يشهد المجتمع الدولي حالة ترقب غير مسبوقة لنتائج مؤتمر الكويت الدولي لإعادة اعمار العراق لما يشكله هذا المؤتمر من بادرة رائعة وتظاهرة ذات طابع انساني فريد وتأكيد لمكانة دولة الكويت ودورها على الساحتين الاقليمية والدولية. ويجدد المؤتمر الذي تستضيفه الكويت خلال الفترة من 12 الى 14 من فبراير الجاري التأكيد على حرص الكويت في مسعاها الدائم إلى تحقيق الأمن والاستقرار الدولي والذي بات "مطلبا أساسيا" في سياستها الخارجية ويعكس جهودها الحثيثة نحو مد جسور التعاون والبناء ودعم الاستقرار والتعايش السلمي في المنطقة والعالم أجمع. ويعتبر المؤتمر الذي جاء بمبادرة سامية من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (قائد العمل الانساني) امتدادا لمبادرات سموه ومساهماته المعهودة في تقديم المساعدات الإنسانية والاغاثية في جميع بقاع العالم وتخفيف معاناة المنكوبين جراء الكوارث والأزمات الإنسانية. ويعكس المؤتمر حنكة سمو أمير البلاد واهتمامه بالعمل الإنساني وحرصه على تطبيق المعايير الإنسانية السامية في التعامل مع المشكلات والأزمات العالمية وحرصه على إيجاد مخرج وحل لتلك الأزمات ما يساهم في زيادة أواصر التعاون البناء نحو تحقيق نجاحات مشتركة. ويهدف المؤتمر الذي جاء بعد النصر الذي حققه العراق على ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى تقييم الوضع الإنساني هناك من خلال الدراسات الميدانية المتخصصة وحشد جهود المنظمات المحلية والاقليمية والدولية للاطلاع على الاحتياجات الأساسية للعراق لاسيما في المناطق المتضررة جراء النزاعات والصراعات التي شهدتها تلك المناطق حتى ينعم ويستعيد امنه واستقراره. ويعد المؤتمر هو الأول من نوعه من ناحية تنوع المشاركين فيه من قبل المجتمع الدولي بجميع قطاعاته الحكومية أو الصناديق السيادية أو الخاصة إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في المجال الإغاثي والتنموي ما يمثل انطلاقة تنموية واسعة في إعادة اعمار العراق وتحقيق المشاركة الفعالة فيه. ويتضمن المؤتمر أبعادا تنموية جديدة عبر مشاركة القطاع الخاص للاسهام في إعادة إعمار العراق اذ انه لن يكون "تقليديا" باعتبار ان الفرص الاستثمارية التي سيعلن عنها ستشكل دعامة رئيسية وقفزة نوعية وانطلاقه جديدة للعراق نحو الانفتاح على العالم من خلال بوابة الكويت. وتأتي استضافة دولة الكويت للمؤتمر للمكانة الكبيرة التي تحظى بها من الدول العربية والعالمية وهو عامل مهم وحاسم لضمان مشاركة فاعلة في المؤتمر تساهم في انجاحه وخروجه بنتائج إيجابية على دول المنطقة كافة ف"المؤتمر لا يساهم في استقرار العراق فحسب بل تطوير المنطقة ككل لتصبح نموذجا لنجاح التعاون الدولي". ويشكل المؤتمر فرصة لتنشيط الاقتصاد العراقي عبر استقطابه للخبرات الاستثمارية لتطوير قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة فضلا عن القطاعات الخدمية والبناء التحتية والسكن والصناعات الاستراتيجية التحويلية والتعليم والصحة والسلامة البيئة والنقل والسياحة والترفيه في الجانبين الخدمي والإنتاجي. ومن المرتقب ان يشهد المؤتمر مشاركة واسعة على مستوى الدولي والحكومات الى جانب رجال الأعمال والشركات العالمية الكبرى ف"دول العالم تواقة إلى التعامل مع العراق بعد تهيأته لأرضية صالحة للاستثمار اذ بات العراق أكثر انفتاحا على العالم لاستقطاب الشركات الكبرى". ومن المتوقع ان يشهد المؤتمر أيضا مشاركة فعالة في مشاريع إعادة الإعمار لاسيما بعد تحسن الوضع الأمني في البلاد وانحسار هواجس المستثمرين إضافة إلى وجود العديد من الفرص الاستثمارية الجاذبة والمهمة والتي من شأنها ترسيخ الاستقرار الأمني في المنطقة. ويركز المؤتمر على تلبية الاحتياجات الإنسانية وإعادة إعمار البنى التحتية وإيجاد برامج للتنمية الاقتصادية لبناء الإنسان وتحقيق عناصر الاستقرار والرفاه كما انه سيكون فرصة مهمة لإثبات الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي قام بها العراق لاستقطاب خبرات الشركات العالمية في مختلف القطاعات وتحفيز وإنعاش الاقتصاد العراقي وتوفير فرص العمل وفتح باب الاستثمار فيه. ويساهم البنك الدولي في هذا المؤتمر دعما لهذا المسعى كمشارك رئيسي لتوفير الضمانات المطلوبة للقطاع الخاص ولتعزيز مفهوم وجود ضمانات للاستثمار في العراق. ويهدف المؤتمر إلى حشد الدعم الدولي مجددا لدعم خطط إعادة إعمار وتنمية العراق وتعزيز التعاون بين الجهات المانحة الوطنية ومؤسسات التنمية الدولية وكذلك مستثمري القطاع الخاص كجزء من هذه العملية عبر حشد التمويل من مختلف المصادر لمساعدة العراق وتلبية حاجات إعادة إعماره وتنميته في فترة ما بعد تنظيم (داعش). كما يهدف إلى إعادة تأكيد الالتزام الوطني والدولي نحو دعم جهود إعادة الإعمار والتنمية للعراق وخاصة للمناطق التي تم تحريرها من قبضة (داعش). ومن اهداف المؤتمر أيضا تهيئة المسار لبرنامج مشترك بين الحكومة العراقية والمجتمع الدولي لتوجيه جهود إعادة الإعمار والتنمية ووضع حلول جذرية لكافة المتضرررين من النزاعات ودعم بناء القدرات المحلية والوطنية إضافة إلى تعزيز القدرة على الصمود ودعم منظومات الحماية الاجتماعية. ومن بين الاهداف كلك تحقيق التوازن بين الاستقرار وخطط إعادة الإعمار والتنمية في العراق من جهة وبرنامج المصالحة الوطنية من جهة أخرى في أثناء جذب الاستثمارات الخاصة للمضي قدما بعمليات إعادة الإعمار. ويتضمن جدول أعمال المؤتمر الذي سيعقد على مدى ثلاثة أيام اجتماعا للخبراء على مدى يومين تشارك فيه المؤسسات التمويلية الوطنية والمنظمات الدولية ومستثمري القطاع الخاص بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني يعقبه اجتماع لوزراء الخارجية في اليوم الثالث. ويدور اليوم الأول للمؤتمر حول برنامج إعادة إعمار العراق والمساعدات الدولية في هذا الصدد والعمل التنموي الذي تقوده منظمات المجتمع المدني في العراق فيما يدور اليوم الثاني حول فرص القطاع الخاص المتاحة بالعراق والتداول بشأنها في حين يشهد اليوم الثالث اجتماع وزراء الخارجية. وتنتهي أعمال المؤتمر ببيان ختامي صادر عن منظمي المؤتمر والمشاركين فيه بالإضافة إلى تجديد وتقديم دعم مالي جديد للعراق مكونا من برامج المنح والقروض التنموية وكذلك استثمارات القطاع الخاص. وتترأس دولة الكويت المؤتمر مع العراق بالمشاركة مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي.