ا ش ا اثار تغيير مواقف الرئيس الافغاني حميد كرزاي خلال المحادثات حول الاتفاقية الامنية مع الولاياتالمتحدة استياء واشنطن واربك العديد من الافغان لكن محللين يعتبرون ان تكتيكه هذا مصدره اعتقاده بانه يتفاوض من موقع قوة. والمفاوضات حول الاتفاقية الامنية التي تتيح بقاء بعض القوات الاميركية في افغانستان بعد 2014 موعد انسحاب القوات الدولية، وضعت الرئيس الافغاني في مواقف من الصعب توقعها، حيث اضاف مطالب جديدة وتراجع عن وعود سبق ان قطعها وتعامل باستخفاف مع حلفائه. وشهدت رئاسة كرزاي لافغانستان منذ سقوط نظام طالبان في 2011 محاولات لكي يبرز صفاته كقومي مستقل رغم اعتماده على المساعدة الاميركية والقوة العسكرية. والان في الاشهر الاخيرة من رئاسته، يبدو انه يراهن على ان الولاياتالمتحدة لن تطبق خيارها الذي تهدد به بسحب كل قواتها من البلاد، ما اعطاه فرصة ليقدم نفسه بصورة الشخصية الوطنية. وقال داود مراديان المحلل والمسؤول الافغاني السابق ان "المفاوضات تقدم لكرزاي فرصة تشديد مواقفه نظرا للتوقيت ولرغبة الاميركيين الشديدة في توقيع هذه الاتفاقية باسرع وقت ممكن". واضاف ان "الاتفاقية الامنية الثنائية ستكون اول اتفاق بارز يسمح لقوة كبرى بابقاء قواعد عسكرية هنا - وهو احد الخطوط الحمر في القومية الافغانية". وتابع ان "كرزاي لا يريد ان يحكم عليه التاريخ على انه شخص وقع اتفاقية باعت الاراضي الافغانية الى اجانب. هذه صفقة كبرى لافغانستان". وتكثفت المفاوضات حول مستقبل الوجود الاميركي في افغانستان حيث لا تزال حركة طالبان الاسلامية مصممة على استعادة السلطة، الاثنين حين كررت واشنطن القول ان الانسحاب الكامل لقواتها مطروح على الطاولة. وفي لقاء متاخر ليلا طلبه كرزاي، اتهمت مستشارة الامن القومي الاميركي سوزان رايس الرئيس الافغاني بفرض شروط جديدة ضمن الاتفاقية الامنية بعدما قال الاسبوع الماضي انه يريد ان يوقعها بعد الانتخابات الرئاسية الافغانية في نيسان/ابريل. وخلال اللقاء، عرض كرزاي لرايس الضمانات التي يأمل في الحصول عليها من الولاياتالمتحدة قبل توقيع الاتفاقية التي تسمح لعدد من القوات الاميركية بالبقاء في افغانستان بعد انسحاب معظم قوات الحلف الاطلسي وعددها 75 الف جندي بنهاية 2014. وأبلغ الرئيس الافغاني رايس ان "انتهاء العمليات العسكرية للقوات الاجنبية في الديار الافغانية وبدء عملية سلام (مع طالبان) واجراء انتخابات شفافة هي شروط" مسبقة لتوقيع الاتفاق، بحسب الرئاسة الافغانية. واورد بيان للادارة الاميركية الاثنين في واشنطن ان رايس حذرت كرزاي من ان تاخير توقيع الاتفاق ليس امرا "حيويا". وكررت رايس انه "اذا لم يتم التوقيع سريعا فان الولاياتالمتحدة لن يكون امامها من خيار سوى ان تبدأ بالتفكير في سيناريو لما بعد العام 2014 ليس فيه وجود للقوات الاميركية في افغانستان". وكانت صفقة مماثلة مع العراق انهارت في 2011 وادت الى انسحاب كامل للقوات الاميركية من البلاد التي تشهد حاليا تجددا لاعمال العنف. لكن مسؤولين في ادارة كرزاي اكدوا انهم لا يعتقدون بان واشنطن ستلجأ الى مثل هذا الخيار. وقال وحيد وفا مدير مركز افغانستان في جامعة كابول ان "الرئيس كرزاي يعتقد انه في الاشهر الماضية اصبح في موقع متقدم جدا - وهي اداة قوية يريد مقايضتها مع الاميركيين". واضاف "لقد ادرك ان بامكانه محاولة فرض بعض مطالبه. وشروطه تتعلق بافغانستان لكنها تشمل ايضا قلقه حيال مستقبله وامنه وامن عائلته". وقال ان "كرزاي يريد استغلال هذه الفرصة باكبر قدر ممكن". ورفض الرئيس الافغاني الذي لا يحق له الترشح لولاية ثالثة، الاسبوع الماضي توقيع الاتفاقية الامنية بشكل سريع رغم ان اللويا جيرغا، المجلس التقليدي الافغاني، خوله القيام بذلك. لكن احمد ادريس رحماني مدير شركة ابحاث في كابول قال انه كان يتوقع بان تصويت اللويا جيرغا سيدفع كرزاي الى توقيع الاتفاقية. واضاف "كان يامل في ان تصدر اللويا جيرغا مطالب اضافية له بان يجري مفاوضات اوسع مع الاميركيين. وهذا الامر لم يحصل". وتابع "هو يحاول تشديد موقفه لكي يحقق تنازلات، لكن الان اعتقد انه سيوقع الاتفاقية في نهاية الامر".