فى الحلقة السابقة تناولت الأسباب التى دفعت عددا ليس بالقليل من الإعلاميين، وهم بالمناسبة من أفضل الكوادر الإعلامية والأكثر مهنية واحترافا فى قناة الجزيرة وعلى رأسهم المذيع المعروف «كارم محمود» للاستقالة من قناة الجزيرة مباشر مصر احتجاجا على تحولها الصريح لبوق لجماعة الإخوان فى مصر وللتنظيم الدولى للإخوان المسلمين، وهو ما بدا بوضوح خلال الفترة القليلة الماضية، والتى دفعت بالكثيرين للتساؤل لماذا أعلنت الجزيرة الانحياز الكامل بل والتبعية لتنظيم الإخوان ؟ وهل بذلك سقطت مهنية الجزيرة ؟ أم أن المهنية كانت هى ورقة التوت التى تغطيها فى أفعالها هذه؟ وكيف تبث الجزيرة ليل نهار مولد رابعة العدوية والنهضة؟ وأين وزارة الإعلام مما يحدث؟ وهل شركة النايل سات لا يمكنها وقف البث ؟ ومن أين للجزيرة بكل هذه الإمكانات الضخمة من كاميرات وأجهزة بث وغيرها لنقل ما يحدث برابعة العدوية ؟ سؤال يتبادر لذهن كل مشاهد، كيف تبث الجزيرة ؟ أو تنقل ما يحدث فى رابعة العدوية والنهضة، وهى ليس لديها مكاتب مفتوحة سوى مكتب الجزيرة العامة بدوحة ماسبيرو، وهو محدود من حيث عدد عامليه وإعلامييه وإمكاناته أيضا؟ وهل الجزيرة تحولت إلى شبح كما كان يصورها أحمد آدم فى برنامجه على قناة الحياة " بنى آدم شو " يمكن أن يظهر لك حتى فى غرفة النوم !! الأمر ليس بحاجة إلى معجزة وإنما إلى دراية بما حدث ويحدث فهناك تحقيقات كانت تجريها أجهزة سيادية وأجهزة رقابية مع رئيس قطاع الهندسة الإذاعية المقال "المهندس عمرو الخفيف " لسؤاله حول أسباب إرساله 17 كاميرا لتغطية ما يسمى بتظاهرة رابعة العدوية، وذلك فى شهر يونيو الماضى وبأوامر مباشرة من السيد متولى عبدالمقصود" الشهير بصلاح عبدالمقصود " وزير الإعلام السابق بوصف أن هذه التظاهرات مؤيدة للرئيس المعزول أو السابق محمد مرسى فى مواجهة مظاهرات معارضيه بالتحرير والاتحادية . ولكن لماذا التحقيق ؟ .. بل ولماذا الإقالة للسيد رئيس قطاع الهندسة السابق أو المقال ؟ إذا كانت هناك أوامر من الوزير السابق؟ ولماذا يقال بالأساس؟ أليس موظفا ينفذ تعليمات؟ الإجابة بالطبع لا؟ فلا يمكن لعاقل أو لمهنى أو محترف أن يصدق أو يتخيل وجود 17 كاميرا لنقل مظاهرة أيا كان حجمها هذا غير الطواقم التى تعمل عليها والمساعدة لها، وما بالنا بمظاهرة فى " إشارة رابعة العدوية " والتى لا تتحمل أو تستوعب سوى بضعة آلاف ليست بالكثيرة، فالأمر لا يحتاج سوى لكاميرتين أو ثلاث أو أربع على أقصى تقدير وليس لكاميرات وكرين متحرك لنقل الصورة على الأرض بدقة وسيارتى بث وكاميرات علوية وغيرها من التقنيات الحديثة، ومن هناك يطرح التساؤل لماذا أجهزة سيادية تحقق مع الرجل؟ وما علاقة قناة الجزيرة بالبث المسروق؟ وفى إشارة تدل على احترامها المهنية الإعلامية ولنفسها قبل كل شىء اعتذرت قناة فرانس 24 على إذاعتها للقطات بثت من رابعة العدوية لأنها اعتبرتها سرقة لبث لم تدفع أجره فما بالنا وقناة الجزيرة تبث ليل نهار من هناك فأين المهنية ؟ أم أن مناصرة الإخوان والتخديم عليهم أهم مائة مرة من أحاديث المهنية الكاذبة التى يتشدقون بها ؟ ولعل هذا ما قلته فى حوار لى مع جريدة الأهرام إبدو " الناطقة بالفرنسية العدد الماضى " من أن السقطة الرئيسة فى انحياز شبكة الجزيرة الفج للإخوان ومحاولة إظهارهم بمظهرالضحية كانت هى انهيار اسم الجزيرة كمصدر محترم للأخبار عالميا" وأكاد أجزم بأنها لن تقوم لها قائمة مرة أخرى، فالصدمة التى أصابت رجب طيب أردوجان وجماعته بسقوط مرسى وأيضا السيد راشد الغنوشى والذى حولته قناة الجزيرة وشبكتها لمرجعية فكرية وسياسية للإسلام المستنير أو هكذا كانت تحاول، وكما فعلت مع محاولة تضخيم الشيخ يوسف القرضاوى، وها هى الآن تحاول تضخيم السيد وائل قنديل ليتحول لمرجعية إعلامية وصحفية ولا أحد يعرف أين كان موجودا منذ سنوات قليلة؟ ولماذا كانت هناك توجيهات بتضخيمه إعلاميا؟ وما الذى تفعله الجزيرة الآن مع ضيوفها المتواجدين بالدوحة ويكفى أن اذكر أن الضيف الواحد يتقاضى ما بين ألف لألفي دولار فى اليوم الواحد هناك غير تكاليف إقامته وبعض الشخصيات السياسية والإعلامية المحترمة والتى أعرفها جيدا قالت لى إنه عرض عليها 3 آلاف دولار فى اليوم الواحد حتى يجملوا وجه شاشة الجزيرة، بظهور شخصيات كانت فى المعارضة المصرية فى زمن المخلوع " مرسى " ولكنهم رفضوا بشدة هذه الإغراءات المادية !! وللأسف الجميع فى نظر القطريين وقناة الجزيرة منهم طبعا تحولوا لسلعة أو هكذا توهموا، أنهم يستطيعوا شراء الجميع، وهو ما يدفعنا للتساؤل ماذا تريد الجزيرة من مصر؟ وما الذى تسعى قطر لتحقيقه فى مصر؟ مصر ومبارك عقدة قطر هذه هى العقدة التى لاتزال يعانى منها الإخوة القطريون حتى الآن ما حدث من انقلاب الشيخ حمد، الأمير السابق على أبيه ومطالبته بالبقاء فى فرنسا، حيث كان يقوم بجولة أوروبية هناك، ولعل الرفض المصرى والسعودى لهذا الانقلاب كان هو سبب هذه العقدة المستمرة حتى الآن، بالإضافة إلى عقدتها الأساسية من كونها تابعا لمنظومة الخليج التى تقودها السعودية، وبالتالى هى تريد لنفسها دورا بعيدا عن الدور السعودى، وهو ما يظهر فى كل المناسبات والأزمات، ولعل آخرها تولى " أحمد الجربا رئاسة المعارضة السورية سياسيا وهو مقرب من السعودية، والإطاحة بهشتو والذى كان تابعا لقطر. وفى إحدى المناسبات منذ وقت قريب قال لى دبلوماسى خليجى كبير " إن هناك دورا بالكامل فى مبنى الخارجية القطرية بالدوحة يديره الأمريكان ويتابعوا سياساتهم بالمنطقة ؟ " ولعل وجود ثلاثة متناقضات فى الدوحة تدفع لتساؤلات كثيرة ومفتوحة أولها وجود قاعدة العديد الأمريكية هناك، ومكتب التمثيل التجارى الإسرائيلى، ومكتب إمارة طالبان أيضا يدفع للقول ما الذى يدور هناك؟ وحتى لا أبتعد عن موضوعنا فهذا هو موضوعنا «قناة الجزيرة»، إحدى أدوات السياسة الأمريكية بالمنطقة، فهى القوة الناعمة والتى ساهمت فى إعادة خلط الأوراق من خلال سياسة الفوضى الهدامة، وإعادة ترتيب المنطقة على المزاج الأمريكى، لكن هذه المرة بنكهة إسلامية الشكل وبالأموال القطرية . وحتى لا أنسى السؤال الذى طرحته فى الحلقة السابقة حول رفض الرئيس المعزول محمد مرسى أن يجرى المذيع والإعلامى محمد كريشان الحوار الأخير للجزيرة معه واستبداله بخديجة بن قنة هو تشبيه كريشان للتنافس بين مرسى وشفيق فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ومأزق الناخبين فى الاختيار بينهما بالخيار بين الوباء والطاعون وهو ما أثار امتعاض مرسى ورفض بشكل قاطع أن يأتى كريشان للحوار معه بعد أن تم إبلاغ كريشان بأنه سيجرى الحوار مع السيد مرسى