توافق مصرى مع البلدين حول القضايا الإقليمية والدولية دليل جديد على قدرة الدولة المصرية على تنويع علاقاتها الخارجية، وقدرة الدبلوماسية الرئاسية المصرية التى يمثلها الرئيس عبد الفتاح السيسى للانفتاح على جميع القوى السياسية الدولية فى مختلف الكتل الجيوسياسية على مستوى العالم، من هذا المنطق جاءت جولة الرئيس عبد الفتاح السيسى لكل من بيلاروسياورومانيا، التى نجحت فى تعميق العلاقات المصرية مع بوخارست ومينسك فى جميع القطاعات والمسارات، فما المكاسب المصرية من هذه الجولة الرئاسية؟ وكيف يمكن تعميق التعاون بين القاهرة وهذه الدول سواء على مسار العلاقات الثنائية أم الملفات الإقليمية؟ أولأً: تعد هذه هى الزيارة الأولى لرئيس مصرى لدولة بيلاروسيا التى استقلت عن الاتحاد السوفيتى عام 1990 ، وكانت سفارتها فى القاهرة هى السفارة الوحيدة لبيلاروسيا فى المنطقة العربية والشرق أوسطية وإفريقيا، وشكلت زيارة الرئيس ألكسندر لوكاشينكو فى 16 يناير 2017 إلى القاهرة نقلة نوعية فى العلاقات المصرية البيلاروسية، وجاءت زيارة الرئيس السيسى لمينسك رداً على زيارة الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، وكان لموقف بيلاروسيا الإيجابى من ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013 ، ودعوتها لعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول واحترام إرادة الشعب المصرى منصة لإطلاق تعاون سياسى فى جميع المجالات بين البلدين الصديقين، وكثيراً ما يعبرالرئيس السيسى عن اعتزاز مصر بعلاقات الصداقة المتميزة مع بيلاروسيا والحرص على تطوير العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة،تقديرها لمواقف بيلاروسيا الداعمة لمصر وإرادة شعبها، كما أن رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو يشيد دائمابما تم تحقيقه خلال العامين الماضيين فى مصر على صعيد ترسيخ الاستقرار ودفع عملية التنمية، وأثنى رئيس بيلاروسيا على شعب مصر وقيادته وقال:الشعب المصرى محظوظ بهذه القيادة الواعية.. هذه الدولة العريقة وهذا الشعب الشجاع لديه مستقبل واعد. ثانيا: وقفت بيلاروسيا دائما بجوار مصر فى حربها على الإرهاب، وأدانت وزارة الخارجية البيلاروسية كل الأعمال الإرهابية التى حاولت الجماعات الظلامية من خلالها التأثير على استقرار الدولة المصرية، وأعربت بيلاروسيا عن دعمها الكامل لرؤية الدولة المصرية لمحاربة الإرهاب التى تبدأ من معالجة الأفكار الخاطئة بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لتجديد الخطاب الدينى، وتأكيده فى أكثر من مناسبة على ضرورة وقف تمويل الجماعات الإرهابية ومن يدعمهم من الدول، وصولاً إلى مكافحة الفعل الإرهابى عن طريق الأجهزة الأمنية، وتعتبر بيلاروسياورومانيا مصر حجر الزاوية فى المنطقة ومحور الاستقرار فى منطقة تعج بالجماعات الإرهابية، حيث توافقت رؤى الجانبين حول أهمية تكاتف جهود المجتمع الدولى لمواجهة خطر الإرهاب ومحاربة الفكر المتطرف، فضلاً عن ضرورة معالجة جذور الأزمات فى منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ يضمن وحدة أراضى دول المنطقة واستعادة استقرارها. ثالثا: تطابقت وجهات النظر المصرية مع رومانياوبيلاروسيا على ضرورة الحل السياسى والسلمى للصراعات فى المنطقة ، وأنبندقةالصراعات التى بدأت مع عام 2011 لم تخلف سوى الخراب والدمار، ومن هنا كان الدعم البيلاروسى والرومانى الواضح لضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول. رابعا: دعمت بيلاروسيا بشكل كامل وغير مشروط رغبة مصر فى الانضمام لتجمع الأوراسى، (اتحاد جمركى يضم دول روسياوبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقيرغيزيا)، وذلك بهدف تسهيل وزيادة التبادل التجارى بين الجانبين، والاستفادة من موقع مصر المتميز فى الوصول إلى الأسواق العربية والإفريقية، ومنذ زيارة الرئيس البيلاروسى لمصر فى يناير 2017 زادت التجارة البينية إلى 150 مليون دولار، والمساهمة فى المشروعات القومية القائمة مثل مشروعات قناة السويس الجديدة، ومشروع المثلث الذهبى للتعدين فى مصر، بالإضافة إلى تطلع مصر لمزيد من التعاون مع بيلاروسيا فى مجال السياحة، خصوصا أن 212 الف سائح بيلاروسى يزورون مصر سنويا، على الجانب الآخر كثيراً ما تشير بيلاروسيا إلى أن مصر أحد أهمالشركاء الأساسيين الاقتصاديين لبيلاروسيا عربيا وإفريقيا، وتعول بيلاروسيا على مصر كبوابة للمنتجات البيلاروسية نحو إفريقيا والمنطقة العربية، نظراً لأن مصر هى ربع سكان العالم العربى وعضو فى أكبر ثلاثة تجمعات اقتصادية فى إفريقيا، وتراهن مصر وبيلاروسيا على مجلس الأعمال المشترك فى اكتشاف فرص التعاون بين البلدين من خلال طرح مصر 5000 فرصة استثمارية فى 8 قطاعات. خامسا: تتسم العلاقات المصرية البيلاروسية الاقتصادية بالتنوع لتشمل مجالات مختلفة تحقق فائدة مباشرة لاقتصاد البلدين اللذين يتمتعان بقدرات كبيرة خصوصا فى المجالات الصناعية والاقتصادية والسياحية، ويؤكد ذلك حجم التبادل التجارى بين البلدين، الذى زاد بنسبة تجاوزت العشرة بالمائة فى العام الماضى مقارنة بعام 2017، وشملت الصادرات والواردات على حد سواء، كما بلغت الشركات البيلاروسية المستثمرة فى مصر 27 شركة فى قطاعات متنوعة كالصناعات والسياحة والإنشاءات والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات، وتجرى اتصالات بين عدد من الشركات بالبلدين للتوصل إلى صيغ للإنتاج المشترك لعدة منتجات تلبى احتياجات السوق المصرية يوجه جزء منها للتصدير إلى الأسواق العربية والإفريقية، خصوصا التى ترتبط باتفاقيات تجارة حرة مع مصر. ترتبط كل من مصر ورومانيا بعلاقاتٍ تاريخية وثيقة، حيثُ احتفلا عام 2006 بمرور مائة عام على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، لكن الروابط التى تجمع ما بين البلدين تسبق تلك المدة الزمنية، حيث شهدت تعاوناً على سبيل المثال خلال فترة حفر قناة السويس، وقد أسهم انضمام رومانيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فى الأول من يناير عام 2007، فى تعزيز العلاقات الثنائية ما بين البلدين. وتتميز العلاقات السياسية بين مصر ورومانيا بقدرٍ كبير من الثبات والاستقرار، كما تحظى بمستوى عالٍ من التنسيق، وتتسم بتقارب وجهات النظر ما بين البلدين فى العديد من القضايا الإقليمية والدولية. قال المكتب الاقتصادى والتجارى لسفارة مصر فى رومانيا، إن العلاقات بين مصر ورومانيا شهدت تطوراً ملحوظاً نحو تنمية التبادل التجارى بين البلدين خلال خلال الفترة من عام 2013 - 2017،ووفقا لبيانات تطور التبادل التجارى بين مصر ورومانيا خلالتلك الفترة، بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين 685.1 مليون دولار موزعة بين 617.2 مليون دولار صادرات رومانية، و67.8 مليون دولار صادرات مصرية عام 2013، ليرتفع حجم التبادل التجارى فى العام التالى إلى 891.8 مليون دولار موزعة بين 794.24 مليون دولار صادرات رومانية، 102.6 مليون دولار صادرات مصرية عام 2014.