لا يخفى على أحد المواقف الشجاعة والصارمة لجلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز، والتى أحدثت هزة فى أسواق النفط العالمية بعد قراره بتقليل إنتاج النفط بعد اندلاع حرب أكتوبر1973 بين مصر وإسرائيل، وحظر تصدير الخام إلى معامل التكرير التى تصدر مشتقاته للولايات المتحدةالأمريكية، وقبل ذلك دعمه للصمود الشعب الفلسطينى، فقد كان النفط ومازال سلاح العرب الأقوى ضد المؤامرات الخارجية على منطقتنا العربية. استخدمت السعودية النفط باعتباره أهم السلع الإستراتيجية التى تقوم عليها اقتصادات معظم دول العالم، وذلك للدفاع عن الحق العربى بعامة والفلسطينى بشكل خاص، حيث تراه المملكة سلاحاً تلجأ إليه أو التلويح به لكونها من أهم الدول المنتجة للنفط فى العالم. منذ تولى الملك فيصل بن عبد العزيز الحكم وهو يعلن عن استعداد بلاده لاستعمال النفط سلاحا فى المعركة ضد أى مُهدد للعرب، فقد أذاع راديو المملكة فى 28 مارس 1965 تصريحا للملك جاء فيه: “إننا نعتبر قضية فلسطين قضيتنا وقضية العرب الأولى، وإن فلسطين بالنسبة لنا أغلى من البترول كسلاح فى المعركة إذا دعت الضرورة لذلك، وإن الشعب الفلسطينى لا بد وأن يعود إلى وطنه حتى ولو كلفنا ذلك أرواحنا جميعا”. عندما نشبت حرب يونيو 1967، واحتلت إسرائيل الأرض الفلسطينية كلها وسيناء والجولان وجزءا من لبنان، كانت هناك دعوات لقطع النفط عن دولة الاحتلال مقابل دعوات أخرى لاستمرار تدفقه، مع استخدام جزء من عائداته لدعم الصمود العربى وتقوية الجيوش العربية لتحرير الأراضى العربية المحتلة. وحسم الملك فيصل هذا الأمر فى مؤتمر قمة الخرطوم الذى عقد فى أغسطس 1967، وتقرر فيه دفع مبلغ 135 مليون جنيه إسترلينى سنويا، التزمت السعودية بدفع مبلغ 50 مليون جنيه إسترلينى منها، والتزمت الكويت بدفع مبلغ 55 مليون جنيه إسترليني، وليبيا 30 مليون جنيه إسترليني. وظلت سياسة المملكة ثابتة منذ ذلك الحين حتى حرب أكتوبر 1973 تجاه مسألة الاستخدام الإيجابى للنفط فى تنفيذ التزاماتها بدعم دول الصمود من عائدات النفط، وعندما نشبت الحرب تطور موقف السعودية باتجاه استخدام النفط فى المعركة بصورة أكثر تأثيرا فى الدول المستهلكة للنفط. بدأت المملكة على ضوء سياسة الملك فيصل النفطية بتقليص إنتاج النفط إلى 10%، بالإضافة إلى هذه الخطوة قال وزير النفط السعودى للولايات المتحدة: إن المملكة لن تزيد إنتاجها الحالى من النفط، ما لم تبدل “واشنطن” موقفها المؤيد لإسرائيل، وأشارت صحيفة واشنطن بوست التى نشرت الخبر إلى أن هذه هى أول مرة تربط فيها السعودية علناً بين تصدير نفطها إلى أمريكا وبين سياسة “واشنطن” فى الشرق الأوسط. ومع اندلاع حرب 1973، أرسل الملك رسالة إلى كل من دمشق والقاهرة، أكد فيها للبلدين الشقيقين وقوف المملكة بكل إمكاناتها إلى جانب الأشقاء العرب. واستمرت السياسة الأمريكية فى تجاهل طلبات كل أصدقائها العرب، فقامت علنا بدعم الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية، ولما أقامت جسرا جويا لتزويد إسرائيل بالسلاح فى الحرب عمدت السعودية وسائر البلاد العربية إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزما، فأعلنت البلاد العربية تباعا وقف ضخ النفط إلى الولاياتالمتحدة، ومن ثم إلى هولندا التى اتخذت موقفا مواليا لإسرائيل. كما فرض حظر تصدير النفط الخام إلى جميع معامل التكرير التى تصدر مشتقات النفط إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، أو بيعها إلى الأسطول البحرى الحربى الأمريكي. وأعلنت السعودية وقف تصدير النفط إلى أمريكا، مبررة ذلك بازدياد الدعم العسكرى الأمريكى لإسرائيل، وأدت هذه الخطوة إلى ارتفاع حاد فى أسعار النفط، كما أدت إلى إرباك الاقتصاد الغربى عموماً الذى يعتمد عليه بشكل اساسى كل القطاعات الصناعية والاقتصادية. وتعتبر السعودية أكبر داعم لمصر فى مجال المنح البترولية منذ الثلاثين من يونيو 2013، وجاء هذا الدعم فى ظل مرحلة الإصلاح الاقتصادى التى تشهدها مصر منذ بداية حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى، التى تبعها بعض العقبات والعراقيل، لذا قدمت المملكة يد العون لمصر من خلال زيادة استثماراتها بشكل عام وتغطية احتياجات مصر من النفط.