عمدت إسرائيل خلال حصار قطاع غزة إلى إغلاق كافة معابر قطاع غزة التجارية والإبقاء على معبر كرم أبو سالم كمعبر وحيد لكافة الواردات, وانتهجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة إغلاق المعابر وسياسة العقاب الجماعي بشكل مبرمج وذلك منذ بداية انتفاضة الأقصى بتاريخ 29/9/2000 , ودائما ما تستخدم إسرائيل ورقة المعابر كوسيلة ضغط علي الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافها السياسية والأمنية والاقتصادية. وتأزم وضع المعابر إلي أقصى دراجاته بعد أسر الجندي الإسرائيلي شاليط بتاريخ 25/6/2006 حيث بدأت سلطات الاحتلال بتضييق الخناق علي سكان قطاع غزة عن طريق إغلاق جميع المعابر بشكل منظم ومستمر لفترات طويلة تحت حجج وأسباب أمنية واهية . واستمرارا لسياسة العقاب الجماعي قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي في منتصف عام 2007 بإغلاق كافة المعابر التجارية البرية المؤدية إلي قطاع غزة وفرضت الحصار والإغلاق الشامل علي قطاع غزة وبهذا الإغلاق فرضت الإقامة الجبرية والعقاب الجماعي على سكان القطاع والبالغ عددهم نحو مليون وثمانمائة ألف مواطن وأصبح القطاع سجن كبير جميع مفاتيحه بأيدي الاحتلال الإسرائيلي. وخلال سنوات الحصار الستة الماضية عمد الجانب الإسرائيلي إلى تكريس استخدام معبر كرم أبو سالم لدخول البضائع إلي قطاع غزة وذلك لتعزيز سياسة المعبر الوحيد حيث يخضع المعبر للسيطرة الإسرائيلية الكاملة. ومنذ بدء العام الحالي عمد الجانب الإسرائيلي إلى تكرار إغلاق معبر كرم أبو سالم ولفترات متفاوتة ضاربا بعرض الحائط ما تم التوصل إلية في اتفاق التهدئة الذي تم توقيعه بمدينة القاهرة بتاريخ 21/11/2012 من رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر التجارية وحرية دخول وخروج البضائع , حيث بلغ عدد أيام إغلاق معبر كرم أبو سالم 23 يوم منذ مطلع عام 2013 وهو ما يمثل 30 % من عدد أيام فتح المعبر الرسمية خلال تلك الفترة , ويعمل معبر كرم أبو سالم 22 يوم شهريا , حيث يغلق الجانب الإسرائيلي المعبر يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع كعطلة رسمية، بالإضافة إلى إغلاقه في الأعياد والمناسبات الإسرائيلية. ومن أهم تداعيات إغلاق معبر كرم أبو سالم المتكرر: 1. نقص شديد في المواد الغذائية وخاصة الألبان وحليب الأطفال , بالإضافة إلى العديد من أصناف الأدوية والمستلزمات الطبية , نقص في المواد الخام اللازمة لعمليات الإنتاج مما يهدد بتوقف العديد من المصانع عن العمل. 2. تعثر دخول ما يزيد عن 1200 شاحنة بمعدل 300 شاحنة يوميا مما كبد التجار والمستوردين خسائر مالية فادحة نتيجة تخزين بضائعهم في مخازن إسرائيلية مؤقتة وفي مخازن الموانئ الإسرائيلية مع احتمالية تعرضها للتلف نتيجة سوء التخزين. 3. توقف قطاع النقل التجاري بكامل مكوناته من شركات نقل تجاري , أصحاب شاحنات وسائقين وعمال يعملون بتحميل وإفراغ حمولة الشاحنات الواردة , مما أدى إلى توقف مصدر دخل ما يزيد عن 1500 شخص يعملون في قطاع النقل التجاري ويعتمدون على الدخل اليومي. 4. تفاقم أزمة غاز الطهي نتيجة للأزمة المتراكمة من فصل الشتاء وعدم دخول الكميات الكافية لتلبية احتياجات قطاع غزة حيث يسمح الجانب الإسرائيلي بدخول ما بين 80-120 طن من الغاز يوميا, بالرغم من أن الاحتياج الفعلي من 200 إلى 250 طن يوميا , ويعاني العديد من المواطنين في قطاع غزة من أزمة نقص الغاز , وفي حال استمرار إغلاق المعبر سوف تطال تلك الأزمة المخابز والمستشفيات ومزارع الدجاج. 5. إرباك في الحركة التجارية نتيجة عدم انسياب الوردات بالشكل الطبيعي والتسبب في حالة ركود تجاري في قطاع غزة. 6. التسبب بخسائر فادحة لمزارعي المحاصيل التصديرية ( الفراولة , البندورة الشيري , التوابل الخضراء , الفلفل الرومي , والزهور ) نتيجة عدم تمكنهم من تصدير منتجاتهم للأسواق الأوروبية. كما أن الإغلاق المتكرر لمعبر بيت حانون يشكل تهديد كبير على حياة العديد من المرضى ممن يتلقون العلاج في مستشفيات الضفة الغربية والمستشفيات الإسرائيلية. و الآن وبعد ست سنوات من الحصار يجب على المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية واللجنة الرباعية التحرك الفوري للضغط على إسرائيل لوقف العقوبات الجماعية التي تنفذها بحق السكان الفلسطينيين، وإجبارها علي احترام التزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية الموقعة، ورفع الحصار المفروض علي قطاع غزة وفتح المعابر أمام كافة الواردات والصادرات. د. ماهر تيسير الطباع خبير ومحلل اقتصادي