لعلّه يمثّل كلّ ما سبق، إنّه موهبة وطفرة واستثناء، موهبة بحجم المواهب الكُبرى التى لم نشهدها منذ أزمنة ولّت، وطفرة –على الأخصّ- فى مثل هذا التّوقيت الذى يصدّرون لنا دومًا الأنصاف والأرباع فيه، واستثناء من حيث المثابرة والعزم، فلا هو خرج من نادٍ كبير كنادى الأهلى أو الزّمالك مثلاً، ولا هو استند إلى دعم أحد الأقارب، ككثيرين من لاعبى الأندية الكُبرى.
إنّه يمثّلنى بشكل أدقّ، يمثّل جيلي، والأجيال اللّاحقة، يمثّلهم بكلّ حماسهم وجذوة الأمل المتّقدة فى خيالهم وتصوّرهم عن الآتي، حالة متكاملة ندُر أن يوجد مثلها، شاب بسيط، من نادٍ متواضع، بلغ العالمية بموهبته وإيمانه بنفسه، متواضع حدّ الدّهشة، صامد حدّ الانبهار، يعرف طريقه، فيمضى إليه، وفيه، لا يتوجّس ولا يخشى أحدًا أو شيئًا، إنّما يُدرك أنّ موهبته الأصيلة المتأجّجة هى الفيصل وهى الشّاهد، وهى جوهر نبوغه، لا يعرقله –ولم يعرقله- أيٌّ من الموانع الاعتيادية التى تُعيق من هم مثله.
رُفض بنادى "الزّمالك" فلم ييأس، بل استكمل مشواره، فى دأب وصبر، رُفض ولم يحمل متاعه ويرحل عائدًا إلى بلدته حيث جاء، لكنّه راح يهذّب موهبته، ويطوّرها، انظروا اليوم أين هو! إلى أيّ مدى صار "محمّد صلاح" – المصرى - حديث العالم؟ صارت "مصر" مرادفة – بديهية - عند ذكر "صلاح" هذا الرّمز هو "مصر"، بتاريخها وحضارتها ونبوغها وأصالتها، "محمّد صلاح" هو كلّ جيلي، بل يُمكن الزّعم أنّه كلّنا، كلّ المصريين.