إيهاب عطا استبشر النوبيون خيرا بعد الدستور الجديد الذي أعطي مزيدا من الحقوق للأقليات المصرية والتي أبرزها أهالي النوبة، لكن ما لبث أن تأتي الأحداث بما لا تشتهيه أنفسهم ويصطدمون بحائط الروتين وتعنت المسئولين لدرجة وصفوها بالاضطهاد المتعمد، وهو ما حدث في قرار وزارة التربية والتعليم بشأن نقل لجنة امتحانات مدرسة توشكى الثانوية المشتركة، والتي كانت تعقد كل عام في مدرسة الشيخ مرسي، إلى مدرسة كلابشة والتي تبعد عن إقامة الطلاب بمسافة تزيد على 50 كليومترا، وهو ما يراه أولياء الأمور أنه سيزيد من إرهاق الطلاب ويضيع وقتهم خلال أيام الامتحانات ذهابا وإيابا، في الوقت الذي يتوفر فيه بديل لتلك المدرسة لا يبعد أكثر من 3 كيلومترات فقط، مما دفع أولياء الأمور للتهديد بمقاطعة الامتحانات ومنع أولادهم من أداء الامتحانات إذا استمر تعنت الوزارة ولم ترسل بلجنة محايدة تبت في هذا الشأن. «الأهرام العربي» حققت في هذا الأمر والتقت أولياء الأمور ومدير المدرسة الذين أجمعوا على مطالب مشتركة. «رمضان عابدين» من منطقة ( توشكى – نصر النوبة - أسوان) وأحد أولياء أمور طلاب مدرسة توشكى الثانوية المشتركة يقول: «إننا نشعر بالاضطهاد من المسئولين في وزارة التربية والتعليم بسبب التقرير النهائي الذي صدر بخصوص مدرسة توشكى الثانوية وأداء امتحانات الثانوية العامة». ويحكي ولي الأمر تفاصيل ما حدث قبل تقرير الوزارة قائلا: «أبناؤنا من طلبة الثانوية العامة في مدرسة توشكى الثانوية المشتركة والتي أنشئت في 1997، كل عام كانوا يؤدون امتحانات آخر العام في لجنة بمدرسة الشيخ مرسي علي الإعدادية والتي تبعد عن مدرسة توشكى الثانوية مسافة نحو 13 كيلومترا تقريبا، وهي مسافة كانت مشجعة لأولادنا كي ينتقلوا إليها لأداء الاختبارات وذلك حتى العام الماضي، إلى أن صدر قرار بإزالة مدرسة الشيخ مرسي بسبب عدم صلاحيتها وبناء غيرها». ويتابع رمضان قائلا:"على الفور تقدم أهالي الطلاب بطلبات إلى الجهات التعليمية المختصة والمتمثلة في مديرية التربية والتعليم في أسوانوأسيوط التي نتبع لها، بأن يؤدي الطلاب الامتحانات في مدرستهم الأصلية توشكى، حيث إنها قريبة إلى مناطق إقامتهم، وبالفعل تمت الموافقة واعتماد الطلب الذي قدمناه من أسوانوأسيوط، حيث جاءت لجنة من التربية والتعليم بأسيوط وزارت المدرسة وعاينت على الطبيعة الموقع والإمكانات بالمدرسة ووافقت". ويضيف عابدين أن مديرية أمن أسوان كجهة أمنية أقرت بالموافقة على أداء الطلبة للامتحانات في مدرستهم بعد معاينة المدرسة ووجدتها مناسبة من الناحية الأمنية، إضافة إلى أن هيئة الأبنية التعليمية بالتربية والتعليم بأسوان أقرت بذلك، إلى أن فوجئنا بفاكس من وزارة التربية والتعليم يقرر بأن تكون لجنة امتحانات الثانوية العامة الخاصة بمدرسة توشكى الثانوية في مدرسة كلابشة الثانوية وهي تبعد بمسافة 50 كيلومترا. وبحسب كلام عابدين فإن فاكس الوزارة يفيد بأن التقرير الذي صدر من لجنة أسيوط التي زارت وعاينت المدرسة غير سليم وغير مطابق للتقرير الذي أعدته مديرية أمن أسوان والتي تقول بأن المدرسة غير مطابقة للمواصفات من الناحية الأمنية وأنها في منطقة بعيدة عن العمران وأن المدرسة ليس بها سور يحيطها من الخارج. ويؤكد رمضان عابدين أن ما ورد في فاكس الوزارة ليس مطابق للحقيقة بدليل أن المدرسة محاطة بسور ارتفاعه 3 أمتار تم بناؤه تحت إشراف ورقابة هيئة الأبنية التعليمية وبواباتها حديد، وهو ما يعني أن من كتب التقرير الجديد بالوزارة كتبه "عمياني" ومن وحي الخيال لأنه لم يعاين المدرسة بنفسه حتى يحكم عليها ويصفها بأنها بعيدة عن العمران والواقع يقول بأنها في منطقة مأهولة بالسكان، والدليل على ذلك أنه لم يسرق من محتوياتها أي شىء على الإطلاق منذ تأسيسها. وطالب عابدين وزارة التربية والتعليم بإرسال لجنة محايدة تعاين المدرسة على الطبيعة وتعد تقريرا نهائيا وما إذا كانت صالحة لأداء الامتحانات فيها أم لا، مهددا أنه وغيره من أولياء الأمور لطلاب المدرسة سيمنعون أولادهم من أداء الامتحانات هذا العام إذا تم إقرار اللجنة في مدرسة كلابشة. يسري جلال مدير مدرسة توشكى الثانوية المشتركة محل المشكلة وأحد أولياء الأمور يشير في بداية حديثه إلى أن المدرسة مسجل بها 120 طالبا منهم 112 طالبا يحضر للمدرسة و8 آخرون منازل، وجميع الطلاب اعتادوا أداء الاختبارات في مدرسة الشيخ مرسي منذ 17 سنة تقريبا، لذلك لم نكن في حاجة إلى لجان معاينة أو تقارير تبت في صلاحية المدرسة من عدمها، إلى أن جاء قرار إزالة مدرسة الشيخ مرسي وضرورة نقل اللجنة إلى مدرسة أخرى، ومن ثم وكما يقول المثل "جحا أولى بلحم ثوره" وحرصا على مصلحة أولادي الطلاب وبناء على رغبات ورؤية أولياء الأمور نطالب أن تكون اللجنة في المدرسة الأصلية (توشكى الثانوية) توفيرا لوقت ومعاناة الطلاب أيام الامتحانات التي يحتاجون فيها للتركيز وليس لمزيد من الإرهاق والضغط النفسي. ويتساءل مدير المدرسة بأي منطق يتخذ قرار بأن يقضي أبناؤنا الامتحانات في لجنة تبعد عن مكان الإقامة 50 كيلومترا ذهابا وإيابا، وهو ما يعني أن الطالب سيصاب بالإرهاق قبل دخول اللجنة إضافة إلى ضياع الوقت ذهابا وإيابا. ويضيف يسري جلال أنه حتى لو فرض أن المدرسة الأصلية التي نريد أن يؤدي فيها الطلاب الامتحان غير صالحة فهناك بدائل أخرى أقرب ومدارس تتوفر فيها نفس مواصفات مدرسة الشيخ مرسي التي كانوا يؤدون فيها الامتحانات حتى العام الماضي. وأشار جلال إلى أن هناك مدارس أخرى تبعد عن مدرسة توشكى الثانوية مقدار 3 كيلو مترات فقط وحتى إذا كانت أثاثاتها غير مناسبة فسوف يتم ما كان يحدث كل عام وهو نقل الأثاث والأدراج إليها من مدرسة أخرى، كما كان يحدث في مدرسة الشيخ مرسي والمقرر إزالتها وتسببت في هذه المشكلة، وقد عرضناها كبديل لمدرسة كلابشة لكن لم يلتفت إلينا أحد. وأيد مدير المدرسة رغبة أولياء الأمور في التخفيف عن أبنائهم متاعب فترة الامتحانات، متخوفا من أن تعنت الوزارة في هذا الشأن قد يؤدي إلى إضراب الطلاب عن أداء الامتحانات بسبب بعد المسافة، لذلك يطالب بلجنة محايدة من الوزارة تزور المدرسة وتعاينها من جديد وتكتب تقريرا نهائيا نزيها. محمد عبد الحكيم محمد أحد أولياء الأمور، يقر بما أفاد به سابقوه من أولياء الأمور حيث إنه فوجئ بالقرار الجديد من الوزارة بنقل لجنة امتحانات الثانوية العامة إلى مدرسة كلابشة والتي تبعد أكثر من 50 كيلومترا عن مكان إقامتهم في توشكى. وأبدى عبد الحكيم دهشته من توجه الحكومة نحو المواطنين المصريين خصوصا أهالي النوبة المهمشين، متسائلا: «هل بهذه الطريقة تخفف الحكومة عنا.. أم تزيد الحمل علينا؟». وهدد عبد الحيكم بأنه وباقي أولياء الأمور مثل العمدة عبدالله حسن عمدة قرية رماطة وعافية، وشاكر سيد عواد عمدة قرية توشكى، والعمدة محمد داوود كبارة من أبو سمبل، وصالح حسن عبد السيد مأذون توشكى، ورمضان حسن على هركي – قسطل، وزكريا أبو زيد – قسطل وغيرهم، سيمنعون أبناءهم من الذهاب إلى تلك المدرسة البعيدة ويطالبون بلجنة محايدة من الوزارة كي لا يحدث هذا. محمد توفيق أحمد حسين نقيب المعلمين من منطقة توشكى، يؤكد ما أثير حول قرار الوزارة الأخير، من أن هناك لجنة قامت بمعاينة مدرستين كبديل يتم الامتحانات فيها لمدرسة الشيخ مرسي التي صدر قرار بإزالتها، كانت إحداهما مدرسة غرب توشكى الابتدائية وهي قريبة مقارنة بمدرسة كلابشة التي تريد الوزارة أن يذهب إليها الطلاب لأداء الامتحان وهي بعيدة جدا. ويشير نقيب المعلمين إلى أن قرار اللجنة بشأن مدرسة غرب توشكى أفاد بأن المدرسة لا تصلح أيضا لأن الأثاث والأدراج بها غير صالحة لأداء الطلاب الامتحانات فيها، وهذا عيب يمكن تلافيه بنقل الأثاث إليها من مدرسة أخرى ولتكن مدرسة توشكى الثانوية، وهو نفس ما كان يحدث كل عام مع مدرسة الشيخ مرسي. وطالب محمد توفيق بأن يعاد النظر في تلك المسألة التي تؤرق حياة أسر هؤلاء الطلاب والذين قد يصل بهم الأمر إلى مقاطعة الامتحانات هذا العام وهم يزيدون على 100 أسرة نحو 120 طالبا.