تمثل جزءا كبيرا من الاقتصاد العالمى بإيرادات وصلت إلى 3.4 تريليون دولار عام 2006 تسهم بنسبة 30 % فى الناتج المحلى الإجمالى لمصر و50 % للإمارات عام 2025
تعد الخدمات البحرية حاليا رمزا جديدا للاقتصاد المصرى، حيث ينتظر أن تبلغ نسبة إسهام الخدمات البحرية فى الناتج المحلى الإجمالى، نحو 30 % لما تمتلكه مصر من مزايا نسبية لا تتوافر إلا بها ولها، وتعد مصر البلد الوحيد الذى يمر به أطول خط ملاحى فى العالم بدءا من البحر الأحمر مروراً بقناة السويس، وصولا إلى البحر المتوسط. إستراتيجية محور تنمية قناة السويس ترتكز على استغلال مزايا مصر النسبة المتجسدة فى قناة السويس ومشروعاتها العملاقة، بإضافة بعض الخدمات البحرية من صيانة وتموين السفن وخدمات الحاويات، بالتنسيق والتكامل مع ميناء جبل على بدبى، الذى يعد مركزا لصناعة الحاويات بمنطقة الخليج، وعند ربط جبل على بمنطقة قناة السويس، فإن صناعة الخدمات البحرية العربية ستشهد انطلاقة أخرى، حيث إن الميناء يصنع دولة، بالتالى فإن مصر مرشحة بعد الانتهاء من ميناء شرق التفريعة إلى مستقبل واعد. وأصبحت الموانئ واحدة من الكيانات الاقتصادية المهمة والمربحة التى لا يمكن الاستغناء عنها، ولكى تحقق أعلى عائد اقتصادى ممكن، لا بد أن تدعم بالخدمات اللوجيستية، التى هى عبارة عن علم إدارة تدفق الموارد المختلفة كالبضائع، والطاقة، والمعلومات، والخدمات البشرية المختلفة من منطقة الإنتاج إلى الاستهلاك، حيث إنه من الصعب القيام بأية تجارة عالمية أو محلية، سواء كانت استيرادا أم تصديراً، دون دعم لوجيستي، وتشمل الخدمات اللوجيستية أيضا عدة أنشطة ومنها، النقل والجرد والتخزين والتغليف والتوزيع، وتكمن أهمية الخدمات اللوجيستية الاحترافية فى توفير المنتج النهائى والمواد الخام فى الوقت والسعر المناسب. كما أنه من الصعب لأى اقتصاد أن يستغنى عنه، حيث إنه يسهم فى تطور التجارة المحلية والدولية وزيادة تنافسية الدول ويوظف ما نسبته 15-20 % من القوى العاملة فى بعض الدول المتقدمة، وحاليا أصبح القطاع اللوجيستى دعامة مهمة فى كل قطاعات ومجالات الاقتصاد العالمي، بسبب تبنى الحكومات والشركات الكبرى تنفيذ مشاريع استثمارية مجدية به ، كما أصبح رافداً للاقتصاد الوطنى لبعض الدول، ويعد من أهم الموارد الأساسية فى الإيرادات التى ترتكز عليها، واستحواذ على نصيب عال من الاستثمارات، إضافة إلى أن المجتمع الدولى يسعى جاهدا إلى رفع مساهمته فى القطاع اللوجيستى لتنمية اقتصاده المحلي، لما يحمله من مردودات على المستوى البعيد، ولأهمية هذا القطاع، فإن البنك الدولى يصفه بأنه العمود الفقرى للتجارة العالمية. ذلك لأنه يمثل جزءاً كبيراً من الاقتصاد العالمى بإيرادات وصلت إلى 3.4 تريليون دولار عام 2006، وبمعدل زيادة سنوية تصل إلى 4.5 %، ويبلغ حجم الصناعة اللوجيستية فى العالم نحو 981 مليار يورو عام2011 طبقا للتقاريرالدولية الاقتصادية، وتعد ألمانيا من الأعمدة المهمة فى هذا المجال ويبلغ حجم تجارتها 2 مليار يورو بمعدل نمو 74 % سنويا، ويحظى القطاع اللوجيستى لا سيما فى مجال العمل بالموانئ العربية بأهمية كبيرة، وذلك نظرا للدور الذى يلعبه فى دعم الاقتصاد وزيادة الإرادات، بشكل يلقى استحسانا من الكثير من الدول العربية التى تسعى جاهدة لإحراز تقدم فى هذا المجال، خصوصا أن الإمارات العربية المتحدة كانت من أوائل الدول العربية التى اهتمت بالدعم اللوجيستى فى قطاع الموانئ وتميزت به، إذ تحتل المرتبة الأولى خليجيا وإقليميا فى حجم الاستثمارات الموجهة لتطوير عمل القطاع اللوجيستي، وحققت بفضلة أرباح طائلة و يتوقع أن تبلغ مساهمة القطاع التجارى واللوجيستى ما نسبته 50 % من الناتج المحلى لها عام 2025، حيث يشهد حركة وإيجابية على مستوى تنفيذ المشاريع الاقتصادية فى دبى. كما يشهد الحراك اللوجيستى فى المملكة العربية السعودية تطورات ملحوظة، إذ عملت المملكة على ربطه بمشاريعها التنموية وتنويع الدخل الخاص به، فضلاً عن دمجه فى القطاع الصناعى، ليكون أحد أهم عوامل نجاح خطة التنمية التى رسمتها لعام 2030، إضافة إلى أن المملكة تسعى من خلال المشاريع اللوجيستية إلى إيجاد مزيد من فرص العمل للشباب، وخفض التكاليف المصاحبة للواردات والصادرات غير النفطية التى بلغت العام الماضى 160 مليون طن، ما من شأنه رفع الجدوى الاستثمارية للمشاريع اللوجيستية واستقطاب الاستثمارات الخارجية خصوصا فى قطاع النقل البحرى، الذى يحظى بأهمية كبيرة داخل المملكة من قبل المسئولين، وفى سلطنة عمان سيكون للقطاع اللوجيستى وفق الرؤية الحكومية 2040، دور مميز فى رفع الناتج المحلي، وتحسين مشاركة القطاع الخاص فى المشاريع الاستثمارية، إضافة إلى توفير مزيد من فرص العمل فى كل المجالات، هذا بالإضافة إلى الكثير من الدول العربية التى وضعت الاهتمام بالدعم اللوجيستى على إقامة مخططاتها المستقبلية . وفى مصر يسهم قطاع النقل والتخزين وقناة السويس فى الاقتصاد بنسبة 4.8 %، ففى عام 2010/2011 وصل إجمالى الاستثمارات المنفذة فى قطاع اللوجيستيات والنقل إلى 25.4 مليار جنيه قام القطاع الخاص بتنفيذ 37.7 % منها حيث تعتبر البنية الأساسية والنقل من الركائز الأساسية للنمو الاقتصادى ، ويعزز موقع مصر الجغرافى الفريد والمرتبط ببنية تحتية واسعة موقعها باعتبارها محورا لوجيستياً عالميا من أجل الشركات التى تسعى للعمل والتجارة بين قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا وتعتبر مصر قاعدة صناعية للصادرات التى تستهدف السوق الأوروبية، مما زاد من الدور الحيوى الذى يلعبه قطاع اللوجيستيات والنقل فى مصر فى التجارة الدولية. فنحو 90 % من حجم التجارة الخارجية المصرية يمر عبر الموانئ بما يمثل 4.1 % من الناتج المحلى الإجمالى، حيث يمتلك قطاع اللوجيستيات والنقل أكثر من 102.257 كم من الطرق، لذا أصبح من الضرورى الاستفادة منه واستغلاله الاستغلال الأمثل للوصول بالخدمات اللوجيستية فى مصر بالمستوى المناسب ولتحقيق ذلك، دخلت صناعة المناطق العالمية للخدمات اللوجيستية مرحلة جديدة فى مسار تطورها الصاعد مع تأسيس شركة تنمية مشتركة بين مجموعة موانئ دبى العالمية والهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس، وتلقت صناعة الموانئ والخدمات اللوجيستية العالمية، باهتمام منقطع النظير، الإعلان عن تأسيس شركة التنمية المشتركة الجديدة بين مجموعة موانئ دبى العالمية والهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس باعتبارها تمثل تحالفا إستراتيجيا بين المجموعة الرائدة عالميا وإقليميا فى صناعة الموانئ والخدمات اللوجيستية والمشروع العالمى الأكبر، والأهم فى هذه الصناعة العالمية خلال المرحلة الحالية ولعشرات السنوات المقبلة، حيث ستنقل مجموعة موانئ دبى العالمية عبر هذا المشروع المتكامل تجربتها الدولية فى صناعة تطوير المناطق التجارية واللوجيستية المتكاملة، مستندة إلى الدور العالمى لإمارة دبى فى هذه الصناعة عبر النموذج الرائد الذى قدمته الإمارة إلى العالم فى هذا المجال والمتمثل بتطوير وإدارة ميناء جبل على، والمنطقة الحرة لجبل على «جافزا» بقيادة مجموعة موانئ دبى العالمية، حيث شكل هذا النموذج النواة الأولى لتأسيس مناطق عمرانية وسياحية متكاملة، نشأت حولها وأصبحت هذه المناطق من أهم المعالم المميزة لتجربة دبى التى تقدمت إلى صدارة المشهد الاقتصادى العالمى على كل الأصعدة. النقل اللوجيستي من جانبه أكد الدكتور محمد الحداد، خبير النقل البحرى واستشارى تشغيل الموانئ، والرئيس التنفيذى للمجلس العربى لحكماء النقل الدولى، أن نظام الخدمات اللوجيستية يعتبر من أحدث نظم خدمات النقل البحرى فى العالم، ويشمل جميع المراحل ابتداء بوصول الشحنة إلى أماكن تخزينها وتخليصها جمركياً وتموين السفن وتأجير السيارات، وتوفير جميع أنواع الإمدادات للسفن والطائرات، بالإضافة لتقديم الخدمات المعلوماتية لأصحاب التوكيلات عن السلع وأماكن وجودها وكيفية شحنها. وأضاف أن تحول الموانئ إلى الخدمات اللوجيستية يضيف إلى السلع المصدرة أو المستوردة قيمة مضافة، خصوصا أن مصر والعالم العربى فى احتياج شديد لهذه الخدمات، ولكى نحقق أعلى استفادة - على حد قوله - من الضرورى تطوير الموانئ إدارياً، مما يساعد على استيعاب هذه الخدمات العالمية. ونوه أن النجاح الذى حققته موانئ دبى فى مجال الخدمات اللوجيستية، جذب إليها العديد من الدول العربية التى تحرص على الاستفادة من تجربة الإمارات فى هذا المجال، وذلك من خلال إبرام الكثير من التعاقدات معها، كما حدث أخيرا بين مصر والإمارات، فيما يتعلق بالإعلان عن تأسيس شركة التنمية المشتركة الجديدة بين مجموعة موانئ دبى العالمية، والهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس، باعتبارها تمثل تحالفاً إستراتيجياً بين المجموعة الرائدة عالمياً وإقليمياً فى صناعة الموانئ والخدمات اللوجيستية. كلمة السر بينما يرى الربان عمر أبو العينين، خبير النقل البحرى، أن الخدمات اللوجيستية أصبحت كلمة السر التى تمنح الدولة شهادة اكتمال مقومات النجاح الاقتصادى، ومصر والدول العربية جميعا تمتلك من المقومات التى تساعدها على دخول هذا المجال وتحقيق االنجاح. لكن على حد قوله - القطاع اللوجيستى يتأثر بالظروف المالية والاقتصادية العالمية وبالقوانين والتشريعات التى تتبعها الدول، ويرتبط تطوره بخطط التنمية والإنفاق الحكومي، وقدرة القطاع الخاص على المشاركة الفاعلة فيه، إضافة إلى دور القطاع اللوجيستى فى تحقيق النجاح من عدمه، إذ يتأثر بالتقلبات التى يظهرها الاقتصاد العالمي، وموجات التذبذب التى تعكسها أسواق النفط على عوائد الدول النفطية، ما يستدعى إعداد خطط إستراتيجية من القطاعين العام والخاص، وتعزيز قدرات صغار المستثمرين لضمان تطور القطاع اللوجيستى. مسئولية الحكومات فى حين يعتبر الربان عاطف مارونى، الاهتمام بتنمية قطاع الخدمات اللوجيستية مسئولية الحكومات العربية، وذلك نظرا للمساحة الكبيرة التى احتلها هذا القطاع على الخريطة الاقتصادية العالمية، لكن لتحقيق أعلى استفادة - على حد قوله - من الضرورى الاهتمام بتعريف الهدف الحقيقى الذى تسعى الدول العربية لتحقيقه من هذا القطاع، هذا فضلا عن ضرورة تضافر جميع الدول العربية وتعاونها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة .