أشرف بدر فضحت الأزمة السورية العديد من «آلهة الأصنام» وعرت الوجوه القبيحة عن الزيف والخداع والخبث، والعمالة، وعن أبواق الإعلام الغربى والعربى الذى احترف الكذب والنفاق، والمساومة، والوقوف فى صف الجلاد القاتل مبطئاً ومماطلاً فى نشر الأحداث والأخبار، وناقلا لتصريحات كاذبة "لثائرى الفضائيات ومناضلى الفنادق ومناهضى الشقق المؤجرة، ومعارضى لوبيهات النقابات"وبغطاء وأرقام وهمية من بعض منظمات حقوق الإنسان التى تتحكم فيها وتمولها أجهزة الاستخبارات لتدعى كذباً وزوراً. وجاء قرار الجامعة العربية "المائع " تجاه إصرار أوباما وتابعيه على توجيه ضربة عسكرية لسوريا بالمخالفة للمواثيق الدولية والشعبية، لتتسع هوة الفضيحة، وتعصف بأحلام المواطن العربى فى أن تكون له "مظلة "يحترمها العالم ويعمل ألف حساب لقراراتها، بدلا من تلك الجامعة التى يكاد يذوب خجلاً من قراراتها المتخاذلة والمترددة، والحجج الواهية التى تسوقها تجاه أى قضية عربية مصيرية . فقد خرج علينا الأمين العام للجامعة نبيل العربى عقب الاجتماع الوزارى الذى استضافته القاهرة الأحد الماضى قائلا: "نحن منظمة إقليمية ملتزمة بقرارات الأممالمتحدة والشرعية الدولية"، ولا ندرى أية شرعية وأى مواثيق التى تبيح ضرب نظام لم تثبت إدانته فى استخدام الأسلحة الكيميائية، فى "الغوطة الشرقية" بريف دمشق!! . كما خرج علينا بقرارمجلس جامعته بإدانة استخدام النظام السورى للأسلحة الكيميائية، وهو أمر لم ينته التحقيق فيه بعد، مما يعطى شرعية للعدوان، بدلا من أن يكون قراراها وتوصياتها عامل توحيد لا تفريق، يحافظ على الأمن القومى العربى، غير مانح لأى تغطية عدوانية محتملة من الطاغوت الأكبر"أمريكا" التى نصبت نفسها شرطى العالم، وخاضت تحت إدارة غير المأسوف على انتهاء ولايته جورج بوش الابن حربين مدمرتين فى أفغانستان والعراق، وهاهى الآن بإدارة باراك أوباما تتأهب لحرب ثالثة فى سوريا لتضيف لمآسى العالم الإسلامى المصنوعة أمريكياً مأساة أخرى وكأن لم يكفها أرواح ودماء الملايين من العرب والمسلمين التى راحت تحت غطاء ما يسمى بحرب الإرهاب بينما هى الآن تتحالف مع الإرهابيين لكى تستكمل حلقات مخططها لتدمير قوى الشعوب المقاومة للتخلف والتبعية. إن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب الأحد الماضى، يرسخ المفهوم السائد عن الجامعة العربية، بأنها تكرس ضعف المواطن العربى وتبعيته لأمريكا والغرب، وأنهاستظل أداة بيد الطغاة لتدمير الثورات العربية المطالبة بالحرية والعدالة، واستغلالها كأداة للمماطلة والكذب، والخداع، وتمرير المزيد من الوقت لصالح النظم الديكتاتورية العفنة لتظل تحكم فوق دماء الشعوب، وليس المواقف المخجلة للجامعة من مذبحة حماة 1982، وأيلول الأسود، والحرب الأهلية اللبنانية، ومذابح سجن أبو سليم بطرابلس وتدمر بسوريا، ببعيد، حيث اكتفت كعادتها بالشجب والإدانة. ولاشك أن العدوان المرتقب الذى لم يقع –حتى كتابة هذه السطور - سيدخل المنطقة وشعوبها فى صراع طويل يهدد مستقبلها وسيادة ووحدة أراضيها، ولن يجنى ثماره سوى تجار الحروب والمتربصين من قوى الاستعمار الجديد، بما فيهم روسيا أكبر"سمسار" فى مجلس الأمن الذى يعطى "الفيتو" لمن يدفع أكثر، ويحقق مصالحه وينصره فى حربه الباردة على عدوه الدائم "أمريكا"، فروسيا التى نفذت مذابح للمسلمين فى الشيشان وأفغانستان وصربيا وأرمينيا وغيرها، لا تعمل من أجل "شرعية أو دين أو قومية أو عروبة"، وإنما من أجل مصالحها شأنها شأن الصين وبعض مناصريهم من القادة العرب الذين يرون فى النظام الأسدى المسعور والمجنون مسرحاً للسمسرة، ولتحسين الوجوه أمام شعوبهم!! إننا ندين للأزمة السورية أنها فضحت العديد من المواقف الدولية والإقليمية والعربية، وتجاهل الغرب لقضية الحريات، وحقوق الإنسان عندما لا تتماشى مع مصالحة، وأن حزب الله ليس بأسطورة للمقاومة والممانعة، كما روج لنفسه طوال السنوات الماضية، وإنما هو امتداد للمشروع الفارسى - الإيرانى بمفاهيمه المختلة، وكوادره المتعطشة لدماء الأبرياء والشهداء الذين يتساقطون يوميا بالمئات بآلة القتل السادية الطائفية المريضة على يد السفاح بشار الأسد ومعارضيه من المأجورين والمرتزقة والشبيحة وسط صمت دولى من مدعى الحضارة وراعى حقوق الإنسان. إننا نعيش لحظة فارقة فى فرز الصفوف بعيدا عن وهم "الحياد"، لذا لابد من الوقوف صفا واحدا حتى لا تكون سوريا نموذجا آخر للعراق، أو مسرحا لحروب طائفية ودينية، وأن نسمع لصراخ الشعب السورى الشقيق المطالب بالحرية، والتوصل إلى حل سياسى للأزمة التى لا تزال تغذيها قوى خارجية وتقوم بتمويل آلاف المسلحين الأجانب لأجل مصالح سياسية خاصة. وهذا لا يعنى تأييدنا لبقاء السفاح والعميل والخائن والكافر بالإنسانية بشارالأسد ، وانما حتى لا نعطيه الفرصة للاستقواء والفتك بشعبه، خصوصا أن الضربة المحتملة مجرد عملية عقابية استعراضية، غرضها تلميع أوباما وزيادة وسقوط صفة "المتردّد" التى تلاحقه، وخصوصاً أنّ خلافه مع السعودية فى مصر، وسقوط مشروعه مع "الإخوان المسلمين"، قلّص من نفوذ أمريكا فى المنطقة. لا شئ أسوأ من خيانة القلم .. فالرصاص الغادر قد يقتل أفراداً ، بينما القلم الخائن قد يقتل أمما كاملة.