رويترز داخل معمل صغير يقبع خلف أشجار التوت في حديقة فيرتشايلد النباتية المدارية المترامية الأطراف في ميامي يعكف علماء ومتطوعون على العناية بعشرات الآلاف من زهور الأوركيد المستنبتة حديثا والموضوعة في أصص زجاجية. وتنتظر 50 ألفا أخرى من هذه الزهور ذات الأوراق الخضراء اليانعة في مشتل قريب. وخلال الأسابيع القادمة تتولى فرق تستعين بشاحنات مخصصة لهذا الغرض نقل زهور الأوركيد ووضعها على الأشجار التي تصطف على جانبي الشوارع في ولاية فلوريدا على أمل استكمال استنباتها لتعيد صنع غطاء نباتي مبهج من ملايين الأزهار النضرة الزاهية الألوان التي كانت تزخر بها الولاية يوما ما. وقال كارل لويس الذي يرأس برنامج المليون زهرة أوركيد بوصفه مديرا لحديقة فيرتشاييلد النباتية "لا نسعى الى مجرد عودة زهور الأوركيد بل الحشرات التي كانت تقوم على تلقيحها." وكادت مشروعات التنمية العمرانية -فضلا عن الانفجار السكاني- التي تجري منذ عقود من الزمن وتتسم بقدر من التهور تقضي على أنواع الأوركيد الأصيلة التي تشتهر بها المنطقة إذ تعمد التجار والهواة قطف هذه الزهور النابضة بالحياة من منابتها ثم ما لبثوا ان شحنوها شمالا لتباع في محلات الزهور وأسواق زهور الربيع. وتجلى ولع أهالي فلوريدا بزهور الأوركيد -لاسيما السلالات النادرة منها- في كتاب الصحفية سوزان أورلين الصادر عام 1998 تحت عنوان (لص الأوركيد) والذي يروي قصة القبض على رجل ومجموعة من الهنود الحمر من السكان الأصليين الذين سطوا على نوع نادر من الأوركيد على أمل استنساخه وجني الأرباح من وراء ذلك. وقال لويس إن فلوريدا استوحت فكرة إعادة زرع مليون زهرة أوركيد في ميامي من تجربة مماثلة جرت في سنغافورة وبدأت في مستهل تسعينات القرن الماضي. وقال يام تيم وينج كبير الباحثين في حدائق سنغافورة النباتية في رسالة الكترونية إن ميامي كانت تحتضن في الماضي 229 نوعا من زهور الأوركيد اندثر منها 170 نوعا فيما يتهدد الانقراض 54 نوعا.