محمد الليثى على سطح مياه المتوسط، بدأ الاستعداد للحرب والدفاع عن حقول آبار الغاز من قبل إسرائيل التى استولت عليها فى المياه الاقتصادية بالمتوسط، مستغلة الظروف التى تمر بها المنطقة، وقامت بتوسيع البحث والاستكشاف، خصوصا بعد اندلاع ثورة يناير، وفى خلال ثلاث سنوات أعلنت إسرائيل عن أربعة اكتشافات غازية وهى آبار تمار وليفياثان وتنين وشمشون، بالإضافة إلى حقل أفروديت القبرصى وقامت إسرائيل بنصب منصة صورايخ من طراز «مقلاع داود» على منصات حقول الغاز خشية تعرض الآبار لأى هجوم بالمنطقة الاقتصادية مع مصر وقبرص ولبنان وسوريا واليونان دون رادع وتحت حماية البوارج الأمريكية بمياه المتوسط، وبدعم فنى كامل من شركات البترول الأمريكية، والتى قصرت زمن الحفر وبعد أن أطمأنت إسرائيل إلى اكتشافاتها بدأت فى بناء منظومة الدفاع عن اكتشافاتها من الغاز بالتوازى مع زيادة معدل البحث والتنقيب عن آبار أخرى وإيجاد طرق نقل وتصدير الغاز. فبعد أن تحولت إسرائيل في الآونة الأخيرة إلى دولة منتجة للغاز الطبيعي بعد أن كانت تتسوله من مصر، وبحثت عن دولة أخرى تمدها بالوقود في أعقاب وقف ضخ الغاز المصري الذي كانت تستورده بأرخص الأسعار مما جعلها تستخدم وقودا بديلا أغلى سعرا وأكثر تلويثا للبيئة لحل أزمة الكهرباء، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية فى إبراز الموضوعات المتعلقة بآبار الغاز فى المتوسط لأهميتها الاقتصادية للدولة العبرية فى حين تسعى مصر جاهده إلى توفير شحنات من الغاز الطبيعى للاستهلاك المحلى والوفاء بتعاقداتها الخارجية مع إسبانيا وفرنسا وإيطاليا التى تمتد إلى 20 عاما. هذه التطورات والتصريحات الإسرائيلية الأسبوع الماضى قابلتها تصريحات وتطورات من قطاع البترول المصرى عن زيارة لمسئولين بقطاع البترول للندن، وهما وكيل أول وزارة البترول لشئون الغاز الدكتور شريف سوسة والمهندس طاهر عبد الرحيم رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" أعلنت عنها وزارة البترول بشكل يثير الشك والريبة على الرغم من أهمية الزيارة، حيث أوردت الوزارة البيان الخاص بالزيارة فى ذيل بيان خاص بزيارة وزير البترول المهندس شريف إسماعيل للإمارات، ونص البيان هو "بحث المهندس شريف إسماعيل وزير البترول والثروة المعدنية خلال زيارته للإمارات العربية المتحدة مع وزير الدولة الإماراتى سلطان الجابر، مسئول ملف التعاون بين البلدين، أوجه التعاون المشترك فى مجالات صناعة البترول وتحديدا فى أنشطة البحث والاستكشاف والإنتاج والمشروعات المشتركة. وعلى جانب آخر اجتمع وفد مصرى ضم الدكتور شريف سوسة وكيل أول وزارة البترول لشئون الغاز والمهندس طاهر عبد الرحيم رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية فى لندن مع مسئولى شركة جازبروم الروسية، حيث تم دراسة أوجه التعاون المشترك بين البلدين فى مجالات البحث والاستكشاف والغاز الطبيعى المسال وتوفير احتياجات مصر من الغاز الطبيعى خلال المرحلة المقبلة". صياغة البيان بهذه الطريقة تضع الكثير من علامات الاستفهام والشك والريبة، والسؤال لماذا الاجتماع بجاز بروم الروسية فى لندن، ولماذا لم يكن الاجتماع فى موسكو أو القاهرة؟ وتدارك المسئولون بالبترول الأمر سريعا فقاموا بإصدار بيان آخر عن أن زيارة الوفد إلى لندن كانت لبدء المفاوضات مع شركتى بريتش بتروليوم "بى . بى" وبريتيش جاز "بى جي" بعد تراجع إنتاجهما من الغاز فى مصر وتأجيلهم تنمية عدد من الحقول، مما أدى إلى عدم تعويض معدلات التناقص الطبيعى فى الإنتاج بالشكل المأمول لتلك الشركات. وزيادة فى التخبط فى البيانات الصحفية الصادرة عن وزارة البترول فإنه لأول مرة يخرج بيان من وزراة البترول تعترف الوزارة فيه أن شركات البترول العالمية العاملة فى مصر خفضت إنتاجها من الغاز نتيجة عدم وفاء مصر بدفع قيمة حصة الشريك الأجنبى. ويزيد الأمر وضوحا أن هناك أمورا تحاك خلف ستائر الخفاء، وأن هناك مؤشرات تؤكد وجود مفاوضات بين مصر وإسرائيل هو خروج وزير إسرائيلى الأسبوع الماضى أيضا بعد تصريحات وزارة البترول المصرية ليعلن عن سعى إيطاليا للتوفيق بين مصر وإسرائيل لتصدير الغاز الإسرائيلى عبر خطوط الغاز المصرى أو بعد إسالته فى غرف الإسالة المصرية «وكان نص بيان الوزارة الإسرائيلية»: أن وزير الطاقة والمياه الإسرائيلي سيلفان شالوم قال في لقاء جمعه مع نظيره الإيطالي:"إن تصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي لإيطاليا مصلحة مشتركة بين الدولتين فإيطاليا حليف حقيقي لإسرائيل ولاعب قوي على الساحة، وتوجد رغبة بين البلدين لدفع الخيار الاقتصادي وسريعا وتصدير الغاز مطروح على الطاولة أن الوزراء ناقشوا إمكانية تصدير الغاز الإسرائيلي عن طريق مصر بواسطة خط الغاز الواصل لها ويتم إسالته في غرف الإسالة المصرية من أجل تصديره من الأراضي المصرية لإيطاليا، وفي بيان لوزارة الطاقة الإسرائيلية، قيل إن شالوم عرض على الوزير الإيطالي هذا الخيار، ورد الوزير الإيطالي بأنه سيحاول دفع عملية مثل هذه". ومما يزيد الأمر وضوحا البيان الإسرائيلى الذى نشرته معظم المواقع الإسرائيلية فى نفس الأسبوع عن شراء سفينتين حربيتين من ألمانيا "حيث ذكر تقرير لموقع "المصدر" الإسرائيلي أن طلب الحكومة الإسرائيلية شراء سفينتين حربيتين من ألمانيا جاء بهدف حماية حقول الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط التي اكتشفتها أخيرا داخل المياه الإقليمية الإسرائيلية مع العمل على تزويدها بمنظومة صواريخ إسرائيلية. وأشار التقرير إلى أن حكومة نيتانياهو اتخذت هذا القرار على الرغم من أن شركات التنقيب، تقدر الإمكانات الاقتصادية الكامنة في تلك المساحة التي تستهدف إسرائيل حمايتها كجزء من مشروع "المياه الاقتصادية" بنحو 250: 400 مليار دولار، ما يجعل حماية منشآت الغاز هدفا إستراتيجيا بالنسبة إلى المنظومة الأمنية. وأضاف التقرير أن ما يقرب من 70 % من الطاقة في إسرائيل تعتمد على الغاز، لذلك لا يمكنها ترك ذلك بين يدي هيئة مدنية وسط تزايد تهديدات القذائف والصواريخ والإرهابيين، ما دفع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو إلى المسارعة والسعي لدى الحكومة الألمانية للمصادقة على إتمام الصفقة. ومن ناحية أخرى أكد الكثير من خبراء البترول والطاقة أن استيراد مصر الغاز من إسرائيل أمر غير مقبول شعبيا، وأنه من الصعب إتمام مثل هذه الصفقات خصوصا أن تمرير الغاز الإسرائيلى من خلال التسهيلات المصرية بالمتوسط سوف يوفر مليارات الدولارات على إسرائيل، ويوفر لخزينة الكيان الصهيونى الدعم النقدى الكافى لإبادة الشعب الفلسطينى، على الرغم من أن هناك تصريحات من وزارة البترول تخفى خلفها مئات من علامات الاستفهام، وتشبه إلى حد كبير نفس التصريحات التى كانت تخرج أثناء عقد اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل مع النظام السابق، خصوصا أن هناك شبه إصرار إسرائيلى على تصدير غاز حقولها عبر التسهيلات المصرية وخطوط الغاز بمصر، كما أن هناك تصريحات سابقة للحكومة الإسرائيلية على التفاوض على سعر الغاز فى حالة موافقة مصر على شراء الغاز الإسرائيلى، وتلمحيات بأن إسرائيل تطلب تصدير الغاز الإسرائيلى إلى مصر بأقل من السعر الذى كانت تستورد من مصر فى حالة موافقة الحكومة المصرية على تصدير الغاز عبر أراضيها، حيث تعد مصر المعبر الأكثر أمانا وتوفيرا وسرعة التنفيذ والإسالة بمحطة الإسالة بدمياط. وأضاف الخبراء أن إسرائيل فى صراع من الزمن لوضع إنتاجها من الغاز الطبيعى على خطوط التنمية قبل أن تستعيد المنطقة عافيتها من الثوارات التى أوقفت عجلة الإنتاج فى هذه الدول العربية. فلم يعد ثمة شك فى أن شرق البحر المتوسط يقوم فوق بحيرة من الغاز يقدر مخزون هذه البحيرة بنحو 122 تريليون قدم مكعب تكفى هذه الكمية لسد حاجة الأسواق الأوروبية كلها لمدة ثلاثين عاما، تقع هذه البحيرة داخل الحدود البحرية الإقليمية لست دول هى تركيا وسوريا وقبرص ولبنان ومصر، وكذلك إسرائيل، ولكن العلاقات بين هذه الدول تجعل من عملية استخراج هذه الثروة الضخمة من الغاز وربما من النفط أيضا بالغة الصعوبة والتعقيد أما أسباب ذلك فتعود إلى طبيعة العلاقات القائمة أو غير القائمة بين هذه الدول والتى تستعد إسرائيل لها جيدا لأنها تعلم جيدا أنها غير مرغوب فيها من المنطقة كاملة، غير أن الأسواق العالمية المتعطشة إلى الطاقة من النفط والغاز لا تقف أمام هذه التداعيات مكتوفة الأيدى. فهى فى الوقت الذى تبحث فيه عن بديل يؤمن لها الاستقرار، تعمل جاهدة على التوفيق بين المتخاصمين لتكون طرفا فى المصالحة وتاليا شريكا فى الاستثمار. فإسرائيل تحتاج إلى هذه الثروة بعد أن انقطع مورد الغاز المصرى شبه المجانى. ولبنان بحاجة إليها كمصدر للدخل يساعد على تسديد ديونه الخارجية التى قاربت الخمسين مليار دولار. وقبرص بحاجة إليها لتجنب الوقع فى المأزق الذى يكاد يخرج اليونان من الاتحاد الأوروبى ومن منطقة اليورو. وسوريا تحتاج اليها لإعادة بناء اقتصادها الذى دمرته المحنة التى تمر بها منذ أكثر من عام. أما تركيا فإنها لا تستغنى عنها، ليس فقط كمصدر إضافى للدخل، إنما كمصدر وطنى للطاقة، علما بأن تركيا لا تنتج لا نفطا ولا غازا، فهل يكون اكتشاف هذه الثروة الضخمة أساسا لمعالجة الصراعات الإقليمية من خلال إعادة لترسيم الحدود بين هذه الدول المشتركة بحوض المتوسط أو مادة ملتهبة لتفجيرها واشتعال حرب بدأ الاستعداد لها من الكيان الصهيونى؟ وأن وزارة البترول تعالج أمورها بقرارت أقرب أن تكون متسرعة، فإذا كانت زيارة المسئولين بالوزارة إلى لندن للاتفاق على شحنات فورية للوفاء بالتعاقدات المصرية مع الدول الأوروبية من جاز بروم الروسية فمن سيتحمل فاتورة فارق السعر بين سعر شحنات الغاز اليوم وبين سعر التعاقد مع هذه الدول؟ وإذا كانت الزيارة لدفع جزء من قيمة المستحقات المالية لبريتش جاز وبريتش بتروليم ودفع نحو 1.3 مليار دولار، فهذا الأمر غير مستحق عناء السفر، خصوصا أن رؤساء الشركات هذه كانوا فى لقاء مع وزير البترول أخيرا وتم الاتفاق على طريقة الدفع أى يكفى التعامل مع رئيس الفرع فى مصر. إنها زيارة حملت كثيرا من علامات الشك والريبة، أوضحها بعض الشىء تصريحات المسئولين بإسرائيل ليخرج السؤال الأكثر صعوبة، هل تستورد مصر الغاز الإسرائيلى المغتصب من المياه الاقتصادية بالمتوسط؟