مع الاعتذار للغة العربية، "ترند" فى العالم الرقمى تعنى "أكثر ما يتحدث عنه رواد مواقع التواصل الاجتماعى فى وقت ما".. أما الشخص الذى يكون "ترند" لأى سبب من الأسباب فيعرف ب "الإنفلونسر" أى الشخص المؤثر فى العالم الافتراضي. هذا الإنفلونسر – فى عالمنا العربى وفى أغلب الأحيان – لا يشترط فيه أن يكون متميزا فى مجاله أو يمثل إضافة. فربما يكون فنانا أو لاعب كرة دون إنجازات حقيقية، لكنه "مثير للجدل" فى تصرفاته أو تصريحاته فى وسائل الإعلام، ما يؤدى إلى أن يصبح "ترند" على السوشيال ميديا .. أى مثار جدل بين رواد تلك الوسائل سريعة الانتشار قليلة أو ربما عديمة الأطر الحاكمة.
الأمثلة كثيرة لشخصيات عامة احتلت الصدارة "ترندا وانتشارا" من خلال تصرفاتها أو أقوالها الخارجة عن المألوف، لذلك من الطبيعى جدا أن يستوقفنا ترندا "شاذا فى هذا السياق" اسمه "محمد صلاح"!
يكفى أن نذكر فى هذا المقام أن الصفحة الرسمية لنادى ليفربول الإنجليزى باللغة العربية، تخطى متابعوها ما يقرب من 31 مليون شخص، وأصبحت أكثر الصفحات متابعة على الفيسبوك خلال عدة شهور هى عمر انتقال النجم المصرى إلى "الريدز".
محمد صلاح أصبح زبونا دائما لدى موقع تويتر كواحد من أعلى الترندات فى مصر والعالم العربى بل العالم أجمع، كلما أحرز هدفا، أى بشكل أسبوعى تقريبا، وحساب النجم المصرى على تويتر اجتذب ملايين "الفولورز" أو المتابعين من كل الجنسيات تقريبا.
نفس الحالة انطبقت على الحسابات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى لأندية تشيلسى ثم فيورنتينا وروما، وهى الأندية التى ارتدى الفرعون صاحب ال25 عاما قمصانها بعد أن غادر بازل السويسري، لكن الأمر اختلف تماما مع ليفربول، حيث وصلت شعبية صلاح إلى مستويات غير مسبوقة بين أنصار النادى الإنجليزى العريق.
حالة المتابعة الدقيقة والرصد المستمر لأدق تفاصيل حياة صلاح من جانب وسائل الإعلام غربا وشرقا، حولت النجم المصرى من مجرد لاعب كرة قدم من طراز رفيع إلى ظاهرة تستحق الدراسة.
الأجيال الصاعدة فى مصر والعالم العربى أصبحت تعرف أسماء لاعبى ليفربول، وتتوقف شعبية كل منهم على مدى تعاونه مع صلاح أثناء المباريات، كذلك لاعبين مثل هارى كين وأجويرو (منافسى أبو مكة على لقب هداف الدورى الإنجليزي) ينالون أيضا حصة من شهرة محمد صلاح.
متابعة أخبار صلاح عبر وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت تمثل ظاهرة فى حد ذاتها، ووجوده كصورة بروفايل على الحسابات الشخصية للملايين من محبيه فى أرجاء الوطن العربى وليس مصر فقط، دليل على تربعه بلا منازع على عرش "السوشيال ميديا" برغم صعوبة المنافسة وتنوع مصادرها فى الفضاء الافتراضى الذى لا يعرف حدودا ولا قيودا. صلاح، أصبح الأيقونة والعشق لدى جماهير ليفربول التى باتت تتغنى باسمه وتؤلف الأناشيد، آخرها قالت كلماته: "إنه يوجد فى المسجد وهو نفس المكان الذى أرغب فى الوجود فيه"! القائمون على إدارة مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة بالأندية التى لعب لها الفرعون المصرى وآخرها ليفربول، يشاركون المسلمين مناسباتهم الدينية كعيدى الفطر والأضحى وشهر رمضان ورأس السنة الهجرية والحج وغيرها، بعمل "بوستات" تهنئة خاصة بتلك المناسبات.
إن اجتهاد صلاح وتركيزه فى "مهنته" كلاعب كرة قدم، وعدم التفاته لأى أمور أخرى جعلته يصبح "الإنفلونسر" الأول بلا منازع، ليس فقط على وسائل التواصل الإجتماعى ولكن على أرض الواقع؛ فكل أب الآن يتمنى أن يكون طفله لاعبا كمحمد صلاح، وكل ناشئ فى فرق كرة القدم يريد أن يلعب فى مركز محمد صلاح.
لقد نجح الشاب المصرى فى "فرمتة" (أى تغيير) أمور كثيرة، ربما يكون أهمها على الإطلاق هى نظرة الغرب عامة والإنجليز خاصة للإسلام والمسلمين، فى وقت نجحت حركات الإسلام السياسى فى تشويه خاتم الرسالات السماوية بخلطهم بين الدين والسياسة!