سمير سيد معوض يكتب: مصر تستحق    تخريج الدورة الأولى من برنامج التدريب المكثف للمجندين    التحالف الوطنى يشارك فى احتفالية اليوم العالمى لمناهضة العنف ضد المرأة    أمريكا: مستعدون لتقديم الدعم لحماية البنى التحتية الحيوية في العراق    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يختتم معسكره قبل السفر إلى قطر    خلاف عائلي يتحول لمعركة.. إصابة شابين بعد هجوم بمياه النار والشوم بشبرا الخيمة    3 فائزين من «أخبار اليوم»: عارف وشمس والديب    رسائل رئيس لجنة الدراما ب«الأعلى للإعلام» بشأن مسلسلات رمضان 2026    أسامة رسلان: مًعايشة كاملة ل دعاة الأوقاف داخل الأكاديمية العسكرية لمدة عامين    روما يوقف قطار ميتييلاند المنطلق بالدوري الأوروبي    أول كلمة له خارج إيطاليا.. بابا الفاتيكان يحذّر من حرب عالمية ثالثة    مديرة مدرسة تتهم والدة طالب بالاعتداء عليها فى مدينة 6 أكتوبر    وزارة الصحة توجه تحذير من حقننة البرد السحرية    دنيا الطفل / سهرة الأسبوع ..... حفل موسيقى على المسرح الصغير وكورال الأطفال بالإسكندرية    بتروجت يفوز علي دجلة ويتأهل لدور ال16 في كأس مصر .. فيديو    الأهلي يشكر مسئولي الجيش الملكي    هالة الصفتي.. حسناء سيف الدين تُشوق الجمهور لمسلسل 2 قهوة    جامعة أسيوط تعزز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب عبر اجتماع وحدة الأبحاث    رئيس الوزراء اللبناني: المرحلة الأولى من حصر سلاح حزب الله يفترض أن تنتهي مع نهاية العام الجاري    «رجال يد الأهلي» يفوز على البنك الأهلي في دوري المحترفين    قومي حقوق الإنسان يستقبل الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لبحث آفاق التعاون المستقبلي    بعد ترشيح معزوفة اليوم السابع لجائزة الشيخ زايد.. جلال برجس ل الشروق: سعيد بالتواجد وسط كتاب مبدعين    هل الصلاة في مساجد تضم أضرحة جائزة أم لا؟ أمين الفتوى يجيب    هل مصافحة المرأة الأجنبية حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الخشوع جوهر الصلاة وروحها ويُحذر من هذه الأمور(فيديو)    اتحاد اليد يقرر تعيين محمد جمال هليل قائمًا بأعمال أمين الصندوق    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    هيئة الرعاية الصحية تمنح رئيس قطاع إقليم الصعيد جائزة التميز الإدارى    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    بالأسماء.. إصابة 7 طلاب فى حادث تصادم سيارتين بأسوان    الاتحاد الأفريقي يدعو الى الإفراج الفوري دون شروط عن رئيس غينيا بيساو    وزير قطاع الأعمال: مصر شريك أساسي في بناء صناعة دوائية متكاملة    مريم نعوم تعلّق على توجيهات منسوبة للجنة الدراما بشأن مسلسلات رمضان: لو الخبر صحيح سأعلن إضرابي عن العمل    توزيع آلاف الطرود الغذائية والمساعدات الشتوية من مصر لقطاع غزة    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    ضبط المتهم بالاستيلاء على أموال مقابل تشغيلها فى الذهب بقنا    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    65 البلطي..أعرف أسعار الأسماك اليوم الخميس 27-11-2025 في بني سويف    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 4 عناصر جنائية لغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    غلق 32 منشأة طبية خاصة وإنذار 28 أخرى خلال حملات مكثفة بالبحيرة    مقتل أكثر من 30 وفقدان 14 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في سريلانكا    سلطات هونج كونج: ارتفاع عدد قتلى حريق اندلع بمجمع سكني إلى 55    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    أرتيتا: الفوز على بايرن ميونيخ يمنحنا مزيد من الثقة.. والطريق لا يزال طويلا لحسم أبطال أوروبا    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    وسائل الإعلام العالمية تشيد بشراكة مصر و "Jet2" البريطانية    د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسقاطات المصرية على سورية لا تنقذ نظام الأسد

لدى بشار الأسد دروس يستخلصها من الحدث المصري، وليس لديه ما يتعظ به من يديه الملوّثتين بدم الشعب السوري. لا أحد لا يحتاج إلى آرائه، خصوصاً عندما تتناول شؤون بلد آخر، إلا أنّ تطبُّعَه البعثي مع اللغة الخشبية مضافاً إلى النهج الأسدي الخاص جعلاه يستدعي إحدى صحفه لاستصراحه بشأن ما يجري في مصر. قال إنه «سقوط لما يسمّى الإسلام السياسي»، وإن «تجربة حكم الإخوان المسلمين كانت فاشلة قبل أن تبدأ»، لأن هذا النوع من الحكم «لا يتوافق مع طبيعة الناس»، ولأن مشروعهم «منافق» ويهدف إلى «فتنة في العالم العربي، والفتنة لا يمكن أن تستمر في مجتمعات واعية.»
يعتقد الأسد أن عزل الرئيس «الإخواني» في مصر يمنحه نقطة في حربه على شعب سورية، ويثبت أنه كان على صواب في سياسة القتل التي اتّبعها منذ اليوم الأول، لأن مجتمعه «غير واعٍ»، أو لأن حكمه من النوع الذي «يتوافق» مع «طبيعة الناس»، وهذا وحده يكفي لاكتشاف أنه لم يفهم شيئاً مما شهدته مصر، بل قفز إلى النتائج متصوّراً أنها في صالحه وتخدم بقاءه على رأس نظام متمادٍ في الوحشية والإجرام. أكثر من ذلك، يمضي الأسد في إقناع نفسه، إذ لم يعد مؤهلاً لإقناع أحد، بأن نظامه هو البديل الأمثل والدائم ل «الإسلام السياسي». حتى أنه تعمّد لمرّة تجاوز اللازمة البروباغندية التي طفق يرددها عن الإرهاب والإرهابيين، ليركز على «الفتنة في العالم العربي». والواقع أنه يواصل، مع إيران و «حزب الله»، تأجيج مشروع الفتنة الكبرى، وقد فَقَد منذ زمن أهلية الحديث عن العرب وعالمهم ومصلحتهم، بل أصبح وصمة عار لهم في كل ما تعنيه الإنسانية والأخلاقيات البشرية.
من شأن الشعوب والمجتمعات العربية أن تتعامل مع «الإسلام السياسي» بما يحفظ وئامها وأمنها واستقرارها، وليس لها أن تتلقى دروساً من أي قاتل لا مستقبل له إلا هارباً أو محَاكَماً أو مقتولاً، فمن الملايين التي خرجت إلى الشارع لإسقاط «شرعية» محمد مرسي، ليس هناك مصري واحد يعتبر أنه على الموجة نفسها مع الأسد، خرجوا وتظاهروا ولم يُقتل منهم أحد برصاص الجيش أو الشرطة أو «الشبّيحة»، وكان ممكناً أن يبقى عزل مرسي حركة نظيفة لولا أن جماعة «الإخوان» لم تسترشد بأساليب النظامين السوري والإيراني، فالعزل هنا كان قراراً شعبياً سلمياً وحاسماً في حكمه على «الإخوان» بأنهم فشلوا، أما إراقة الدماء وافتعال حرب أهلية فهي من ردود الفعل التي تنتمي لأنظمة تريد الشعوب العربية التخلص منها إلى الأبد. وقد برهنت التجربة أن «الإسلام السياسي» هو الوجه الآخر لتلك الأنظمة، فهي اضطهدته مثلما اضطهدت سائر المعارضين وأكسبته «مشروعيةً» ما لبث أن استخدمها للتمثل بها كما حاول «حكم المرشد» أن يفعل من خلال مرسي - الواجهة، سواء في السعي إلى اختراق الجيش وجلبه إلى «الولاء والطاعة»، أو بتضليل الأجهزة، أو بإعادة إنتاج الشرطة الفاسدة. وإذا كان ل «الإسلام السياسي» أن يفشل ويسقط، فذلك لن يحصل لأن الأنظمة الاستبدادية أفضل منه، بل لأنه استنسخ نفسه منها، واعتقد أنه -كنظام الأسد- ليس مضطراً للاعتراف بحقائق مجتمعه، بل يستطيع تغييرها بالقهر والترهيب، وقد تخطّاهما نظام الأسد إلى التدمير المنهجي واستخدام السلاح الكيماوي، ثم ها هو يحاضر بانتشاء عن سقوط الإسلام السياسي.
حتى يوم 15 حزيران (يونيو) كان حكم الإسلام السياسي بنسخته المصرية موضع إعجاب وتقدير في دمشق، لماذا؟ أولاً لأن «إخوان» مصر غير «إخوان» سورية»، فالأولون يستبطنون تحالفاً مع ايران التي عطفت عليهم أيام كانوا تحت القمع، أما الآخرون فسبق أن طرحوا أنفسهم بديلاً لنظام الأسد الذي هو الحليف الأهمّ لنظام الولي الفقيه. وثانياً لأن نظام مرسي كان يسعى إلى علاقة استراتيجية مع طهران ولم تكن إداناته الشديدة للنظام السوري سوى نقد لفظي للاستهلاك المحلي والعربي. وثالثاً لأن «إخوان» مصر كانوا موافقين ضمنياً على المفهوم الإيراني ل «الحل السياسي» في سورية، وهو حريص طبعاً على إبقاء الأسد ونظامه «مع بعض التنازلات»... إلى أن وجد مرسي أن بقاءه هو الآخر في الحكم صار مهدداً، فانتهز لحظةً ظنّها مناسبةً لتحسين وضعه، فخاطب ذلك المهرجان الشعبوي البائس معلناً قراراً يعود ل «الدولة» بقطع العلاقات مع سورية النظام، رغم أن سفير مصر كان عاد لتوّه إلى دمشق بقرار ربطته مصادر برغبة القاهرة في لعب دور في «جنيف 2» وعزته أخرى إلى إلحاح من طهران، ليتبيّن أنه كان قراراً عشوائياً آخر في سجل «انجازات» مرسي... وبعد إطاحة الأخير جاء موقف دمشق شامتاً ومتشفّياً ومثقلاً ب «الكلام الفارغ» المنسوب إلى «مصدر مسؤول»، إذ أشاد ب «التحوّل التاريخي العميق» الذي «يعكس وعي وحضور شعبنا (شعبنا؟) في مصر وتمسكه بعروبته»، معرباً عن «التقدير العميق للحراك الوطني الشعبي الذي أثمر إنجازاً كبيراً» في مصر، إلى آخر ما هنالك من ترهات يظن إعلام النظام أنه لا يزال قادراً على بيعها وترويجها، أقلّه لدى بقايا «قومجيين» ويساريين حافظوا على وضعهم كزبانية لنظام الأسد وصدّقوا أنه يتعرّض ل «مؤامرة» غربية رغم أنهم دافعوا بقوة عن إسقاط نظام مبارك باعتباره ثورة وليس مؤامرة. ومن الواضح أن هؤلاء ونظام الأسد استبدلوا «الإخوان المسلمين» ب «مبارك» كعنوان جديد ل «المؤامرة» الأميركية.
الأكيد أن الأسد أراد استخدام الإسقاطات المصرية على الوضع السوري، محاولاً كالعادة مخاطبة الدول الداعمة للمعارضة، لكن ليقول ماذا؟ ليقول إنه «الأصيل» و «البديل» الأفضل (؟؟) وإنه يقتل لقطع الطريق على «الإسلام السياسي» الذي أشاع الفوضى والمخاوف من أجنداته الخفية حيثما استطاع الوصول إلى الحكم. هذا أمر تجاوزه الزمن، ولحسن الحظ فإن الشعوب تقف الآن بالمرصاد للقوى السياسية التي تحاول معاودة زرع بذرة الاستبداد، ومنها تلك المتنكّرة بثوب الإسلام. أما نظام الأسد، فقد أسقط نفسه بالدم الذي أهدره، وبالشعب الذي هجّره وشرّده وعبث بحياته، سواء من كان منه معارضاً أو موالياً، وبالمدن التي لا يتورّع عن حرقها. وحين تحدث كأنه هو من أسقط «الإسلام السياسي»، كانت قواته وعناصر «حزب الله» قد أفرغت مدينة حمص من سكانها المليون ونصف المليون سوري وواصلت قصفها متعمّدة إبادة الحياة فيها وتدمير الشواهد على طابعها العربي الإسلامي، ومؤكدة أنها لا تنتمي إلى «العروبة» التي تغنّى النظام بتمسّك المصريين بها. ولا شك في أن اغتباطه بما حصل في مصر ينطوي على تقدير للجيش الذي عزل الرئيس «الإخواني»، هذا الجيش الذي يعتبره المصريون عماد دولتهم وحامي ثورتهم وعنوان وحدتهم الوطنية وحاقن دمهم، لكن الأسد ونظامه لم يترددا في استخدام الجيش السوري في قتل السوريين واستباحة المدن والبلدات وضرب المدارس والمخابز والمساجد بأقذر ما يمكن أن يفعله أي جيش احتلال، بل الأسوأ أنه يُستخدم في معركة حمص لهدف محدّد: رسم جغرافية تقسيم سورية، لتكون لديه خريطة يساوم عليها في أي مفاوضات على تسوية سياسية. هذا ما لا يتخيل أحد أن الجيش المصري، أو أي جيش وطني فعلاً، يمكن أن يرتكبه.
نقلا عن صحيفة "الحياة"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.