هانى فاروق أثارت الزيارة الغامضة والمفاجئة التى قام بها وزير الخارجية القطرى خالد العطية قبل أيام إلى القاهرة بحجة تقديم العزاء إلى أسرة الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم، الكثير من التكهنات حول حقيقة هذه الزيارة، التى لم تستغرق سوى ساعتين فقط مساء الأحد 8 ديسمبر الماضى، وجاءت بعد رحيل نجم بأكثر من 5 أيام، وأقيم له «عزاءان» رسميان لم يأت خلالهما وزير خارجية الدوحة. وكشفت المصادر عن أن الوزير القطرى التقى نوارة نجم لمدة خمس دقائق فقط من بين الساعتين التى قضاهما بالقاهرة. توقيت الزيارة الغامضة أثار العديد من علامات الاستفهام، خصوصا أنها تزامنت مع انتهاء لجنة الخمسين من كتابة دستور مصر الجديد، والدور القطرى المزعوم لتبنى حملة خفية لحشد التصويت بلا على الدستور 2013، ودعمها لمخططات تنظيم الإخوان فى عرقلة خريطة الطريق الانتقالية التى حددتها ثورة 30 يونيو، التى أطاحت بمحمد مرسى وجماعته الذى أضر بمصر كثيرا خلال عام من توليهم الحكم. سيناريوهات عديدة لهذه الزيارة الغامضة التى تماثل زيارات رئيس الاستخبارات القطرية إلى مصر من قبل التى تمت دون علم أجهزة الأمن فى مصر، والتقى خلالها برموز تنظيم الإخوان وتقديم التمويل لهم، وما أثير آنذاك حول حقيقة الدور القطرى فى التأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية بتمويل الفوضى بملايين الدولارات والريالات القطرية، وتهريب أجهزة التنصت إلى قيادات التنظيم الذين هددوا بحرق مصر، وما قام به اللواء عبد الفتاح السيسى رئيس المخابرات الحربية آنذاك بتوجيه إنذار شديد اللهجة إلى نظيره القطرى الذى استباح الأراضى المصرية دون إذن السلطات. التدخل القطرى السافر فى الشأن المصرى من خلال ذراعهم فى مصر تنظيم الإخوان، والمستمر منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن باستخدام قناة التحريض وإشعال الفتنة الجزيرة التى ما زالت تبث سمومها وأكاذيبها وافتراءاتها، تؤكد أن الزيارة السرية لوزير خارجية قطر ربما جاءت فى هذا التوقيت للقاء بعض من رموز تنظيم الإخوان الذين ما زالوا خارج السجون، خصوصا أن العنف فى الجامعات ازداد ضراوة بعد هذه الزيارة، وحقيقة الدور القطرى فى تمويل العنف فى الجامعات المصرية لتقويض جهود الدولة فى إتمام خارطة الطريق وتشويه صورة مصر عالميا من خلال الصور التى يتم توظيفها إعلاميا لتشويه الواقع. من جانبه يؤكد الدكتور سعد الزنط الخبير الإستراتيجى المصرى ل «الأهرام العربى» أن العطية التقى بعضا من قيادات الإخوان وتحالف ما يسمى بأنصار الشرعية فى أحد الفنادق «الخمس نجوم» بوسط القاهرة، ويضيف: هناك معلومات تتواتر عن أن قطر ستدفع ألف جنيه لكل صوت سيرفض الدستور خلال الاستفتاء عليه، فى محاولة لإيقاف قطار الديمقراطية الذى رسمت ملامحه ثورة 30 يونيو للوصول إلى مصر الحديثة. ويندهش الدكتور الزنط من موقف قطر ويقول ساخرا: الشاعر أحمد فؤاد نجم قبيل وفاته قال عن دولة قطر إنها «دولة غلابة ونفسهم يبقوا حاجة وكلهم أد قسم شبرا وشبرا أكبر شوية»، فكيف يأتى الوزير القطرى ليقدم تعازى دولته فى شاعر هاجمهم من قبل؟ وقد سجنوا شاعرا قطريا مثله لمدة 15 عاما بسبب هجائه لنظام الحكم فى قطر؟!. أما السفير بدر عبد العاطى، المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية، فقال ل «الأهرام العربى»: إن زيارة خالد العطية كانت غير رسمية، ونفى إن كان التقى الوزير القطرى بأى مسئول مصرى، وأنها كانت لتقديم واجب العزاء فى الشاعر أحمد فؤاد نجم. التساؤل الذى يطرح نفسه الآن، لماذا لم تتخذ الحكومة موقفا شديدا وحاسما حتى الآن يماثل موقف الفريق السيسى عندما كان رئيسا للمخابرات الحربية، والإنذار شديد اللهجة الذى وجهه لمدير الاستخبارات القطرية الشيخ أحمد بن ناصر الذى زار مصر سرا دون لقاء السلطات المصرية، أليست زيارة العطية تماثل زيارة مدير استخبارات دولته، وأن أى زيارة لا بد أن يسبقها تنسيق دبلوماسى بين الدولتين، ولابد أن تراجع قطر مواقفها تجاه السيادة المصرية، وأن تسلم اللاجئين إليها الذين يسبون مصر وشعبها عبر فضائية «الجزيرة»، خصوصا أن قطر تستضيف اجتماعات التنظيم الدولى للإخوان محاولة لإعادة «الإخوان» إلى المشهد السياسى فى مصر مرة أخرى، ولماذا لم تتخذ مصر موقفا من قطر يماثل الموقف الذى اتخذته من تركيا؟ علامة استفهام أخرى تبدو فى الأفق هو ظهور السفير القطرى فى القاهرة سيف بن مقدم البوعنين خلال احتفال دولته بعيدها الوطنى يوم الأربعاء الماضى 18 ديسمبر، والذى رفض خلاله اعتراف بلاده بثورة المصريين 30 يونيو، فى ظل استمرار غيابه عن اجتماعات جامعة الدول العربية وتوكيل مهمته لأسامة يوسف القرضاوى الذى يشغل منصب القائم بالأعمال لدولة قطر فى مصر. ويبقى السؤال أما آن لقطر أن تعترف بثورة المصريين فى 30 يونيو بدلا من محاولاتهم الصبيانية فى هدم مصر فى دعم تنظيم محظور كان سيقود مصر إلى الهاوية، خصوصا فى ظل ما نسب إلى مصدر سيادى بأن قطر لن تتخلى عن الإخوان، بل ستحتفظ بالجماعة كورقة ضغط، فقط ستخفف من تورطها فى الشأن المصرى، وأن زيارة العطية اتخذت طابعا إنسانيا زائفا، من أجل تمرير رسائل سياسية. فيما علمت «الأهرام العربى» أن قيادة سيادية مصرية كبرى ألتقت المسئول القطرى لمدة 35 دقيقة لبحث المصالحة القطرية المصرية بوساطة سعودية إماراتية.