أعلن الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، اليوم السبت عن نجاح البعثة الأثرية المصرية العاملة بمنطقة آثار الغريفة الواقعة 6كم شمال منطقة آثار تونا الجبل بمحافظة المنيا، فى الكشف عن جبانة أثرية لمقابر عائلية تضم مجموعة من آبار الدفن و تعود إلى نهاية العصور الفرعونية وبداية العصر البطلمى. وقد بدأت البعثة عملها بالموقع برئاسة الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في أواخر عام 2017 بهدف البحث عن الجزء المفقود من جبانة الاقليم الخامس عشر من أقاليم مصر العليا، ومن المتوقع ان تستمر اعمال التنقيب الأثري لمدة خمس سنوات علي الأقل. وقد عثرت البعثة داخل الجبانة المكتشفة علي مجموعة من المقابر الخاصة بكهنة الاله "تحوت" و هو المعبود الرئيسى للإلقليم الخامس عشر وعاصمته الأشمونين. و تخص أحد هذة المقابر أحد كبار كهنة تحوت و كان يدعي "حر سا ايسة" و كان يحمل لقب عظيم الخمسة وهو أحد الالقاب التى كان يلقب بها كبار كهنة تحوت بالاشمونين. وتضم المقبرة 13 دفنة، تم العثور بداخلها على عدد هائل من تماثيل الاوشابتي المصنوعة من الفيانس الأزرق، منها أكثر من 1000 تمثال كامل و مئات اخري مكسورة في أجزاء و تقوم البعثة حاليا بتجميعها وترميمها. هذابالاضافة الي أربعة من الأوانى الكانوبية من الألبستر فى حالة جيدة من الحفظ ذات أغطية علي هيئة أبناء حورس الأربعة المسئولة عن حماية أحشاء المتوفي حسب عقيدة المصرى القديم. مازالت تحتفظ هذه الأواني بأحشاء المتوفي كما حفر عليها كتابات هيروغليفية لاسم صاحبها و هو المدعو "جحوتى اير دى إس " احد كبار الكهنة.
كما تم العثور أيضا علي المومياء الخاصة به مزينة بمجموعة من خرز الفيانس الأزرق والعقيق الأحمر, و أشرطة من رقائق البرونز المذهب تمثل أبناء حورس، و قناع من البرونز المطلي بطبقة من الجص المذهب بالإضافة الي عينان من البرونز المطعمة بالعاج و الكريستال الأسود، واربعة جعارين من الأحجار النصف كريمة أحدها تذكارى حفر علية نقش غائر يحمل عبارة: " عام جديد سعيد،" بالإضافة الي صدرية من البرونز المذهب تمثل المعبودة نوت تفرد أجنحتها لحماية المتوفى. كما استطاعت البعثة من العثور على حوال 40 تابوت من الحجر الجيرى مختلفة الأحجام والأشكال بعضها يأخذ الشكل الآدمي مزينة بنقوش هيروغليفية لأصحابها وهم بعض أفراد من عائلة "جحوتى اير دى إس." كما تم الكشف ايضا عن مقبرة عائلية أخرى كبيرة تضم عدد من التوابيت الضخمة المختلفة الأشكال والأحجام بها كمية كبيرة من تماثيل الأوشابتى الجيدة الصنع و الكبيرة الحجم تحمل أسماء وألقاب أصحابها وهم أيضا يحملون ألقاب الكهنة. هذا يالاضافة الي مجموعة من القطع الأثرية الجنائزية و التى تعكس مكانة و منزلة أصحاب المقبرة وما وصل اليه مستوى الفن في تلك الفترة من رقي و ازدهار. و الجدير بالذكر أن هذه المنطقة كانت قد تعرضت في عام 2002 لأعمال الحفر خلسة،الأمر الذي دفع المجلس الأعلى للآثار في ذلك الوقت لعمل بعض حفائر الانقاذ لموسمين قصيرين خلال عامي2002و 2003 تحت اشراف الاثري عطا مكرم ، كما تم ضم المنطقة عام 2004 إلى أملاك المجلس الاعلى للآثار ووضعها تحت حراستها حتي استؤنفت اعمال الحفائر الأثرية بالموقع على يد البعثة المصرية عام 2017 للكشف عن الأجزاء المفقودة من جبانة الاقليم 15 خلال فترة الدولة الحديثة و العصر المتأخر. فمن المعروف ان جبانة هذا الإقليم خلال عصرالدولة القديمة وعصر الانتقال الاول والدولة الوسطى كانت تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل فى منطقة الشيخ سعيد ودير البرشا تحديدا. اما خلال العصر البطلمي والروماني فكانت جبانة الأقليم تقع على الضفة الغربية، حيث تقع قرية تونا الجبل غرب مدينة ملوى بمحافظة المنيا وغرب مدينة الآشمونين بحوالى عشرة كيلومترات تقريبا، وعرفت مدينة تونة الجبل زمن الفراعنة ب (تاونس) فى العصر الفرعونى ثم (تاحنت) أيام الرومان ومعنى الاسمين "البركة". نالت المنطقة شهرتها الأثرية العالمية منذ ثلاثينيات القرن العشرين، عندما نجحت بعثة أثرية لقسم الآثار بكلية الآداب فى جامعة القاهرة، وهو القسم الذى تحول لكلية الآثار فيما بعد، فى اكتشاف آثار بها تعود لحقبة ما قبل ميلاد السيد المسيح. من أهم المعالم الأثرية الموجودة بالمدينة مقبرة بيتوزيرس ويرجع تاريخ المقبرة إلى عام 300 قبل الميلاد وكان صاحبها بيتوزيرس يشغل وظيفة كبير كهنة الإله تحوت ويشبه هذا القبر فى مظهره الخارجى دور العبادة المصرية التى بنيت فى العهد البطلمى، وتميز هذه المقبرة بتداخل الفنين الهيلينى والمصرى خاصة فى المقصورة الأمامية، حيث رسمت مظاهر الحية اليومية والصناعات، أما الحجرة الثانية فقد نقشت به رسوم أغلب الآله المصرية القديمة، وكان بالمقبرة تابوت بيتوزيرس الذى نقل إلى المتحف المصرى كأحد المقتنيات المهمة به وهى مقبرة أسرية حيث خصصت له ولوالده ولأخيه. كما يوجد بها مقبرة ازادورا وهذه المقبرة من عصر الإمبراطور هاديريان وهى لفتاة يونانية كانت تسكن الضفة الغربية للنيل، وكان والدها حاكم الإقليم، عشقت ضابط مصرى تعرفت عليه فى حفل عرس فى مدينة الأشمونين، ودارت بينهما أجمل وأروع قصة حب عرفها التاريخ القديم، فلم عرف والدها منعها عن حبيبها فقررت الانتحار دون علم حبيبها. كما توجد جبانة دفن الإله تحوت، وهى ممتدة تحت الأرض لمسافة كبيرة وكانت مخصصة لدفن الآله تحوت (القرد والطائر أبو منجل) إله الحكمة والمعرفة وقد أنشئ فى أحد السراديب متحفا يضم بعض المقتنيات التى وجدت فى هذه السراديب الممتدة منها بعض قرده البابون المحنطة وطائر أبو منجل المحنط. والساقية الرومانية ترجع إلى العصر الرومانى وقد بنيت من الطوب الصلب الأحمر لتطهير الطائر المقدس أيبس أو القرد ولها سلالم تؤدى إلى أسفل ويبلغ عمقها حوالى 200 قدم. وفى 13 مايو 2017، تم اكتشاف 18 مومياء فى إحدى مقابر تونة الجبل وهى بمثابة إضافة مهمة لتاريخ القرية الكبير.