أشرف بدر حرب التخوين الدائرة بمصر ودول الربيع العربى، لن تبقى ولا تذر، ولن يجنى ثمارها سوى أعداء نجاح الثورات الذين يزرعون بذور الفتنة فى نفوس الشباب الذين ليس لديهم سوى حب هذا الوطن، والرغبة فى إصلاحه، وملاحقة الفاسدين، متسلحين بقوة إيمانهم، وإخلاصهم، وما يحتم عليهم ضميرهم من استنهاض للوطن الجريح، لذا نقول للمشككين، والمتطاولين "هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"؟ بعدما أضحت ظاهرة «التكفير والتخوين واتهام البعض بالعمالة للغرب والتآمر على الوطن»، وغير ذلك مما يحلو للبعض إشهاره عبر إعلام فاقد للموضوعية وأخلاق المهنية وتجاوز لكل مبادئ الدين والأخلاق والشرف، حتى باتت هذه الطامة تمثل مسلسلا هابطا، مشاهده هزلية وحلقاته مكشوفة، وخاتمته تلقى بمزيد من الخسائر الفكرية، والأخلاقية، وترسخ لعداوات ظاهرة، وباطنة بين طوائف الشعب المختلفة. ومن أسف.. لم يجد من يقول لصناع هذه المهازل والفضائح «أعرضوا عن هذا»، فما تقولونه ليس فى مصلحة الوطن ووحدته فى هذه المرحلة الصعبة من حربه مع الإرهاب الأسود، والخطر المقبل جراء توجيه ضربة عسكرية محددة الأهداف والأبعاد للإدارة الأمريكية التى تسعى للصيد فى ماء عكرته دماء الأبرياء من السوريين. لقد أصبحت حفلات "الردح الفضائى"، وسيلة رخيصة للنيل من سمعة مصر ككل، وليس من سمعه أشخاص بعينهم حتى ولو كانوا يستحقون، فلا تكاد تفتح فضائية أو صحيفة أو موقعاً إلكترونياً، إلا وتجد خطابات تعج بمفردات حقد وكراهية وتخوين وتكفير لتشويه أشخاص انتقاما منهم، أو لحساب آخرين، وللأسف يصدقهم عدد كبيرمن بسطاء الشعب الذين راهن هؤلاء على سذاجتهم، مما يؤكد أننا نعيش زمناً يكثر فيه عدد من لا يحترمون الكلام المسئول، ولا يدركون مخاطر الكلام غير المسئول على أمن الوطن ووحدته. وللعجب أن هؤلاء السذج وغيرهم ممن ينساقون وراء كلام المدعين، لم يسألوا أنفسهم، متى كان أرباب السوابق صناع وطنية، ومتى كان أصحاب الأجندات والمصالح، دعاة بناء وإنتاج، وإعادة إعمارخراب خلفته جماعة كان همها"التكويش والتمكين"؟. إن أصحاب الحناجر التآمرية نجحوا فى صرف أفراد الشعب بأطيافهم وانتماءاتهم عن العمل والإنتاج ومكافحة إرهاب الجماعة ومن يدعمها من الخارج، وجلسوا يضعون القوائم السوداء لأعضاء ممن أطلقوا عليه "الطابور الخامس" لينضم - بحسب مبدئهم "من ليس معنا فليقف فى الطابور " - شخصيات سياسية وحقوقية وإعلامية محسوبة على نظامى مبارك ومرسى، بل راح البعض يضع دولاً بأكملها فى الطابور، ويبرئ رموزاً أحبها من تهمة العضوية فيه، برغم تورطهم فى عمليات غير وطنية وغير شريفة، وحصولهم على تمويل خارجى لتمكين جماعة الإخوان لحساب "الطاغوت الأمريكى" صاحب نظرية الشرق الأوسط الجديد، وبالطبع هناك على الجانب الآخر من أنصار الجماعة وحلفاءها من يرى أن النظام الحالى برمته ومعارضيهم الذين خرجوا بالملايين لإنهاء حكم الإخوان هم قلب «الطابور الخامس»، فيما اكتفى آخرون بما يعانونه من طوابير الخبز, والمترو والسكك الحديدية وصرف المعاشات! واكتملت الظاهرة المقيتة بخروج عدد من شباب 20 حزبا سياسيا وحركة ثورية، بحملة "رفضناكم"، والتى تستهدف على حد وصفهم فضح ممارسات جماعة الإخوان، ومن يطلق عليهم "الطابور الخامس" المساند لها، فيما تعالت مطالب بعض المنظمات والتيارات مثل منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان، باتخاذ الجيش والشرطة إجراءات عاجلة بتفكيك المنظمة الصهيونية العالمية الموجودة داخل مصر، والكشف عن الخلايا المرتبطة بها، وسرعة اعتقال عملاء المنظمة اليهودية الفرنسية، وشبكات التجسس المرتبطة بها ممن يعملون تحت غطاء سياسى وغطاءات المجتمع المدنى داخل مصر. وبلغت حالة التردى التى تسكن عقول الذين يسكنون كهوف التعصب مداها، عندما أشهروا سلاح التكفير فى وجوه معارضيهم، برغم أن ثورة 30 يونيو أثبتت عدم نجاح هذا السلاح فى قمع الحريات والإرادة الوطنية، وأن تصورهم الغبى بأنهم ينتصرون للدين مجرد مسرحية هزلية لم يعد يصدقها الشعب، وأن خطاب التعصب، والكراهية بذريعة الدفاع عن المقدسات والدين مجرد دفاع شكلى وراءه أهداف ماسونية خبيثة تنال من الوطن، ووحدته، وكرامة شعبه. إن على هؤلاء ومن يدفعونهم للنيل من سمعة الشرفاء، أن يعلموا أن «مصر 30يونيو» ستخرسهم كما أخرست من وقف ضد إرادة شعبها أو نال من كرامة أبنائها، أمثال «أردوغان وماكين وأشتون والقرضاوى» ، بل إن المتطاول أردوغان أعادت حكومته سفيرها إلى القاهرة، فى حين اشترطت الخارجية المصرية عودة سفيرها إلى أنقرة بوقف "التدخل العثمانى" السافر فى شئوننا!! وهذا لا يعنى أننا ندافع عن أشخاص بعينها أو النيل من فضائيات فتحت أبوابها لمن يروجون لتهم غير موثقة، كما لا يعنى أن هناك العديد من "الخونة" الذين باعوا ضمائرهم وأوطانهم من أجل حفنة دولارات أو منصب زائل، وهؤلاء واجب علينا ملاحقتهم وتقديم أدلة اتهاماتهم وتورطهم لجهات الاختصاص لمعاقبتهم، وأن يلتزم كل منا حدوده، ولا نسعى لزيادة رقعة الخلاف واستغلال الأجواء السياسية السيئة التى تعيشها البلاد. أخيرا، إننا بحاجة أكثر من أى وقت مضى للاتحاد فى هدم الديكتاتوريات، والذمم الفاسدة لنخب مازالت تتنج نفس الرطانة السياسية والدينية مستخدمة خطابى "التخوين والتكفير"، وإدارة صراعاتها على معادلة "نفى وإقصاء الآخر وتهميش إرادته، مع الاستعداد لبيع الوطن والنفس لمن يدفع أكثر، أو لمن بيده مصلحة أوسع، وهؤلاء حذر منهم رسول الله "[، بقوله: «إن شرّ الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناسُ اتقاءَ فحشه»!!