضة خالد عبد العزيز بإسناد القانون للجنة الأوليمبية لتعديله وهو يعلم جيدا رفضها لهذا القانون ومحاربته من البداية، برغم مواكبته لقوانين الدول المتقدمة واتساقه مع الميثاق الأوليمبى. كما طالب حرب بضرورة تدخل المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء لإنقاذ الرياضة المصرية من الصراعات التي ستؤدي إلى انهيارها، وعودتها للنفق المظلم من جديد، نظرا لمحاولات خالد زين رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية إجراء تعديلات علي القانون الذي تم وضعه وفقا للمعايير الدولية والأوليمبية، مشددًا على أن رغبة زين في تعديل القانون هدفها المصالح الشخصية فقط وليس المصلحة العامة، حيث يسعي لاستثناء أصحاب المناصب الدولية ورؤساء الاتحادات القارية والدولية من بند ال8 سنوات الذي يتضمنه القانون الجديد، كونه يشغل منصب رئيس الاتحادين العربي والإفريقي للتجديف بجانب الاتحاد المصري وهو ما يضمن له البقاء في منصبه لأطول فترة ممكنه. وعن طرح القانون للحوار المجتمعي من خلال مشاركة الأحزاب السياسية، واللجنة الأوليمبية المصرية، ورؤساء الأندية والاتحادات الأوليمبية وغير الأوليمبية، والإعلام الرياضى، ورؤساء مراكز الشباب، لمعرفة مقترحاتهم على القانون الجديد، قال حرب إن كل هذه الخطوات محاولة لتعطيل مسيرة القانون، الذي كان من المفترض أن يعرض على رئيس الوزراء والبرلمان المقبل لاعتماده، كما اختتم بتقديم اعتذاره لمن أسهموا في إعداد القانون بعد تدخل بعض الأفراد لتعديل المسودة النهائية للقانون دون الرجوع إليهم.